مَعَاهِدُهُمْ بالأبْرقَيْنِ هَوَامِدُ | |
|
| رُزقْنَ عِهَادَ المُزْنِ تِلكَ المعاهِدُ |
|
ولولا احمرارُ الدَّمعِ ما انبعثتْ لَهَا | |
|
| سَحَائِبُ دَمْعٍ بالحَنينِ رَوَاعِدُ |
|
وَقَفْتُ بِهَا والوَحْشُ حَوْلي كأنَّني | |
|
| بِهِنَّ مَلِيكٌ حَولَهُ الجُنْدُ حَاشِدُ |
|
أُسَرِّحُ في أكنافِها الطرفَ لا أرَى | |
|
| سِوَى أَشْعَثٍ شَجَّتْهُ أَمسِ الولائِدُ |
|
وإلاّ ثلاثاً كالحَمَائِمِ جُثَّماً | |
|
| ونُؤْياً عَفَتْهُ الدَّاهِيَاتُ العَوائِدُ |
|
وأَسْأَلُها عن أَهْلِها ثمَّ لا تُحِرْ | |
|
| جَوَاباً وهل يَسْتَنْطِقُ العُجْمَ ناشِدُ |
|
لكَ الخيرُ لا تذهبْ بحِلْمِكَ دِمْنةٌ | |
|
| مَحاها البِلَى واستوطَنَتْها الأَوَابِدُ |
|
فَمَا هِيَ إنْ خاطبتَها بمُجيبَةٍ | |
|
| وإنْ جَاوبَتْ لم تُشْفِ ما أَنتَ وَاجدُ |
|
ولكنْ هَلُمَّ الخَطْبُ في رُزْءِ سَيِّدٍ | |
|
| قضَى ظَمَأً والماءُ جَارٍ ورَاكِدُ |
|
كَأَنِّي بِهِ في ثُلَّةٍ من رِجَالِهِ | |
|
| كما حَفَّ بالليثِ الأُسُودُ اللوابِدُ |
|
يَخُوضُ بِهِمْ بَحْرَ الوغَى وكأنَّهُ | |
|
| لِوَاردِهِ عَذْبُ المجاجَةِ بَارِدُ |
|
إِذَا اعْتَقَلُوا سُمْرَ الرِّمَاحِ وجَرَّدُوا | |
|
| سُيوفاً أَعَارتْها البُطُونَ الأَساوِدُ |
|
فليسَ لها إلاّ الصُدورُ مَرَاكِزٌ | |
|
| وليسَ لهاإلاَّ الرُؤُوسُ مَغَامِدُ |
|
يُلاقُونَ شَدَّاتِ الكُمَاةِ بِأنفُسٍ | |
|
| إذَا غَضِبَتْ هَانَتْ عليها الشَّدَائِدُ |
|
إلى أنْ ثَوَوْا في الرمْلِ صَرْعَى كأنَّهُمْ | |
|
| نَخيلٌ أَمَالتْهُنَّ أَيْدٍ عَوَاضِدُ |
|
أُولَئِكَ أَربَابُ الحِفَاظِ سَمَتْ بِهِمْ | |
|
| إلى الغايَةِ القُصْوَى النفوسُ المَوَاجِدُ |
|
ولم يبقَ إلاَّ واحدُ الناسِ واحِداً | |
|
| يُكابِدُ مِنْ أَعْدائِهِ ما يُكَابِدُ |
|
يكُرُّ فينثالونَ عنه كأنَّهُمْ | |
|
| مَهاً خلفَهُنَّ الضَّارياتُ شَوَارِدُ |
|
يحامي وَرَاءَ الطَّاهِراتِ مُجَاهِداً | |
|
| بأَهْلي وبي ذَاكَ المحامِي المجَاهِدُ |
|
فما الليثُ ذُو الأشْبَالِ هِيجَ على الطَّوَى | |
|
| بأشجعَ منه حِينَ قَلَّ المُسَاعِدُ |
|
ولا سمعتْ أُذْني ولا أُذْنُ سَامِعٍ | |
|
| بأثبتَ منهُ في اللّقا وَهْو وَاحِدُ |
|
إلى أنْ أسَالَ الطعنُ والضربُ نفسَهُ | |
|
| فخرَّ كما أهوَى إلى الأَرضِ سَاجِدُ |
|
فلَهْفاً لَهُ والخيلُ مِنْهنَّ صَادِرٌ | |
|
| خَضِيبُ الحَوَامِي من دِمَاهُ وَوَارِدُ |
|
فَأَيُّ فتًى ظلَّتْ خُيُولُ أُميَّةٍ | |
|
| تُعَادِي على جُثْمانِهِ وتطارِدُ |
|
وأَعظمُ شَيءٍ أنَّ شِمْراً لَهُ على | |
|
| جَنَاجِن صَدْرِ ابنِ النبيِّ مَقَاعِدُ |
|
فَشُلَّتْ يَدَاهُ حينَ يفرِي بسيفِهِ | |
