كَأَنَّكَ قَد جاوَرتَ أَهلَ المَقابِرِ | |
|
| هُوَ المَوتُ يا ابنَ المَوتِ إِن لَم تُبادِرِ |
|
تَسَمَّع مِنَ الأَيامِ إِن كُنتَ سامِعاً | |
|
| فَإِنَّكَ فيها بَينَ ناهٍ وَآمِرِ |
|
وَلا تَرمِ بِالأَخبارِ مِن غَيرِ خِبرَةٍ | |
|
| وَلا تَحمِلِ الأَخبارَ عَن كُلِّ خابِرِ |
|
فَكَم مِن عَزيزٍ قَد رَأَينا امتِناعَهُ | |
|
| فَدارَت عَلَيهِ بَعدُ إِحدى الدَوائِرِ |
|
وَكَم مَلِكٍ قَد رُكِّمَ التُربُ فَوقَهُ | |
|
| وَعَهدي بِهِ في الأَمسِ فَوقَ المَنابِرِ |
|
وَكَم دائِبٍ يُعنى بِما لَيسَ مُدرِكاً | |
|
| وَكَم وارِدٍ ما لَيسَ عَنهُ بِصادِرِ |
|
وَلَم أَرَ كَالأَمواتِ أَبعَدَ شُقَّةً | |
|
| عَلى قُربِها مِن دارِ جارٍ مُجاوِرِ |
|
لَقَد دَبَّرَ الدُنيا حَكيمٌ مُدَبِّرٌ | |
|
| لَطيفٌ خَبيرٌ عالِمٌ بِالسَرائِرِ |
|
إِذا أَبقَتِ الدُنيا عَلى المَرءِ دينَهُ | |
|
| فَمافاتَهُ مِنها فَلَيسَ بِضائِرِ |
|
إِذا أَنتَ لَم تَزدَد عَلى كُلِّ نِعمَةٍ | |
|
| خُصِصتَ بِها شُكراً فَلَستَ بِشاكِرِ |
|
إِذا أَنتَ لَم تُؤثِر رِضى اللَهِ وَحدَهُ | |
|
| عَلى كُلِّ ما تَهوى فَلَستَ بِصابِرِ |
|
إِذا أَنتَ لَم تَطهُر مِنَ الجَهلِ وَالخَنا | |
|
| فَلَستَ عَلى عَومِ الفُراتِ بِطاهِرِ |
|
إِذا لَم تَكُن لِلمَرءِ عِندَكَ رَغبَةٌ | |
|
| فَلَستَ عَلى ما في يَدَيهِ بِقادِرِ |
|
إِذا كُنتَ بِالدُنيا بَصيراً فَإِنَّما | |
|
| بَلاغُكَ مِنها مِثلُ زادِ المُسافِرِ |
|
وَما الحُكمُ إِلّا ما عَلَيهِ ذَوُ النُهى | |
|
| وَما الناسُ إِلّا بَينَ بَرٍّ وَفاجِرِ |
|
وَما مِن صَباحٍ مَرَّ إِلّا مُؤَدِّباً | |
|
| لِأَهلِ العُقولِ الثابِتاتِ البَصائِرِ |
|
أَراكَ تُساوى بِالأَصاغِرِ في الصَبايا | |
|
| وَأَنتَ كَبيرٌ مِن كِبارِ الكَبائِرِ |
|
كَأَنَّكَ لَم تَدفِن حَميماً وَلَم تَكُن | |
|
| لَهُ في حِياضِ المَوتِ يَوماً بِحاصِرِ |
|
وَلَم أَرَ مِثلَ المَوتِ أَكثَرَ ناسِياً | |
|
| تَراهُ وَلا أَولى بِتَذكارِ ذاكِرِ |
|
وَإِنَّ امرَأً يَبتاعُ ضُنيا بِدينِهِ | |
|
| لَمُنقَلِبٌ مِنها بِصَفقَةِ خاسِرِ |
|
وَكُلُّ امرِئٍ لَم يَرتَحِل بِتِجارَةٍ | |
|
| إِلى دارِهِ الأُخرى فَلَيسَ بِتاجِرِ |
|
رَضيتُ بِذي الدُنيا لِكُلِّ مُكابِرِ | |
|
| مُلِحٍّ عَلى الدُنيا وَكُلِّ مُفاخِرِ |
|
أَلَم تَرَها تَرقيهِ حَتّى إِذا صَبا | |
|
| فَرَت حَلقَهُ مِنها بِمُديَةِ جازِرِ |
|
وَما تَعدِلُ الدُنيا جَناحَ بَعوضَةٍ | |
|
| لَدى اللَهِ أَو مِقدارَ زَغبَةِ طائِرِ |
|
فَلَم يَرضَ بِالدُنيا ثَواباً لِمُؤمِنٍ | |
|
| وَلَم يَرضَ بِالدُنيا عِقاباً لِكافِرِ |
|