إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
بابا نويل |
تناولَتْ من أُمها قنينةََََََ الدواءْ |
وقبّلتْ جبينها الذاوي |
وسوَّتْ حولها الغطاءْ |
وقبلَ أن تنْدسَّ في فراشها الباردْ |
تغلغلت رطوبة ُ الحجرة في عظامِها |
فالتصقتْ بالموقد الهامدْ |
وأرسلتْ عبر الزجاج نظرةًًً حزينه: |
كان دويّ ُ مَِرحٌ يُسمعُ في المدينه |
وأسهمٌ نارية ٌ تصعد في الفضاءْ |
مُطِلقةًَ في زرقة الليل ِ |
نوافيرَ من الضياءْ! |
وفي الزقاق ِ أوقفتْ مركبة ٌ هدبرَها .. |
ثم تعالى لََغَط ٌ خفيفْ |
وضاعَ في الجوارْ ... |
فأيقنت أن البيوتَ حولها تستقبلُ الزّوّارْ! |
وفجأةً أحست الصمت ثقيِلاً |
وسََرَتْ في جسمها النحيفْ |
رعدةُ خوفٍ، |
وبدا كأنّما الدنيا بما فيها من البهجة والأعيادْ |
قد رحلتْ وخلّفتْها |
في عَراءٍ باردٍ، مخيف! |
وفكرّت وهي تُديرُ إصبعاًً مقرورةً |
في كومة الرمادْ: |
هاهي قد حَلَّتْ أخِيراً ليلة ُ الميلادْ! |
فهل سيأتي هذه المرّةَ في الموعدْ |
وكيسُه ملآن ُ بالأثواب والُلعَبْ؟!... |
لكنني أخاف أن يغلبني النعاسُ والتَعَبْ |
والبردُ يشتدّ ُ ...ولا أحطابَ للموقدْ! |
لم أعرف الراحة َ منذ الفجر ِ... |
أصلحت ُ لأُمّي ثوبها العتيقْ .. |
جففتُ عنها عَرق الحمَّى |
واعددتُ لها الطعامْ.. |
مسكينةٌ أُمّي! |
محاها الداءُ محواً، لم يَََدع منها سوى العِظامْ! |
قالت بهمسٍ، واعتراها شَجَنٌ عميقْ |
وأفلتتْ من جفنها عَبْره: |
لا! لا أريد لُعبة ً منه ولا رِداءْ! |
سأرتمي ضارعةً أمامهُ .. |
لعلّه يمنحها الشِفاءْ! |
لكنْ ...أآتٍ هو حقاً هذه المرهْ؟! |
أم سيديرُ وجهه عن بابِنا، |
مثل َ جميع الناس؟! |
لا، هو لن يفعل هذا!... |
كيف ينسى طفلة ً مجروحة الإحساس ْ |
ترقب أن يجىء منذ عامْ؟! |
لكنني يملؤني الخوف من النعاسْ! |
ماذا يقولُ لو رآى منزلنا يسوده الظلامْ، |
موقده منطفىءٌ وأهلُهُ نيامْ؟! |
ألن يعودَ غاضباً؟... |
....والتمعت ْ في ذهنها فكره ْ: |
قد تستميل قلبه رسالة ٌ |
أتركها بجانب الشّباكْ |
لعله يلمحها هناك ْ |
إذا أجال َ طرفهُ في هذه الحجرهْ! |
................................................ |
رأته في منامها يجىءُ |
في زحّافةٍ تجرّها الوعولْ! |
كان كما يظهرُ في الصَُوَرْ |
بلحيةٍ كالقطن في بياضِها |
وطلعةٍ زهراءَ كالقَمرْ! |
وثم ذرّاتٌ من الثلج على مِعطفِه المبلولْ. |
ربَّتَ في لُطفٍ على مفرِقهِا وخدّها الشاحبْ |
وقال: لا تبتئسي، يا طفلتي، |
ما أنا بالغاضبْ . |
أعرف عنك كلّ شيء، كلَّ احزانِكْ . |
وكل ما تَلقيْنَ من إذلال ْ |
وأنتِ ترتجفين برداً بين أقرانكْ |
بالجورب المثقوب والأسمال ْ! |
أدري بما كابدت ِ في يومك من نصبْ |
لتدرئي عن أمّك البائسة العناءْ! |
لا تحزني،بنيّتي ..أٌمُك أحضرتُ لها الدواءْ |
وهذه كلّ هداياك ِ، هنا، في هذه العُلَبْ! |
في العلبة الأولى رأت ْ |
خُفَّينِ ناعمين مشغولينِ بالفراءْ |
وفوجئت في العلبة الأخرى |
بمعطف ٍ رأته من خلف الزجاجِ مرةً |
يسبح في الأضواءْ |
في أحد المخازن ِ الكبرى! |
وابتسم الشيخ الودودُ قائلاً ينبرةٍ عذْبَه: |
وهذه العُلبه |
تضمُ، يا صغيرتي، الحلوى التي يحبّها الأطفالْ |
أدري ...لقد كتمتِ عني هذه الرغبه! |
أكنتِ تخشينَ من الإلحاح في السؤالْ؟! |
ولم تجد عبارة ً تقولها فقبّلت يَدَيهْ |
واجهشت باكيةً فضمّها برقّةٍ إليه ْ |
وعندما غادرها بكتْ من السعاده... |
بكت إلى أن غرِقتْ بدمعها الوساده! |
............................................... |
في غَبَشِ الفجر استبدتْ نوبةُُ السُعالْ |
بأمّها فانتفضتْ مذعورةً، |
وفجأةً تذكّرتْ قنينة الدواء والهدايا |
فالتفتت ملهوفةً تبحث في الزوايا ... |
لكنها لم ترَ في العَتْمةِ من شيءٍ |
سوى الحطامِ والأسمالْ! |
وأطلقتْ شهقة َ حزن ٍ، |
ومضت ترنو بلا حَراكْ |
حين رأتْ وريقةًَ مطوية ً بجانب الشبّاكْ!! |
بغداد |