|
| مُقَلَّدَ مَنْ تُلقَى إليهِ المَقَالِدُ |
|
وإنَّ قتيلاً أَحرزَ الشِّمْرُ شِلْوَهُ | |
|
| لأكرمُ مَفقودٍ يُبَكِّيه فَاقِدُ |
|
لَقَىً بِمحاني الطفِّ شِلْواً ورأسُهُ | |
|
| ينوءُ بِه لَدْنٌ من الخَطِّ وارِدُ |
|
وَلَهْفي على أنصارِهِ وحُمَاتِهِ | |
|
| وهُمْ لِسَرَاحِينِ الفَلاةِ مَوَائِدُ |
|
مُضمَّخةٌ أَجْسادُهُم فكأنّما | |
|
| عَلَيهنَّ من حُمْرِ الدَّماءِ مَجَاسِدُ |
|
تضيءُ بِهِمْ أكنافُ عَرْصةِ كربلا | |
|
| وتُظلِمُ منهم أَرْبُعٌ ومَشَاهِدُ |
|
فيا كربلا طُلْتِ السَّمَاءَ وربّما | |
|
| تنَاولَ عفواً حَظَّ ذي السعيِ قَاعِدُ |
|
لأَنتِ وإن كُنْتِ الوضيعةَ نِلْتِ مِنْ | |
|
| جَوارِحِهِمْ ما لمْ تَنَلْهُ الفَرَاقِدُ |
|
سُرُرتِ بِهِمْ أنْ آنَسُوكِ وسَاءَني | |
|
| مَحَارِيبُ مِنْهُمْ أَوْحَشَتْ ومَسَاجِدُ |
|
بذا قضتِ الأيَّامُ ما بينَ أهلِها | |
|
| مَصَائِبُ قَوْمٍ عندَ قَومٍ فَوَائدُ |
|
لِيهنَكِ أنْ أَمْسى ثَرَاكِ لطيبهِ | |
|
| تُعطَّرُ منهُ في الجِنَانِ الخَرَائِدُ |
|
وإِنْ أَنْسَ لا أنْسَى النِّسَاءَ كأنَّها | |
|
| قَطاً رِيعَ عَنْ أوكارِهِ وَهْو هَاجِدُ |
|
خَوَارِجُ من أبياتِها وَهْي بَعْدَها | |
|
| لأرجَاسِ حَرْبٍ بالحريقِ مواقِدُ |
|
سَوَافِرُ بعد الصَّونِ مَا لوجوهِهَا | |
|
| بَرَاقِعُ إلاَّ أَذْرُعٌ وسَوَاعِدُ |
|
إذا هُنَّ سُلِّبْنَ القَلائِدَ حُدِّدَتْ | |
|
| من الأَسْرِ في أَعْناقِهِنَّ قَلائِدُ |
|
وتُلْوَى على أَعْضَادِهِنَّ مَعَاضِدٌ | |
|
| من الضَّرْبِ إذْ يُبتَزُّ منها المَعَاضِدُ |
|
نَوَادِبُ لو أنَّ الجِبَالَ سَمِعْنَها | |
|
| تداعَتْ أَعَاليهنَّ فَهْي سَوَاجدُ |
|
إِذا هُنَّ أَبْصَرنَ الجُسُومَ كأنَّها | |
|
| نجُومٌ على ظَهْرِ الفَلاةِ رَوَاكِدُ |
|
وَشِمْنَ رُؤُوساً كالبدورِ تُقِلُّها | |
|
| رِمَاحٌ كأَشْطَانِ الرَّكيِّ مَوَارِدُ |
|
تَدَاعَينَ يَلْطِمنَ الخُدُودَ بعَوْلةٍ | |
|
| تُصَدَّعُ منها القاسِياتُ الجَلامِدُ |
|
ويَخمشْنَ بالأَيدي الوجوهَ كأنَّها | |
|
| دَنانيرُ أَبْلاهُنَّ بالحَكِّ نَاقِدُ |
|
وظِلْنَ يُرَدِّدْنَ المَنَاحَ كأنَّما | |
|
| تَعلَّمَ منهنَّ الحَمَامُ الفَواقِدُ |
|
فَمَا الوُرْقُ بَزَّتْها البُزَاةُ فِراخَها | |
|
| وحَلأَّها عن حَوْمَةِ الوَكْرِ صَائِدُ |
|
ولا رُزَّحٌ هِيمٌ تكادُ قلوبُها | |
|
| تطيرُ إذا عنَّتْ لهنَّ المَوارِدُ |
|
تَهُمُّ بِوِرْدِ الماءِ ثمَّ يردُّها | |
|
| أُخَيْرقُ مَرْهُوبُ البَسَالةِ ذَائِدُ |
|
يدافعُها عن وِرْدِها وَهْي لا تني | |
|
| تُدافعُهُ وَهْو الأَلَدٌّ المُعَانِدُ |
|
فَيُرْجِعُها حَرَّى القُلُوبِ كأنَّما | |
|
