أَلا رُبَّ ذي أَجَلٍ قَد حَضَر | |
|
| كَثيرِ التَمَنّي قَليلِ الحَذَر |
|
إِذا هَزَّ في المَشيِ أَعطافَهُ | |
|
| تَعَرَّفتَ في مَنكِبَيهِ البَطَر |
|
يُؤَمِّلُ أَكثَرَ مِن عُمرِهِ | |
|
| وَيَزدادُ يَوماً بِيَومٍ أَشَر |
|
وَيُمسي وَيُصبِحُ في نَفسِهِ | |
|
| كَريمَ المَساعي عَظيمَ الخَطَر |
|
تَكونُ لَهُ صَولَةٌ تُتَّقى | |
|
| وَأَمرٌ يُطاعُ إِذا ما أَمَر |
|
يَريشُ وَيَبري وَفي يَومِهِ | |
|
| لَهُ شُغُلٌ شاغِلٌ لَو شَعَر |
|
يَعُدُّ الغُرورَ وَيَبني القُصورَ | |
|
| وَيَنسى الفَناءَ وَيَنسى القَدَر |
|
وَيَنسى القُرونَ وَرَيبَ المَنونِ | |
|
| وَيَنسى الخُطوبَ وَيَنسى الغِيَر |
|
وَيَنسى شُهوراً تُحيلُ الأُمورَ | |
|
| فَإِمّا بِخَيرٍ وَإِمّا بِشَرِّ |
|
يُجَرِّعُهُ الحِرصُ كَأسَ الفَنا | |
|
| وَيَحمِلُهُ فَوقَ ظَهرِ الغَرَر |
|
وَكَم مِن مُلوكٍ عَهِدناهُمُ | |
|
| تَفانوا وَنَحنُ مَعاً بِالأَثَر |
|
أَما تَعجَبونَ لِأَهلِ القُبورِ | |
|
| كَأَنَّهُمُ لَم يَكونوا بَشَر |
|
أَخَيَّ أَضَعتَ أُموراً أَراكَ | |
|
| لِنَفسِكَ فيها قَليلُ النَظَر |
|
فَحَتّى مَتى أَنتَ ذو صَبوَةٍ | |
|
| كَأَن لَيسَ تَزدادُ فيها قِصَر |
|
تُؤَمَّلُ في الأَرضِ طولَ الحَياةِ | |
|
| وَعُمرُكَ يَزدادُ فيهِ قِصَر |
|
أَرى لَكَ أَلّا تَمَلَّ الجِهازَ | |
|
| لِقُربِ الرَحيلِ وَبُعدِ السَفَر |
|
وَأَن تَتَدَبَّرَ ماذا تَصيرُ | |
|
| إِلَيهِ فَتُعمِلَ فيهِ الفِكَر |
|
وَأَن تَستَخِفَّ بِدارِ الغُرورِ | |
|
| وَأَن تَستَعِدَّ لِإِحدى الكُبَر |
|
هِيَ الدارُ دارُ الأَذى وَالقَذى | |
|
| وَدارُ الفَناءِ وَدارُ الغَرَر |
|
وَلَو نِلتَها بِحَذافيرِها | |
|
| لَمُتَّ وَلَم تَقضِ مِنها الوَطَر |
|
لَعَمري لَقَد دَرَجَت قَبلَنا | |
|
| قُرونٌ لَنا فيهِمُ مُعتَبَر |
|
فَيا لَيتَ شِعري أَبَعدَ المَشيبِ | |
|
| سِوى المَوتِ مِن غائِبٍ يُنتَظَر |
|
كَأَنَّكَ قَد صِرتَ في حُفرَةٍ | |
|
| وَصارَ عَلَيكَ الثَرى وَالمَدَر |
|
فَلا تَنسَ يَوماً تُسَجّى عَلى | |
|
| سَريرِكَ فَوقَ رِقابِ البَشَر |
|
وَقَدِّم لِذاكَ فَإِنَّ الفَتى | |
|
| لَهُ ما يُقَدِّمُ لا ما يَذَر |
|
وَمَن يَكُ ذا سِعَةٍ في الغِنى | |
|
| يُعَظَّم وَمَن يَفتَقِر يُحتَقَر |
|
وَمَن يَكُ بِالدَهرِ ذا غِرَّةٍ | |
|
| فَإِنّي مِنَ الدَهرِ عِندي خَبَر |
|
تَرى الدَهرَ يَضرُبُ أَمثالَهُ | |
|
| لَنا وَيُرينا صُروفَ العِبَر |
|
فَلا تَأمَنَنَّ لَهُ عَثرَةً | |
|
| فَكَم مِن كَريمٍ بِهِ قَد عَثَر |
|
يَحولُ عَلى المَرءِ حَتّى تَرا | |
|
| هُ يَشرَبُ بَعدَ الصَفاءِ الكَدَر |
|
وَحَتّى تَراهُ قَصيرَ الخُطى | |
|
| بَطيءَ النُهوضِ كَليلَ النَظَر |
|
أَيا مَن يُؤَمِّلُ طولَ الحَياةِ | |
|
| وَطولُ الحَياةِ عَليهِ ضَرَر |
|
إِذا ما كَبِرتَ وَبانَ الشَبابُ | |
|
| فَلا خَيرَ في العَيشِ بَعدَ الكِبَر |
|