عَزاءً فَما يُغنِي الأَسى والتَّفَجُّعُ | |
|
| وإِن دَهَمَ الخَطبُ الجَليلُ المُزَعزِعُ |
|
وَلو كانَ سَكبُ الدَمعِ يُغنِي أَخَا شَجىً | |
|
| بَكينا دَماً لَكنَّهُ ليسَ يَنجَعُ |
|
فَلا تَتوجَّع مِن مُصَابٍ فَإِنَّمَا | |
|
| يَسُرُّ الأَعادِي مِنكَ هَذا التَوجُّعُ |
|
وَذُو العزمِ قَد يَشجَى ولَكِن بِقَدرِ ما | |
|
| يُرَى ثُمَّ يَنهاهُ نُهَاهُ فَيَشجَعُ |
|
لَنا اللَهُ مِن رُزءٍ عَظيمٍ مُحَيِّرٍ | |
|
| تَكادُ لهُ صُمُّ الجِبالِ تَصدَّعُ |
|
وَواقِعةٍ عمَّ الخَلائِقَ وَقعُها | |
|
| ولَم يَخلُ مِنها في الجَزيرَةِ موقِعُ |
|
وَواخبراً عَن مُنتَدىً في العُلا غَدَت | |
|
| بِهِ تُخفَضُ الأَصواتُ طَوراً وتُرفَعُ |
|
أَلمَّ بنا ليلاً فبِتنا بِلَوعَةٍ | |
|
| وسُمُّ الأَفاعِي عَذبُ ما نتجرَّعُ |
|
تقولُ لنا سُودُ الصَحائِفِ إِذ أَتَت | |
|
| بهِ نحنُ أم بِيضُ الصَفائِحِ أَقطَعُ |
|
أَقولُ وَعَيني بالدُموعِ غَريقةٌ | |
|
| كَذا فلتَجِلَّ الحادِثاتُ وتفجعُ |
|
خليلَيَّ ما لِلأُفقِ أَسوَد والسَمَا | |
|
| تَسُحُّ دَماً والأرض حَرَّى تسفَّعُ |
|
نَعم غابَ بَدرُ التِّمِّ فَالكَونُ لابسٌ | |
|
| ثِيابَ حِدادٍ مِن سَدى الهمِّ تُصنَعُ |
|
فَوَالَوعةَ القَلبِ المُحرَّقِ بالجَوى | |
|
| عَلَى مَن بهِ أَمسَى يُوارِيهِ مَربَعُ |
|
مَضَى راشِدُ الأَفعالِ غيرَ مُودَّعٍ | |
|
| وبِالحَمدِ والذِّكرِ الجَميلِ يُشَيَّعُ |
|
مَضَى ومَشَوا مِن خَلفِهِ وَأمامَهُ | |
|
| وأَبصَارُهُم من شِدَّةِ الهَولِ خشَّعُ |
|
فَيا لكَ من جَفنٍ يَسيلُ ومُهجَةٍ | |
|
| تُسَلُّ بأَيدِي الوجدِ كرهاً وتُنزَعُ |
|
لئِن راحَ مَطوياً بأَذرُعِ خامةٍ | |
|
| فنَشرُ عُلاهُ لم يَزَل يَتَضوَّعُ |
|
فيا قَمراً قد بانَ في الشَرقِ غارِباً | |
|
| وعَهدِيَ بِالأَقمارِ في الشَرقِ تَطلُعُ |
|
رحلتَ لجنّاتِ النَعيمِ مُرَوَّحاً | |
|
| وظَلنَا بنَارِ الكَربِ والبُؤسِ نُلذَعُ |
|
أَظُنُّ الرَدى يَختارُ فِينا سِهَامَهُ | |
|
| وإِلا فَفي الأَحياءِ دُونَكَ مَقنَعُ |
|
خَليليَ ما حُزنِي الغداةَ بِمُقنِعِي | |
|
| عَلى أنَّ مِثلِي بِالعَزا يَتَقَنَّعُ |
|