| يُؤجِّجُ في أَحْشَائها النارَ وَاقِدُ |
|
بأكثرَ منها تلكَ نَوْحاً وهَذهِ | |
|
| حَنيناً وأنَّى والعُيُونُ جوامِدُ |
|
فَيَا وَقْعَةً ما أَحْدَثَ الدهرُ مثلَها | |
|
| يُبيدُ الليالي ذِكْرُها وَهْو خَالِدُ |
|
لأَلبَسْتِ هَذَا الدينَ أثوابَ ذِلَّةٍ | |
|
| ترثُّ لها الأيامُ وَهْي جَدَائِدُ |
|
لَحَى اللهُ قيساً قيْسَ عَيْلانَ إنني | |
|
| عليهم لَمسجُورُ الحشاشةِ حَاقِدُ |
|
لأُمِّهِمُ الويلاتُ ما ذَنبُ هَاشِمٍ | |
|
| عليهم أَمَا كَفُّوا إِذَا لم يُسَاعدوا |
|
أَغَرْتُمْ فحلَّلْتُمْ أَوَاصِرَ بينَكم | |
|
| لها مُضَرٌ في سَالِفِ الدهرِ قَاعِدُ |
|
وَأَبكيتُمُ جَفْنَ النبيِّ مُحمَّدٍ | |
|
| ليضحكَ كَلْبٌ من أُميّةَ قَاعِدُ |
|
أُميّةُ هُبِّي من كَرَاكِ فما جنَى | |
|
| كفعلِكِ جَانٍ وَهْو مثلُكِ رَاقِدُ |
|
لأَغْرَقتُمُ في رَمْي هَاشِمَ بَعْدَمَا | |
|
| أَحلُّوكُمُ حَيثُ السُّهَا والفَرَاقِدُ |
|
على غَيْرِ شَيءٍ غيرَ أنكُمُ مَعاً | |
|
| إذَا حَصَّلَ الأَنْسَابَ كَفٌّ وسَاعِدُ |
|
خَلا أَنْهُمْ أَولَى بِكُمْ من نُفُوسِكُمْ | |
|
| بِنَصٍّ من التنزيلِ واللّهُ شَاهِدُ |
|
أَنَالَهُمُ ما لم يُنِلكُمْ إلهُهم | |
|
| فكُلُّكُمُ بَادي العَدَاوةِ حَاسِدُ |
|
أَمَا وأبي لَوْلا تَأَخُّرُ مُدَّتي | |
|
| وأنّ الذي لم يقضِهِ اللهُ كائِدُ |
|
لأَلفيتُمونِي في رِجَالٍ كأنَّهُمْ | |
|
| لُيُوثٌ بِمُسْتَنِّ النِّزَالِ حَوَارِدُ |
|
بأيمانِنَا بِيضٌ كأنَّ مُتُونَها | |
|
| إِذا اطَّردَتْ أَموَاهُهُنَّ مَبَارِدُ |
|
وخَطِّيّةٌ مُلْسُ المُتُونِ كأنَّما | |
|
| أسنّتُها مما شَحَذْنَ مَفَاصِدُ |
|
نُطَاعنُكُمْ عنهُمْ بِهذي فإنْ نَبَتْ | |
|
| عَوامِلُها مِلْنا بتلكَ نُجَالِدُ |
|
لَعمرُ أبي الخَطيِّ إنْ عَزَّ نصرُكُمْ | |
|
| عليهِ فلم تعزُزْ عليهِ القَصَائِدُ |
|
من اللائِي يُدْنِينَ الخَليَّ من الأَسَى | |
|
| ويترُكْنَ مَثْلوجَ الحَشَا وَهْو وَاجِدُ |
|
فدونَكُمُ آلَ النبيِّ فَرَائِداً | |
|
| تَذِلُّ لها في سلكِهنَّ الفَرَائِدُ |
|
لَهُنَّ على غَيرِي إبَاءةُ مُكْرهٍ | |
|
| ويقتادُها عن طَاعَةٍ لِيَ قَائِدُ |
|
يُزيرُكُمُوها من فُرُوع ربيعةٍ | |
|
| فتًى عَرَّقتْ فيهِ الرجالُ الأَمَاجِدُ |
|
يَمُدُّ بِضِبْعَيهِ إلى أَمَدِ العُلا | |
|
| إذا ما انتمَى جَدٌّ كريمٌ ووَالِدُ |
|
إِذا شِئْتُ جَارَاني بِمِضْمارِ مدحِكمْ | |
|
| جَوَادَان لا يَشْنَاهُمَا الدهرَ طاردُ |
|
إِذا ركَضَا كَانَ المُصَلَّيُّ منهما الْ | |
|
| فَتَى حَسَنٌ والسابقُ الفحلُ مَاجِدُ |
|
هما أَرضَعَاني دُرَّةَ اللطفِ يافعاً | |
|
| فَهَا أنَذا والحمدُ للّهِ راشِدُ |
|