ذروا فِي السُّرى نحو الجناب الممنَّعِ | |
|
| لذيذَ الكرى واجفُو لَهُ كل مضجع |
|
وأهدوا إِذَا جئتم إِلَى خير مرْبع | |
|
| تحيةَ مضنىً هائم القلبِ موجَع |
|
سريع إِلَى دَاعِ الصَّبابة طيِّعٍ
|
يَقُومُ بِأحْكامِ الهَوى ويُقيمها | |
|
| فكمْ ليلة قَدْ نازلتُه هُمُومُهَا |
|
فسَامَرَها حَتَّى تَوَلَّتْ نجومُها | |
|
| لَهُ فِكرةٌ فيمَنْ يُحبُّ نديمها |
|
وطَرْفٌ إِلَى اللقيا كثير التَّطَلع
|
وكمْ ذَاقَ فِي أحوَالِه طَعم محنة | |
|
| وكمْ عاذَ مِنهُ من مواقف فِتنة |
|
وكمْ أنَّةِ يأتي بِهَا بَعْد أَنَّةٍ | |
|
| تَنِمُّ عَلَى سر لَهُ فِي أكِنَّة |
|
وَتُخْبِرُ عَنْ قلْب لَهُ مُتقَطع
|
نعَى صَبْرَهُ شَوْقٌ أقَامَ ملازِماً | |
|
| وحبٌّ يحاشى أن يطيعَ اللوائما |
|
وجفنٌ ترى أَنْ لا يرى الدهر نائماً | |
|
| وعقلٌ ثَوَى فِي سكرة الحب دائما |
|
وأقسَمَ أن لا يَسْتَفِيقَ وَلا يَعِي
|
أقامَ عَلَى بُعْد المزَار مُتَيَّماً | |
|
| وَأَبْكاهُ برقٌ بالحجازِ تَبَسَّما |
|
وشوَّقه أحبابَهُ نَظَرُ الحمى | |
|
| دَعُوهُ لأمْر دُونَه تَقْطر الدما |
|
فَيَا وَيْحَ نَفْس الصب من مَا لَهُ دُعِي
|
لَهُ عندَ ذكر المُنْحَنا سَفْحُ عبرة | |
|
| وبين الرجا والخوف موقفُ عِبرة |
|
فَحِيناً يُوافِيهِ النعيمُ بنَظْرة | |
|
| وحيناً ترى فِي قَلبِهِ نار حسرة |
|
يَجِيء إِلَيْهِ الموْت منْ كل مَوْضع
|
سَلامٌ عَلَى صَفْو الحَيَاة وطِيبِهَا | |
|
| إِذَا لَمْ تفز عيني بِلُقْيا حَبيبِها |
|
ولم تحظَ من إِقبالِه بِنَصِيبِها | |
|
| ولا استعطفتهُ عَبرتِي بِصَبِيبِها |
|
وَلا وَقَعَتْ شَكْوَايَ مِنه بمَوْقِع
|
مُوَكِّلَ طَرْفي بِالسُّهاد الْمُؤرّق | |
|
| وَمُجْرِىَ دَمْعِي كَالحيا المتدفِّق |
|
وملهبَ وَجدٍ فِي فؤادي مُحَرق | |
|
| بِعينَيْك مَا يَلْقَى الفؤَادُ وَمَا لَقِي |
|
وعِنْدَكَ مَا تَحوي وتُخْفِيهِ أَضْلُعِي
|
أضرتْ بي البلوى وذو الحب مبتلى | |
|
| يعالجُ دَاءً بَيْنَ جنبيهمُعْضلا |
|
ويُثْقِلُه مِنْ وَجْده مَا تحملا | |
|
| وتبعثه الشكوى فيَشْتَاقُ منزلا |
|
بِهِ يَتَلَقَّى رَاحَةَ الْمُتَوَدع
|
مقر الَّذِي دلَّ الأنام بشرْعِه | |
|
| عَلَى أصل دين الله حقّاً وَفرعِه |
|
