ظَنَنتُ حَسُودي حينَ غالَت غَوائِلُه | |
|
| يُريعُ إِلى البُقيا وَتُطوى حَبائِلُه |
|
وَقُلتُ كَفاهُ ما لَقيتُ وَنالَني | |
|
| بِهِ الدَهرُ مِمّا كانَ قِدماً يُحاوِلُه |
|
فَأَغمَضتُ جَفناً وَالقَذى مِلءُ ناظِري | |
|
| وَأَبدَيتُ سلماً لَيسَ تخشى دَغائِلُه |
|
وَأَطفأتُ نارَ الجَهلِ بِالحِلمِ بَعدَما | |
|
| غَلى المِرجَلُ الأَحوى وَذيقَت تَوابِلُه |
|
وَوَطَّنتُ نَفسي لِلمُداراةِ ما رَأى | |
|
| رَأيتُ وَمَهما قالَهُ أَنا قائِلُه |
|
فَما زادَ ذُو الأَضغانِ إِلّا تَمادِياً | |
|
| وَلا بَشَّرَت إِلّا بِشرٍّ مَخائِلُه |
|
كَذَلِكَ أَحوَالُ الحَسُودِ وَخِبُّهُ | |
|
| وَما تَقتَضي أَخلاقُهُ وَشمائِلُه |
|
فَلا تَرجُ يَوماً في حَسُودٍ مَوَدَّةً | |
|
| وَإِن كُنتَ تُبدي وُدَّهُ وَتُجامِلُه |
|
وَلا تَبغِ بالإِحسانِ إِرضاءَ كاشِحٍ | |
|
| فَلَيسَ بِمغنٍ في دَمالٍ تَدامُلُه |
|
فَقُل لِخَليعٍ هَمُّهُ ما يَسُوءُني | |
|
| رُوَيدَكَ فاتَ الزُجَّ في الرُمحِ عامِلُه |
|
وَلا تَحسَبَنّي ضِقتُ يَوماً بِما جَرى | |
|
| ذِراعاً فَما ضاقَت بِحُرٍّ مَراكِلُه |
|
فَقَد يُدرِكُ البَدرَ الخُسوفُ وَتَنجَلي | |
|
| غَياهِبُهُ عَن نُورُهِ وَغَياطِلُه |
|
وَقَد يَجزِرُ الرَجّافُ طَوراً وتارَةً | |
|
| يُسَيِّرُ ذاتَ الجُلِّ بِالمَدِّ ساحِلُه |
|
فَإِن سَاءَني القَومُ الكِرامُ وَضَيَّعُوا | |
|
| حُقوقي وَهَديُ المَجدِ فيهِم وَكاهِلُه |
|
فَقَبلي أَخُو شَنّ بنِ أَفصى أَضاعَهُ | |
|
| بَنُو عَمِّهِ دَونَ الوَرى وَفَضائلُه |
|
وَلا بُدَّ هَذا الدَهرُ يَرجِعُ صَحوُهُ | |
|
| وَيَنجابُ عَنهُ غَيُّهُ وَيُزايِلُه |
|
وَقَد يُشرِقُ الرّيقُ الفَتى وَهوَ غَوثُهُ | |
|
| وَيَجرَحُهُ ماضي الشَبا وَهوَ فاصِلُه |
|
فَيَنطِقُ عَن صِدقٍ وَيَسمَعُ واعِياً | |
|
| وَيَفهَمُ عَن عَقلٍ فَيَزهَقُ باطِلُه |
|
فَيَذهَبُ قَومٌ كَاليَعاليلِ لا يُرى | |
|
| لَها أَثَرٌ وَالماءُ تغطي جَداوِلُه |
|
فَجَدعاً وَعَقراً لِلزَمانِ إِذا اِستَوى | |
|
| مُطَهَّمُهُ في عَينِهِ وَطَهامِلُه |
|
وَقُبحاً لِدَهرٍ أَصبَحَ العَلُّ فيلُهُ | |
|
| وَأَضحَت بُزاةُ الطَيرِ فيهِ عُلاعِلُه |
|
فَلا يَفرَحِ الخَلفُ الهِدانُ بِنَكبَتي | |
|
| فَما نالَني مِن صَرفِها فهوَ نائِلُه |
|
