برقُ الحِمى لاحَ مُجتازاً على الكثُب | |
|
| وَراحَ يَسحبُ أَذيالاً مِن السُحبِ |
|
أَضاءَ وَاللَيلُ قد مُدَّت غياهبُه | |
|
| فاِنجابَ عَن لهبٍ يَذكو وعن ذَهبِ |
|
فَما تحدَّرَ دَمعُ المزنِ من فَرَقٍ | |
|
| حتّى تبسَّم ثغرُ الرَوضِ من طربِ |
|
وَغَنَّت الورقُ في الأَفنان مُطربةً | |
|
| وَهَزَّت الريحُ أَعطافاً من القُضبِ |
|
وَالصبحُ خيَّم في الآفاق عَسكرُهُ | |
|
| وَاللَيلُ أَزمعَ من خَوفٍ على الهَربِ |
|
فَقُلتُ للصَحب قوموا للصَبوح بنا | |
|
| يا طيبَ مُصطَبح فيه وَمُصطَحَبِ |
|
واِستَضحكوا الدَهر عَن لَهوٍ فقد ضحكت | |
|
| كأَسُ المُدامة عَن ثَغرٍ من الحَبَبِ |
|
فَقام يَسعى بها الساقي مُشَعشَعةً | |
|
| كأَنَّها حَلَبُ العُتّاب لا العِنَبِ |
|
حَمراءُ تسطعُ نوراً في زجاجَتها | |
|
| كالشَمسِ في البَدر تَجلو ظُلمة الكُربِ |
|
وَراحَ يثني قَواماً زانَه هَيَفٌ | |
|
| بمعطفٍ من قضيب البانِ مُقتَضَبِ |
|
في فتيةٍ يَتَجلّى بينهم مَرَحاً | |
|
| كأَنَّه البَدرُ بين الأَنجم الشُهبِ |
|
مُهفهفُ القدِّ مَعسولُ اللَمى ثَمِلٌ | |
|
| يَتيهُ بالحُسنِ من عُجب ومن عَجَبِ |
|
لا يَمزجُ الكأسَ الّا من مَراشفِه | |
|
| فاِطرب لما شِئتَ من خمرٍ ومن ضَرَبِ |
|
قَد أَمكنت فُرَصُ اللذّات فاِقضِ بها | |
|
| ما فاتَ منك وَبادر نُهزَةَ الغَلَبِ |
|
واِغنَم زمانَكَ ما صَافاكَ مُنتهِباً | |
|
| أَيّامَ صَفوِكَ نَهباً من يَدِ النوَبِ |
|
ولا تَشُب مَورِداً للأنس فزتَ به | |
|
| بِذكرِ ما قَد قَضى في سالف الحُقبِ |
|
أَنَّ الزَمانَ على الحالينِ مُنقلِبٌ | |
|
| وَهَل رأَيتَ زَماناً غَيرَ مُنقلِبِ |
|
وإنَّما المَرءُ مَن وفَّته همَّتُهُ | |
|
| حظَّيهِ في الدَهرِ مِن جِدٍّ ومن لَعبِ |
|
كَم قلَّبتني اللَيالي في تصرُّفها | |
|
| فَكُنتُ قُرَّةَ عَينِ الفَضلِ والأَدبِ |
|
تَزيدُني نوبُ الأَيّام مكرُمةً | |
|
| كأَنَّني الذَهبُ الإبريز في اللَهبِ |
|
لا أَستَريبُ بعينِ الحقِّ أَدفعُه | |
|
| ولا أُرابُ بغَين الشَكِّ والريبِ |
|
لَقَد طَلبتُ العُلى حتّى اِنتهيتُ إِلى | |
|
| ما لا يُنالُ فَكانَت مُنتهى أَرَبي |
|
حسبي من الشَرف العليا أَرومَتهُ | |
|
| أَن أَنتَمي لِنظام الدين في حَسبي |
|
هَذا أَبي حين يُعزى سيِّدٌ لأبٍ | |
|
| هَيهات ما لِلوَرى يا دَهرُ مثل أَبي |
|
قُطبٌ عليه رَحى العَلياء دائِرَةٌ | |
|
| وَهَل تَدورُ الرَحى الّا عَلى القُطُبِ |
|
كاللَيثِ والغَيثِ في عَزمٍ وفي كَرَمٍ | |
|
| وَالزَهرِ والدَهرِ في بِشر وفي غَضَبِ |
|
مُملَّكٌ تَهَبُ الآلافَ راحتُه | |
|
| فَكَم أَغاثَت بجَدواها من التَعَبِ |
|
أَضحَت به الهِندُ للأَلبابِ سالبةً | |
|
| كأَنَّها هِندُ ذاتُ الدلِّ والشَنَبِ |
|
مولىً إِذا حَلَّ مُحتاجٌ بساحتِه | |
|
| أَغناهُ نائلهُ عَن وابِلٍ سَرِبِ |
|
تَرى مَدى الدَهر من أفضاله عجباً | |
|
| فَنَحنُ كُلَّ شهورِ الدَهر في رَجَبِ |
|
رَقى مِن الذِروةالعَلياءِ شامخَها | |
|
| وحلَّ مِن هاشِمٍ في أَرفَع الرُتَبِ |
|
حامي الحَقيقةِ مِن قَومٍ نوالهُمُ | |
|
| يَسعى الى مُعتقيه سَعي مُكتسِبِ |
|
الباسمُ الثَغرِ والأَبصارُ خاشعةٌ | |
|
| والحَرب تُعولُ والفُرسانُ بالحَرَبِ |
|
يَقومُ في حَومة الهَيجاءِ مُنفرداً | |
|
| يَومَ الكِفاح مَقام العَسكر اللَجِبِ |
|
لَو قابَلته أُسودُ الغاب مُشبلةً | |
|
| لأَدبرَت نادِماتٍ كَيفَ لم تَغِبِ |
|
يَفنى المَقالُ وَلا تَفنى مدائحهُ | |
|
| نظماً ونثراً من الأَشعار والخُطَبِ |
|
لا زالَ غَوثاً لِمَلهوفٍ ومُعتَصماً | |
|
| لخائِفٍ وَنجاةَ الهالِكِ العَطِبِ |
|
ما رَنَّحت نَسماتُ الريح غصنَ رُبىً | |
|
| وأومضَ البَرقُ مُجتازاً على الكُثُبِ |
|