أَناخَ عَليَّ الهَمُّ مِن كُلِّ جانِب | |
|
| بَياضُ عَذارى في سَوادِ المَطالِبِ |
|
وَكُنتُ أَظُنُّ الأَربَعينَ تَصُدُّهُ | |
|
| فَما قُبِلَت فيها شَهادَةُ حَاسِبِ |
|
طَلَبتُ الصِّبا مِن بَعدِها فَكَأَنَّما | |
|
| عَلِقتُ بِأَعجازِ النُّجومِ الغَوارِبِ |
|
وَما ساءَني فَقدُ الشَّبابِ وَإِنَّما | |
|
| بَكَيتُ عَلى شَطرٍ مِنَ العُمرِ ذاهِبِ |
|
وَلا راعَني شَيبُ الذَّوائِبِ بَعدَهُ | |
|
| وَعِندي هُمومٌ قَبلَ خَلقِ الذَّوائِبِ |
|
وَلَكِنَّهُ وافى وَما أَطلَقَ الصِّبا | |
|
| عَناني وَلا قَضّى الشَّبابُ مَآرِبي |
|
وَما كُنتُ مِن أَصحابِهِ غَيرَ أَنَّهُ | |
|
| وَفَى لِيَ لَمّا خانَني كُلُّ صاحِبِ |
|
بَكَى النّاسُ أَطلالَ الدِّيارِ وَلَيتَني | |
|
| وَجَدتُ دياراً لِلدُّموعِ السَّواكِبِ |
|
وَقالوا زِيادٌ راحَ عازِبَ هِمَّةٍ | |
|
| وَمَن لِفُؤادي بِالهُمومِ العَوازِبِ |
|
أَأَحبابَنا هَل تَسمَعونَ عَلى النَّوى | |
|
| تَحِيَّةَ عان أَو شَكِيَّةَ عاتِبِ |
|
وَلَو حَمَلَت ريحُ الشَّمالِ إِلَيكُمُ | |
|
| سَلاماً طَلَبنا مِثلَهُ في الجَنائِبِ |
|
ذَكَرتُكُمُ مِن بَعدِ عِشرينَ حِجَّةً | |
|
| لَقَد دَرَسَت أَسرارُكُم في التَّرائِبِ |
|
وَما أَدَّعي أَنّي أَحِنُّ إِلَيكُمُ | |
|
| وَيَمنَعُني الأَعداء مِن كُلِّ جانِبِ |
|
وَلا أَنا بِالمُشتاقِ إِن قُلتُ بَينَنا | |
|
| طِوالُ العَوالي أَو طِوالُ السَّباسِبِ |
|
فَما لِقُلوبِ العاشِقينَ مَزِيَّةٌ | |
|
| إِذا نَظَرَت أَفكارُها في العَواقِبِ |
|
وَلا الشَّوقُ إِلَّا في صُدورٍ تَعَوَّدَت | |
|
| لِقاء الأَعادي في لِقاء الحَبائِبِ |
|
جَزى اللَّهُ عَنّا العِيسَ خَيراً فَطالَما | |
|
| فَرَقتُ بِها بَيني وَبَينَ النَّوائِبِ |
|
كَفَتنا ثَقيلَ الهَمِّ حَتّى كَأَنَّما | |
|
| رَمَينا بِهِ فَوقَ الذُرى وَالغَوارِبِ |
|
وَإِن صَدَقَت في ناصِرِ الدَّولَةِ المُنى | |
|
| فَما هِيَ إِلَّا مِن أَيادي الرَّكائِبِ |
|
فَتى حارَتِ الأَقدارُ مِن عَزَماتِهِ | |
|
| عَلى أَنَّها مَعرُوفَةٌ بِالعَجائِبِ |
|
وَأَدرَكَ أَعقابَ الأُمورِ بِفِكرِهِ | |
|
| كَأَنَّ لَها عَيناً عَلى كُلِّ غائِبِ |
|
لَهُ نَسَبٌ كَالشَّمسِ أَشرَقَ نورُهُ | |
|
| عَلى طولِ أَيّامِ السِّنينِ الذَّواهِبِ |
|
إِذا دَجَتِ الأَحسابُ لاحَت نُجومُهُ | |
|
| ثَواقِبَ مِن قَبلِ النُّجومِ الثَّواقِبِ |
|
جِيادُكَ يَومَ النِّيلِ ذَكَّرنَ أَهلَهُ | |
|
| بِما صَنَعَت أَمَّلتُها في قُباقِبِ |
|
سَقَت تِلكَ أَكنافَ المَشارِقِ وابِلَ | |
|
| الدِّماءِ وَجادَت هَذِهِ في المَغارِبِ |
|
تَرَكنَ دِياراً لا تَبين لِعارِف | |
|
| وَخُضنَ بِحاراً لا تَحِلُّ لِشارِبِ |
|
