حَبيبٌ نَأى وَهوَ القَريبُ المُصاقِبُ | |
|
| وَشَحطُ نَوىً لَم تُنضَ فيهِ الرَكائِبُ |
|
وَإِنَّ قَريباً لا يُرَجّى لِقاؤُهُ | |
|
| بَعيدٌ تَناءَى وَالمَدى مُتَقارِبُ |
|
أَلينُ لِصَعبِ الخُلقِ قاسٍ فُؤادُهُ | |
|
| وَأُعتِبُهُ لَو يَرعَوي مَن يُعاتَبُ |
|
مِنَ التُركِ مَيّاسُ القوامِ مُهَفهَفٌ | |
|
| لَهُ الدُرُّ ثَغرٌ وَالزُمُرُّدُ شارِبُ |
|
يُفَوّقُ سَهماً مِن كَحيلٍ مُضَيَّقٍ | |
|
| لَهُ الهُدبُ ريشٌ وَالقِسِيُّ الحَواجِبُ |
|
أَسالَ عِذاراً في أَسيلٍ كَأَنَّهُ | |
|
| عَبيرٌ عَلى كافورِ خَدَّيهِ ذائِبُ |
|
وَأَنبَتَ في حِقفِ النَقاخيرُ رانَةً | |
|
| تُقِلُّ هِلالاً أَطلَعَتهُ الذَوائِبُ |
|
سَعَت عَقرَبا صُدغيهِ في صَحنِ خَدِّهِ | |
|
| فَهُنَّ لِقَلبي سالِباتٌ لَواسِبُ |
|
عَجِبتُ لِجَفنَيهِ وَقَد لَجَّ سُقمُها | |
|
| فَصَحَّت وَجِسمي مِن أَذاهنَّ ذائِبُ |
|
وَمِن خَصرِهِ كَيفَ اِستَقَلَّ وَقَد غَدَت | |
|
| تُجاذِبُهُ أَردافُهُ وَالمَناكِبُ |
|
ضَنَيتُ بِهِ حتّى رَثَت لي عَواذِلي | |
|
| وَرَقَّ لِما أَلقى العَدوُّ المُناصِبُ |
|
وَما كُنتُ مِمَّن يَستَكينُ لِحادِثٍ | |
|
| وَلكِنَّ سُلطانَ الهَوى لا يُغالَبُ |
|
سَحائِبُ أَجفانٍ سِوارٍ سَوارِبُ | |
|
| وَأَعباءُ أَشواقٍ رَواسٍ رَواسِبُ |
|
فَهَل لِيَ مِن داءِ الصَبابَةِ مَخلصٌ | |
|
| لَعَمري لَقَد ضاقَت عَلَيَّ المَذاهِبُ |
|
حَلَبتُ شُطورَ الدَهرِ يُسراً وَعُسرَةً | |
|
| وَجَرَّبتُ حَتّى حَنكَتني التَجارِبُ |
|
فَكَم لَيلَةٍ قَد بتُ لا البَدرُ مُشرِقٌ | |
|
| يُضيءُ لِرائيهِ وَلا النَجمُ غارِبُ |
|
شَقَقتُ دُجاها لا أَرى غَيرَ هِمَّتي | |
|
| أَنيساً وَلا لي غَيرُ عَزمِيَ صاحِبُ |
|
بِمَمغوطَةِ الأَنساعِ قَودٍ كَأَنَّها | |
|
| عَلى الرَملِ مِن إِثرِ الأَفاعي مَساحِبُ |
|
وَبَحرٍ تَبَطَّنت الجَواري بِظَهرِهِ | |
|
| فَجُبنَ وَهُنَّ المُقرِباتُ المَناجِبُ |
|
إِلى بَحرِ جودٍ يُخجلُ البَحرَ كَفُّهُ | |
|
| فَقُل عَن أَياديهِ فَهُنَّ العَجائِبُ |
|
إِلى مَلكٍ ما جادَ إِلّا وَأَقلَعَت | |
|
| حَياءً وَخَوفاً مِن يَدَيهِ السَحائِبُ |
|
إِلى أَبلَجٍ كَالبَدرِ يُشرِقُ وَجهُهُ | |
|
| سَناءً إِذا اِلتَفَّت عَلَيهِ المَواكِبُ |
|
تَسَنَّمَ مِن أَعلى المَراتِبِ رُتبَةً | |
|
| تَقاصَرُ عَن أَدنى مَداها الكَواكِبُ |
|
لَنا مِن نَداهُ كُلَّ يَومٍ رَغائِبٌ | |
|
| وَمِن فِعلِهِ في كُلِّ مَدحٍ غَرائِبُ |
|
فَتىً حِصنُهُ ظَهرُ الحِصانِ وَنَثرَةٌ | |
|
| تَكلُّ لَدَيها المُرهَفاتُ القَواضِبُ |
|
مُضاعَفَةٌ حَتّى كَأَنَّ قَتيرَها | |
|
| حُبابٌ حَبتهُ بِالعُيونِ الجَنادِبُ |
|
يُريه دَقيقُ الفِكرِ في كُلِّ مُشكِلٍ | |
|
| مِنَ الأَمرِ ما تُفضي إِلَيهِ العَواقِبُ |
|
أَتَيتُ إِلَيهِ وَالزَمانُ عِنادُهُ | |
|
| عِنادي وَقَد سُدَّت عَلَيَّ المَذاهِبُ |
|
لِيَرفَعَ مِن قَدري وَيَجزِمَ حاسِدي | |
|
| وَأُصبِحَ في خَفضٍ فَكَم أَنا ناصِبُ |
|
فَلَم أَرَ كَفاً عارِضاً غَيرَ كَفِّهِ | |
|
| بِوَجهٍ وَلَم يَزوَرَّ لِلسخطِ حاجِبُ |
|
قَطَعنا نِياطَ العيسِ نَحوَ ابنِ حُرَّةٍ | |
|
| صَفَت عِندَهُ لِلمُعتَفينَ المَشارِبُ |
|
إِلى طاهِرِ الأَنسابِ ما قَعَدَت بِهِ | |
|
| عَنِ المَجدِ مِن بَعضِ الجُدودِ المَناسِبُ |
|
دَعا كَوكَباناً وَالنُجومُ كَأَنَّها | |
|
| نِطاقٌ عَلَيهِ نَظَّمَتهُ الثَواقِبُ |
|
فَرامَ اِمتِناعاً عَنهُ وَهوَ مُرادهُ | |
|
| كَما اِمتَنَعَت عَن خُلوَة البَعلِ كاعِبُ |
|
وَلَيسَ بِراشٌ مِنهُ أَقوى قَواعِداً | |
|
| وَإِن غَرَّ مَن فيهِ الظُنونُ الكَواذِبُ |
|
تَقِلُّ عَلى كُثرِ العَديدِ عُداتُهُ | |
|
| وَتَكثُرُ مِنهُم في النَوادي النَوادِبُ |
|
وَنُصحي لَهُم أَن يَهرُبوا مِن عِقابِهِ | |
|
| إِلَيهِ فَإِنَّ النُصحَ في الدينِ واجِبُ |
|
بَقيتَ فَكَم شَرَّفتَ بِاِسمِكَ مِنبِراً | |
|
| وَكَم نالَ مِن فَخرٍ بِذِكرِكَ خاطِبُ |
|