كَفى بِهِ جائِراً في الحُكمِ ما عَدلا | |
|
| لَو كانَ يَسمَع في أَحبابِهِ عَذلا |
|
أَو راحَ يُضمِرُ سُلواناً بِخاطِرِهِ | |
|
| عَن مائِساتِ قُدودٍ تُخجِلُ الأَسَلا |
|
بَل كَيفَ يَصحُو غَراماً أَو يُفيق هَوىً | |
|
| مَن باتَ بِالأَحورِ العَينينِ مُشتَغِلا |
|
فَما الهَوى غَيرُ أَجفانٍ مُسَهَّدَةٍ | |
|
| تَهمي وَقَلبٌ بِنيران الأَسى شُعِلا |
|
وَلا الغَرامُ سِوى وَجدٍ نُكابِدُهُ | |
|
| إِلى الحِمى يا سَقى اللَه الحِمى نَهَلا |
|
حِمى دِمَشق سَقاها غَيرَ مُفسِدِها | |
|
| صَوبُ الغَمامِ وَروّى أَرضَها عَلَلا |
|
حَتّى تَظَلُّ بِها الأَرجاءُ باسِمَةً | |
|
| وَيَضحَكُ النَورُ في أَكمامِهِ جَذِلا |
|
وَخَصَّ بِالجانِب الغَربيِّ مَنزِلَةً | |
|
| لَبِستُ فيها الشَبابَ الرَوقَ مُقتَبِلا |
|
مَغنى الهَوى وَمَغاني اللَهوِ حَيثُ بِهِ | |
|
| مَهاً إِذا طَلعت بَدرُ السَما أَفَلا |
|
تِلكَ المَنازِلُ لا شَرقِيِّ كاظِمَةٍ | |
|
| وَلا العَقيقُ وَلا شِعبُ الغُوير وَلا |
|
دِيارُ كُلِّ مَهاةٍ كَم أَقولُ لَها | |
|
| وَالصَبرُ يَنحَلُ في جِسمي كَما نَحَلا |
|
بِما بِعينيكِ مِن سِحرٍ صلى دَنفاً | |
|
| يَهوى الحَياةَ وَأَمّا إِن صَدَدتِ فَلا |
|
اللَهُ يَعلَمُ أَنّي بَعدَ فُرقَتِها | |
|
| فارَقتُ شَرخَ الصِبا وَاللَهو وَالغَزَلا |
|
ما كُنتُ لَولا طِلاب المَجدِ أَهجرُها | |
|
| هَجرَ اِمرئٍ مُغرَمٍ بِالراح كاس طِلا |
|
وَلا تَخيَّرتُ أَرضَ الرُومِ لِي سَكَناً | |
|
| وَلا تَعوّضتُ عَنها بِالصِبا بَدَلا |
|
وَلا اِمتَطَيتُ عِتاقَ الخَيلِ رامِيَةً | |
|
| بِيَ المَوامي تَجوبُ السَهلَ وَالجَبَلا |
|
مِن كُلِّ طِرفٍ تَفوقُ الطَرفَ سُرعَتُهُ | |
|
| وَسابِحٍ مِثلَ سِيدِ الرَملِ ما عَسَلا |
|
إِذا تَطَلَّع مِن لُجِّ السَرابِ يُرى | |
|
| بَدراً غَدا بِهِلال الأُفقِ مُنتَعِلا |
|
مَهما اِعتَسفت بِهِ أَقطار طامِسَةٍ | |
|
| لِلجنِّ تَسمَعُ في أرجائِها زَجَلا |
|
يَجتابُها كَالرِياح الهُوجِ عاصِفَةً | |
|
| وَيَنثَني وَخِضابُ اللَيلِ ما نَصَلا |
|
هَذا وَكَم مَنهَلٍ عَذبٍ مَوارِده | |
|
| وَردتُهُ وَالقَطا الكُدريِّ ما نَهَلا |
|
وَاللَيلُ مُلقٍ عَلى المُوماتِ كَلكَلُهُ | |
|
| كَأَنَّهُ راهِبٌ في مسحِهِ اِشتَمَلا |
|
وَالنَجمُ مُلقىً عَلى الآفاقِ تَحسَبُهُ | |
|
| حَيرانَ مِثلَ السُرى لا يَهتَدي سُبُلا |
|
كَلفتُهُ طامِياً زرقُ الحَمامِ بِهِ | |