عَلى أَنّني لا مُستَكيناً لِحادِثٍ | |
|
| وَسيّانِ عِندي نِيلُهُ وَصَلاصِلُه |
|
وَقائِلَةٍ وَالعِيسُ تُحدَجُ لِلنَوى | |
|
| وَدَمعُ الجَوى قَد جالَ في الخَدِّ جائِلُه |
|
عَلَيكَ بِصَبرٍ وَاِحتِسابٍ فإِنَّما | |
|
| يَفُوتُ الثَنا مَن راحَ وَالصَبرُ خاذِلُه |
|
وَلا تَرمِ بِالأَهوالِ نَفساً عَزيزَةً | |
|
| فَذا الدَهرُ قَد أَودى وَقامَت زَلازِلُه |
|
فَكَم كُربَةٍ في غُربَةٍ وَمَنِيَّةٍ | |
|
| بِأُمنِيَّةٍ وَالرِزقُ ذُو العَرشِ كافِلُه |
|
فَقُلت لَها وَالعَينُ سَكرى بِزَفرَةٍ | |
|
| أُرَدِّدُها وَالصَدرُ جَمٌّ بَلابِلُه |
|
أَبالمَوتِ مِثلي تُرهِبينَ وَبِالنَوى | |
|
| وَعاجِلُهُ عِندي سَواءٌ وَآجِلُه |
|
وَلَلمَوتُ أَحيا مِن حَياةٍ بِبَلدَةٍ | |
|
| يُري الحُرَّ فيها الغَبنَ مَن لا يُشاكِلُه |
|
وَما غُربَةٌ عِن دارِ ذُلٍّ بِغُربَةٍ | |
|
| لَوَ اِنّ الفَتى أَكدى وَغَثَّت مَآكِلُه |
|
وَرُبَّ غَريبٍ ناعِمٍ وَاِبنِ بَلدَةٍ | |
|
| تُبَكِّيهِ قَبلَ المَوتِ فيها ثَواكِلُه |
|
وَإِنّ مُقامي يا اِبنَةَ القَومِ لِلقَلى | |
|
| وَلِلضَيمِ لَلعَجز الَّذي لا أُزامِلُه |
|
فَلا تُنكري خَوضي الطَوامي وَجَوبِيَ ال | |
|
| مَوامي إِذا الآلُ اِسجَهَرَّت طَياسِلُه |
|
فَمِن كَرَمِ الحُرِّ اِرتِحالٌ عَن الفِنا | |
|
| إِذا قُدِّمَت أَوباشُهُ وَرَعابِلُه |
|
وَلا بُدَّ لي مِن وَقفَةٍ قَبلَ رِحلَةٍ | |
|
| أُذيل بِها دَمعي فَيَنهَلُّ وابِلُه |
|
عَلى جَدَثٍ أَضحى بِهِ المَجدُ ثاوياً | |
|
| بِحَيثُ يَرى شَطَّ العَذارِ مُقابِلُه |
|
لِأَسأَلَ ذاكَ القَبرَ هَل غَيَّرَ البِلى | |
|
| مَحاسِنَ مَجدٍ غَيّبَتها جَنادِلُه |
|
وَهَل هَمَّت المَوتى بِإشعاءِ غارَةٍ | |
|
| يُثارُ بِها مِن كُلِّ جَوٍّ قَساطِلُه |
|
فَقَد نامَتِ الأَحيا عَنِ الغَزوِ فَاِستَوى | |
|
| بِكُلِّ سَبيلٍ أُسدُهُ وَخَياطِلُه |
|
فَيا عَجَباً مِن مُلحِدٍ ضَمَّ فَيلَقاً | |
|
| وَبَحراً وَطَوداً يركَبُ المُزنَ عاقِلُه |
|
مَضى طاهِرَ الأَخلاقِ وَالخِيمِ لَم يَمِل | |
|
| إِلى سَفَهٍ يَوماً وَلا خابَ آمِلُه |
|
فَيا لَكَ مِن مَجدٍ تَداعَت فُرُوعُهُ | |
|
| وَمالَ ذُراهُ وَاِنقَعَرَّت أَسافِلُه |
|
لِيَبكِ العُلى وَالمَجدُ وَالبَأسُ وَالنَدى | |
|
| لَقَد صَلَّ واديها وَجَفَّت مَسايِلُه |
|
