صَحا قَلبُهُ عَن سُكرِهِ فَتَأَمَّلا | |
|
| وَكانَ بِذِكرى أُمِّ عَمروٍ مُوَكَّلا |
|
وَكانَ لَهُ الحَينُ المُتاحُ حَمولَةً | |
|
| وَكُلُّ اِمرِئٍ رَهنٌ بِما قَد تَحَمَّلا |
|
أَلا أَعتِبُ اِبنَ العَمِّ إِن كانَ ظالِماً | |
|
| وَأَغفِرُ عَنهُ الجَهلَ إِن كانَ أَجهَلا |
|
وَإِن قالَ لي ماذا تَرى يَستَشيرُني | |
|
| يَجِدني اِبنَ عَمٍّ مِخلَطَ الأَمرِ مِزيَلا |
|
أُقيمُ بِدارِ الحَزمِ ما دامَ حَزمُها | |
|
| وَأَحرِ إِذا حالَت بِأَن أَتَحَوَّلا |
|
وَأَستَبدِلُ الأَمرَ القَوِيَّ بِغَيرِهِ | |
|
| إِذا عَقدُ مَأفونِ الرِجالِ تَحَلَّلا |
|
وَإِنّي اِمرُؤٌ أَعدَدتُ لِلحَربِ بَعدَما | |
|
| رَأَيتُ لَها ناباً مِنَ الشَرِّ أَعصَلا |
|
أَصَمَّ رُدَينِيّاً كَأَنَّ كُعوبَهُ | |
|
| نَوى القَسبِ عَرّاصاً مُزَجّاً مُنَصَّلا |
|
عَلَيهِ كَمِصباحِ العَزيزِ يَشُبَّهُ | |
|
| لِفِصحٍ وَيَحشوهُ الذُبالَ المُفَتَّلا |
|
وَأَملَسَ صولِيّاً كَنَهيِ قَرارَةٍ | |
|
| أَحَسَّ بِقاعٍ نَفحَ ريحٍ فَأَجفَلا |
|
كَأَنَّ قُرونَ الشَمسِ عِندَ اِرتِفاعِها | |
|
| وَقَد صادَفَت طَلقاً مِنَ النَجمِ أَعزَلا |
|
تَرَدَّدَ فيهِ ضَوءُها وَشُعاعُها | |
|
| فَأَحسِن وَأَزيِن بِاِمرِئٍ أَن تَسَربَلا |
|
وَأَبيَضَ هِندِياً كَأَنَّ غِرارَهُ | |
|
| تَلَألُؤُ بَرقٍ في حَبِيٍّ تَكَلَّلا |
|
إِذا سُلَّ مِن جَفنٍ تَأَكَّلَ أَثرُهُ | |
|
| عَلى مِثلِ مِصحاةِ اللُجَينِ تَأَكُّلا |
|
كَأَنَّ مَدَبَّ النَملِ يَتَّبِعُ الرُبى | |
|
| وَمَدرَجَ ذَرٍّ خافَ بَرداً فَأَسهَلا |
|
عَلى صَفحَتَيهِ مِن مُتونِ جِلائِهِ | |
|
| كَفى بِالَّذي أُبلي وَأَنعَتُ مُنصُلا |
|
وَمَبضوعَةً مِن رَأسِ فَرعٍ شَظِيَّةٍ | |
|
| بِطَودٍ تَراهُ بِالسَحابِ مُجَلَّلا |
|
عَلى ظَهرِ صَفوانٍ كَأَنَّ مُتونَهُ | |
|
| عُلِلنَ بِدُهنٍ يُزلِقُ المُتَنَزِّلا |
|
يُطيفُ بِها راعٍ يُجَشِّمُ نَفسَهُ | |
|
| لِيُكلِئَ فيها طَرفَهُ مُتَأَمِّلا |
|
فَلاقى اِمرَأً مِن مَيدَعانَ وَأَسمَحَت | |
|
| قَرونَتُهُ بِاليَأسِ مِنها فَعَجَّلا |
|
فَقالَ لَهُ هَل تَذكُرَنَّ مُخَبِّراً | |
|
| يَدُلُّ عَلى غُنمٍ وَيُقصِرُ مُعمِلا |
|
عَلى خَيرِ ما أَبصَرتَها مِن بِضاعَةٍ | |
|
| لِمُلتَمِسٍ بَيعاً بِها أَو تَبَكُّلا |
|
فُوَيقَ جُبَيلٍ شامِخِ الرَأسِ لَم تَكُن | |
|
| لِتَبلُغَهُ حَتّى تَكِلَّ وَتَعمَلا |
|
فَأَبصَرَ أَلهاباً مِنَ الطَودِ دونَها | |
|
| تَرى بَينَ رَأسَي كُلِّ نيقَينِ مَهبِلا |
|
فَأَشرَطَ فيها نَفسَهُ وَهوَ مُعصِمٌ | |
|
| وَأَلقى بِأَسبابٍ لَهُ وَتَوَكَّلا |
|
وَقَد أَكَلَت أَظفارَهُ الصَخرُ كُلَّما | |
|
| تَعايا عَلَيهِ طولُ مَرقى تَوَصَّلا |
|
