عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > لبنان > إبراهيم الأحدب > أحمد من ألهمنا نثر الأدبْ

لبنان

مشاهدة
2636

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

أحمد من ألهمنا نثر الأدبْ

أحمد من ألهمنا نثر الأدبْ
كما أنا لنا به كل أرب
أشكره شكراً يفي بالنّعم
إذا قرعت بابهُ في الظلم
سبحانه حض أُولي السُّلطان
بأمرة بالعدل والإحسان
وأنظم الصلاة بالسلامِ
لمُصطفاه سيّدِ الأنام
محمد المختار فخر العالَمِ
والسبب الداعي لخلق آدَمِ
من جاء بالآداب خير راقي
متمماً محاسن الأخلاقِ
وآله وصحبه الأنجابِ
من عدلوا في منهجِ الآدابِ
وبعدَه فإن سرَ الأدب
أبلغ ما انتحاه سامي الطلبِ
وهو الذي ألّفه الثعالبي
وجاء في مبناه بالغرائب
أعرب فيه حكم الآدابِ
كالشمس لا تحجبُ بالسحابِ
من كل فقرةٍ بها الفقير
يَغنى وقدرُ فضلهِ خطيرُ
أبوابه رتبها ثمانية
قطوفها مثل الجنانِ دانية
أردتُ أن أنظمهُ عقوداً
نزين من حمل المعالي جيدا
موضحاً في عقدي المباني
حلٌُّ معانيهِ لمن يعاني
وقد رأيتُ أنني أُهديهِ
لمن به الدنيا زهت بالتيهِ
محمد سامي المعالي حالت
من حالنا بهِ لخيرٍ حالت
وقد سمت بفضلهِ سوريه
وبرزت بالطلعة السنية
كما به الشام تبدَّت شامةٌ
في وجنة الملك لمن قد شامه
وزير حقٍ في سما المعالي
أشرق سامياً بنور عالي
وأطلع الأقمار للعبادِ
تهديهم لسبلِ الرَّشاد
وابتسمت به ثغور الملك
لما تجلّى في الليالي الحلكِ
أخلاقهُ عنها النسيم أخذا
في نثره للطيب أنفاس الشذى
ورأيه يمضي بما فيه القدّر
جاء كما أراده ربُ القُدَر
يراعه ابن الحسام إن جرى
بما انبرى به الذي له يرى
نداه بالنداه محي للمهج
حدث عن البحر به ولا حَرج
دع عند ذكره ببذلٍ معناً
إذ لم ينل بلفظ ذاك معنى
وكعب من يُعرف بابن مامه
يعنو له رأساًً وذا كرامه
في الغرب من سناه نور وقَذَا
والآن في الشرق أتى بولي الهدَّى
فيا هنا سورية بمن سما
ضياء مرآه على بدر السما
مولى به أروم شد أزري
ورفع ما لي وضعوا من ضُرِ
ونصرتي على الذي قد جحدا
من بعد راشدٍ لأمري رشدا
وسمع الموضوع من حديثهِ
لم يهرب الطيب من خبيثه
وأملي لديه إدراك الأرب
حيث نرى تمدح حرفة الأدب
وهو بالهامٍ من الكريمِ
رغماً لأنف الحاسد اللئيم
ما ضرني من كان يبدي ذمي
بلا أبٍ يقرأُ وهو أمي
وحينما أتممت هذا النظما
مؤملاً أنا به لأنظما
وضعت بالرفع اسمه كشف الأرب
بنفثة اليراع عن سرِّ الأدب
واللَّه أرتجي به القبولا
منه وأن ينيلني المأمولا
إن أحق ما به لسانُ
ينطق أو أبانه بيانُ
وما عليه ينطوي كتابُ
وينتهي لأمره خطابُ
ما زادنا في قوة البصيره
وعادنا بصّحة السريره
وما العدل طرق الطرائقا
كما لفضلٍ بين الحقائقا
فصار للأخيار منه تذكره
وجاء للأشرار منه مزجره
وقد غدا الإمام للعمال
كما بدا القوام للأعمال
إليه حقاً ترجع السياسه
كما عليه ترفع الرياسه
وهكذا تنتظم الأسبابُ
به كما تجتمع الآداب
هذا وإن الأدب الذي طلب
لادبان ما لشرع قد نسب
وما غدا ينسب للسياسة
به يرى الحاكم ذا كياسة
فأولٌ ما قد قضى للفرضِ
والثاني ما فيه عمار الأرضِ
كلاهما مرجعه للعدل
منيل من رعاه كل فضل
حيث به سلامة الأبدان
كما به عمارة البلدان
كذا به الصلاح للرعية
ويثمر الكمال للمزية
فتارك الفرض لنفسه ظلم
ومخرب الأرض لجنسه انتقم
وقال أفلاطون بالعدل نرى
ثبات الأشياء كما تقررا
والجور فيها للزوال موصل
إذ لا يزول ما هوا المعتدل
إياكم والجور إذ فيه العطب
كذا علامة البلاء المجتنب
قال أرسطو أحسن الحق يرى
حقاً هو العدل فدع من امترى
لأنه علّةُ كل حسن
وعلّة لذي اعتدال ذا عنى
والجور علّة لذي القبح وذا
عن إعتدال خارج فلتنبذا
وقيل من العدل ذو تمسكِ
فلا يخافن أحداً في ما حكي
وقال بعض رؤسا اليونان
في أمر إسكندر سامي الشان
إذ قيل ما أسرع ما أجاب له
كل الورى ونال ما قد أمله
ذاك لما من عدله فيهم ظهر
وحسن فضلهِ وصبره انتشر
ولا يخاف اللَّه من كان عدل
أي لا يرى خوف عليهِ منه حل
إذ أبتغي رضاه وأنتهي إلى
أمرٍ قضاه جل فينا وعلا
وقيل للإسكندر أمسك أبدا
بالاعتدال إن أردت رشدا
فما يزيد فهو عيب مزدرى
والنقص عجز منك من غير مرا
وقال الإسكندر إذ سئل أن
يحكم بين اثنين في أمرٍ علن
الحق يرضي واحدا فاستعملا
له فترضيا جميعاً في الملا
وقيل إن العدل في الجماعة
أعماله تغني عن الشجاعة
والعدل ميزان لبارينا يرى
نزه من زيغ وميل في الورى
وقيل من ليس يخاف أحدا
فقيل من ليس يخيف إن بدا
ومن يكن في حكمه قد عدلا
وكف عن ظلم له واعتدلا
نصرة الحق كما أطاعه
كل الورى واثروا اتباعه
وضغت النعمى له وأقبلت
عليه دنياه وبالعز انجلت
فكان ذا تهنأةٍ بالعيشِ
بها غنيا عن عناء الجيشِ
وملك القلوب والحروبا
أمن حيث أدرك المطلوبا
وأصبحت فرضاٍ حقيقياً طاعته
كما غدت جنداً له رعيته
وأول العدل ابتداء الرجل
بنفسه حتى يرى شهباً على
لها يروم كل خلة زكت
وخصلة رضية قد قبلت
ومذهب بين الورى سديد
ومكسب يجده حميد
لأجل أن يسلم عاجلاً كما
يسعد آجلاً ويغدو علما
وأول الجور يرى أن يغمدا
لها بما فيه هلاك وردى
فيبعد الخير لها والشرا
يدنيه منها فتعاني ضرا
وهكذا يكسبها الآثاما
دوما كما يعقبها المذاما
ليعظم الذم لها ووزرها
ويقبح المقول بها وذكرها
ومن يسوس نفسه بالابتدا
نال سياسة الأنام أبدا
فأصلحوا نفوسكم تصلح لكم
أخراكم وتدركون سؤلكم
قال أرسطو المفتي اسكندر
يرشده إلى الطريق الأنور
نفسك أصلحها لها مما يقع
في الابتداء تكن لك الناس تبع
وقال من أحسن ما تعطيه ما
به بدأت لك نفعاً فاعلما
تجري عليها ما تريد تأمر
به سواك هكذا يقرر
وسخط الناس عليه ما رضي
عن نفسه ولم يفز بالغرضِ
ومن لها ظلما كان أظلما
لغيره حسب الذي قد علما
ومن لدينه بفعله هدم
لمجده أهدم كان وظلم
وإن خير أدب ما ثمره
نلت كما بان عليك أثره
من عرض النفس على الدنية
عرض من سواه للمنية
وإنما يعين من ساس على
عدل له اصطناع من كان علا
أي يؤثر التقي كذا اطراح من
يبغي الرشى في كل مرٍ حيث عن
كذلك استكفاء من يعدل في
قضية ولا يميل فاعرفِ
وهكذا استخلاص من يحنو على
رعية ولا يسيء عمَلا
لا صلح مع فساد من تشاوره
لا عدل إن جار الذي توازره
كذلك من قضاته جارت ومن
كفاته قد فسدت يا ذا الفطن
وقال أزدشير من حق على
كل مليكٍ في سما الملك علا
أن يغتدي في الملك ذا تفقُّد
وزيرَه مع النديم المرشدِ
وحاجباً وكاتباً فالأول
قوام ملكه وما يؤثل
والثانِي فالبيان عن معرفتهِ
والثالث الوكيل عن مروءتهِ
والرابع البرهان للسياسه
بها يكون صاحب الكياسه
وقال لا شيء أضر أبداً
بالملك إذ يورده نهج الردى
من طلب الخبر ممن لا يُرى
يصدق في شيء إذا ما استخبرا
كذا من استكفي الذي لا نصح له
يوماً إذا دبر فاترك عمله
ومن على كفاة سوءٍ اعتمد
لم يَنجحُ من رأي فساده ورد
ومن عدّوٍ طالب وظن
كاذب أنقل ما حكيت عنيَّ
وقيل من حق المليك أن يُري
من يحفظ الدين له مستوزرا
وهكذا يستبطن الذي غدا
يحفظ سره فيستكفي العدي
وقال حين قيل كيف اضطربت
حال بني ساسان مما قد ثبت
وفيهم مثلك قال سآؤا
بفعلهم وبالعناء بآوا
إذ خولوا أصاغر العمالِ
من جهلهم أكابر العمالِ
قال أمرهم إلي ما آلاَ
وحالت الحال وساؤا إلآ
من منع الخير فذاك حرمك
ومن على الشر أعان ظلمك
وإن ما يعود بالولاةِ
نضحا ويكفيهم عنا الكفاة
ربهم لما مضي من النعم
وحفظهم عهداً لواجب الذمم
وعفة منهم عن أموال الخدم
ونهجهم على شروط الكرم
فإنه من خانه وزيره
في أمره ساء به تدبيره
ومن غدا يطمع في عماله
الجاءهم إلى اقتطاع ماله
ومن يكن يا صاح خاف شركا
أفسد عامداً صلاح أمركا
لا ترج خير من غدا لا يرتجي
خيرك وهو دون باب مرتجِ
وهكذا لا تأمنن جانب من
لم يأمن الجانب منك يا حسن
وأجهل الناس الذي يعتمد
في أمره على الذي لا يقصد
أي من يرى غير مرج خيره
وليس أمناً دواماً ضيره
من كان لا تؤمنه عاديتك
لا يبغِ في إخلاصه نصيحتك
واعتقد القصد له مساءتك
من خاف في أحواله إساءتك
ولم يحب لك خيراً أبدا
من ليس أمنا لشرك اعتدا
ومن يخف فيما عناه صولتك
ناصب في كل عناء دولتك
ومن تكن أوغرت يوماً صدره
فإنك استدعيت قطعاً شره
وقد جمعنا ههنا ألفاظاً
قدمتها لمن غدوا وعاظا
وجيزة قصيرة الفصول
أمثالها تجري إلي المأمول
عدة أبواب لها ثمانية
عدة أبواب الجنان العاليه
عليك غيث الفضل منها وكفا
وحسبنا اللَّه تعالى وكفى
العلم للمرء بدون مرية
أفضل قنية وخير حلية
وهو لمن مضى غدا خير خلف
وعمل المرء به أسمى شرف
ولا سمير للفتى كالعلم
ولا ظهير أبداً كالحلم
ولا يرى سيف كمثل الحق
كذاك لا عنوان مثل الصدق
جدّ بكسب العلم يصلح فاسدك
حقاً وبرغم من يكون حاسدك
وهو يقيم ميل من به سلك
ويصلح اعلم بهداه أملك
وإنهُ يصلح ما قد فسدا
منك كما يدني الذي قد بعدا
تعلم العلم تكن كبيرا
وتغتدي في قومك الأميرا
العلم عز لا يهي جديده
وكنز خير ما فني مديده
من فضل علم لك يا من جلا
أن تغتدي بذاك مستقلا
ومن كمال العقل أن تستظهرا
عليه بالحلم إذا أمرٌ عرا
من لم يكن يعلم ليس يسلم
فأجهد وكن خير أديب يعلم
الفضل بالعقل يرى والأدب
ليس بأصل أبداً أو نسب
مطية الجهل براكب تزل
ومن لهُ يصحب لاشك يذل
ولقبيح نسب حسن أدب
يستر فالزمه وجدّ في الطلب
ومن أشد الجهل للرجال
في ماحكوه صحبة الجهال
وهكذا من أقبح الخلال
جدال من كانوا ذوي محال
ودولة الجاهل تبدي عبره
لعاقل نطلق منه العبرة
وعالم لصاحب معاندُ
خير يرى من جاهل يساعد
والجهل فيما قيل بالفضائل
بين الورى من أشنع الرذائل
ومن بقوله يكون أعجبا
أصيب بالعقل وساء أدبا
أول عقل سرعة التفهُّم
غايته إصابة التوهُّم
ثمار عقل حُسن الاختيار
له دليل صحبة الأخيار
من ساء في ما حكوه أدبه
بدل حسنه وضاع نسبه
وإن تكن قد قلت العقول
بين الورى كثرت الفضول
