شامَ بَرقُ الشامِ بِالروم جَزُوعا | |
|
| فَاِنبَرَت أَجفانُهُ تذري الدُموعا |
|
هَبَّ مِن عَليا دِمَشقٍ مَوهِناً | |
|
| هَبَّةَ المِصباحِ في اللَيلِ ذَريعا |
|
|
| وَأَتى الروم سُرى الأَيمِ جَزُوعا |
|
خَفَقَت راياتُهُ في أُفقِهِ | |
|
| خَفَقانَ القَلبِ قَد أَمسى مَرُوعا |
|
وَقَعَت شُعلَتُهُ وَسطَ الحَشا | |
|
| وَسَناهُ طالَ في الجَوِّ رَفيعا |
|
لَيسَ يَدري وَقعَها غَيرُ شَجٍ | |
|
| فارَقَ الأَوطان مِثلي وَالرُبوعا |
|
أَو مُعَنّىً بِهَوىً تَيَّمَهُ | |
|
| مِن غَزالٍ راحَ لِلوَصلِ مَنوعا |
|
يُخجِلُ الشَمسَ سَناءً وَسَنا | |
|
| وَمَهاةَ الرَملِ جِيداً وَتَليعا |
|
أَسهَرَ الجَفنَ خَلِيّاً عَن كَرىً | |
|
| مُقلَةً لَم تُطعَمِ النَومَ هُجُوعا |
|
كَيفَ يَكرى ناظِرٌ فارَقَهُ | |
|
| ناظِرُ العَيشِ مِنَ اللَيلِ هَزيعا |
|
وَشَبابٍ شَرخُهُ مُقتَبلٌ | |
|
| كانَ في الصَدِّ لَدى العَبدِ هَزيعا |
|
لَم يَكُن إِلّا كُحُلمٍ وَاِنقَضى | |
|
| أَو خَيالٍ في الكَرى مَرَّ سَريعا |
|
أَزمَعَت حَسرَتُهُ لا تَنقَضي | |
|
| آهِ ما أَعجَلَ ما وَلّى زَميعا |
|
لَستُ أَرضى مِنَّةَ السُقيا لَهُ | |
|
| وَسَحابُ الجفنِ يَسقيهِ الرَبيعا |
|
وَالَّذي هاجَ الجَوى قَمَرِيَّة | |
|
| بِالضُحى تَهتِفُ بِالأَيكِ سُجوعا |
|
كُلَّما ناحَت عَلى أَفنانِها | |
|
| هاجَتِ الصَبَّ غَراماً وَوُلُوعا |
|
وَإِذا غَنَّت لَهُ عَنَّت لَهُ | |
|
| ذِكرَةٌ لِلشامِ زادَتهُ نُزوعا |
|
يا سَقى اللَهُ حِماها وَابِلاً | |
|
| مُسبِلَ الطَرفِ مِنَ الغَيثِ هَمُوعا |
|
حَيثُ ربعُ اللَهوِ مِنها آهِلٌ | |
|
| وَالمَغاني في مَغانيها جَميعا |
|
كُلُّ رودٍ أُلبِسَت شَرخَ الصِبا | |
|
| وَكَساها الحُسنُ ديباجاً بَديعا |
|
لَم يَرعَها غَيرَ رَيعان الصِبا | |
|
| وَهَوىً إِن تَدعُهُ لَبّى مُطيعا |
|
كَم لَنا فيهِنَّ مِن بَهنانَةٍ | |
|
| وَلعَ القَلبُ بِها خوداً سَموعا |
|
لَستُ أَنسى ساعَةَ التَوديعِ إِذ | |
|
| وَقَفَت في مَوقفِ البينِ خَضُوعا |
|
وَهيَ تُذري لُؤلُؤاً مِن نَرجِسٍ | |
|
| فَوقَ وَردٍ كادَ طيباً أَن يَضُوعا |
|
عَلِقتَ ذَيلي وَخانَتها القُوى | |
|
| فَاِنثَنَت مِن وَقعَةِ البينِ صَريعا |
|
