مَا بَالُ عينِكَ لا تَجُودُ بِمَائِهَا | |
|
| والنَّفْسُ قد طُوِيَتْ على غَمَّائِها |
|
هَذِيْ القُلُوبُ على شَجَاها أُوكِيَتْ | |
|
| أفما على الأَجْفَانِ حَلُّ وِكَائِها |
|
ما آنَ للأَجفانِ أَنْ تَعدَى على | |
|
| رَمْضَاءِ أكْبَادٍ بِرَشْحِ إِنَائِها |
|
لا يَسْتَريحُ القلبُ عندَ شُجُونِهِ | |
|
| إلاّ إلى الأجْفَانِ عند بكائها |
|
فإذا غَليلُ الحُزْنِ أَعْطَشَ مُهْجةً | |
|
| فعَلَى دُمُوعِ العَينِ رَيُّ ظِمائِها |
|
عَقَّتْكَ عَينٌ لم تَجُدْ بِدِمَائِها | |
|
| فَضْلاً لها عن أَنْ تَضنَّ بِمَائِها |
|
يا قَدْ أَسَأْتَ لأُسْرَةٍ فَسَدتْ بنُو الدْ | |
|
| دُنْيا بأخذِ الدَّهرِ من صُلَحَائِها |
|
لَمَّا استمرَّ بأكلِ مُعْظَمِها انْثَنَى | |
|
| يُشْلِي ضَوَارِيْهِ على أشْلائها |
|
فلكلِّ يومٍ غَارةٌ في ذَوْدِهَا | |
|
| شَعْواءُ تعقبُ صَيحةً في شائها |
|
أَخْلَى مَجَاثِمَ أُسْدِها منها فَلَمْ | |
|
| يمنعْهُ أن أَخلَى كِنَاسَ ظِبَائِها |
|
تِلكَ النَّوادِبُ لا يفيقُ السَّمعُ مِنْ | |
|
| غَوغاءِ رنَّتِها ولا ضَوْضَائِها |
|
فَعُوَاءُ مُشْبِلةٍ على أَجْدائِها | |
|
| وبُغَامُ مُطفِلةٍ على أطْلائِها |
|
لَتكرَّهَتْ نفسي البقاءَ وإنني | |
|
| لأرَى النُّفوسَ تَحومُ حولَ بَقَائِها |
|
مَرضَتْ بصحّتِها فلم أَرَ قبلَها | |
|
| نَفْساً دَوَاءُ الخلقِ أَقتلُ دَائِها |
|
واستَعْذَبتْ مُرَّ الرَّدَى واستوخَمتْ | |
|
| طِيبَ الحياةِ على عَذِيِّ هوائِها |
|
أَوَتشتَهي النفسُ الحياةَ وغارةُ الْ | |
|
| أيّامِ من قُدَّامها وورائِها |
|
أَشَجاً يُغَاديها إذا هيَ أَصْبَحَتْ | |
|
| وأسىً يراوحُها لَدَى إمسائها |
|
لاستدرجَتْ قَومي فَأُلحِقَ كهلُها | |
|
| بِغلامِها ورجالُها بنسائِها |
|
مِمَّنْ يَقِيلُ الحمدَ بينَ بُرودِهِ | |
|
| أو مَنْ يبيتُ الصَّونُ مِلءَ مُلائِها |
|
وأتَتْ على صَحْبِي فأوفَدَ صَرفُها | |
|
| أبناءَ أَتْرابي على آبَائِها |
|
وَبقِيتُ بعدَهُمُ كَأَنِّي نخلةٌ | |
|
| قد أَفْردُوها بعدُ عن أَصْنَائها |
|
لَهْفِي لأَوجُهِ فِتْيَةٍ عَاثَ البِلَى | |
|
| فِيهَا يُعَرِّضُ أنفُساً لِبَلائِها |
|
سُرُجٌ يُضِيءُ بها الظَّلامَ فَمَا لَها | |
|
| في التُّرْبِ تستعدِي على ظُلَمائِها |
|
وظُباً مُهنَّدةٌ أُحِيلتْ بِيضُها | |
|
| سُوداً لما لَبِسَتْهُ من أَصْدَائِها |
|
وقَناً مُثَقَّفَةٌ أُنِيمَتْ بعدَمَا | |
|
| دَعَمَتْ أَسِنَّتُها صَفيحَ سَمَائِها |
|
أَنْواءُ عُرْفٍ ما تغبُّ تَبرَّمَتْ | |
|
| منَّا لها الأَنواءُ في استسقائِها |
|
بُزُلٌ أَطَاعَ القَيدَ مُصْعَبُها فَقَد | |
|
| ذُلَّتْ عُقيبَ عُتُوِّها وإِبائِها |
|
أَطْعَمْتُها قبلي الرَّدَى ولَوَ انّني | |
|
| أنصفتُها لم أَبْقَ بَعْدَ فِدَائِها |
|
وَفَدَتْنيَ الدُّنْيَا بِها ولَوَ انّني | |
|
| مِمَّنْ يُوفَّقُ كُنْتُ بَعْضَ فِدَائِها |
|
ومُجَاهِرٍ بالنَّعْيِ ما حَابَى بِهِ | |
|
| نَفْسِي بما يُبْقِي على حَوْبائِها |
|
أَلقَى على الآذانِ من أَنْبَائِهِ | |
|
| ما يمنَعُ الأَجْفَانَ من إِغْفَائِها |
|
نَبَأٌ تَذَمَّمَ إِنْ ألمَّ بمهْجَةٍ | |
|
| مِنَّا ولم تسمحْ لَهُ بِدِمائِها |
|
نَادَتْ لَهُ النفسُ السُّلُوَّ فلم يُجِبْ | |
|
| وأجابَها كَمَدٌ بِغَيرِ نِدَائِها |
|
أَتُرَى النُّعَاةُ دَرَتْ بِمَنْ هَتَفَتْ بِهِ | |
|
| أوَمَنْ عَنَتْ لما نَعَتْ بِنِعَائِها |
|
لَنَعتْ عَلى المعروفِ بَيْتَ قَصِيدِهِ | |
|
| ولِسُورةِ الإحْسَانِ آيةُ آيِها |
|
نَفْساً لَوِ انتظَرَ الفِداءُ بها افْتَدَتْ | |
|
| بِنَفيسِ ما تحوِي بنو أَحْوائِها |
|
وفَتًى تُقِرُّ له الفُتُوَّةُ أنَّهُ | |
|
| عندَ السُّؤالِ بها فَتَى أفْتَائِها |
|
وأَخَا المروءةِ إنْ يُعَدَّ سِوَاهُ من | |
|
| أجنادِها عَدَّتْهُ من أُمرائِها |
|
سَامَى السَّمَاءَ بهمَّةٍ عَلَويَّةٍ | |
|
| حَازَ العُلَوَّ بِهِ مَدَى جَوْزَائِها |
|
لِتغُضَّ أبناءُ العُلا أبْصَارَها | |
|
| من بعدِهِ وتكفَّ من خُيلائِها |
|
فلقد أَطَارَ الدهرُ أَجملَ حُلَّةٍ | |
|
| عَنْها وغَيَّرَ من جَميلِ رُوَائِها |
|