خير مواهب الأنام العقل
وشر ما به أصيبوا الجهل
من كان ذا علم وعقل لغده
سعى وختم الملك أضحى بيده
ومن يوافق العلماء وقرا
ومن يصاف السفهاء حقر
من ليس ذا تعلم في صغره
لم يتقدم أبداً في كبره
ما أوحشت خال بعلم خلوه
ومن يسلى لم تفته سلوه
وأصل علم رغبة وثمره
سعادة لمن عليه أثره
وأصل زهد رهبة ثم الجنى
لهُ عبادة بها كل المنى
والأصل للمروءة الحياء
والثمر العفة والوفاء
ثم الحفاظ الأصل للحمية
نتاجها العزة في البرية
أقوى الأساس العقل والتقوى ترى
أجل ملبوس لمن تفكرا
لا سائس يسوس مثل العقل
ولا عدو للفتى كالجهل
ولا يرى سيف مضى كالحق
ولا معين مثل محض الصدق
أنكى عدو في الأنام الجهل
وخير مرجو البلايا العقل
والعلم عمدة الأديب العاقل
والأمل الكاذب حصن الجاهل
هذا يرى للمال دوما طالبا
وذاك في كسب الكمال راغبا
العلم كنز ليس يفنى أصلا
العقل ثوب جدة لا يبلى
وعالم من تَرك الذنوبا
كما اتقى وأطرح العيوبا
والعاقل المحسن في صنائعه
وواضع الإحسان في مواضعه
من لا يطيل درسه ولا يكد
نفسا فلا يدرك علما فاجتهد
بالعلم والأهل له لا يسخف
إلا بليد والذي لا ينصف
من لم يجعل أدب له نسب
هدم مجده وضيع الحسب
كم من عزيز ذله بجهله
ومن ذليل عزه بعقله
والرأي لا علم به ضلال
وهو بدون عمل وبال
ومال الأدب واستعماله
كمال من سمت به خلاله
عداوة العاقل من صداقه
ذي الجهل خير فدع الحماقة
ومنع من يكرم خير أبداً
من بذل من يلوُّم في ما وردا
بالعقل قد يصلح كل أمر
والحلم قاطع لكل شر
العقل مجد ماله محمول
والعلم مال خوفه مفصول
جهل الفتى يضر بالأصحاب
والذم قيل أقبح الأثواب
ذو العقل من ذلك في رشاد
ورأيه من ذاك في إمداد
فقوله في مشكل سديدُ
وفعله بما عرا حميدُ
من جهله الجاهل في إغواء
ومن هواه في عنا إغراء
فقوله في حاجة سقيم
وفعله في وجهه دميم
وربما الدنيا على ذي الجهل
تقبل باتفاقها يا خلي
كما عن العاقل وهو مستحي
تدبر حسبما به الفضا علق
فإن على يد الجهول منها
نلت ومع ذي العقل ملت عنها
لا يحملنك ذا لحب الجهل
والزهد في الفضل وحب العقل
فدولة الجاهل أمر أمكنا
ودولة العاقل حتم بينا
وليس من أمكنه من ذاته
شيءٌ كذي الإيجاب من أداته
ودولة الجاهل كالغريب إذ
يحن للنقلة حيث ينتبذ
ودولة العاقل كالنسيب
يحن للوصلة والقريب
وما الفتى يفرح بالحالة قد
جلت بلا عقل حواها وعُدد
كذاك بالمنزلة الرفيعة
بغير فضل حلها وضيعه
فإنما الخبرة بعد هذا
تُذله فيها فدع من هاذي
كما تحطه إلى رتبته
عنها برده إلى قيمته
من بعد أن تسفر عن عيوبه
للناس بالتكرار من ذنوبه
ومن له يمدح يغدو هاجيا
ومن يواليه يرى معاديا
إذاً فبالعلم وفضل العقل
يكمل من يبغي العلى لا الجهل
من كان قانعا برزق اللَّه
يغنى عن الناس بلا اشتباه
ومن حوى الرضا بمقدور قنع
بكل ميسور وجل فاستمع
ومن يكن رضي بالقضآء
يصبر على البلاء واللاوآء
من عمر الدنيا أضاع ماله
وعامل الأخرى حوى آماله
من حاسب النفس يجد سلما
ومن يكن حفظ دينا غنما
من طال في دنيا الأنام أمله
قصر جده وساء عمله
من اتقى اللَّه علا وقاه
ومن به اعتصم قد نجاه
قناعة الإنسان عز المعشر
وهكذا الإحسان كنز الموسر
ونال غاية المنى من صبرا
وحصل النعماء من قد شكرا
كن ذا يقين قوة اليقين
بلا مرا من صحبة للدين
وما انقضت دقيقة من أمسكا
إلا ببضعة ترى من نفسكا
ولا انقضت ساعة من دهركا
إلا بقطعة غدت من عمركا
ثم رضي الإنسان بالكفاف
يفضي به لمنهجِ العَفاف
من عاد للذنب على الرب اجترا
فلا تعد للذنب زورا وافترا
ومن يكن عن توبة يوما رجع
فإنه إلى عقوبة نزع
من سالم الناس بلا ريب سلم
ومن يكن شاتمهم فقد شتم
ومن يكن قدم خيرا غنما
فقدم المعروف وأشكر نعما
إن قليلاً فيه إغناء يرى
خيرٌ من الكثير يطغي في الورى
ودرهم لمن حواه ينفع
خيرٌ من الدينار وهو يصرع
وخير أموال الفتى ما أنفقا
وخير أعمال له ما وفقا
وإن خير العلم ما كان نفع
وخير وعظ ما لموعظ ردع
من لك يكن له بنفس واعظ
ما نفعته أبدا مواعظ
من سره في دهره الفساد
بين الأنام ساءه المعاد
وإنما الدنيا لراء حلم
والاغترار بمناها سقم
إن السعيد من بأمسه اعتبر
فكن كذا في الدهر تكتف العبر
ثم التقي من لغيره جمع
ولم ينل نفسا له حيث منع
الرب يا إنسان لايموت
والخير يا طالب لا يفوت
ما شئت قل وما هويت فافعل
فأنت لاقٍ ما ترى من عمل
فكل شخصٍ يحصد الذي زرع
وهكذا يجزى بما كان صنع
من فعل الخير بنفسه بدا
كذا عليها من جنى الشر اعتدى
زد أيها الإنسان من طول الأمل
في قصر الأعمال وراقب الأجل
لا تغرر بصحة لنفسكا
ولا سلامة غدت لأمسكا
فمدة العمر ترى قليلة
وصحة المركب مستحيلة
ومن أطاع عامدا هواه
قد باع دينا بعنا دنياه
الخير أسمى للفتى بضاعة
والعرف أنمى أبدا زراعة
العلم لم يصلح به ضلال
والمال لا نفع به وبال
لذلك قيل ثمر العلوم
أن يعمل العالم بالمعلوم
بلا احتياج لا يفوه العاقل
وفكره قي ما يؤُول الفاضل
ومن يكن قد سر بالمواهب
سيءَ بقبح الرزء والمصائب
وذو الرضى بما قضى اللَّه الأحد
يسلم أن يناله سخط أحد
وذو قناعة بما أعطيه لم
يدخله أن يحسد من نال نعم
وواثق بربه أغناه
وذو توكل له كفاه
من عرف الدنيا ورامها فقد
أخطأ الطريق وعن التوفيق صد
ومن بها اعتز ورام شرفا
أغصّ بالمنى وعانى التلفا
مبصر عيبه أبى عيب أحد
ومن عمي عنه تخطاه الرشد
ومن تعرى من لباس التقوى
لم يستتر قط وذاق البلوى
ومن يكن رضي بما آتاه
من خيره في دهره مولاه
لم ير غمّا بالذي يراه في
يدي سواه لمقام الشرف
من نصر الحق له لم يقهر
ومن عمي عن عيبه لم يبصر
من لم يكن نغصّه موت ولد
لم ير تنغيصا بقول من أحد
ومن بأيام مضت لم يعتبر
لم يستمع لوم امرئ أو يزدجر
ومن لسلطان يجور أرضي
أسخط ربا قادرا وغضا
من يتذلل لبني الدنيا فقد
عري من لباس تقوى ورشد
من يتسربل برداء للتقى
لم يبل سربال له حيث اتقى
ومن يكن بسبب الحسنى مسك
تنجح آمال له حيث سلك
ذو العزّ باللَّه ومن توكلا
عليه لم يلحقها ذلّ الملا
من اكتفى في الدهر باليسير
فإنه استغنى عن الكثير
من صح مع حسن اعتقاد دينه
صح بما له حوى يقينه
ومن بمولاه عن الناس غني
أمن من عارض إفلاس عني
ومن على طول الأذى كان صبر
دلّ على صدق التقى وكان بر
ومن إلى مولاه حاجة رفع
في أمره استظهر من كل جزع
ومن إلى سواء كان رفعا
خاب ومن مقداره قد وضعا
من أمن الأخرى أبى حرصا على
دنيا يمر عيشها وإن حلا
ومن يكن أيقن بالجزاء لم
يؤثر على الحسن سواه من نعم
وإنه من ذكر المنية
نسي ما جرت له الأمنيه
غني من بربه استعانا
عن كل خلقة وعز شأنا
ومن به وثق فهو استظهرا
إلى المعاد والمعاش في الورى
خير الأنام من عصى هواه
ومنه خير رافضٍ دنياه
ومن من الشهوة صان دينه
ولم تزل شبهته يقينه
ومن عصي الهوى بأمر ربه
وقد أزال حرصه من قلبه
ومن غدا بعيبه بصيرا
وعن سواه طرفه ضريرا
إعانه الحق ترى ديانه
وباطل نصرته خيانه
نصرة هذا إن تأملت سرف
ونصرة الحق بلا شكٍ شرف
ومن أحاط بذنوب بصرا
وأدرك العيوب كان أبصرا
الدين سور واليقين نور
فليحوِ دوماً لك هذا السور
ذو السعد من خوف العقاب أمنا
وطلب الثواب لما أحسنا
إن الرشيد مخلص للطاعة
وذو الغنى من أثر القناعة
ما سر في يوميك أو أسعد في
داريك ذا خير الأمور فاعرف
وثقة بالله أقوى أملاً
والاتكال هو أزكى عملا
الدين للإنسان أقوى عصمة
والأمن للخائف أهنا نعمه
والصبر عند صدمة المصائب
لذي الحجى من أعظم المواهب
عيشك ما قد عشت في ظل بقى
والقوت يكفي وعناء ما بقي
وحارس للنعمة البخيل
وخازن لوارث ينيل
من لزم الورع قد نفى الطمع
ومن لذا يلزم يعدم الورع
دع حسدا فهو أشر غرض
وطمعا فهو أضر عوض
ثم رضى الإنسان بالكفاف
أجلّ من مسعاه للإسراف
أفضل أعمال بنفع فأدبا
ما أوجب الشكر وأجرا أعقبا
ولا تثق بدولة يا عاقل
فإنها لاشك ظل زائل
ولا تكن لنعمة تعتمد
فتلك ضيف راحل لا يحمد
من كف للأذى الكريم أدبا
ثم القويُّ من هواه غلبا
من غالب الحق يهون وعمي
من ركب الهوى بليل مُظلمِ
وإنه إن ذهب الحياء
حل العنا وعظم البلاء
انفع بعلم فهو ليس ينفع
مثل دواءٍ لا يكون ينجع
أحسن هذا ما يرى منع العمل
وأحسن الصمت غدا دون خطل
اعص الذي يجهل تسلم أبداً
وأطع العاقل تغنم رشدا
من لم يكن لله أبدى الحسنا
فإنما عقي الذي كان عنا
كما يري سوء الجزاء ثمره
لفعله يوم يجازي الفجرة
ومن أطاع الله مولاه ارتفع
ومن عصاه ذل قدرا واتضع
ومن أطاع مالك الخلق ملك
ومن أطاع لهواه قد هلك
كم جامع لمن غدا لا يشكره
ومنفق لمن يرى لا يستره
والعلم من تمامه استعماله
ومن كمال العمل استقلاله
فمن لعلمه غدا مستعملا
لم يخل من رشد بما قد فعلا
ومستقل عمل لم يقصر
عن المراد فهو بالجد جري
وثمر العلم به حسن العمل
وعمل أجر عليه قد حصل
العز لا علم به مذلة
والعلم لا عقل له مضلة
زهد الفتى بصحة اليقين
وهذه بصّحة للدين
ومن يقينا صح أو قوي بجد
أيقن بالجزاء وفي الشر زهد
وأوفر الأجزاء قد حاز الذي
في الشر كان زاهدا يا محتذي
والجهل أن يعصي الفتى مولاه
في طاعة قد جرها هواه
وان يهين النفس في إكرام
دنياه حسب عادة اللئام
فذاك من هواه في ضلال
كذلك من دنياه في زوال
ثلاثة أيام دهر قد بدا
يوم مضى ليس يعود أبدا
واليوم أنت فيه لا يدوم
وثالث مستقبل موهوم
لم تدر حاله ولا تعرف من
يكون أهله ومن له سكن
تعز عن أمس ذهبت عنه
ويومك الفاني تزود منه
أي قابل الآتي بزاد وعدد
وابغِ رضى الله تنل كل رشد
فكل يومٍ سائق إلى غده
والمرء مأخوذ بنطق ويده
وخير أعمالك ما استصحبت به
يومك أي به أتيت فانتبه
وشر تلك ما به استفسدتا
يومك يا هذا وقد فسدتا
ومن على النفس قوي تناهى
في قوة وقد تسامى جاها
ومن على شهوته قد صبرا
بالغ في مروءةٍ بلا مرا
من أكثر الإعجاب بالمواهب
عنَّاه الانزعاج بالمصائب
من يستعِن بالحق يؤمن قهره
وماسك بالدين عز نصره