فَما زالَ حَتّى نالَها وَهوَ مُعصِمٌ | |
|
| عَلى مَوطِنٍ لَو زَلَّ عَنهُ تَفَصَّلا |
|
فَأَقبَلَ لا يَرجو الَّتي صَعَدَت بِهِ | |
|
| وَلا نَفسَهُ إِلّا رَجاءً مُؤَمَّلا |
|
فَلَمّا نَجا مِن ذَلِكَ الكَربِ لَم يَزَل | |
|
| يُمَظِّعُها ماءَ اللِحاءِ لِتَذبُلا |
|
فَأَنحى عَلَيها ذاتَ حَدٍّ دَعا لَها | |
|
| رَفيقاً بِأَخذٍ بِالمَداوِسِ صَيقَلا |
|
عَلى فَخِذَيهِ مِن بُرايَةِ عودِها | |
|
| شَبيهُ سَفى البُهمى إِذا ما تَفَتَّلا |
|
فَجَرَّدَها صَفراءَ لا الطولُ عابَها | |
|
| وَلا قِصَرٌ أَزرى بِها فَتَعَطَّلا |
|
كَتومٌ طِلاعُ الكَفِّ لا دونَ مَلَئِها | |
|
| وَلا عَجسُها عَن مَوضِعِ الكَفِّ أَفضَلا |
|
إِذا ما تَعاطَوها سَمِعتَ لِصَوتِها | |
|
| إِذا أَنبَضوا عَنها نَئيماً وَأَزمَلا |
|
وَإِن شَدَّ فيها النَزعُ أَدبَرَ سَهمُها | |
|
| إِلى مُنتَهىً مِن عَجسِها ثُمَّ أَقبَلا |
|
فَلَمّا قَضى مِمّا يُريدُ قَضاءَهُ | |
|
| وَصَلَّبَها حِرصاً عَلَيها فَأَطوَلا |
|
وَحَشوَ جَفيرٍ مِن فُروعٍ غَرائِبٍ | |
|
| تَنَطَّعَ فيها صانِعٌ وَتَنَبَّلا |
|
تُخُيِّرنَ أَنضاءً وَرُكِّبنَ أَنصُلاً | |
|
| كَجَمرِ الغَضا في يَومِ ريحٍ تَزَيَّلا |
|
فَلَمّا قَضى في الصُنعِ مِنهِنَّ فَهمَهُ | |
|
| فَلَم يَبقَ إِلّا أَن تُسَنَّ وَتُصقَلا |
|
كَساهُنَّ مِن ريشٍ يَمانٍ ظَواهِراً | |
|
| سُخاماً لُؤاماً لَيِّنَ المَسِّ أَطحَلا |
|
يَخُرنَ إِذا أُنفِزنَ في ساقِطِ النَدى | |
|
| وَإِن كانَ يَوماً ذا أَهاضيبَ مُخضِلا |
|
خُوارَ المَطافيلِ المُلَمَّعَةِ الشَوى | |
|
| وَأَطلائِها صادَفنَ عِرنانَ مُبقِلا |
|
فَذاكَ عَتادي في الحُروبِ إِذا اِلتَظَت | |
|
| وَأَردَفَ بَأسٌ مِن حُروبٍ وَأَعجَلا |
|
وَذَلِكَ مِن جَمعي وَبِاللَهِ نِلتُهُ | |
|
| وَإِن تَلقَني الأَعداءُ لا أُلقَ أَعزَلا |
|
وَقَومي خِيارٌ مِن أُسَيِّدَ شِجعَةٌ | |
|
| كِرامٌ إِذا ما المَوتُ خَبَّ وَهَروَلا |
|
تَرى الناشِئَ المَجهولَ مِنّا كَسَيِّدٍ | |
|
| تَبَحبَحَ في أَعراضِهِ وَتَأَثَّلا |
|
وَقَد عَلِموا أَن مَن يُرِد ذاكَ مِنهُمُ | |
|
| مِنَ الأَمرِ يَركَب مِن عِنانِيَ مِسحَلا |
|
فَإِنّي رَأَيتُ الناسَ إِلّا أَقَلَّهُم | |
|
| خِفافُ العُهودِ يُكثِرونَ التَنَقُّلا |
|
بَني أُمِّ ذي المالِ الكَثيرِ يَرَونَهُ | |
|
| وَإِن كانَ عَبداً سَيِّدَ الأَمرِ جَحفَلا |
|
وَهُم لِمُقِلِّ المالِ أَولادُ عَلَّةٍ | |
|
| وَإِن كانَ مَحضاً في العُمومَةِ مُخوَلا |
|
وَلَيسَ أَخوكَ الدائِمُ العَهدِ بِالَّذي | |
|
| يَذُمُّكَ إِن وَلّى وَيُرضيكَ مُقبِلا |
|
وَلَكِن أَخوكَ النائي ما دُمتَ آمِناً | |
|
| وَصاحِبُكَ الأَدنى إِذا الأَمرُ أَعضَلا |
|