سِوَايَ يَخَافُ الدَّهْرَ أَو يَرْهَبُ الرَّدى | |
|
| وغيرِي يَهْوَى أَنْ يَكونَ مخلَّدَا |
|
ولكنَّني لا أَرْهَبُ الدهرَ إِنْ سَطَا | |
|
| ولا أَحْذَرُ الموتَ الزُؤَامَ إِذَا عَدا |
|
ولو مدَّ نحوي حادِثُ الدهرِ طَرْفهُ | |
|
| لحدَّثت نَفْسِي أَنْ أَمُدَّ لَهُ يَدا |
|
توقُّد عَزْمِي يتركُ الماءَ جَمْرَةً | |
|
| وحِلْيَةُ حِلْمي تَتْرُكُ السَيْفَ مبْرَدَا |
|
وفرْطُ احْتقَارِي للأَنامِ لأَنَّني | |
|
| أَرَى كل عارٍ من خلا سُؤْدُدِي سُدَى |
|
وَيأْبَى إِبائِي أَن يَرَانيَ قاعداً | |
|
| وَأَلاَّ أَرَى كُلَّ البريَّةِ مُقْعَدَا |
|
وأَظمأُ إِن أَبْدَى لي الماءُ مِنَّةً | |
|
| ولو كانَ لي نَهْرُ المجرَّة مَوْرِداً |
|
ولو كان إِدراكُ الهُدى بتذلُّلٍ | |
|
| رأَيتُ الهُدَى أَلاَّ أَمِيلَ إِلى الهُدىَ |
|
وقِدْماً بغيري أَصْبَح الدَّهرُ أَشْيَباً | |
|
| وبي بل بِفَضْلي أَصْبَح الدَّهرُ أَمْرَدَا |
|
وإِنَّك عبدي يا زَمَانُ وإِنَّني | |
|
| على الكُرْهِ منِّي أَنْ أُرَى لَكَ سَيِّدَا |
|
ولِمْ أَنا راض أَن أُرَى وَاطِئَ الثَّرى | |
|
| ولي هِمَّةٌ لا ترتضي الأُفْقَ مَقْعَدا |
|
ولو عَلِمَتْ زُهْرُ النجومِ مَكانَتي | |
|
| لخرَّتْ جميعاً نَحْوَ وَجْهِيَ سجَّدا |
|
أَرى الخَلقَ دُوني إِذ أَرَانيَ فَوْقَهُم | |
|
| ذَكاءً وعلماً واعتلاءً وسُؤْدُداً |
|
وبذلُ نوالي زاد حتَّى لقد غَدَا | |
|
| من الغيظِ مِنْه ساكنُ البَحر مُزْبِدَا |
|
وكم سائلٍ لي قَدْ مَضى وَهْوَ قائِلٌ | |
|
| فِداك بخيلٌ ندَّ عن كَفِّه النَّدى |
|
ولي قَلَمٌ في أَنْمُلي إِن هَزْزْتُه | |
|
| فما ضرَّني أَلاَّ أَهُزَّ المُهنَّدا |
|
إِذا صال فوق الطِّرْسِ وقعُ صَريرهِ | |
|
| فإِنَّ صَلِيلَ المشرفيِّ لَهُ صَدَى |
|
ومحرابُ طِرْسٍ وهْو داودُ ساجداً | |
|
| وإِن شاءَ حَاكَ الطِرْسَ دِرْعاً مُسرَّداً |
|
وإِنَ رَفَعَ المقدارُ أَو وَضَعَ النَّدى | |
|
| فمنه يرجَّى الجدُّ أَو يُرْتَجى الجَدى |
|
ومن كلِّ شَيْءٍ قد صَحَوْتُ سِوَى هَوىً | |
|
| أَقَامَ عَذُولي بالمَلامِ وأَقْعَدَا |
|
إِذا وَصْلُ من أَهْوَاهُ لم يَكُ مُسْعدِي | |
|
| فليت عَذُولي كَانَ بالصمت مسعدا |
|