يا ذا الفتى أوص ولا تبت على
غير وصيَّةٍ وبادر أجلا
وإن تكن في صحَّةٍ من جسمكا
وصحبة بعد الدجا من عمركا
فإنما الدهر لأهلٍ خائنٌ
وكل ماقد خط فهو كآئن
لا تخْلِ نفساً لك من فكرٍ تُزد
بذاك حكمة وعصمة تفد
مستخدم الملك لدينه عنا
له أولو الشوكة وازداد ثنا
ومن لذا يعكس فيه طمِعَا
كل امرئ وبات يشكو هلعا
وسالك في سبل الرشاد
يبلغ كنه القصد والمراد
غنم من قبل نصحا وسلم
من بحمى عافية دوما لزم
فأطيب الأسماء حسن العافيه
وأفضل الدارين تلك الباقيه
وطاعة الله لعبد حرز
كما قناعة الأنام كنز
والعلم عز به عَمِل
والصمت فوز للفتى وإن جهل
وثقة بالله مال المؤمنِ
وصمته عز وحظ المحسن
وواثق بربه أغناهُ
ومحسِنٌ لخلقه نجَّاهُ
لا صفو من دنيا الورى لشارب
ولا وفا منها لعهد صاحب
إذ لم تكن تخلو لنا من فتنه
وليس ينجو من صبها من محنه
عنها فأعرض زاهدا من قبل أن
تعرض عنك ببلاء ومحَن
واستبدلن من قبل أن تستبدلا
بك السوي واتبع بعطفٍ بدلا
وهكذا لذاتها تفني كما
تبقي بشر تبعاتها أعلما
رأس الغنى قناعة الإنسان
وهي أساس لتقى الإيمان
والحرص في الأنام رأس الفقر
بلا مراءٍ وأساس الشر
وتقبل الدنيا كمثل الطالب
وهكذا تدبر مثل الهارب
وتصل المريد كالملول
أما فراقها فكالعجول
فخيرها لطالب يسيرُ
وعيشها لأهلها قصيرُ
كما يري إقبالها خديعه
وهكذا أدبارها فجيعه
وما بها اللذات فهي فانيه
لكنما التبعات فهي باقيه
فاغنم بجد صفوة الزمان
منتهزا لفرصة الإمكان
وخذ من النفس لها وللغدِ
من يومك الحالي تزود وأجهد
وبادرن قبل نفاذ المده
من الزمان وزوال العده
فحظ كل من غني دنياه
ما هو منفق على أخراه
إذا أراد الله جل خيرا
بعبده وقد كفاه ضيرا
ألهمه في ما يروم الطاعه
وهكذا ألزمه القناعه
كما علا فقهه في الدين
معضَّدًا بصحة اليقين
فحاز الاكتفاء بالكاف
وجعل السربال من عفاف
وإن به شرا أراد حببا
إليه ماله فيعني طلبا
وبسط الآمال منه وشُغِل
بالمال وهو لهواه قد وكل
فركب الجهل مع الفساد
وظلم العباد بالإلحاد
عن الأذى كف وعد عن الخنا
ودع لجاجة بها كل عَنَا
ولا تكن تسعى بغير حاجه
متبعا ما قضت اللَّجاجه
يكن بلا شك حكيم دهركا
وبسنا الفضل فريد عصركا
لا تفن عمرا في الملاهي صارفا
ما لك في العصيان لست عارفا
تخرج من الدنيا مضت بلا عمل
وتلق مولاك علا بلا أمل
أحسن كما أحسنت قولا فعلا
تجمع مزيتين يا من جلا
مزية اللسان بالمقال
وثمر الإحسان والنوال
ولا تقل بدون فعل فتذم
أو تلتزم بما استبان منك غم
حب الغنى للشر راس ويري
حب التقى راساً لخير قد جرى
إذ كان ذا مؤديا إلى الورع
وذاك مفضيا إلى ذل الطمع
وذا أساس الشر أما الورع
فهو أساس الخير يا مستمع
إن الهوى مطيةٌ للفتنه
وهكذا دنياك دار المجنه
فانزل عن الهوى المبيد تسلم
واقطع عرى الدنيا الغرور تكرم
لا تغترر بطيب لهو من هوى
وحسن عارية دنيا تجتوى
فمدة اللهو بذاك تنقطع
وما أعاره الزمان يرتجع
وبعده يبقى عليك إثم ما
ركبته من كل ما قد حرما
دنيا الورى كالظل للغمام
بلا مرا وحُلم النيام
والعمل الذي بسم قد شرب
وفرح بالغم وصله حسب
فلا تغرنك بزهرة ولا
تفتنك بالبهجة يا من قد علا
لأنها سلابة للنعم
بعد العطا أكالة للأمم
تعطي الذي يسألها وترتجع
وهكذا تنقاد ثم تمتنع
وتوحش الإنسان ثم تونس
وتطمع الطالب ثم توئس
يعرض عنها السُّعَدَا ويرغب
بها ألوان الشقاء والمذبذب
لا تخدعنك بخديعة ولا
توقعك في شبكتها ذات البلا
كذاك لا تدخلك في ملكتها
من بعد أن تطمع في وصلتها
وهكذا لذاتها قليله
كما ترى حسراتها طويله
دنياك مثل شبك لف على
من كان فيه بغرور دخلا
ومن يكن أعرض عنها سلما
ومن عناها بالمراد غنما
فلا تمل قلبا إليها أبدا
أو تقبلن وجها عليها إن بدا
فإنها خلابة سحاره
غدارة بأهلها مكاره
نعيمها تشوبه يبوس
وتقرن السعود بالنحوس
وحلوها تخلطه بمر
ونفعها تصله بضر
إن رمت عزا فليكن بالطاعه
أو الغنى فاطلبه بالقناعه
من طلب الإله عز نصره
وذو القناعة يزول فقره
دنيا للورى كثيرة التغيير
وإنها سريعة التنكير
شديدة المكر لمن عناها
دائمة الغدر بمن حواها
أحوالها ذات تبدل كما
نعيمها منتقل يا من سما
يذل من يطلبها والراكب
لها يزل فاحفظن يا طالب
التزم الصمت تعد فاضلا
عقلا وفي جهلك تغدو عاقلا
وهكذا في قدرة حكيما
ومع عجز تغتدي حليما
دع هذر الكلام فهو يظهر
من العيوب للوري ما تضمر
كما يحرك الذي قد سكنا
من العدو ويثير الفتن
وهو لعقل المرء ترجمان
به لعز فضله بيان
فاقصره يا هذا على الجيل
واقتصرن منه على القليل
إياك ما يسخط سلطانا وما
يوحش إخوانك يا من فهما
فسخط السلطان في البرية
عرض نفسه على المنية
كل يقول قد حكاه يعرف
كما بفعل قد جلاه يوصف
فقل سديدا وافعلن حميدا
تكن على رغم العدى سعيدا
من لزم الشان وما قد زانه
وكان دوما حافظا لسانه
ومال عما لم يكن يعنيه
وكف في أذاه عن أخيه
فهو الذي دامت له سلامته
دنيا وقلت أبدا ندامته
ملك اللسان الفضل للإنسان
والبذل للمعروف والإحسان
والصمت فالزم تكسب المحبه
وتأمن الشر من المغبه
وتكتسي ثوبا من الوقار
وتكتفي مؤنة اعتذار
والصمت أيضا آية للفضل
وثمر القدر ونور العقل
وذاك عنوان الحكيم وكذا
زين الكريم فله اطلب وخذا
والزمه تلزمك به السلامه
واصحبه تصحبك له الكرامه
وكن صموتا وصدوقا عز
صدق الفتى والصمت منه حرز
وذا دليل العقل والنبي كما
ذاك دليل السر والتقي أعلما
والصمت لا من خطل فضيله
والصدق للفوز يرى وسيله
ومن يكن قل مقاله سلم
ومكثر السؤال للناس حرم
من استخف بأخ له خذل
ومن على سلطانه اجترا قتل
وكثرة القول تمل السمعا
وكثرة السوال تولي منعا
وأبلغ اللسان ما ليس يكل
وأحسن الأقوال ما ليس يمل
إن كنت حاججت فلا تقصر
أو كنت لاججت فلا تكثر
فمن يقصر في حجاجه خصم
وكثر من اللجاج قد سئم
وكثرت إقامة من كثرا
كلامه ولم يكن معتبرا
كذلك زالت في الأنام هيبته
دوما وطالت في مرامٍ خيبته
ولم يكن يرعى له في الناس حق
ولم يسلموا عليه من حنق
فأعقل لسانا لك إلا عن عظه
شافية توليك أجرا موقظه
واحذر فضوله فهذي للقدم
تزل وهي تورث المرء الندم
والجهل قد أضعف قصدا حجتك
خير من العلم يذيب مهجتك
من قال ما لا ينبغي سمع ما
لا يشتهي وراح يشكو ندما
من قال في الملا بلا احتشام
أجيب منهم بلا احترام
لكل قول أبدا جواب
وكل فعل بعده ثواب
فلا تعود ما يرى لا يكتب
أجرٌ به وذكره لا يعذب
إياك والجدال مع سلطان
أو الملاحاة مع الإخوان
فمن يجادل مالكا له قهر
ومن يلاح من يوآخيه هجر
وهكذا من لك في القهر غلب
وأمره ينفذ فيك إن طلب
اعلق لسانا عن سوى حق يضح
به وباطل بدحضه يصح
وهكذا مكرمة تنشرها
أو نعمة بين الملا تؤثرها
إياك والذي يعني حرا
بوحشة أو ما يروم عذرا
فموحش الأحرار فيه يزهد
وعذر من يكثر قولا يفسد
بقوله يعرف عقل الرجل
وأصله بفعله يغدو جلي
فإنه ما أفحش الحليم
وهكذا ما أوحش الكريم
ودع فضول القول فهو يخفي
فضلا وعقل من عناه ينفي
ويعقل اللسان والإخوان
به تمل أيها الإنسان
واختصرن له وكن مقتصرا
على الذي به تنال الوطرا
فتستر العوار والعثارا
تأمن مع ذا تعتلي مقتدرا
من قعد القول به قام العمل
به ونال ما يرجي من أمل
عقل الفتى بقلة الكلام
وفضله بكثرة الأنعام
حد السنان يقطع الأوصالا
أما اللسان يقطع الآجالا
وحكمة بالغة أخبارها
تجهل عنك إن بدت أقمارها
إياك والذي من الكلام
عنه يرى مستغنيا يا سامي
فإنه ينفر الكريما
عنك كما يجر اللئيما
خير من الهذر قبل الحصر
فاحذره دوما في الملا يا عمر
فإن هذا مضعف للحجه
لكن ذاك متلف للمهجه
وهكذا للمرء يكثر الزلل
وللذي يسمع يورث الملل
في كثرة الكلام للسان
مذلة وملل الإخوان
كما بذلك يبرم الجليس
ويسأم النديم والأنيس
فأقلل المقال واتق الذي
فيه الملال أن تجل في مأخذ
ولا تقل ما يكسب الوزر وما
يمنع عنك الأجر من رب السما
من استخف بالرجال ذلا
ومفرط في ما يقول زلا
من قل بين الملا كلامه
كثر في فم الثا أعظامه
فاقتصرن منه على اليسير
وعد بما يحظى إلى التقصير
تستر عنك في الورى العيوب
وتجتمع لحبك القلوب
من قل في الدهر توقيه الفتن
تكثر في الناس مساويه علن
من حسنت فيهم مساعيه فقد
طابت مراعيه وفاز بالرشد
ومن يطل يوما كلامه سئم
ومن يكن قل احترامه شتم
ودع جدال من يعني خوفه
ويهلك الذي عناه سيفه
فرب حجة ناءت بمهجةِ
وفرصة أدت لشر غصة
دع اللجاج يوهن القلوبا
من الورى وينتج الحروبا
عي ٌ به تسلم خيرٌ لك من
نطق عليه تندم افهم يا فطن
خذ من الكلام ما يقيم حجتك
وما بنطقه تنال حاجتك
فاحذر بكل نبسة اسآءته
واتق إن أمنته خيانته
فطوله مقصر لك الأجل
وضد ذا مطول لك الأمل
أقل في المجالس الكلاما
تكف الخطأ وتأمن الملاما
كثرة دليل ذا قلة الورع
وربما كان يريدا للهلع
قوم لسانا لك دوما تسلم
وقدم الإحسان منك تنعم
كل على ما قاله يجابُ
كما على فعل له يثابُ
قلة نطق المرء مع مقاله
دليل عقله وحسن حاله
بقوله الإنسان موزون كما
بفعله مقسوم فلتفهما
مقوم اللسان زان عقله
ووازن الكلام بان فضله
أرفق بإخوانك واكفف عنهم
غرب لسان لهم يكلم
تطعنك الإخوان باللسان
أشد من طعنك بالسنان
وجرح قلب الصحب بالكلام
أصعب من جرحك بالحسام
إياك والخوض بما طريقه
قد جهلت ولم يبن تحقيقه
فأنت بالقول على الأفعال مع
معرفة تدل من لك استمع
توق من طول لسان أمنا
ومن فضوله فخذ ما استحسنا
كيفية القول دليل عقلكا
وفيه شاهد لنيل فضلكا
فأحسن لكنهه اختيارا
وأكثرن في شأنه استظهارا
وأحبس لسانا قبل طول حبسكا
وقبل أن تأتي بهلك نفسكا
فلا يرى شئ أحق أبدا
يطول سجن من لسان قد عدا
فإنه يقصر عن صواب
مع أنه يسرع للجواب
اتق دوما عثرة اللسان
تأمن بذاك سطوة السلطان
ولا تقل ما فيه شين العاجل
وما يضر قائلا في الأجل
دع ما يكون حجة عليكا
وعلة لمن أساء إليكا
ولا تقل موافقا هواكا