وَتَندبُهُ البيضُ الصَوارِمُ وَالقَنا | |
|
| لِما أَنهَلَتها كفُّهُ وَأَنامِلُه |
|
لَعَمري لَئِن كانَ الأَميرُ مُحمَّدٌ | |
|
| قَضى وَأُصيبَت يَومَ نَحسٍ مَقاتِلُه |
|
لَقَد مُنيَت مِنهُ الأَعادي بِثائِرٍ | |
|
| هُمامٍ أَبى أَن يَحمِلَ الضَيمَ كاهِلُه |
|
أَيا فَضلُ لا زالت لِنُعماكَ تَلتَقي | |
|
| بِمَغناكَ ساداتُ المَلا وَعَباهِلُه |
|
مَنحتُكَ وُدّاً كُنتُ قَبلُ مَنحتُهُ | |
|
| أَباكَ وَمُزني لَم تَقَشَّع هَواطِلُه |
|
وَلاقَيتُ مِن جَرّائِكُم ما عَلِمتَهُ | |
|
| وَهَل أَحَدٌ مِن سائِرِ الناسِ جاهِلُه |
|
وَكَم مُبغِضٍ لِي في هَواكُم وَشانئٍ | |
|
| عَلَيَّ بِنارِ الحِقدِ تَغلي مَراجِلُه |
|
فَلا تَحمِلنّي وَالمَناديحُ جَمَّةٌ | |
|
| عَلى مَوردٍ يَستَعذِبُ المَوتَ ناهِلُه |
|
أَرَيتُكَ إِن أَخَّرتَني وَجَفَوتَني | |
|
| وَذا الدَهرُ قَد أَربى وَبانَ تَحامُلُه |
|
وَجازَت قُرى البَحرَينِ عِيسي وَأَصبَحَت | |
|
| عُمانِيَّةً وَاِستَبهلَتها سَواحِلُه |
|
وَأًصبَحَ في الحَيِّ اليَمانيّ رَحلُها | |
|
| وَحَفَّت بِهِ أَقيالُهُ وَمَقاوِلُه |
|
أَوِ اِستَقبَلَت أَرضَ الحِجازِ فَيَمَّمَت | |
|
| بَني حَسَنٍ وَالفَضلُ بادٍ شَواكِلُه |
|
أَوِ اِنتَجَعَت آلَ المُهَنّا فَفيهمُ | |
|
| حِمىً آمِنٌ لا يَرهَبُ الدَهرَ نازِلُه |
|
أَوِ اِعتامَتِ القَومَ الَّذينَ أَحَلَّهُم | |
|
| ذُرى كُلِّ اِمرِئٍ قُدّامُهُ مَن يُسائِلُه |
|
فَقُل لي عِمادَ الدِينِ ماذا أَقُولُهُ | |
|
| وَكُلُّ اِمرِئٍ قُدّامُهُ مَن يُسائِلُه |
|
إِذا قيلَ لِي مِن أَينَ أَقبَلتَ وَاِرتَمَت | |
|
| بِكَ العِيسُ أَو مَن كُنتَ قِدماً تُواصِلُه |
|
وَمَن رَهطكَ الأَدنى الَّذي لَكَ فَخرُهُ | |
|
| وَنابِهُ قَدرٍ لا يُساوِيهِ خامِلُه |
|
هُناكَ يَكُونُ الصِدقُ نَقصاً عَلَيكُمُ | |
|
| وَلا يَتَحرّى الكِذبَ إِلّا أَراذِلُه |
|
وَمَنصِبُكَ السامي إِلى الفَخرِ مَنصِبي | |
|
| وَرَبعُكَ رَبعي وَالعُلى أَنتَ آيِلُه |
|
فَجُد بِالَّذي تَحوي يَداكَ عَلى الوَرى | |
|
| وَضِنَّ عَلَيهم بِالَّذي أَنا قائِلُه |
|
فَما المِسكُ إِلّا مِن عَقابيلِ نَشرِهِ | |
|
| وَلا الجَوهَرُ المَكنونُ إِلّا خَصائِلُه |
|
وَرَأيُكَ أَعلى وَالرِضا ما رَضيتَهُ | |
|
| وَكُلُّ اِمرئٍ غُولُ المَنِيَّةِ غائِلُه |
|