وَأَفاقَت وَبِها رسّ الجَوى | |
|
| ثُمَّ قالَت وَشَكَت دَهراً خَدوعا |
|
لا رَعى اللَهُ المَعالي مَطلَباً | |
|
| كَم تَرى مُغرى بِها صَبّاً وَلوعا |
|
كُنتَ لي بَدراً مُنيراً فَاِختَفى | |
|
| في سِرارٍ بَعدَ ما سرَّ طُلوعا |
|
وَشَباباً لاحَ بَدراً عِندَما | |
|
| أَشعَلَ الرَأس سَناً راحَ مريعا |
|
أَيُّها الظاعِنُ وَالقَلبُ عَلى | |
|
| إِثرِهِ مُذ سارَ ما زالَ هَلوعا |
|
لا تَكُن لِلعَهدِ بَعدي ناسِياً | |
|
| يا حَياتي وَاِعطِفَن نَحوي رُجُوعا |
|
وَإِذا لَم تَرعَ عَهدي فَاِذكُرَن | |
|
| عَهدَ مِن خَلّفتَ وَالطفلَ الرَضيعا |
|
كَيفَ تَنسى زَينَباً أَو أُختَها | |
|
| كُلَّما قالَت أَبي أَذَرَت دُموعا |
|
لَهُما مِنكَ وَإِن طالَ المَدى | |
|
| ذِمَّةٌ تُرعى وَعَهدٌ لَن يَضيعا |
|
وَشَفيعُ الدَمعِ يَجري دُرَراً | |
|
| مِثلَ دُرٍّ وَقعُهُ يَحكي الصَقيعا |
|
قُلتُ هَيهاتَ شَفيع أَو أَرى | |
|
| فَضلَ سَعدِ الدينِ فيهِنَّ شَفيعا |
|
سَعدُ دينِ اللَهِ مَجلى سِرِّهِ | |
|
| في ظُهورٍ بَلَغَ السَقفَ الرَفيعا |
|
مُظهِرُ الأَلطافِ فَيّاضُ النَدى | |
|
| عَن أَيادٍ تُخجِلُ الغَيثَ الرَبيعا |
|
عالمٌ عَذبُ السَجايا ناسكٌ | |
|
| كُلَّما اِزدادَ تُقىً زادَ خُشوعا |
|
قانِتٌ لِلّهِ فيهِ خِشيَةٌ | |
|
| يَقطَعُ اللَيلَ قِياماً وَرُكوعا |
|
طاهِرُ الشيمةَ عَفُّ الذَيلِ لا | |
|
| يَزدَهيهِ جانِبا الدُنيا مُريعا |
|
مُستَنيرُ الرَأيِ مَرهوبُ الحِجى | |
|
| أَريَحِيُّ الجود كَم أَولى صَنيعا |
|
قَد حَمى الإِسلام مِنهُ صارِمٌ | |
|
| فَلَّ عَنّا حادِثَ الخَطبِ شَنيعا |
|
وَيَراعٍ ينظِمُ الشُهبَ وَإِن | |
|
| نَثَرَ الدُرَّ كَسا الرَوضَ وَشيعا |
|
ما مَشى في الطِرسِ إلّا خِلتَهُ | |
|
| أَرقَماً يَنسابُ في الرَوضِ ضَليعا |
|
يَنفُثُ الأَريَ لراجي وُدِّهِ | |
|
| وَلِباغي ضِدِّهِ السُمَّ النَقيعا |
|
مُذ رَسا لِلملكِ طَوداً لَم يَزَل | |
|
| رُكنهُ مِن حادِثِ الدَهرِ مَنيعا |
|
يَحتَبي الحُلمَ بِحِقوَيهِ إِذا | |
|
| زَعزَعت عاصِف ريحِ الطَيشِ ريعا |
|
أَيُّها السالِكُ مِن نَهجِ الهُدى | |
|
| طُرُقَ الحَقِّ دَعِ المَشيَ هَيوعا |
|
وَاِستَبِق سدَّةَ سَعد نورها | |
|
| قَد بَدا مِن أُفقِ الحَقِّ صَديعا |