مخالفا بسوئه أخاكا
فإن كنت قد قلت ذاك لهواً
أو كنت قد جنيت فيه لغوا
فربما أوحش منك حرا
ذاك وذا جر عليك شرا
لا تبد في الخلوة ما لا تستره
في حفلة ولا تكون تضمره
عليك من نفسك ما بالسر
يبوح أو يبدي خفايا الأمر
لا تنصحن من لا وثوق بك له
ولا تشر لمن يرى لن يقبله
لا شيء عائد على الإنسان
بخيره كالحفظ للسان
يذل إكثارا به الحكيما
كما يمل في الملا النديما
اقلل مقالا تأمن الملالا
وتغتدي بين الورى مفضالا
صمت الفتى يعقبه الندامه
أحسن مما يسلبه السلامه
تحمد أمرٌ إن صمت دهرا
وسالما تعش وسامٍ قدرا
أجل ما يعهد صمت ويرى
أقل ما يوجد ما بين الورى
أقبح القول يقال الحصر
كما يري أسوء هذا الهذر
لا تضجرن في الحرب والجدال
ولا تكن تكثر من مقال
اسكت عن الجاهل فالجواب
به وفي قواده العذاب
تصلح بالراعي منى الرعيه
كما بعدل تكمل المزيه
وتملك الأنام بانقياد
إذ كلن منها جا إلى الرشاد
فإن من يعدل في سلطانه
يغني بما يروم عن أعوانه
بغي الفتى مسلبة للنعم
وظلمه مجلبة للنقم
أقرب شيء صرعة الظلوم
أنفذ سهم دعوة المظلوم
ومن بسوء سيرة تغدى
فبزوال قدره تعشى
من أكثر العدوان لم يأمن النقم
ومؤثر الإحسان لم يعدم نعم
من ساء سيرا خاف كل أحد
ولم يخف محسنه من أسد
ومن أطاع عامدا عدوانه
أزال سوء فعله سلطانه
يعق ظالم الورى أولاده
وناصرٌ من قد بغى أضداده
ومن يكن في الأمر ساء عزمه
رجع في الرمي إليه سهمه
ومن يكن في الخلق ساءت سيرته
سرت جميع من رعى منيته
من زاد في ظلمه مع اعتدائه
دنا هلاكه لدى فنآئه
ومن أساء استشعر داعي الوجل
واستقبل المحسن سامي الأمل
ومن أساء استوجب البلآأَ
وضده يستوجب الثنآأَ
لأن تذم مع إحسان جرى
أجل من إساءة وتشكرا
ومن يكن أحسن بالنفس بدا
ومن أساء فعليها قد عدا
ومن تعديه يطول كثرا
جهر أعاديه وساء سيرا
ومن يكن قبح منه ملكه
حسن بالذي أساء هلكه
ومن تعدى في حي سلطانه
لم يأمن العدوان من زمانه
من ينصر الظلوم شر الناس
أو يخذل المظلوم عاني الباس
من مال للحق أمال الخلقا
وراكب الحق يفوز حقا
وقيل من أسوء الاختيار
بين الملا إساءة الجوار
من سل سيف البغي والعدوان
سلب عز الملك والسلطان
حافر بئر لعنا خيه
يكون حتفه سريعا فيه
ومن له حفر بئراً أوقعه
في بئره جزاء ما قد صنعه
ومن أسا عليه تدبيراً يرى
تدبيره لحتفه مقررا
ومن يكن سر أخيه أبدى
بدت مساويه بما تعدى
من جار حكمه بظلمه هلك
ولم ينل ما رامه حيث سلك
ومن تجر في حادث قضيته
دنت دنت بأبعاد المنى منيته
من ساء في أموره اختياره
عانى الأسى وقبحت آثاره
ومن يقل في الورى اعتباره
قل بما يرومه استظهاره
ومن بغى على أخيه قتله
في الحال بغيه وأدنى أجله
ومن يكون في مساويه جرى
كبابه الجري ورا بين الورى
من خادع الله تعالى خدعا
ومن يصارع خصم حق صُرعا
ومن يكن أمكن ممن ظلما
يزول إمكان له به سما
ومن إلى الظلوم كان محسنا
يزول إحسانٌ له بما جنى
من جارى في سلطانه قد صغره
ومن بإحسان يمن كدره
ومن على ذويه قد تعدى
في ظلمه ذاك تناهى حدا
ومن على أهل له يوما بخل
لم ير تأميل به قط وصل
ومن أسا لنفسه أو اعتدى
لم يتوقع منه عرفٌ أبدا
من كان محسنا أمور المملكه
أمن في سراه شر الهلكه
ومن على سلطانه قد أشفقا
أقصر عن عدوانه وحققا
من ظلم اليتيم في أمر عرا
يظلم أولادا له بلا مرا
ومفسدٌ لأمره قد أفسدا
معاده ولم يصادف رشدا
ومن أحب نفسه تجنبا
ما يوجب الآثام في ما طلبا
ورحم الأيتام من لولده
أحب جاريا بنهج رشده
وأفضل الملوك من أحسن في
نيته وفعله فلتعرف
وكان مشفقا على رعيته
وجنده بالعدل في قضيته
وأعظم الملوك من نفسا ملك
وبسط العدل بما فيه سلك
من سل سيف البغي عاد مغمدا
في رأسه وبات شلوا للردى
ومن أساس الشر شاد أسسه
عليه من أنشأه ورممه
سخف الولاة أقبح الأشيا كذا
جور القضاة فاطرحه وانبذا
وإنه من جانب الأخيارا
أساء في أفعاله اختيارا
من ركب البغي عدته بغيته
ونابذ الحق نسي عاقبته
ولا تنمَّ إنها دناءه
كما سعاية الفتى رداءه
كلتاهما رأس لكل غدر
يبنى عليها أساس الشر
فجانبن سبلهما واجتنبا
أهلها تنل ثناء طيبا
من لم يكن يرحم عَبرة حرم
رحمة مولاه وبالشر ندم
ومن غدا غير مقيل عثره
سلب بالذي جناه القدره
أحسن حلية السعيد الشكرُ
أفضل قنية الكريم الأجر
وأفضل الكنوز أجر ادخر
وأفضل الثياب شكر قد نشر
أفضل ما أعددته أخٌ وفيْ
وأفضل الذخر يرى سعيٌ زكيْ
يخيف سلطانُ العنا البريَّا
بجوره ويطمع الدنيَّا
والبلد السوء يجمع السفل
من كل وجهة ويورث العلل
الولد السوء يشين السلفا
ويهدم المجد يوهي الشرفا
وإن جار السوء يفشي السرا
ويهتك الستر وينشي الشرا
وأخسر الناس امرءٌ بغير حق
يأخذ منفقا لما لا يستحق
ومن على ظلم له قد حمدا
مكرَ لا شك به حيث اعتدى
ومن على إساءةٍ قد شكرا
سخر في الناس به بلا مرا
حقٌ على ملكٍ اختيارهُ
للنفس ما لقومه يختارهُ
وشرُّ فعلٍ مكسبُ الملامِ
وشر قول جالب المذامِ
وشرُّ رأي خالف الشريعه
وعمل ما هدم الصنيعه
ارجع بكل طلب للحق
في مشرع إلى التقى والصدق
فذاك أقوى مرجع معين
والصدق خير صاحب قرين
من ليس يرحم الأنام منعا
رحمة مولاه بما قد صنعا
من استطال بلسانه سلب
سلطانه بلا مرآء ونكب
والعدل ميزان الآله وضعا
للخلق منصوبا لحق تبعا
فلا تخالفنه في ميزانه
ولا تعارضنه في سلطانه
للعدل فاستعن بخلتين
كلتاهما قرة كل عين
وتأن يا خليل قلة الطمع
في أمر دنياك وشدة الورع
مستعمل العدل بنى للملك
حصنا من الله رفيع السمك
ومن يكن لظلمه مستعملا
عجل هلكه إلهه علا
من خبثت بين البرايا سيرته
ذلت بما قد كان منه قدرته
ومن يكن عدل زاد قدره
كما وهي صاحب ظلم عمره
إياك والبغي فللرجال
يصرع وهو قاطع الآجال
كما يزيل في الأنام نعما
وهو يطيل من عناه ندما
ومولع بالقبح للمعامله
اوجع بالسوء من المقابله
من أضعف الحق وكان خذله
أهلكه باطله وقتله
ومن يكن عقل زال ظلمه
وعادل ينفذ قطعا حكمه
زوال ظلم منك يؤمن الغير
ونافذ الحكم يعدل القدر
وذب عن دينك بالملك ولا
تذب عن هذا بذاك في الملا
وصبر الدنيا وقاية ترى
غدا لأخراك فتكفي الغيرا
ولا تصير هذه لتلكا
وقاية واقطع عراها منكا
فمن عن الدين بملك ذبا
يعز نصره ويكفي العتبا
ومن وقى أخراه بالدنيا علا
وجل قدره ونال الأملا
العدل للسلطان أقوى جيش
والأمن للأنام أهنا عيش
من سالم الناس حوى السلامه
ومن تعدى اكتسب الملامه
من زرع العدوان فالخسران
حصاده وقدره مهان
من نصر الحق فللخلق قهر
وكان في إسعافه سعي القدر
والدين صيرته حصن دولتك
والشكر حارسا لسرح نعمتك
فما بدين صين ليس يغلب
وما حماه الشكر ليس يسلب
من كان ذا تمسك بالملة
وعاملا في ملكه بالسنة
يلزم صونه وكذا إجلاله
ودمه محرم وماله
بمن مضى قبلك فاعتبر ولا
تكن لمن بعدك عبرة الملا
لا تستخف أبدا بالعلما
ولا تحل عن منهج للحكما
فإن ذاك منك دون خلف
يثبت جهلا ولعقل ينفي
ومن تجور في الورى قضيته
تضيع من غير مرا رعيته
ومن يكن قد ضعفت سياسته
في ما يروم بطلت سياسته
يزيد في ملكك فالزمه الورع
يدنيك من هلكك فاحذره الطمع
أحسن بعقد في الملا ونيتك
واعدل بجند لك مع رعيتك
تخلص لك الطاعة والأحدوثه
تحسن عنك وترى موروثه
وكف بالقهر ذوي الشرور
واقمع أولي الفساد والفجور
ولا تعاتب أحدا على الذي
تجنيه من ذنب بكل مأخذ
ولا تعاقبه على ما رخصا
فيه لنفس لك إن كان عصى
ومن مضى اذكر واعتبر بمن خلا
ولتلك ذكرا حسنا بين الملا
ومن بري ظلم الورى مطيته
تكره أيام له ودولته
الناس في الخير وعرف أربعه
كل أحب ورده ومشرعه
من فعله له ابتداء فيرى
هو الكريم عنده خير الورى
ومن غدا بالفعل ذا اقتداءِ
وهو حكيم جل باعتلاءِ
ومن له يترك حرمانا وذا
هو الشقي دع لقاه وانبذا
ومن غدا يتركه استحسانا
وهو دنيءٌ مثله لا كانا
أعنى الذي يجحد حفظ الحرمة
ولا يرى في الخلق شكر النعمة
ولم يكن يجتنب الخيانه
وينكر اعتقاده الأمانه
فلا تكن تصحب من ذي عادته
ومن كذا بين الورى شاكلته
إذا بني الملك على قواعد
للدين رغم كل عات جاحد
وبعلا دعائم العدل دعم
وبدوام الشكر حصنه وسم
وعمل البر له كان حرس
كان كبدر لاح في جنح الغلس
ونصر الباري علا مواليه
في كل حين خاذلاً معاديه
وهكذا عضده بالقدرة
دوما كما سلمه من غيرة
أعدل بمن تكون قد وليتا
واشكر على الذي له أوتيتا
يمدك الهادي تعالى الخالق
وترتضي ولاءَك الخلائق
فليس يرضى ربنا من خلقه
إلا بأن يعطي جميع حقه
وحقه في الخلق شكر النعمة
والنصح للأمة كل لحظة
ومثل ذاك الحسن للصنيعه
كذا لزوم الدين والشريعه
من كان يمضي يومه من غير حق
قضاه أو فرض أدآؤه أحق
أو في علا مجد أتاه أو في
حمد له حصله بما يفي
أو خيرِ برٍّ في البرايا أسَّسه
أو فضل علم شاده واقتبس
فإنه لاشك عق جنسه
وكان ظالما بذاك نفسه
ليس لقوة وإن تمت لكا
فضل على القضا لحق ربكا
ولا لقدرة وإن دامت يُرى
فضل عن الشكر بما منه جرى
ولا لعمر وإن طال كذا
فضل عن النظر للذي احتذى
في ما به الجند مع الرعيه
تصلح أو تسمو به المزيه
ولا لمال ولئن كان كثر
فضل عن الذي يصون يا عمر
عرضك أو مروءة لك اغتدت
بما فيه لك المعالي اجتهدت
قصير الأيام دوما أربعه
للخير والإحسان تغدو مرتعه
يوم به عبادة المولى وما
به يكون شكر من قد أنعما
وما به النظر في المظالم
وما يشيد المجد بالمكارم
من مكن الإله من بلاده
مؤتمِناً له على عباده
وباسطا يديه مع سلطانه
ورفع قدره وعز شانه
حق يرى تأدية الأمانه
عليه مع إخلاصه الأمانه
وهكذا إحسانه للسيره
كذلك التجميل للسريره
ويجعل الصبر له المقصودا
وأجر هذا الغرض الموجودا
الظلم مع إهلاكه للأمم
جالب نقمة مزل القدم
ومن بلي جسم له في خدمتك
ويده بسطها في طاعتك
فارع له الزمام في حياته
واكفل يتيمه لدى وفاته
فإنما الوفا بقدر ما يرى
منك الجزاء للورى مقررا
ومن توليه افتقد أحواله