وَليسَ بَقائِي سَلوةً بَعدَ فقدِهِ | |
|
| ولكنَّ أَمرَ اللَهِ ما مِنهُ مَجزَعُ |
|
وأَنَّى لنا السُلوَانُ والصَبرُ بعدَهُ | |
|
| وفي أَربعٍ منّا خَلَت مِنهُ أَربُعُ |
|
فَمَا أوحشَت مِنهُ لَعَمرِيَ أَربُعٌ | |
|
| تحلَّت بِهِ بل أَوحشت مِنهُ أَضلُعُ |
|
لَقَد كُنتُ أَبكيهِ وفِي قُربِهِ رَجاً | |
|
| فَكيفَ وَقَد أَمسَى وما فيهِ مَطمَعُ |
|
سَيَبكِيهِ مِحرابٌ ودرسٌ وَمِنبَرٌ | |
|
| وكُتبٌ وأَقلامٌ ورَأيٌ ومَجمَعُ |
|
وَوَعظٌ وتذكيرٌ إِلى اللَهِ مُنهِضٌ | |
|
| وزجرٌ يَلينُ الصَخرُ مِنهُ ويَخشَعُ |
|
سَيَبكِي عَليهِ العِلمُ والجودُ والحِجا | |
|
| وحُسنُ النُهى وَالعزمُ والحزمُ أَجمَعُ |
|
فَلو شَفَعَ الدَهرُ الحياةَ لميِّتٍ | |
|
| شَفَعنَا لهُ لَكِنَّهُ لا يُشَفَّعُ |
|
وَلو كانَ ريبُ الدَهرِ يُدفعُ بالقُوَى | |
|
| دَفعنَاه عنهُ بالَّتي هِيَ أَمنَعُ |
|
وَلَكنَّ حُكمَ اللَهِ لا شكَّ نافِذٌ | |
|
| وَما لامرِئٍ عَمّا قَضَى اللَهُ مَدفَعُ |
|
وَمَن كانَ في كَفِّ الزَمانِ زِمامُهُ | |
|
| أَيَنفَعُهُ أَنَّ اللِّجَامَ مُوَسَّعُ |
|
رأيتُ المَنايا خبطَ عشوَاءَ ربَّما | |
|
| نَجا عاطِلٌ مِنها وطاحَ المُدرَّعُ |
|
فَواعَجَباً يمشي ابنُ عِشرينَ آمِناً | |
|
| ويُفجا ابنُ عَشرٍ بالحِمَامِ ويُفجَعُ |
|
لَقَد قصَّرَت عَن كفِّهِ كَفُّ قَيصَرٍ | |
|
| كَما كُسِرَت أَجنادُ كِسرى ومُزِّعُوا |
|
وَلَم ينتَصِر مِن نحسِهِ بُختُ نَصَّرٍ | |
|
| ببُختٍ وَلَم يَنفَعهُ ما كانَ يجمَعُ |
|
وعادَت عَلى عادٍ عَوَادِي صُرُوفِهِ | |
|
| فَعادَت مَغانِي رهطِهِ وهيَ بَلقَعُ |
|
لهُ كلَّ يَومٍ في البَرايا وقائِعٌ | |
|
| وكُلٌّ لجَاري بأسِهِ مُتَوَقِّعُ |
|
فكَيفَ يَطِيبُ العَيشُ أَو يَحسُنُ الهَنا | |
|
| وأَنفُسُنا لِلحَتفِ سَهمٌ مُوَزَّعُ |
|
أَلا إِنَّما الدُنيا هَباءٌ بِكُوَّةٍ | |
|
| وآلٌ عَلى أفنانِ صَحراءَ يلمَعُ |
|
إِذا مَا صَفَت وَقتاً يَسيراً تكدَّرَت | |
|
| وُقُوتاً وإِن أَعطَت فبِالقُربِ تَرجِعُ |
|
وكم مِن خُطاً قد أُوسِعَت في الخَطَا لنا | |
|
| لقد ضاقَ عنهَا العُذرُ لولا التَضَرُّعُ |
|
