عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > سورية > إحسان البني > في عيادةٍ نفسية

سورية

مشاهدة
945

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

في عيادةٍ نفسية

ويسألني
طبيب النفس والأعصاب عن نفسي
عن الأيام في الأسبوع
عن يومي وعن أمسي
ويرقبني
بنظرة حاذقٍ يرتاب في نطقي وفي همسي
ويسألني عن الأعدادِ عن تاريخي المنسي
وينبش ضمن أعماقي عن العقد
وعن سببٍ لأحزاني التي تبدو بلا سبب
أقول’: بأنَّ أيامي تساوتْ في رتابتها من الميلاد للأبدِ
فسبتي شابه اثنينيكئيبُ مثلما أحدي
أعيش’ كضفدعٍ أعمى أصمِّ الأذن مرتعد
تساوى في وحولِ القهر ماضٍ عشته بغد
من الميلادِ للأبدِ
***
ويسألني عن المطرِ
أفيد’ بأنَّه دمع السماء ومأتم القمرِ
الذي يبكي من البشرعلى البشرِ
على الأطفال في مدنٍ من الإرهاب والخطرِ
من السادية العمياء في جيشٍ من التترِ
وفي قبرٍ جماعيٍ به نتفُ من البشر
على أطلالِ جدرانٍ من الحجرِ
وأكواخٍ تهاوتْ فوقَ أهليها بلا نذرِِ
على جيشٍ من الأيتام منتشرِ بأرض العالم الثالث
ذرته مجازر الشيطانتحت الريح والمطرِ
بلا أسرِ
***
ويسألنيطبيب النفس في عجبِ
عن الحبِ
وعن شعرٍ رقيق اللون في أدبي
وعن ذاتيةٍ تطغى على كتبي
فكيف تسلل الإنسان’ للبرج الخرافي الذي يعلو
عن الصخبِ؟
أقول: بأنني كالبحرِ في حزنيوفي طربي
أعيش تجاربي طفلاً بريئاً جامح الغضب
أحاور تارةً نفسي
وأكسر تارةً لعبي
وأصفو حين يصفو النوأو أبكي بلا سببِ
وأرغي تارةً أخرى من الإرهاقِ والتعبِ
أجبني يا طبيبَ النفس من يقوى؟
بهذا العصرِأن يشكو من التعب؟
وأن يرغي من الغضبِ
ومن حربٍ نمارسها بلا سببِ
ليملأ أزرق’ العينينِ موقدهوخزنته
بأطنانٍ من البترول والذهبِ
لينعم طفله المتخوم بالتفاح والعنبِ
بآلافٍ من اللعبِ
نخلِّف جيش أيتامٍ من العرب
فوا عجبي!!و واعجبي!!
***
ليلعب تاجر البارود لعبته
ويربي من دماء الشرق ثروته
يوظفنا
ليقتل بعضنا بعضا
وينهب بعضنا بعضا
ويجعل من أخي سيفاً على عنقي وسَّيافا
ويعطيني أنا سوطاً لأجلده’ ويدعو ذاك إنصافا
ويقسم جمعنا شيعاً مشتتةوأحلافا
ويجلس’ بيننا حكماً فضولياًوعرَّافا
وينهب’ من خزائننا ملاييناًوآلافا
***
نزيف الجرح يا دكتور في لبنان أرهقنا
وأدمانا
ونهر الدم في بوبيان والأهوارَ مزدحمُ
بقتلانا
وإسرائيل ترقبنامصفقةً، مشجعةً
لكلِّ معقد سفاح ينهش من خلايانا
تقرر في بلاد الغرب أن نحيا تماسيحاًوحملانا
وقوداً في أتونِ النارِ تدفعنايد الجلادِ
أفراداً وقطعانا
زرافاتٍ ووحدانا
تقرر أنْ نعيش العمر إرهاباً وأحزانا
وأنْ نرضى بإسرائيل بالكرباج نعشقها
وبالإكراه نمنحها مزيداً من أراضينا
وأنْ نخفي عن الجزارِ شكوانا
ونلثم’ راحة الجلاد مغفرةً
ونجثو عنده شكراً وعرفانا
***
فكيف تريد يا دكتور أنْأنجو من التعبِ؟
وأنْ أحيا بلا أذنٍ ولا عينٍ بفرن النار واللهبِ؟
تقول بأنني عصبي؟
أجل عصبي
وعين’ الذئبِ ترصدني تراقبني تحاصرني
تسدّ’ منافذ الهربِ
تمصّعروقي الحبلى بنار السخط والغضبِ
فكيف ألمُّ أشتاتي؟
أنا المذعور’ من قلمي وأوراقي
أنا المذعور’ من أصداء أنفاسي على كتبي
أنا الجاثي على ركبي
أنا الحاني على أجساد أطفالي من الرعبِ
أجل عصبي أجل عصبي
***
لماذا يا طبيب النفس ترهقنيوتحرجني
وتسحب’ من فمي ماءًثقيلاً سوف يخنقني
ويشنقني
نزيف الحرف في ثغرييقيدني
وصمت الغرفة البيضاءِ والجدران’تسحقني
عصابيُوبي هوسُ رماديُ يمزقني
عصابيُ وبي خوفُ يعيش’ معيويقلقني
فأنقذني من الكابوس فالكابوس’ يقتلني
لأفضل’ لي بعصر الرعبِ أنْ أنأى وأعتزل’
وأكتب’ في عيونِ الغيدِ شعراً كله’ غزل’
وأشدو فوق متكأي إلى أنْتثمل المقل’
أغثني يا طبيب النفس من نفسي أنا خجلُ
أنا المقهور’ من زمني
أنا المحكوم’ بالإعدامِ فوق مزابلِ المدنِ
أنا المجنون’ بالإكراه والمغلول’ في كفني
أنا المخنوق’ في دمع اليتامى من بني وطني
أنا المنزوع’ من بدني
إحسان البني

كتبت هذه القصيدة في زمن التعري الفاضح والتكتم الذابح واختناق الكلمة الحرة ومجازر الدم العربي بالخناجر العربية في لبنان والعراق والكويت 2/5/1991 ----- من ديوان( أعود إليكِ)
بواسطة
المشرف العام
الإضافة: الجمعة 2010/06/25 08:36:08 صباحاً
التعديل: السبت 2010/06/26 02:04:55 مساءً
إعجاب
مفضلة
متابعة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com