كذا تفحص أبدا آماله
واجعله في ما قد غدا يستوجبه
وما اقتضي الرأي به ومذهَبه
قوّ ضعيف الجند يقو أمركا
واغن عانيهم يشد أزركا
لا تعتمد إلا على الوفي
من جمعهم والبطل الكمي
أي الذي يرغب بالوفاء
وماله جبن عن اللقاء
حيث المراد قوةٌ للعُدَّه
منهم وليس كثرة للعِده
فإن أصاب أحدٌ في وقفةِ
تندبه لها كذا في حملةِ
ما فيه الفات عن اللقاء
كذاك تأخير عن الأكفاء
فلا تكن بذاك ماحي اسمه
أو مبديا في القوم منع رسمه
وإن يكن ذاق الردى في طاعتك
مستشهدا في الحرب تحت رايتك
فاكفل بعطف بعده بنيه
وذُب عن أهليه مع ذويه
فذا يزيد رغبة في خدمتك
وبذل أرواح لهم في دولتك
لا تستخفن بشريف أبداً
ولا تميلن لسخيف قد عدا
ولا تقل هجرا وتفعل نكرا
بل ما يطيب في الأنام نشرا
من استخف بشريف دلا
منه بأنه منه بأنه لئيم أصلاً
ومن إلى السخيف مال في الورى
عن ضعف عقله أبان خبرا
ومن يقل هجرا نأي عن قدر
وفاعل النكر قبيح الذكر
من ضده كل ابن أنثى يهرب
كما بمثله تراه يرغب
وهو على كل شاكلة له يرى
ذا عمل إن رام أمرا في الورى
نفسك لم على قبيح قولكا
وخبث ما تنوي وسوء فعلكا
من قبل لوم من صديق ناصح
أو من عدو في الأنام كاشح
لا تستند يوما إلى تدبيركا
لا تستخفن بعلا أميركا
فمستخف بأميره يذل
كذا استناده بتدبير يضل
إذا حضرت مجلس الأمير
وكنت كالنديم والسمير
فغض في حضرته عينيكا
وشفتيك ضم مع يديكا
ولا تقل بين الملا في غيبته
ما لا تقول أبدا في حضرته
فحرمة لمجلس في المغيب
كحرمة في المشهد القريب
لا تأمنن عينا له عليكا
يرفع عنك ما بدا لديكا
وإن على موائد الملوك
جلست كن كعبده المملوك
فصم عند الأكل عن الكلام
ولا تكن تشره للطعام
إذا جرى الملك في حديث
فاسمع بإقبال بلا تحديث
لا تعرضن بحاجة عن قوله
ولا تعارض أبدا بمثله
وإن حباك خلطه بخاصته
مؤهلا بفضله لعشرته
فلا تؤمنن على دعوته
ولا تشتمه لدى عطسته
ودع سؤالا منك عن أحواله
وما يعانيه لدى آماله
ولا تكن تلقاه بالسلام
مفاتحا بالقول والكلام
ولا تزاحمنه في التدبير
ولا تعاتبه على التقصير
إياك أن تقدح في الملوك
وأنت في دنياك ذو سلوك
وإن مضى بملكهم زمانهم
كما انقضى بموتهم سلطانهم
فإن هذا واضع من قدركا
وناطق بين الملا بغدركا
وشاهد باللؤم من سجيتك
كذا على القلة من رعايتك
لأن من أنكر حق من مضى
أشد إنكارا لنال عوضا
وكافرٌ لسالف الإحسان
لآنف اكفر بالعدوان
إن فزت بالإيثار من سلطان
وكنت في سماره ذا شان
فلا تحدثه بشيءٍ باديا
ولا تعد منك حديثا ناسيا
لا تعرضن عنه إذا ما اخبرا
لا تكثرن عليه حين استخبرا
ولا تعارض في حديث أحدا
ولا تصل منك حديثا قد بدا
ولتك ذا لفظٍ شهي لا يمل
كذا معانيه صحيحة تجل
ولا تعاتب أحدا في مجلس
لملك تعب بأمر ملبس
كذلك الغيبة عند الملك
إذ تغتدي من ذاك في مرتَبك
أما اعتبار للذي اغتبت برى
أو افترى عليه منك قد جرى
فأول من ذينك الملوم
والثان منهما هو المذموم
لا ترددن رسالة لملك
إن كنت كلفت بها في مسلك
والتزمن نصحه بالحق
ولا تمل عن منهج للصدق
لا يحملنك سوء فعل المرسل
إليه أن تحكي ما لم يقل
كذلك أن تنسب ما لم يفعل
إليه من مشكل امرءٍ معضل
تقطع بفرية لذا لسانكا
وبخيانة عنت سلطانكا
واحفظ لسانا لك من عثرته
من الردى يلقيك في هوته
للدين من دنيا اجعلنا نصيبا
وكن من النفس لها رقيبا
واجعل ذماماً أبدا لكل
جارحة من النهى والعقل
كذا لجاما من تقى وورع
واحذر بدنياك دواعي الطمع
وان لدى السلطان رمت حاجه
لا تبد في رفع لها لجاجه
ما لم تر الوجه يبسطه انجلى
والبشر باديا وفكره خلا
وليك ذا بقدر حق حرمتك
لا قدر فكر أو بناء جثتك
وان طلبت قَصر المقالا
واتق في ابتدائها الإملالا
لا يحملنك ميله إليكا
وحسن إقبال له عليكا
إن تكثر السؤال باسترسال
فربما عثرت في المقال
وإن تكن دعاك للمنادمه
لا تغد ُمن أراق في المنى دمه
بل آثرن جميل الاحترام
واتق فيه منهج اقتحام
ولا تكن تبتدي المقالا
أو تبسط الجواب والسؤالا
من كان في مجالس الملوك
منبسطا رد إلى الصعلوك
إِذا تكلموا فاقبل أبدا
عليهم بالوجه تلق الرشدا
وأصغ بسمع لهم مبادرا
وبشفاههم فوكل ناظرا
وأشغل بما قد حدثوك خاطرك
مستبشرا به تنل مآثرك
وإن تكن أحكمته علما كما
ألقنته فهما وكنت عَلمَا
لا يحملنك الإنس بالمهازله
من ملك أن تبتدي مطاوله
فهم الملوك كل ساعه
على ما قالت الجماعه
تزيلهم عن كل عادة تري
لذاك يغدو فعلهم مغيرا
إلا بما دق عن الظنون
سرا وما يخفي عن العيون
ولم يكن به يحيط علم
ولا له يسبق يوما وهم
فأبداهم حينئذ مقتصرا
على الذي يفهم منه الخبرا
واصمت إذا جالسته واخفض لدى
حضرته الصوت تنل ما حمدا
واستعمل الوقار والإِسرارا
فاحفظ وأبد أبدا إسرارا
لا يحملنك البسط والمخالطه
منهم على هفوة سوء ساقطه
بأن تزيل حشمة والحرمه
تطرحها بما يعود نقمه
فإن هذا موجب الإنكار
وجالب للسخط والدمار
خير الأمور ما استرق حرا
وخير أعمال مفيد شكرا
استحي إن عاتبت يوماً صاحبا
واستبق إن كنت ترى معاقبا
يا أيها الإنسان ابعدُ الهِمم
أقربها من المعالي والكرم
وعند ذي الفضل قضا اللوازم
من أفضل الإحسان والمكارم
شكر صنائع الندى والنعم
أقوى ذرائع الهدى في الأمم
من يده يبسط بالأنعام
نعمته صان عن انصرام
ونفسه عن المذام وغدا
حيث سرى يلقى الهدى والرشدا
ومن أمات بالعفاف شهوته
أحيا بما أماته مروءته
وأكرم الأخلاق طيبا والشيم
في الناس أرعاها بصدق للذمم
البشر بدء البر من قد قربا
براً فذكره ببعد عذبا
من كثرت بين الورى عوارفه
فإنه قد كثرت معارفه
من كان أبدى رغبة إليكا
إسعافه محتم عليكا
ومن أبى توبة جان عظمت
خطيئةٌ له بقبح وسمت
ومن أبى إحسانه للتائب
أساء قبحاً جاء بالمعايب
ذو نعم قد قام بالسيادة
وشاكر يستوجب الزيادة
أحسن عفو ما بدا عن قدره
وأجود الجود بدا عن عسره
للناس أحسن يحسنوا إليكا
واتق فيهم يتقي عليكا
وإن رأس المجد والفضائل
يرى اصطناع الفضل الأفاضل
وإن رأس القبح والرذائل
غدا اصطناع العيب والأرازل
وإنما من أعظم الفظائع
إضاعة المعروف والصنائع
ومن على جار له تعدى
عال بلوم الأصل في ما أبدى
ومن يكن قل التوقي منه
كثر إسناد المساوي عنه
ومن جرت حسناً مساعيه حلت
طيباً مراعيه وبالبشر انجلت
وإنه من حسن الاختبار
أن يحسن المحسن للأخيار
ماعز من يذل جاره ولا
سعد من يشقى أخوه في الملا
إن كرُمت من الفتى السجيه
طابت بنشر حسنها الطويه
ومن أعز في الأنام فلسَه
أذل قدره وأردى فلسه
حسن اللقا يولد الثناء
حسناً فأحسن يا فتى اللقاء
حلم من كرم والذي لطف
طبعا وأبدى حسن أخلاق شرف
وعادة الجحود والكفران
تقطع عرق العرف والإحسان
مطل الوفاء شر معنيين
كما الإياس أحد النجحين
من لم يكن يشكر إحسانا سلب
بفعله الإمكان قطعا ونكب
من عزّ في أخلاقه عن ريبه
كف عن السوء بترك الغيبه
إخلاص توب يسقط العقوبه
وحسن قصد يوجب المثوبه
من عامل الناس بقبح الشيم
فعظه بالنصح وحسن الحكم
جُلُّ العطا وأحسن النوال
ما جاء قبل سبب السؤال
وإن خير العرف والمبار
ما أنت تسديه إلى الأبرار
ذو المال أن يبخل به لنفسه
جاد به على قرين عرسه
إذا فعلت العرف فاستر نشره
وإن غدا مسكا حبانا نشره
وإنه من جاور الكراما
أمن ضرّ الفقر والإعداما
ومن يكن قد جاور اللئاما
فَقد طيب العرف والانعام
ومن يكن شرف عزّ منصبه
حسن فضل أصله ومذهبه
من طاب أصله فظلمه برى
أبعد شيءٍ لا يكون في الورى
ومن لكن يغني عن اللآلآ
يعمى عن الوفآء والجزآء
ومنكر للحسن للصنيعه
مستوجب للقبح بالقطيعه
وكافر شمول فضل النعم
مستوجب حلول هول النقم
من منّ بالمعروف شكره سقط
ومعجب بالفعل أجره فرط
من يرض عن نفس له بما نسي
دلّ على أصل دني دنس
ومن رضي دميم خلق اتصف
به بلوم أصله ذاك اعترف
ومن يكن رجع عن هبته
بالغ بالأعراب عن خسّته
ومغلق عمّن يوافي بابه
قد ذم مع أخلاقه آدابه
ومن على نفسٍ بخيره بخل
فلا ندى منه لغيره يصل
وذو تصرّف على المروَّه
دلّ على الشّرف للأبوّه
من لا يخيب مبدي الرجآء
دلَّ على الكرم للآبآء
ومن رقى في درجات الهمم
عظم في عيون كلِّ الأمم
من بسط اليدين بالعطاء
يستنطق اللسان للثناء
من كبرت في ما تسامى همته
قد كثرت عند المعالي قيمته
إن كريم الخلق حتم حقه
وسيُّ الخلق يضيق رزقه
من يجب السّفيه فهو سفها
ومعرض عن الجواب نبها
من قابل السّخيف بالمثل سخف
ومن سما عمّا يقوله شرف
من يقل الحقّ حقيقا صدقا
ومن به عمل فهو وفقا
ومن يكن صدق في مقاله
فإنه قد زاد في جماله
ومن يكن هان عليه المال
توجّهت لنحوه الآمالُ
وباسط لطالبيه راحته
أنس كلّ من رجاه ساحته
من بذل المال فذاك استعبدا
وباذل للجاه منه استمدا
ومن بماله يجود جلا
ومن بعرضه يجود ذلا
من سدّ بالإحسان فقر جاره
فإنه قد زاد في استظهاره
ومن يكن في جاره قد طمعا
زهد في جواره وقرعا
أحسن جد ما يرى عند التّعب
وخير عفو ما غدا عند الغضب
وخير مال ما قضى اللوازما
وخير صنع ما بنى المكارما
وخير مال ما عن الحلال
أخذته للصّرف في النّوال
وشرّه ما كان من حرام
وكان مصروفاً على الآثام
آس فتلك أفضل الأعمال
دار فهذي أفضل الخصال
تواضع الإنسان علة الشّرف
وبحلى اللطف التودد اتصف
بالعرف جد فأفضل المعروف
إغاثة المسكين والملهوف
وكرم الإنسان ذكر الحرمه
به وان ينسى جزيل النعمه
كما إليه تنظر الرعيه
ولم تخن عليه في قضيه
ومن تمام للمروءة اغتدى
نسيان حقّ لك في ما قد بدا
وتذكر الحق عليك للورى
مستكثراً إساءة منك ترى
مستصغراً لجرمها عليكا
فذا يشيد العلى لديكا
من أحسن الكرم عفو المقتدر
وجوده على المعنى المفتقر
ما كف عن محارم خير أدب
وخير خلق ما إلى الفضل ندب
على السؤال يكرم الكريم
وعن جهول يحلم الحليم
مؤثل للمجد خير عمل
ومكسب للحمد أسمى أمل
وشر ذاك ما لفخر هدما
وشر مطلب لذكر ذمما
الحلم ما كان يرى عن قدره
لا عدم لها وفقد النصره