فيَا أَيُّها المغرورُ فيها بزَهرَةٍ | |
|
| ستُبصِرُ بعدَ الموتِ ما كنتَ تَسمَعُ |
|
رُوَيداً رويداً يا عبيدَ بطُونِهِم | |
|
| على ظَلعِكُم يا أَيُّهَا الظُلعُ أَربِعُوا |
|
فكم قاطعٍ عُرضَ الفَلا في حُطامِها | |
|
| ستَحطِمُ يوماً عُمرَهُ وتُقَطِّعُ |
|
ولو كانَ إِنسانٌ من الحَتفِ سالماً | |
|
| نَجا ذلكَ الشَهمُ الهُمامُ السَمَيدعَ |
|
لقد كانَ عنّا لِلخطُوبِ مُدافِعاً | |
|
| فثارَت عليهِ ثورةً ليسَ تُدفَعُ |
|
لَعَمري لَئِن جارَ الزَمانُ بسلبِهِ | |
|
| فلَم يُفنِ إِلا مُقلَتَيهِ ويقلَعُ |
|
فواهاً لهُ مِن كوكَبٍ غارَ بعدَ ما | |
|
| هلا وحلا مِنهُ مَنَارٌ ومكرَعُ |
|
وثُلمَةِ دينٍ لا يُسَدُّ بغيرِهِ | |
|
| وخَرقٍ على الإِسلامِ هيهَاتَ يُرقَعُ |
|
إمَامٌ أصيلُ الرَأيِ مُذ كان لم يَزل | |
|
| يَسُنُّ لنا طُرقَ المَعالي ويشرَعُ |
|
|
| ولِلّه مِنهُ في السِيادةِ مشرَعُ |
|
ذكِيٌّ يَرَى مُستَقبَلَ الأمرِ ماضِياً | |
|
| ويعرفُ مِنهُ ما يضرُّ وينفَعُ |
|
بليغٌ إِذا ما قالَ أسكَتَ غيرَهُ | |
|
| وأَصغَى لهُ قلبٌ وطَرفٌ ومَسمَعُ |
|
يُدِيرُ من الأمثالِ والحِكَمِ الَّتي | |
|
| غَلَت وحلَت كاساتِ خمرٍ تَشَعشَعُ |
|
فَلولا أخوهُ ثمَّ فتيانُ قَومِهِ | |
|
| لَنَادَيتُ جهراً والعوالمُ تَسمَعُ |
|
تُوُفِّيَتِ الآدابُ مِن بعدِ راشدٍ | |
|
| وأَضحَى سَوامُ المَجدِ وهوَ مُضيَّعُ |
|
فَلا يُشمِت الحسّادَ أَن ينطَفي لَنا | |
|
| سِراجٌ فقد شُبَّت مصابيحُ لُمَّعُ |
|
لئِن غابَ بدرُ التِمِّ هذا شَقيقُهُ | |
|
| سَناهُ ولا فَخراً أَتمُّ وأَرفَعُ |
|
إِذا ما أَلَمَّت وادلَهمَّت مُلمَّةٌ | |
|
| وأعيَت جلاها نورُهُ المُتَشَعشِعُ |
|
فَلولا سناهُ اليومَ كِدنا نَضِلُّ في | |
|
| دُجى ذلك الخَطبِ المَهُولِ المروِّعِ |
|
فيا ربِّ متِّعنا بطولِ حياتِهِ | |
|
| فما عمرُهُ إلا الربيعُ الممتِّعُ |
|
وأوصِل عليهِ سَيبَ بِرِّكَ واكفِهِ | |
|
| وعِترَتَهُ والآل ما مِنهُ مَفزَعُ |
|
وَهَبني رِضَاهُ يا إِلهي وبِرَّهُ | |
|
| فهذا قُصارى ما لهُ أَتَطَلَّعُ |
|
وأَزكى صلاةِ اللَهِ ثمَّ سلامِهِ | |
|
| على المُصطفَى والآل ما لا مُسَهَّمُ |
|