|
الإِمامُ المُجتَبى سَعدُ الوَرى | |
|
| فَهوَ مَن يَنتَظِرُ القَومَ تَبيعا |
|
صاحِبُ الخيرَةِ وَالنُور الَّذي | |
|
| مَلَأَ الآفاقَ وَالكَونَ شُيوعا |
|
هُوَ ظِلُّ الظِلِّ وَالظلُّ كَما | |
|
| قيلَ عَينُ الشَمسِ إِن كُنتَ سَميعا |
|
لَيسَ تَخفي ذاتُهُ إِلّا عَلى | |
|
| أَكمهٍ لا يَعرِفُ الصُبحَ الصَديعا |
|
رُتَبٌ تَسقطُ حَسرى دونَها | |
|
| مُستَطيلاتُ الأَمانيّ وُقوعا |
|
لَم تُنَل بِالسَعيِ كلّا إِنَّما | |
|
| هُوَ فَضلُ اللَهِ فيهِ قَد أُذيعا |
|
أَيُّها المَولى الَّذي أَعتابُهُ | |
|
| لِأُلي العِلمِ غَدَت ربعاً وَسيعا |
|
وَأَقامَ السَعدُ في أَكنافِها | |
|
| بَيتَ فَضلٍ حَجّهُ الناسِ رَفيعا |
|
رُكنُهُ رُكنٌ لَنا مُلتَزَمٌ | |
|
| وَحِماهُ حَرَمٌ يُلفى مَنيعا |
|
فَبنو الآمال طافَت حَولَهُ | |
|
| تَبتَغي مِن فَضلِهِ الفَضلَ نُجوعا |
|
وَبَنو الآداب في ساحاتِهِ | |
|
| قَد أَقامَت تُنشئُ الوَشيَ البَديعا |
|
وَمُلوكُ النَظمِ وَالنَثر بِها | |
|
| هَيبَةٌ مِن نُطقِهِ تُبدي الخُضوعا |
|
يا لَها أَكنافُ سَعدٍ أَصبَحَت | |
|
| يَذكُرُ الفَضلَ حِماها وَالرَبيعا |
|
فَاِبنُ عَبّادٍ لَوِ اِجتازَ بِها | |
|
| لَرَأى فَضلاً يُنسّيهِ البَديعا |
|
وَدَرى أَنّ المَعالي لَم تَكُن | |
|
| تَحتَ حَصر العَصر بَل فَضلٌ أُشيعا |
|
فَلَعَمري إِنَّ مَغناها لَنا | |
|
| جَنَّةٌ أَنهارُها تَجري نُبوعا |
|
أَبتَغي فيها مُقامي مِثلَ ما | |
|
| يَبتَغي فَضلكَ في الدُنيا الشُيوعا |
|
وَلِساني عَنكَ يَهوى السرَّ كي | |
|
| يَنثُر الإِحسانَ في الأَرضِ مشيعا |
|
بَينَ أَقطار دِمَشق وَيَرى | |
|
| مَنزِلاً فارَقَهُ الجِسم جَزوعا |
|
ما شَرِبنا الماءَ كَلّا وَالكَلا | |
|
| مُنذُ عامَينِ وَحَسبي أَن أَضيعا |
|
ما لَهُم ثَمَّ سِوى مَولاهُم | |
|
| ثُمَّ هَذا العَبدُ فَاِرسِلهُ سَريعا |
|
لا بَرِحتَ الدَهرَ ردّافَ العَطا | |
|
| عَن أَيادٍ تُخجِلُ السحبَ صَنيعا |
|
بَينَ إِقبالِ وَعيدٍ عايِدٍ | |
|
| بِأَمانٍ في زَمانٍ ما أُريعا |
|
وَبَنُوكَ الغُرُّ ساداتُ الوَرى | |
|
| في الوَرى طابُوا أصولاً وَفُروعا |
|
ما صَبا صَبٌّ إِلى أَوطانِهِ | |
|
| نازِحُ الدار وَاِشتاقَ رُبوعا |
|