بِهِ انضم شمل الدين من بعد صدعه | |
|
| لَنَا مذْهبُ العشاق فِي قصْدِ رَبعه |
|
نُقيمُ بِهِ رَسْمَ البُكَا والتَّضَرع
|
تحلُّ بِهِ الأنوارُ مِلءَ رحَابِه | |
|
| ومستودَعُ الأسرار عِند صحَابِه |
|
هِدايةُ من يحتارُ تأميل بَابِه | |
|
| وتشريف منْ يختارُ قَصْدَ جنابِه |
|
بِتَقْبِيلِه وَجْهَ الثَّرى المتَضوع
|
أقامَ لَنَا شرْعَ الهدَى وَمَنارَهُ | |
|
| وَأَلْبَسَنَا ثَوْبَ التقَى وشِعارَهُ |
|
وجَنَّبَنا جورَ العَمَى وَعِثَارَهُ | |
|
| سَقَى اللهُ عَهْدَ الهاشِمِيّ ودارهُ |
|
سَحَاباً من الرضْوَان لَيْسَ بِمقلَعِ
|
بني العز للتوحيد من بعد هدِّهِ | |
|
| وأَوْجَبَ ذُلَّ المُشركينَ بِجِده |
|
عزيزٌ قضَى رَبُّ السَّماءِ بسعده | |
|
| وأيَّدَهُ عِنْدَ اللقاء بِجُنْده |
|
فأَوْرَدَهُ لِلنَّصرِ أعْذَبَ مَشرَع
|
أقُولُ لِرَكْبٍ سَائِرينَ لِيثْرب | |
|
| ظَفرْتُم بتَقْريب النَّبي المقَرَّب |
|
فَبُثوا إِلَيْهِ كُلَّ شَكْوَى ومتعب | |
|
| وَقُصُّوا عَلَيْهِ كُلَّ سُؤلٍ وَمَطْلَب |
|
فَأَنْتُم بِمِرءى للرَّسُول ومَسْمع
|
ستحمون فِي مغناهُ خير حماية | |
|
| وتكفوْنَ مَا تخشوْنَ أيَّ كفاية |
|
وتبدو لكمْ منْ مجده كل آيَة | |
|
| فَحلوا من التعظيمِ أبْعَدَ غَايَةِ |
|
فَحَق رَسُول الله آكَدُ مَا رُعى
|
أما والذي آتاهُ مَجْداً مُؤَثَّلاً | |
|
| لقد كَانَ كهفاً للعفاة ومعقلاً |
|
يبوِّئهمْ ستراً منَ الحِلم مسْبِلا | |
|
| ويمطرهم غيثاً من الجود مُسبَلا |
|
وَينزعُ فِي إِكرامِه كُلَّ منزعِ
|
تَعِبْنا بِعيش مَا هَنا فِي وروده | |
|
| وضرٍّ ثَقيل الوطء فِيهِ شَديده |
|
فَرُحْنا إِلَى رَب النَّدى وعَمِيده | |
|
| ولما قَصَدْناهُ وَثِقْنا بِجُوده |
|
وَلَمْ نَخشَ رَيْبَ الحَادث المُتوقَّع
|
لَقَدْ شرَّفَ الدُّنْيا قدومُ محمد | |
|
| وألْقى بِهَا أنوارَ حقٍّ مُؤَيَّدِ |
|
تَزينُ بِهِ وُرَّاثه كلَّ مَشْهَد | |
|
| فَهُمْ بَيْنَ هَاد للأنامِ ومهتدِ |
|
وَمَنْبِتُ أَصْل فِي الهُدَى ومُفَرِّع
|
سَلاَمٌ عَلَى منْ شرَّفَ اللهُ قَدْرَهُ | |
|
| سَلامَ مُحِب عمَّر الدهر سِرَّه |
|
لَهُ مطلبٌ أفنى تَمَنيه عُمرَه | |
|
| وحَاجَات نفس لا تجاوز صدره |
|
أعَدَّ لَهَا جَاه الشَّفِيعِ الْمشَفَّعِ
|