والجور ما ليس لدفع المعتدي
وطلب الجزاء ممن يجتدي
وما شجاعة لفوت الهرب
وفقد الأنصار وضيق لمذهب
والصمت ما لم يك عن لسان
كلَّ وقلةٍ من البيان
كذلك الإنصاف ما ليس يرى
للضعف أو قوة خصم خطرا
والحب ما لم ير للمعونه
أي بذلها والحذف للمؤُنه
ومن يكن خان أخاه في الورى
زهد في إخائه بلا مرا
ومن على أخٍ أعان خرجا
لاشك من مروءةٍ بها النجا
جود الفتى يحبب الأضدادا
وبخله يبغض الأولادا
ومن يكن قطع عمدا بره
طوي بنشر ما أبان شكره
فلا تسئ لمحسن إليكا
ولا تهن لمنعم عليكا
فمن يسئ منع الإحسانا
والثانِ قطعا سلب الإمكانا
لحق إسلام قضى الذي لكا
وفي فبالانعام قابل مسلكا
من جحد النعمى فللحسنى فقد
وساء عما في معاليه وجد
ما أقبح الفقدان للإحسان
مع حسن إمكان بكل آن
إذا جنيت الذنب يوما فاعتذر
وإن جنى عليك فاسمح واغتفر
برهان فضل في الأنام المغفره
أما بيان العقل فهي المعذره
وعادة الكرام قبل الجود
وعادة اللئام فالجحود
أعظم فخر كرم السجيه
أكمل بر المرء حسن النيه
من غرس الحلم وأحيا شجره
جنى من السلم الجميل ثمره
ومن يكن صحة له ديانته
تمت بما أجاده مروءته
حيث تصد تلك عن محارم
كما تحثه على المكارم
إن من الكرم حسن العفو عن
شر الذنوب وهو إحسان حسن
كذاك ترك البحث والتنقيب
عن سر عيب في الورى مريب
وكن بعيد همم في طلب
كذا كريم ظفر في غلب
جميل عفو أن تكن قدرنا
كثير شكر عند ما ظفرنا
إجلال أهل الشرع من شريعه
وبر ذي الصنع من الصنيعه
أقبل على أهل المروءات كما
تحسن رعي الحرمات فاعلما
يدل رعي حرمة منك على
كرم شيمة غدت ذات علا
كما على أولئك الإقبال قد
يعرب عن شرف همة يعد
أحسن لذي سابقة في الفضل
وقدمةِ في شرف واصل
لا تزهدن فيه لسوء حاله
منه بأدبار العلى والدولةِ
إذ لست تخلو في اصطناع العرف
له وإحسان إليه يشفي
من حرة نفس تحوز رقها
وشيمة حسناء توفي حقها
فتجبر الدنيا لنا وتكسر
ودولة تقبل ثم تدبر
يحصد من يزرع خيراَ أجرا
كما اصطناع الحر يوفي شكرا
وإن من شرائط المروءه
لمن سما بشرف الأبوَّه
أن يلزم العفاف عن حرام
منطلقا عن وصمة الآثام
وإن يكون منصفا في الحكم
وإن يكف عن دواعي الظلم
لا تطمعن في ماله لا تستحق
مع استطالة على من تسترق
لا تؤثرن على شريف الدني
ولا تعن على ضعيفٍ القوي
ولا تعن معقب الأوزار
ولا تقل مقبح الأذكار
وليس من عوائد الكرام
أن يسرعوا للشر بانتقام
ولم يكن إزالة الأنعام
من شرط أهل الفضل والإكرام
لا تأخذن أحدا بالسهو
واطرح الزهد بفضل العفو
واستعملن رحمة من دونك كي
يرحم من فوقك إن جنيت شي
وهكذا أحسن إلى من تملكه
يحسن إليك من سما تملكه
واغتنمن صنائع الإحسان
وراع دوما ذمم الإخوان
فمن يكن منع منه برا
منع من كل الأنام شكرا
ومن يكن ضيع يوما ذمه
بين الأنام اكتسب المذمه
آفة من يملك حسن السيره
أما الوزير الخبث للسريره
وآفة الجند خلاف العاده
بالنقص للأمر أو الزياده
وآفة الرعية الفراق
لطاعة سببها الشقاق
ومن رعى فالضعف للسياسه
والعلماء الحب للرياسه
وآفة القضاة شدة الطمع
وآفة العدول قلة الورع
والعدل فرط الميل للولاة
والملك أخذ المال من حماةِ
وآفة النعم قبح المن
وآفة المذنب حسن الظن
حزم الفتى أشد أراه كما
غفلته أضر أعداه أعلما
من كان يوما عن حبيب قاعد
إقامة الاقعاد بالشدائد
ومن كان عن عدو نام أنبهه
مكايد أحوالها مشتبهه
من سالم الناس دواما سلما
من قدم الخير بصدق غنما
ومن يكن لذم نهج الحلم
لم يعدم الهدي لحسن السلم
تجارب الفتى مزايا العقل
والعزة اغتدت ثمار الجهل
مسترشد من الغوي ضلا
مستصغر الضعيف جهلا ذلا
من ضل في مقصوده مشيره
قل على زمانه نصيره
ومن يكن قد لزم الرقادا
عدم في مهاجه المرادا
ومن يدم عن المعالي كسله
يخب مرامه ويهمل أمله
من لم يكن مستظهرا باليقظه
لم ينتفع في عمره بالحفظه
إن العجول مخطئ وإن ملك
والمتأني مدرك وإن هلك
من يستبد بسنا آرائه
وطأته خفت على أعدائه
من بان عما قد عناه عجزه
زال على علاه في الورى وعزه
والحزم إن خطب عرا صناعه
كما توكل الفتى بضاعه
علامة الإسعاد والإقبال
حسن اصطناع سادة الرجال
من كثرت في دينه مخافته
زالت بما يسلك فيه آفته
ومن تجرع العنا والغصه
يظفر من مقصوده بالفرصه
من طلب العلاء والرياسه
أحسن في أحكامه السياسه
إياك أن تستفسد الصديقا
تعدم بما ترومه التوفيقا
من رام أن يظفر بالسلامه
لزم في مسعاه الاستقامه
الرفق للأرزاق مفتاح فلا
تدع سبيله تنل كل علا
ومن يكن نظر في العواقب
سلم من نوازل المصائب
ومن يكن يستصلح الأضدادا
بلغ من آماله المرادا
ومن يكن أسرع في الجواب
جانب فيه منهج الصواب
موت الرعايا سقم الطويه
تنشر فيه أفظع البليه
فضيلة المعروف والإحسان
عمارة الأمصار والبلدان
من يتأخر في العلا تدبيره
أبدى تقدما له تدميره
من ضعفت في أمره آراؤه
تقوى عليه أبدا أعداؤه
ومن يكن ركب في السير العجل
أدركه دون وصول الزلل
ومن تقل في الورى فضائله
تضعف في مهمه وسائله
ومن يكن فعل ما قد شاء
لقي من أفعاله ما ساء
من خانه في ملكه الوزير
إن رام أمرا فاته التدبير
من قل في إخوانه اعتباره
ساء بما يرومه اختياره
ومن يكن يكتم دوما سره
أحكم في كل مهم أمره
ومن يكن قد كثر اعتباره
قل بمضمار العلا عثاره
من يتبصر في عواقب سلم
ومن يكن نظر في الرأي غنم
ومن لونه اصفر من النصيحه
يسود وجهه من الفضيحه
من ساس في كل الأمور نفسه
يسود في كل فخار جنسه
من حسنت في حكمه سياسته
دامت على أهل العلا رياسته
ومن يكن أعمل حزمه غنم
ومن له أهمل في أمر ندم
ومن جده ركب ضده غلب
ونال في مرام ما طلب
ومن يكن قد اعمل اجتهاده
حصل في آماله مراده
إقبال دولة لها علامه
عدم غفلة بها ندامه
وإنما زوال عز الدول
بلا مراءٍ باصطناع السفل
من كان حافظا ببخل ماله
ضيع عند حاجة رجاله
ومن يكن لزم شحا عدما
نصحا وعانى أسفا وندما
ما قل بالتدبير خير أبدا
من الكثير مع قلة بدا
وفي مأل الأمر ظن العاقل
أصبح مرمى من يقين الجاهل
وخطاءٌ يرى مع استرشاد
خير من الصواب باستبداد
صبر قليلا حمدت مغيته
فوق كثير قبحت عاقبته
إن على ما أنت تحتويه
مفض لما بالحب تشتهيه
عزيمة الصبر إذا خطب عرا
تطفي نار الشر من غير مرا
وواثق بالعرف من إحسانكا
يشفق بالصدق على سلطانكا
من لم يكن صلاحه باللين
أصلح بالتثقيف والتليين
ومن مداراة له لا تصلحه
قبح المجازاة بكره مصلحه
إذا استشرت في المهم الجاهل
لك اغتدى منه اختيار الباطل
ومقبل الوجه على النصيح
عدل في القصد عن القبيح
من عافص الفرص بأمن الغصص
وعنه داعي الشر والهم نكص
من يكن استكفى كفاته كفى
شر العداة واغتدى ذا شرف
وإنه من خير الاختيار
صحبة أهل الفضل والأخيار
كما ترى مودة الأشرار
وحبهم من شر الاختيار
ومن يك اغتر بحسن حاله
قصر منه العزم في احتماله
وذو اغترار بسلامة الزمن
ذاق العثار بتصادم المحن
من يكن استعان بالرأي ملك
كما الذي كابر الأهوال هلك
مستعمل الرفق بأمره سلم
وراكب العنف بقصده ندم
من يكن اقتحم هول اللجه
أتلف في ما قد جناه المهجه
من أعجبته في الورى آراؤه
عليه حقا غلبت أعداؤه
ومن يكن يقتحم الأمورا
كفي في مسيره المحذورا
من يكن استغنى بعقله يضل
ومن برأيه اكتفى ذاك يزل
من قل تجريبا له قد خدعا
من لا يبال بالأمور صرعا
وجاهل في السير وطأ قدمه
عثر فيه بدواعي ندمه
ومن يكن ترك ما يعنيه
أصابه ما لم يكن يعنيه
ومن يكن قصر عن سياسه
صغر في القوم عن الرياسه
من استعان بذوي العقول
فاز بدرك القصد والمأمول
والمستشير لذوي الألباب
يسلك في المنهاج للصواب
ومن يكن كثر يوما شططه
كثر في ما ينتحيه غلطه
من يكثر الخلاف طالت خيبته
ومكثر المزاح زالت هيبته
من يكن استوزر غير كافي
خاطر بالملك بلا خلاف
كما على ملك له استعان من
غير أمين استشار وأتمن
ومن لغير موثق به أسر
ضيع سره وباء بالخطر
ومن بغير... يستعن
أفسد أمره بشر المحن
من لم يكن يعتد بالفضل فقد
برئ من عقل وحاله فسد
من ليس يرضى عنك باستعطاف
أرضاه عنك قبح الاستخفاف
مضيع أمره لكل أمر
أضاع واغتدى حليف شر
وجاهل لقدره قد جهل
لكل قدر واغتدى عانى بلا
من لم يكن لنفسه يوما عمل
عمل للناس ولم يبرح خجل
ومن على كدٍ له لم يصبر
يصبر على الإفلاس عاني الضرر
ومن يكن برأيه قد أعجبا
ملكه العجز وساء طلبا
جنب من ينصح أخا هواه
ومن له غش فقد أغراه
ومن يكن أفشى جهارا سركا
أفسد عمدا في الأنام أمركا
من أقبح الغدر بغير نكر
إضاعة السر ونشر الشر
وإنه من أحسن النصيحه
إبانة المرء عن القبيحه
وهكذا إشارة بالصلح
بغير شك من أتم النصح
كما إشارة بقبح الشر
لمستشير من أضر الغدر
ذو الحزم يحفظ ما هو في يده
ولم يؤخر شغل يوم لغده
أفضل رأي ما أنال الفرصه
ولم يورث من عناء الغصه
ودوم صلح الضد بالمقال
أهون من أرداه بالقتال
مستصلح العد وزاد في العُدد
ومفسد الصديق نقص العدد
ومن يك نقد أحسن الكفايه
استوجب الأحكام والولايه
وهكذا من أحسن الوفاء
يستوجب المدح والاصطفاء
من قال في ما لا يكون طلبه
طال به عناؤُه وتعبه
وفاعل ما لا يجوز كان في
ذا عطبٌ له بلا أمر خفي
إذا استشار المرء ذا الرشد وقد
عمل بالمشورة التي اعتمد
واستنصح الصديق بانيا على
نصيحة من الذي قد عمل
ما فاته في ما أراد حزم
وخاب أن ينال منه خصم
الحلم حيلة غدت للعلم
وعلة الصلح واس السلم
لا تثقفن بالخل قبل الخبره
لا تقصد العدو قبل القدره
مكروه أمر لك يحلو ثمره
خير من المحبوب مر أثره
لا تجف ما ساء الفتى فراقه
ولا تحل معجزاً إيثاقه
لا تفتحن بابا يعني سده
لا ترم سهما لا يكون رده
ودع فساد معجز إصلاحه
وسد باب يتعب افتتاحه
والحفد قطعا صداً القلوب
كما اللجاج سبب الحروب
أعقل إذا ما ارتأيت واعدل في الملا
إذا وليت تغد ممن قد علا
بالعقل قالوا تصلح الرويه
كما بعدل تصلح الرعيه
بالرغبة انقياد أخيار الورى
وقود الأشرار برهبة يرى