|
| من النجم أعلى أو من الأفق أبعدا |
|
يُحِبُّ حَبيبي مَنْ يَكُونُ مفنِّدي | |
|
| فيا لَيْتَني كنْتُ العذُول المُفنَّدا |
|
وقالوا لقد آنَسْتَ ناراً بِخَدِّه | |
|
| فقلت وإِنِّي قد وَجَدْتُ بِهَا هُدَى |
|
وإِنِّي لأَهْوَى مِنْهُ ثغراً مُفَضَّضاً | |
|
| وإِنِّي لأَهْوى منه خدّاً مُعَسْجدَا |
|
ولم أُدْمِ ذَاكَ الخدَّ باللحظ إِنَّما | |
|
| عَمِلْتُ خَلُوقاً حين أَبْصَرْتُ عَسْجداً |
|
وكم لي إِلى دَارِ الحبيبِ التفاتَةٌ | |
|
| تذَكِّرُني عَهْداً قَدِيماً ومَعْهَداً |
|
لقد كنت فِيهَا أُبصِرُ الليلَ أَبيضاً | |
|
| فقد صِرْتُ فيها اُبْصِرُ الصُّبحَ أَسْوَدَا |
|
يُرَاقِب طَرْفي أَنْ يَلوحَ هِلاَلُها | |
|
| فقد طَال ما قد صَامَ حتَّى يُعَيِّدا |
|
عَبرْتُ عَلَيْها واعْتَبَرْتُ تَجَلُّدي | |
|
| فيا خَجَلي حين اعْتَبرْتُ التَّجَلُّدَا |
|
كَأَنَّ بطرفي ما بِقَلْبي صَبابةً | |
|
| فلم يَرَ تِلْك الدَّارَ إِلاَّ تَقَيَّدا |
|
وكم لجوادِي وقعةً في عِرَصِها | |
|
| تعوَّدَ منها جِيدُه ما تَعَوَّدَا |
|
تعوَّدَ ذاكَ الجيدُ مِنِّيَ أَنَّني | |
|
| أُصَيِّرُه من دُرِّ دَمْعِي مُقَلَّدا |
|
وما تِلْكَ دَارُ بالعقيق ولا الحِمى | |
|
| ولكنْ سَمَاءٌ إِذْ حَوَتْ مِنْه فَرْقَدا |
|
ويا رُبَّ ليلٍ بتُّ فيه وبَيْنَنَا | |
|
| عِنَاقٌ أَعاد العِقْدَ عِقْداً مبدَّدَا |
|
فأَصبح ذَاك العِقْدُ منيِّ مُحَسَّراً | |
|
| وقد طال ما قد كان منِّي مُحسَّدا |
|
ولم أَجعلِ الكفَّ الشِّمالَ وِسَادَةً | |
|
| فباتَ على كفِّ اليمينِ مُوَسَّدَا |
|
وجرَّدْتُه من ثَوْبِه وأَعَدْتُه | |
|
| بثوبِ عِنَاقي كَاسِيَا مُتَجرِّدا |
|
وقرَّبني حتى طَرِبْتُ إِلى النَّوى | |
|
| وأَوْرَدَني حتَّى صَدِيتُ إِلى الصَّدَى |
|
شَهِدْتُ بأَنَّ الشَّهدَ والمسكَ ريقُه | |
|
| وما كُنْتُ لَوْ لَمْ أَختبرْه لأَشْهَدا |
|
وأَنَّ السُّلافَ البابلية لَحْظُهُ | |
|
| وإِلاَّ سَلُوا إِنْسَانَه كَيْفَ عَرْبَدَا |
|
مليٌّ بكَسْر الجفنِ والجفنُ قَوْسُه | |
|
| فكيف رَمَى للقلبِ سَهْماً مُسَدَّدا |
|
فَتِهْ وتَسلَّطْ كيف شِئْتَ فإِنَّما | |
|
| خُلِقتَ لأَشْقَى إِذ خُلِقْتُ لِتَسْعَدا |
|