وَقَد سَمِعوا أَخبارَها في سِواهُمُ | |
|
| فَما قَنِعوا إِلَّا بِبَعضِ التَّجارِبِ |
|
إِذا كانَ عَقلُ المَرءِ أَدنى خِلالِهِ | |
|
| فَما هوَ إِلَّا ثَغرَة لِلمَصائِبِ |
|
وَكَم حَبَسَ القُمرِيَّ حُسنُ غِنائِهِ | |
|
| وَقَيَّدَتِ البازِيَّ حُجنُ المَخالِبِ |
|
طَلَعتَ عَلَيهِم وَالسُّيوفُ كَأَنَّها | |
|
| ضَرائِبُ مِمّا كَسَّرَت في الضَّرائِبِ |
|
بَقِيَّةُ آثارِ اللِّقانِ وَآلِسٌ | |
|
| وَفَضلَةُ أَيّامِ الحِمَى وَالذَّنائِبِ |
|
تُحَدِّثُ عَن تِلكَ المَنايا فُلولُها | |
|
| وَقَد كُتِبَت أَخبارها في الكَتائِبِ |
|
قَواضِبُ إِلَّا أَنَّها في أَنامِلٍ | |
|
| تَكادُ تَقُدُّ الهامَ قَبلَ القَواضِبِ |
|
حَمَيتَ بِها سِربَ الخِلافَةِ بَعدَ ما | |
|
| تَرامَت بِهِ أيدي العَبيدِ اللَّواعِبِ |
|
وَأَبعَدتَ عَن تَدبيرِها كُلَّ مائِقٍ | |
|
| حَديثُ المُنى فيها حَديثُ المُناسِبِ |
|
وَكُنتَ إِذا أَشرَعتَ رَأيَكَ في العِدى | |
|
| طَعَنتَ بِهِ قَبلَ الرِّماحِ السَّوالِبِ |
|
وَقَد يُبصِرُ الرَّأيَ الفَتى وَهوَ عاجِزٌ | |
|
| وَرُبَّ حُسام سَلَّهُ غَيرُ ضارِبِ |
|
كَأَنَّ المَدى في كُلِّ شَيء طَلَبتَهُ | |
|
| دَنا لَكَ حَتَّى نِلتَهُ غَيرَ طالِبِ |
|
يَظُنُّ العِدى أَنِّي مَدَحتُكَ لِلغِنى | |
|
| وَما الشِّعرُ عِندي مِن كَريم المَكاسِبِ |
|
وَما شِئتُ إِلَّا أَن تَتِمَّ صِفاتُهُ | |
|
| وَلِلدُّرِّ مَعنىً في نَحورِ الكَواعِبِ |
|
كَأَنِّي إِذا أَنشَدتُ فيكَ قَصيدَة | |
|
| نَثَرتُ عَلَيهِم طالِعاتِ الكَواكِبِ |
|
وَلَكِنَّها مَنسِيَّةُ الذِّكرِ فيكُمُ | |
|
| تُسائِلُ عَن أَحسابِكُم كُلَّ راكِبِ |
|
وَوَاللَّهِ ما صِدقُ الثَّناءِ بِضائع | |
|
| عَلَيكَ وَلا حُسنُ الرَّجاءِ بِخائِبِ |
|
وَفيكُم رَوى النَّاسُ المَديحَ وَمِنكُمُ | |
|
| تَعَلَّمَ فيهِ القَومُ بَذلَ الرَّغائِبِ |
|
أَعِنِّي عَلى نَيلِ الكَواكِبِ في العُلا | |
|
| فَأَنتَ الَّذي صَيَّرتَها في مَطالِبي |
|
وَدَعني وَصِدقُ القَولِ فيكَ لَعَلَّهُ | |
|
| يُكَفِّرُ عَن تِلكَ القَوافي الكَواذِبِ |
|
غَرائِبُ مَينٍ في سِواكَ كَثيرَة | |
|
| وَلَكِنَّني مِنهُنَّ أَوَّلُ تائِبِ |
|
وَما كُنتُ لَمّا أَعرَض البَحرُ زاخِراً | |
|
| أقلبُ طَرفي في جَهام السَّحائِبِ |
|
طَوَيتُ إِلَيكَ الباخِلينَ كَأَنَّما | |
|
| سَرَيتُ إِلى شَمسِ الضُّحى في الغَياهِبِ |
|
وَكانَ سَبيلُ الجودِ في الأَرضِ واحِداً | |
|
| فَما عَرَفَ النَّاسُ اِختِلافَ المَذاهِبِ |
|
وَشَرَّفَني قَصدي إِلَيكَ وَإِنَّما | |
|
| يُبَينُ بِقَصدِ البَيتِ فَضلُ المُحارِبِ |
|
فَمَن كانَ يَبغي في المَديحِ مَواهِباً | |
|
| فَإِنَّ مَديحي فيكَ بَعضُ المَواهِبِ |
|