فازرع بسيف النعمة الأخيارا
واحصد بسيف النقمة الأشرارا
وإنما الإحسان للإنسان
صنيعة ترفع كل شان
وكسل الإنسان يمنع الطلب
وفشل منه يقرب العطب
من حق ذي العقل إضافة إلى
رأي له آراء ذي علم علا
وجمعه لعقله عقولا
للحكماء أن يرم مسؤولا
وإن يديم طلب استرشاد
لأمره بترك الاستبداد
فالرأي فذاً ربما يزل
ولعقل فرداً ربما يضل
وزلة الرأي على الملك أتت
وزلة العقل لهلك أوردت
من استشار عالما في ما قصد
واسترشد العاقل في أمر ورد
صحت له في قصده الأمور
وصار صالح له الجمهور
وكان ذا استشارة للقلب
مسهلا عليه كل صعب
إذا عليك أشكلت أمور
وراب من جمهورك التغيير
فارجع لرأي العقلاء وافزع
للعلماء واستشرهم تنجع
لا تأنفن من طلب استرشاد
مستنكفا من حاجة استمداد
لأن تكون سائلاً للسلم
خير من استبداد داعي الندم
وحلية الولاية الكفايه
فالتزم منها حالة الولايه
وفي جميع الأمر الاستقامة
علة الاستبانه الإقامه
وحصن قدرةٍ بحسن السيره
لا سيما إن صفت السريره
وعادة الإحسان للإمكان
أصل فكن كذا بلا تواني
وحسن إحكام الفتى السياسه
نور به تبتهج الرياسه
وظلمك العمال بالأموال
به يكون ظلمة الأعمال
وسبب الهلاك والتدمير
يكون سوء القصد والتدبير
وإنما الجهل يزل القدما
والبغي هكذا يزيل النعما
من بذل النصح فقد أرشدكا
ومن أبان الوعظ قد أنجدكا
فلا تكن مستبدلاً بالأول
ولا تكن مستوحشا ممن بلي
ذو النصح يلقى محسنا إليكا
ذو الوعظ يغدو مشفقا عليكا
من ترك الحزم مع احتراس
وقد بنى الأمر بلا أساس
فإنه قد أزال عنه العز
بذا كما استولى عليه العجز
وصار من يوم له في نحس
ومن غدٍ له بأي لَبس
من لم يكن لنفسه يصلح لم
يصلح لك أعلم ذا وكن سامي الحكم
ولا يذب عنك من ليس يرى
يذب عن أهل له في ما عرا
من ليس ذا مروءة لا دين له
والله لا يقبل ما قد عمله
وهكذا من لا حياء فيه لا
خير يرى فيه لمن أملا
رحمة من لا يرحم الأناما
تمنع رحمة الذي تسامى
والهلك للأمة باستبقاء من
ليس بمبق أن يكن أوري فنن
والتاج للملك يري عفافه
وحصنه من العدى إنصافه
أما الرشا فالشين للعمال
مع أنها مفسدة الأعمال
انصح من وازرت من عن مأثم
بردع أوحث لفعل الكرم
ومعرض عن نصح خل ناصح
محترق بكيد شان كاشح
إن تُنْشِئ الحرب فأوهج شرها
أو توقد النار فأجج جمرها
في الضعفاء استعمل الحراسه
والأقوياء حكم السياسه
من لم تكن قمعت َبالسياسه
أطمعته لا شك بالرياسه
عد ضعيفا للعدى قويا
كذا أخس كاشح جربا
تكف بذاك من عدو عيله
وتأمن المكر كذاك الحيله
مؤثر لعب ضيع العيه
مدمن شرب أفسد الرويه
من لم يكن للنفس ذا سياسه
فلا يسوس الغير بالرياسه
ومن بأهل بيته قد غدرا
كان بأصحاب الوداد أغدرا
من يستعن بأصغر الرجال
على كبار الأمر والأعمال
ضيع بالذي بدا منه العمل
وفي أمور الملك أوقع الخلل
وخطأ المرء يرى مع العجل
كما الصواب أبدا مع المهل
وشركة الآراء في الأحكام
تفضي إلى الصواب والإحكام
وشركة في الملك تفضي أبدا
إلى اضطرابه وإيقاظ العدى
فصل عرى المقام والرياسه
منك بحسن الحكم والسياسه
سيفك أغمد ما اللسان نابا
عنه وأدركت به الصواب
واستمل العدو ما إحسانكا
وسعه تنل صفا سلطانكا
وإن أغنى الأغنياء من لا يرى
أسير حرص عانيا بين الورى
كما أجل الأمرا من كان لا
أمر عليه للهوى ممتثلا
مصلح نفسه عدوه رغم
معمل جسمه أمانيه غني
حق على السائس قبل جنده
سياسة النفس بكل جهده
وقبل قهر ضده أن يقهرا
هواه حتى يغتدي سامي الذرى
من استغش استحسن القبيحا
وكره الصديق والنصوحا
لا تصطنع من خانه الأصل ولا
تصحب عديم العقل من بين الملا
حيث اصطناع عاقل فضيله
كما اصطناع جاهل رذيله
كل إمرء يعطف نحو مثله
وكل طير مائل لشكله
لا تعجبن من جاهل لعاقل
مستصحب وهو بلا فضائل
واعجب لعاقل غدا للجاهل
يصحب هائما بذور الباطل
إذ كان كل نافرا من ضده
ومائلا لجنسه بجهده
فحق عاقل نفارٌ أبدا
عن جاهل وإن تسامى سؤددا
حيث يرى مجانبا أنحاءه
مخالفا في قصده آراءه
لما يناله من القبيح
يميله إليه والتقبيح
لا تغترر بكبر الجسم لمن
صغر في معرفة بأذى الفطن
كذاك طول قامة ممن يرى
في أن يكون كافيا مقصرا
فإنما الدرة وهي تصغر
من صخرة أعود وهي تكبر
واعلم بأن اليد بالأصابع
وهكذا الملوك بالصنائع
ومن يوازر المليك عينه
وأذنه أمينه وزينه
ونطقه كاتبه وحاجبه
في الناس خلقه به أطايبه
كما رسوله يقال عقله
أما نديمه فذاك مثله
وبهم الأعمال تستقيم
وينجلي ليل المنى البهيم
فإن تولهم مناط أمر
فثق بهم ولا تجئ بنكر
لا تتهمهم أبداً في قول
ما نصحوا بقوة وحول
ولم يقصروا بضبط الملك
ولا كفاية بدون شك
وإن رأيت منهم غدراً بدا
أو عجزوا عما به كل هدى
فاستبدلن وكن مستوفيا
مالك عندهم تكن مستعليا
ولا تقلد أحدا منهم ولا
تعتمدن عليهم بين الملا
تجرعن من العدو الغُصَّه
حتى تكون أمكنتك الفرصه
ثم إذا عزمت في أمر عرا
على رسول لك يجلو ماطرا
أوذي صداقة تريد نصحه
أوذي عداوة ترجي صلحه
فاختبرن فهمه وفطنته
ودينه اسبر وكذا أمانته
والزمنه الوفا والعقدا
وجنب الإكثار ثم الحقد
وحذرنه أن يزل أبدا
عن حسن صدق مع حق وهدى
كذب الرسول يفسد المرادا
وإنه يولد الفسادا
ويبطل الحزم بنقض العزم
ويبعث الحرب برفض السلم
وأنت موزون يكنه عقله
كذاك موسوم يوسم فعله
وأول من يحسن ما استحق من
وفاء إحسان به الفضل زكن
وأول من يسيء ما يستوجب
من الجزا سوءاً كذا قد أوجبوا
تفقد العدو قبل أن يرى
ممتد باع وذراع في الورى
وقبل أن تكثر فيهم شكتة
وقبل أن تشتد أيضاَ شوكته
وعاجلن قبل عضال دائه
وقبل أن تعجز عن دوآئه
واعلم بأن سعي سوءٍ نارُ
كما قبوله لوال عارُ
وعمل المرء به دنآءه
وثقةٌ بأهله غباوه
لأن ما يحمل ساع الطمع
على سعاية وقلة الورع
أو لؤم أصل مع خبث طبع
أو طلب لحاجة ونفع
فاعرضن دوما عن السعاة
وعدهم من جملة العداة
لأنهم قد يفسدون دينكا
كما يزيلون بها يقينكا
يروعون الجند والرعيه
مع نقضهم عهدك نقض النيه
وحملهم على اكتساب الإثم
ولاجتلاب اللوم داعي الذم
اعتمدن في حكم أعمال على
أهل مروءةٍ تنل كل علا
واعتمدن على أولي الحميه
عند القتال تحفظ الرعيه
لأن تلك تمنع الخيانه
والغدر وهي تحفظ الأمانه
وتمنع الهزيمة الحميه
والفر من تطاعن الخطيه
إياك أن تباشر الحروبا
بالنفس يغد الطالب المطلوبا
إذ كنت لا تخلو بذا من ملك
مخاطر به وشر هلك
وأي سلطان إلى الكفاة
الحسن والأعوان والحماة
لملكه استظهر مع سلطانه
وذل شانيه بعز شانه
ومن أسا لجيشه وجنده
إحسانه حوله لضده
وعادل في الحكم والقضيه
يغني عن الجند مع الرعيه
وأي سلطان على رعيته
والأولياء جار في قضيته
على زوال ملكه ودولته
أعان راجي ضره ونكبته
وأي ملك كان ذا استبدال
بالرأي والتدبير كل حال
أصبح مملوكا لمن عاداه
بحد سيفه إذا التقاه
مكن من ضيع حزم أمره
عدوه من ملكه ونحره
ومن يبح يوما بكشف سره
أعان من يبطل كيد مكره
ومنفذ حكم النسا في حكمه
في ملكه أنفذ حكم خصمه
من حَكَمَتْهُ وسطت أصحابه
ضعضع أسبابا له اضطرابه
أي مليك كان ذا انتباه
لطيب اللذات والملاهي
قد نام عن مكايد الأضداد
وفتكة السعاة والأعادي
وراغب بكثرة الهزل نسب
لقلة العلم وعقل ونكب
وأي ملك خف وطأة على
أهل الفساد وغدا عاني بلا
عليه وطأة الأعادي ثقلت
وارتفعت عليه قدرا وعلت
من نام عن رعاية مع النظر
نبهه قبح نكاية الغير
أربعة ليس يزل معها
ملك فيا فوز مريدٍ جمعها
من تلك في الأحكام حفظ الدين
كذاك الاستكفاء للامين
وثالث تقديم أمر الحزم
ورابع إمضاء فعل العزم
أربعة لا ملك ثابتا يرى
معها فيا عناء من لها سرى
أول هذي الغش من وزير
وسوء تدبير من النصير
ومن أولى السلطة خبث نيه
رابع تلك الظلم للرعيه
أربعة ليس لعاقل طمع
فيها تنافي طبع من عانى الورع
غلبة القضاء في ما قد بدا
بقدر كذا نصيحة العدى
تغير للحق والإرضاء
للخلق وهو الداء والعياء
أربعة لم يخل منها جاهل
كما خلا عنها اللبيب العاقل
قول بلا معنى وفعل لا يرى
جدوى به بل قد يكون ضررا
كذا خصومة بدون طائل
والرابع الجدال دون حاصل
أربعة ليس لها من رد
إن تك عال أمرها بالقصد
القول محكيا وسهم قد رمي
والقدر الجاري وماض قد نمي
أربعة تولد المحبة
تنبت سنبل الصفا من حبه
قصد للوفاق مع حسن البشر
ترك النفاق مع بذل السر
أربعة بها علامات الكرم
بذل الندى كف الأذى بلا سأم
ثالثها التعجيل للمثوبه
والرابع التأخير للعقوبه
أربعة للؤم ذات أمر
إفشاء سر واعتقاد الغدر
وغيبة الأفاضل الأخيار
رابعها إساءة الجوار
أربعة تنبي عن الإيمان
حفظ اللسان نية الإحسان
حسن العفاف ورضى الإنسان
في العيش بالكفاف كل آن
أربعة عن النفاق تعرب
لا كان من يسعى لها ويرغب
أول هذي قلة الديانه
تتبعها الكثرة للخيانه
غش الصديق ثالث لها يرى
رابعها نقض مواثيق الورى
أربعة لا ربع دليل
وجه بثينة بها جميل
فعفة دلت على الديانه
وصحة مدلولها الأمانه
والصمت للعقل دليل واضح
والعقل للفضل الأريج النافح
أربعة تقضي على أربعة
بها ترى في الخلق شر بدعة
سعاية تقضي على الدناءة
إساءة قضت على الرداءة
والخلف للبخل به أي قضى
والرابع السخف على الجهل قضى
أربعة من أربع لا تبعد
ليس بها لفاعل ما يحمد
وهي الجهول قد تردي بالسقط
كذا الغفول نام في حجر الغلط
والثالث العجول من داعي الزلل
والرابع الملول من عنا العلل
أربعة من أربع تولدت
أشقت معانيها أسىً ما أسعدت
الشر قد يولد من مزاح
والبغض ثانيها من الكفاح
ووحشة الصحب من الخلاف
ونبوة جاءت من استخفاف
أربعة بأربع تزول
يعدل من عنها له عدول
أولها النعمة بالكفران
تزول والقدرة بالعدوان
ودولة السلطان بالإغفال
وخطوة الإنسان بالإذلال
أربعة ترقى بها لأربعه
بادر إليها باذلاً كل سعه
بالعقل ترتقي إلى الرياسة
وهكذا بالرأي للسياسة
وثالث بالعلم للتصدير
ورابع بالحلم للتوقير
أربعة من أربع لا تنتصف