|
| فَصَدّ مُستَنفِراً عَنهُ صُدودَ قِلى |
|
وَمَرَّ كَالكَوكَبِ الدُرّيّ جَرّدَهُ | |
|
| غَيمٌ تَقَشَّع عَنهُ بَعدَما هَطَلا |
|
حَتّى أَتى بِهِ أَرضَ الرومِ مُنتَجِعاً | |
|
| رَوضاً أَريضاً وَماءً بارِداً وَكَلا |
|
وَقالَ بُشراكَ رَوضُ الفَضلِ قُلتُ لَهُ | |
|
| رَوضُ اِبنِ بُستانٍ وَمَولانا فَقالَ بَلى |
|
هُوَ الجَواد الَّذي سارَت مَواهِبُهُ | |
|
| تَدعو العُفاةَ إِلى نُعمائِها الجَفَلى |
|
وَالبَحرُ لَو فاضَ يَوماً فَضل نائِله | |
|
| عَلى جَميع البَرايا عَنهُمُ فَضَلا |
|
وَالبَدرُ أَشرَقَت الدُنيا بِطَلعَتِهِ | |
|
| في طالِعٍ حَسَنٍ بِالسَعدِ قَد كُمُلا |
|
وَالدَهرُ حِصنُ أَمانٍ مِن نَوائِبِهِ | |
|
| فَلُذ بِأَعتابِهِ ما حادثٌ نَزَلا |
|
تَجِدهُ طَودَ عُلومٍ لَو يُوازِنُهُ | |
|
| هِضابُ سَلمى لَخَفّت عَنهُ إِذ ثَقُلا |
|
لا تَزدَهيهِ مِنَ الدُنيا مَطامِعُها | |
|
| وَلا يُرى بِسِوى إِعطائِها جَذِلا |
|
مِن سادَةٍ وَرِثوا العَلياءَ وَاِقتَسَموا | |
|
| مَآثر المَجدِ مِنها سُؤدُداً وَعُلا |
|
أَغَرّ طَلق المُحَيّا زانَهُ خُلُقٌ | |
|
| كَالرَوضِ أَزهَرَ أَحوى يانِعا خَضِلا |
|
ذُو مَنطِقٍ لَو دَعى قُسٌّ فَصاحَتُهُ | |
|
| ما قام وَسطَ عُكاظ قَطُّ مُرتَجِلا |
|
وَفِكرَةً ما سَرَت في لَيلِ غامِضَةٍ | |
|
| إِلّا تَجَلّت لِأَفهام الوَرى بِجَلا |
|
وَشيمَةٌ عَذبَةٌ لَو مازَجَت كَرَماً | |
|
| خُلُقَ الزَّمانِ المُجافي لانَ وَاِعتَدَلا |
|
لَمّا أَتيتُ حِماهُ الرَحبَ أَنزَلَني | |
|
| مِنهُ وَأَكرَمني في ظِلّه نُزلا |
|
وَمدّ نَحوي يَداً بَيضاءَ ذاتَ نَدىً | |
|
| لا تَعرِفُ المَطلَ وَالإِعسار وَالبَخَلا |
|
فَراحَ يَغبطني كُلُّ الأَنامِ عَلى | |
|
| مُنىً بلَغتُ بِها من دَهرِيَ الأَمَلا |
|
وَالحَمدُ لِلَهِ هَذا الغَيثُ أَوّلُهُ | |
|
| قَطرٌ وَآخِرُهُ تَلقاهُ مُنهَمِلا |
|
وَهاكِها مِن بَناتِ الفِكرِ غانِيَةً | |
|
| شامِية الأَصلِ مَهما سائِلٌ سَأَلا |
|
غَريبَةً في بلاد الرومِ لَيسَ لَها | |
|
| كُفؤاً سِواكَ فَأَنفذ مَهرها عَجِلا |
|
فَغَيرُ حرٍّ كَما قَد قيلَ من مَطَلا | |
|
| يا من إِذا وَهبَ الدُنيا فَقَد بَخِلا |
|
لا زِلتَ في نِعمَتي عِيدٍ وَعائِدَةٍ | |
|
| كَما تَشَأ وَبَنُوكَ السادَةُ الفُضَلا |
|
ما شامَ بالرومِ بَرقُ الشامِ ذُو شَجَنٍ | |
|
| يَصبُو إِلى وَطَنٍ ما عَنهُ قَطّ سَلا |
|