لِمَنِ الدِيارُ عَرَفتَها وَكَأَنَّها | |
|
| لَيسَت غَداةَ أَتَيتَها بِدِيارِ |
|
دَرَسَت مَعارِفَها رِياحٌ تَلتَقي | |
|
| وَتَقادُمٌ مِنها وَضَربُ قِطارِ |
|
حَتّى كَأَنَّ تُرابَها مِن غَيرِها | |
|
| يُفدى لَها مِن رَملَةٍ وَصَحاري |
|
دارٌ لِعَزَّةَ أَو جَميلَةَ إِذ هُما | |
|
| تِربانِ في عَصرٍ مِنَ الأَعصارِ |
|
فَهَلِ الشِبابُ زَمانَ عَزَّةَ راجِعٌ | |
|
| أَم هَل مَشيبُكَ ناظِرُ الإِهتارِ |
|
بَكَرَ المَشيبُ عَلى الشَبابِ فَشانَهُ | |
|
| شَينَ المُحَرِّقِ في الحَديدِ بِنارِ |
|
حَتّى كَأَنَّ حَديثَهُ وقَديمَهُ | |
|
| لَيلٌ تَلَفَّعَ مُدبِراً بِنَهارِ |
|
لَبِسَ الخِضابَ لِكَي يُواري شَيبَهُ | |
|
| وَالشَيبُ لا حَسَنٌ وَلا مُتَواري |
|
طَرَقَتكَ عَزَّةُ مِن مَزارٍ نازِحٍ | |
|
| يا حُبَّ زائِرَةٍ وَبُعدَ مَزارِ |
|
وَاللَيلُ مُختَلِطُ النُجومِ كَأَنَّهُ | |
|
| ساجٌ يُرَوَّقُ سابِغُ الأَستارِ |
|
فَنَهَجتُ أَنظُرُ ما الخَيالُ فَراعَني | |
|
| وَالعَينُ غَيرُ حَديثَةٍ بِغِرارِ |
|
فَرَأى لَها شَبَهاً وَلَيسَ بِعارِفٍ | |
|
| جَدّاً وَلَيسَ بِمُمعِنِ الإِنكارِ |
|
كَالجِنِّ تَعرِفُها إِذا ما أَقبَلَت | |
|
| وَتَكادُ تُنكِرُها مَعَ الإِدثارِ |
|
بِبِساطِ أَغبَرَ مِن تِهامَةَ غائِرٍ | |
|
| مِن بَطنِ نخلةَ مُشرِفِ الأَقطارِ |
|
مِنهُ مَطالِعُ يُهتَدى بِمَنارِها | |
|
| وَمَطالِبٌ لَيسَت بِذاتِ مَنارِ |
|
كَلَّفتُ نَفسي قَطعَها بِشِمِلَّةٍ | |
|
| حُفِزَت مِحالُ فَقارِها بِفَقارِ |
|
سُرحِ اليَدَينِ إِذا الحِدابُ تَرَقَّصَت | |
|
| وَإِذا رُفِعنَ رَفيعَةَ المِشوارِ |
|
حَلَبَ الهَجيرُ بِلَيتِها وَمَقَذِّها | |
|
| حَتّى كَأَنَّ بِها عَنِيَّةَ قارِ |
|
تَعلو النِجادَ كَأَنَّها مُتَوَجِّسٌ | |
|
| طَيّانُ بَينَ خِمائِلٍ وَصَحاري |
|
باتَت تُصَفِّقُهُ جَنوبٌ رَيدَةٌ | |
|
| وَقِطارُ سارِيَةٍ بِغَيرِ شِعارِ |
|
تَطوي شَواكِلَهُ وَتَحنو صُلبَهُ | |
|
| كَالقَلبِ غودِرَ في مِرادِ عَذاري |
|
باتَ المُكَلِّبُ في مَراصِدَ حَولَهُ | |
|
| يَسعى بِطاوِيَةِ البُطونِ ضَوارِ |
|
زُرقِ العُيونِ إِذا رَأَينَ طَريدَةً | |
|
| طَمَحَت سَوالِفُهُنَّ في الأَوتارِ |
|
حَتّى غَدا لَهَقُ السَراةِ كَأَنَّهُ | |
|
| لَئِقُ القَميصِ مِنَ المَشامِلِ عارِ |
|
وَغَدَونَ في قِطَعِ الغُبارِ عَواصِفاً | |
|
| دُرماً حَواجِبُها مِنَ الإِصرارِ |
|
حَتّى إِذا ما كِدنَ أَو خالَطنَهُ | |
|
| وَطَمِعنَ بِالأَنيابِ وَالأَظفارِ |
|
هَزَّ القَناةَ لَهُنَّ ثُمَّ أَعادَها | |
|
| طَورَينِ بَينَ مُعانِقٍ وَمُماري |
|
ثُمَّ اِستَمَرَّ وَفِئنَ غَيرَ جَواذِلٍ | |
|
| يَخلِطنَ بَينَ حَشارِجٍ وَهِرارِ |
|
يَلحَسنَ مِن صَفَحاتِهِنَّ نَوافِذاً | |
|
| لَحسَ الرَوائِمِ سَلخَها الأَبكارِ |
|
وَاِهتَزَّ يَمعَجُ في الجِهادِ كَأَنَّهُ | |
|
| قُرناسَةٌ طُوِيَت عَلى أَنيارِ |
|
فَعَلا الخَميلَةَ وَهوَ يَنفُضُ رَأَسَهُ | |
|
| نَفضَ المَقامِسِ رَأسَهُ المَهّارِ |
|
يَزَعُ الذُبابَ بِحَشرَةٍ مَطوِيَّةٍ | |
|
| وَبِحُرَّتَي مُتَوَجِسٍ بَربارِ |
|
خَمِطُ الضُحى وَكَأَنَّ ريحَ كِناسِهِ | |
|
| مِن رِعيَةِ القَفَراتِ ريحُ صِوارِ |
|
وُشِمَت مَذارِعُهُ بِوَشمٍ بَينَها | |
|
| خَلَلٌ كَما وَشَمَ الأَكُفَّ عَذاري |
|