شر الأنام من بمعناها وصف
لا بنصف الشريف من دني
كذلك الرشيد من غوي
والبر في زمانه من فاجر
رابع هذي منصف من جائر
أربعة لأربع تفضي بلا
شك فسر إلي اقتناها عجلا
صمت إلى سلامة والبشر
إلى كرامة جناها الشكر
والجود أفضاه إلى السياده
وهكذا الشكر إلى الزياده
أربعة بأربع قد تعرف
بنشرها بين الورى تُعَرِّف
فكاتب يعرف من كتابته
وعالم بالكشف عن أجوبته
ويعرف الكريم بالأفعال
أما الحليم فهو باحتمال
أربعة لصحة الآراء
دلت وما في ذاك من مراء
طول لفكر مع حفظ سر
وفرط الاجتهاد عند أمر
وترك الاستبداد ثم أربعه
دلت على الجهل فدع من تبعه
أول هذي صحبة الجهول
والثان منها كثرة الفضول
وثالث إذاعة للسر
ورابع إثارة للشر
أربعة دلت على الإقبال
حسن اختيار المرء في الأحوال
وفضل الاستظهار جمع الآله
رابعها الجميل للإماله
أربعة دلت على الإدبار
أولها قلة الاعتبار
كثرة الاغترار مع تبذير
وسوء تدبير بلا تكبير
أربعة دلت على العقل يرى
حب الفتى العلم أولاً جرى
وحسنه وصحَّةُ الجواب
وكثرة الإفهام والصواب
أربعة دلت على الدهاء
بها الفتى يسمو إلى العلياء
أولها يرى تجرع الغصص
والثان من هذي توقع الفرص
كذاك الاستمداد للآراء
كذا مداراتك للأعداء
أربعة تدلنا على البله
دعه ولاتكن فتىً تميل له
أول هذي اجهل بالأعادي
كذلك الأمن من العوادي
وجفوة الإنسان للإخوان
وجرأة منه على السلطان
أربعة توصلنا لأربعه
لمن يريد حاجة مشيعه
الصبر موصل إلى المحبوب
والجد موصل إلى المطلوب
والزهد للتقى كذا القناعه
إلى الغنى موصلة الجماعه
تحفظ من أربعة أربعة
بها لك الرشاد والمنفعة
فعفة تحفظ من حرام
معرفة المرء من الآثام
ثالثها مرُؤة من غدر
ورابع ديانة من شر
أربعة بأربع تتم
العلم بالنهي كذاك ينمو
وبالتقى الدين ونية عمل
وشرف حرية بها اكتمل
أربعة ليس لها استغناءُ
عن أربع ليس بذا مراءُ
أول هذي ليست الرعيه
على أن تساس أبدا غنيه
والجيش لا يغني عن القواد
ولو غدا كالرمل بالتعداد
وهكذا الرأي عن استشاره
والعزم عن تقديم الاستخاره
ذو ثقة بربه أغناه
وذو توكل له كفاه
ومن يخفه قل خوفه ومن
بعرفه نال منه بالعرفان من
الصدق في الإنسان رأس الدين
وزهده الأساس لليقين
أنفس عقدة هو الإحسان
أفضل عدة هي الإخوان
تقوى الفتى لله خير زاد
والدين أقوى رافع العماد
وطاعة الإله أقوى حرز
قناعة الإنسان أبقى كنز
والحق أقوى صاحب ظهير
والبطل شر خاذل نصير
شر كمين الهوى والعجب
شر قرين بالردى يدب
يحصد فخراً زارع الأجر ومن
شكر دامت نعمة له ومن
ومن يكن صبر خفت محنته
وربما كان بذاك محنته
مضيع نفس لسواه أضيع
مانع بشر لسواه أمنع
الجد إن ولى يضيع الحد
فليس حدان عداك الجد
ويبطل الحذران حل القدر
إذاً فلا يجديك من أمر حذر
كذا إذا حلت مقادير فقد
ضلت تقادير فتىً يروم رد
كم عظة من تحت غلظة وكم
منية تحت الأماني يسلم
خير الذي أردت ما وجدنا
وخير ما أملت ما حصلنا
وإنما أولى الأنام بالحذر
أسلمهم في دهرهم من الغير
وكل مجد هو للزوال
وكل نعمة إلى انتقال
لا أحد يبقى على حال ولا
تخلو من استحالة حال الملا
ورب داع في الورى لحينه
ورب ساع أبدا في شينه
إن كمال الكامل المهذب
مثل الحسام المرهف المذرب
لم يخل شخص من ودود يمدح
ومن حسود بأذاه يقدح
كن ذا اتضاع أبدا من اتضع
جل مقاماً في الأنام وارتفع
ورب مأمول لأمل يضر
ورب محذور لعانيه يسر
لا تخضعن للقوت يا بديع
خير من الخضوع قيل الجوع
ومن له صبرٌ على التلويح
سلم في القول من التصريح
من لم يكن يبذل لم يفضل ومن
ليس يجود لا يسود يا حسن
لا تذكر السلطان فهو نار
وذم إخوانك فيه العار
من قل ما بين الملا كلامه
قلت بذاك بينهم آثامه
ومن يكن كثر فيهم سخطه
كثر من غير مراءٍ غلطه
منهم في قوله الكذوب
وهو بكل حالةٍ مريب
وإن يكن قد صدقت لهجته
ووضحت في قوله لهجته
إن احتمال الضر والأذيه
من كرم الطباع والسجيه
ومن ثمار العرف والإحسان
كثرة الإخوان مع الخلان
ينقص حزناً مالك اللسان
وبسط هذا القبض للإخوان
من لزم الصمت مع المقت أمن
ومكثر الكلام أوذي ووهن
عون القضاء أطيب الأشياء
وغلب الأضداد والأعداء
مريد سلم الدهر خاب مطلبه
ومن يعاتبه يطول معتبه
من قال ما لا ينبغي سمع ما
لا يشتهي ومر هذا فاعلما
ومن يكن طاوع يوماً طرفه
تابع في هوة سوء حتفه
ومن يكن سأل ما لا يجب
سمع ما ليس بحب يعذب
نطق الفتى بغير حكمة هوس
وصمته بغير فكرة خرس
من لم تكن نافعة حياته
ما غم فقده ولا مماته
من يتتبع خلل السلطان
أراد قطع العنق واللسان
من لم يكن سهو أخيه يحتمل
كان لعمدٍ من عداة محتمل
من أعظم الأوزار والذنوب
تحسين شين الناس والعيوب
من أقبح الكلام مدح من لؤُم
وآية اللؤْم مديح من تذم
وغاية العيوب والأوزار
تزكية الفجار والأشرار
من يتتبع بالهوى فبالردى
عثر واغتدى يعاني كمدا
ومن حياته أمرت حلت
وفاته بين الورى وجلت
من قال حقاً في الأنام صدقا
ومن به عمل يوماً وفقا
إن العلا بالهمم العالية
ليس يرى بالرمم البالِية
من شرفت بين الأنام ذاته
بحسنات كثرت آياته
ودولة اللئام والأشرار
من محنة الكرام والأخيار
إذا سطا وملك الأراذل
هلك أهل المجد والأفاضل
وإن يكن يرتفع الوضيع
يتضع الشريف والرفيع
وهكذا يرى إذا ساد السفل
ساء نجاحنا كما خاب الأمل
ومن أشر الرز والنوازل
دولة أهل اللؤم والأراذل
لا تطمعن في نيل ممنوع ولا
تنظ بما لا ترتجيه أملا
من اخرج الشك إلى الإنكار
أخرجه اليقين لاعتذار
من ساء ظنه بمن لم يخن
يحسن يقيناً بالذي لم يكن
من طلب الغالي من المعالي
فمستقل خطر العوالي
ومن يكن رضي بالهوان
هان على الأصحاب والإخوان
ومن يكن رثت به أثوابه
خفي في أفعاله صوابه
ومن تسوء بين الملا أَخلاقه
طاب لكل أحدٍ فراقه
من حسنت وكرمت خصاله
طاب لأهل وده وصاله
بعدٌ لمبوب يولد الصفا
خيرٌ من القرب يولد الجفا
حسن تشاكل يرى مولدا
حسن تواصل فشاكل أبدا
من كان محسناً إلى راج سلك
لحقه قضى ورقه ملك
ومن تراه محسناً إليكا
وجب دوماً شكره عليكا
ومن تكن أطمعت في ما عندكا
صيرته بما فعلت عبدكا
ليس بقمع السفيه إلا
مرُّ الكلام إن أساء فعلا
وليس يردع الجهول أبدا
إلا الحسام مورِداً له الردى
ومن يكن أطاع يوماً ناصحه
أرغم حاسداً له وكاشحه
ومن يكن أصلح دوماً فسده
أهان شانيه وأنكى حاسده
ومن يكن ساء به اختياره
كثر ما بين الورى اعتذاره
ومن تراه مكثراً إحسانه
كثر ما منه بدا أحواله
وإن حسن العهد من داعي الشرف
كذاك صدق الوعد ممن قد عطف
ومن دلائل الوفا والكرم
ربُّكَ نعمة وحفظ الذمم
حسن الصواب من دليل الحمق دالة صلف
بغير آلة ولا أصل شرف
إن كلام عاقل لقوت
كما جواب الجاهل السكوت
طول اللسان هلك إنسان ومن
نيته ساءت فموته حسن
من كان مختاراً لقبح الغدر
يكون مضطراً لطول الهجر
من غره طول من السلامه
قد ابتلى بالطول للندامه
دع اصطناع كافر لبركا
كذا اتخاذ مظهر لسركا
ولا تصاحب ناسي المعالي
وحافظ السوء بكل حال
واجتنبن من قبحت آثاره
وفي الأمور كثر اعتذاره
ومن يكن منه أساء الخلق
أعرض عنه وقلاه الخلق
ومن يكن عجز عن إحسان
غدا مثقلاً على الإخوان
إن من استقصى على الصديق
بقي في الناس بلا رفيق
دع حسدا فهو مذيب القلب
كما يكون مسخطا للرب
من طال في الأنام يوماً حسده
طال عناؤه ودام كمده
الحقد داء للقلوب أبدا
وحسد رأس العيوب قد غدا
من ركب العصيان فهو قد لبس
برد المخازي ومن الخير يئس
عليكا حسن الصدق في مقالكا
والرفق في ما كان من أفعالكا
فصادق المقال جل قدره
كما رفيق الفعل تم أمره
إن اللسان حد سيف قطعا
ليس بمأمون إذا شرعا
والقول سهم نافذ لا يملك
رد له إذا مضى أو يدرك
طول سكوت يلد السلامه
وطول ذاك يلد الندامه
فلا تقل قولاً يزل قدمك
كما يطيل بعد ذاك ندمك
من أحسن المعروف والفضائل
محاسن الإحسان للأفاضل
عارف قدر لم يزل قدمه
لازم شأن لم يحل ندمه
ما اخلص الوداد من لم ينصح
فانصح أخ الود دواماً ترجح
من لم يكن يسمح لم يستكملا
مُرُوءَةً وكان ممن بخلا
من يطلع على خفايا جاره
أبدى انتهاك الحجب من أستاره
ومن يكن قد ركب الفجورا
لقي في ركوبه الشرورا
من أتعب اليراع دوماً كلا
ومن يداوم منه درسا ملا
من لبس الكبر وجاء بالصلف
نزع برد الفخر عنه والشرف
من قل في ما قد أبان أدبه
كثر في نوع الكلام شغبه
شتم في الورى كثير الغضب
حرم من منىً كثير الطلب
كثير سخط أبداً لم يعتب
وذو التجني في الملا لم يصحب
من لم يكن يسره الثناء
فلا يرى يغمه الهجاء
مشتد حرص في الورى وحسد
شديد جور أبدا ونكدِ
من جاور الفجار في الأمور
لنفسه أقر بالفجور
من خالط الأشرار للشرور
له تعرض بلا نكير
ومن على إخوانه أعانا
أضر بالنفس له هوانا
ومن على سلطانه دل فقد
خاطر بالرأس له بدون رد
من صاحب الأنام للشكر اكتسب
وشرهم من غشهم قد اجتلب
واجهل الأنام من صوابه
قل كثيراً في الورى إِعجابه
وأحسن الكلام ما فصوله
قلت وتمت بالمنى أصوله
وأبلغ الكلام ما يدل
لآخر أوله الأجل
وجاء بالإعراب منه الباطن
عن ظاهر زهت له محاسن
أحسنه ما زانه التمام
وعرف الخاص له والعام
وأبلغ الكلام ما مجازه
قل وتم وافياً إيجازه
وكان في ذكر المعاني آيه
ولابتداء شوطها نهايه
وههنا قد وقف اليراع
يروع بأسه ولا يراع
متمماً في سيره ما شرعا
به فجاء للمعاني مبدعا
وقد أجاد الكشف عن سر الأدب
حتى ينال منه راجيه الأرب
وذاك بعد ما أجاد عقدا
لمجمع الأمثال مبدٍ عقدا
فالحمد لله على الإلهام
لسبكه في قالب النظام
ثم صلاته على المختار
وآله وصحبه الأبرار
وكان ختم نظمه يوم الأحد
في يوم عاشورا بتوفيق الأحد
من افتتاح عام تسعين تلت
لمائتين مع ألف كملت
إبراهيم الأحدب
بواسطة
المشرف العام
الإضافة: الأحد 2010/01/10 08:15:43 مساءً
التعديل: السبت 2023/09/23 12:31:15 صباحاً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com