لَكَ الفَوْزُ مِنْ صَوْمٍ زَكِيٍّ ومِنْ فِطْرٍ | |
|
| وَصَلْتَهُما بالبِرِّ شَهْراً إِلَى شَهْرِ |
|
فناطِقُ صِدْقٍ عَنْكَ بالصِّدْقِ والنُّهى | |
|
| وشاهِدُ عَدْلٍ فيكَ بالعَدل والبِرِّ |
|
فهذا بِما استَقْبَلْتَ من صائِبِ النَّدى | |
|
| وهذا بما زَوَّدْتَ من وافِرِ الذُّخْرِ |
|
فكَمْ شافِعٍ فِي ظِلِّكَ الصَّوْمَ بالتُّقى | |
|
| وكَمْ واصِلٍ فِي أَمْنِكَ اللَّيْلَ بالذِّكْرِ |
|
وكم ساجِدٍ لله مِنَّا ورَاكِعٍ | |
|
| يَبيتُ عَلَى شَفْعٍ ويَغْدُو عَلَى وَتْرِ |
|
ووَجْهُكَ للهَيْجَاءِ من دُونِ وَجْهِهِ | |
|
| وتَسْرِي إِلَى الأَعْداءِ عنه ولا يَسْرِي |
|
وظِلُّكَ ممدودٌ عَلَيْهِ وتَصْطَلِي | |
|
| بِجَاحِمِ نارِ الحربِ أَوْ جَامِدِ القُرِّ |
|
خَلَعْتَ عَلَيْهِ ثَوْبَ صَوْنٍ ونِعْمَةٍ | |
|
| وظاهَرْتَ عَنْهُ بَيْنَ صِنٍّ وصِنَّبْرِ |
|
وكمْ قاطِعٍ بالنَّوْمِ لَيْلاً وَصَلْتَهُ | |
|
| بِغَزْوِكَ مَا بَيْنَ الأَصِيلِ إِلَى الفَجْرِ |
|
وأَقْدَمْتَ فِيهِ الخَيْلَ حَتَّى رَدَدْتَها | |
|
| وآثارُها ثَغْرٌ لقاصِيَةِ الثَّغْرِ |
|
كَأَنَّ دُجى لَيْلٍ يَمُرُّ عَلَى الضُّحى | |
|
| إِذَا سِرْنَ أَوْ بَحْراً يمورُ عَلَى البَرِّ |
|
فَأَنْتَ جَزَاءُ صَوْمِنا وَصَلاتِنا | |
|
| وَفِيكَ رَأَيْنا مَا ابْتَغَيْنَا مِنَ الأَجْرِ |
|
ومِنْكَ اسْتَمَدَّ الفِطْرُ مَطْعَمَ فِطْرِنا | |
|
| وفيكَ أَرَتْنَا قَدْرَها لَيْلَةُ القَدْرِ |
|
وباسْمِكَ عَزَّتْ فِي الخِطابِ مَنابِرٌ | |
|
| بأَسْعَدِ عِيدٍ عادَ بالسَّعْدِ أَوْ فِطْرِ |
|
ولاحَ لَنَا فِيهِ هِلالٌ كَأَنَّهُ | |
|
| بَشِيرٌ بِفَتْحٍ مِنْكَ أَشْرَقَ بِالبِشْرِ |
|
أَهَلَّ فأَهْلَلْنا إِلَيْهِ تَمَثُّلاً | |
|
| بِرُحْبِكَ جُنْحَ اللَّيْلِ بالضَّيْفِ تَسْتَقْرِي |
|
وأَسْفَرَ عَنْ زُهْرِ النُّجُومِ كَأَنَّما | |
|
| جَبينُكَ أَبْدى عن خَلائِقِكَ الزُّهْرِ |
|
عَلا وتَدَانى للعُيُونِ كَمَا عَلا | |
|
| مَحَلُّكَ واسْتَدْنَيْتَ بُعْدَاً عَنِ الكِبْرِ |
|
وذَكَّرَنا عَطْفاً بِعَطْفِكَ حانياً | |
|
| عَلَى الدِّينِ والإِسلامِ فِي البَدْوِ والحَضْرِ |
|
هلالُ مَساءٍ باتَ يَضْمَنُ لِلضُّحى | |
|
| غَدَاةَ المُصَلَّى مطلعَ الشَّمْسِ والبَدْرِ |
|
ومِلْءَ عُيُونِ النَاظِرِينَ كتَائِباً | |
|
| كَتَبْتَ بِهَا الآفاقَ سَطْراً إِلَى سَطْرِ |
|
مُخَطَّطَةً بالخَيْلِ والأُسْدِ والحُلى | |
|
| ومُعْجَمَةً بالبَيْضِ والبِيضِ والسُّمْرِ |
|
وصادِقَةَ الإِقْدَامِ تَهْتَزُّ لِلْوَغى | |
|
| وخافِقَةَ الأَعْلامِ تَعْتَزُّ بِالنَّصْرِ |
|
فَصَلَّيْتَ وَهْيَ النُّورُ فِي مَشْرِقِ العُلا | |
|
| وأَصْلَيْتَ وَهْيَ النَّارُ فِي مَغْرِبِ الكُفْرِ |
|
ولما اسْتَهَلَّتْ بالسَّلامِ صَلاتُهُمْ | |
|
| أَهَلَّتْ إِلَى تَسْلِيمِهِمْ سُدَّةُ القصْرِ |
|
فَكَرُّوا يُعِيدُونَ السَّلامَ عَلَى الَّذِي | |
|
| يُعَاوِدُ عَنْهُمْ فِي العِدى صادِقَ الكَرِّ |
|
يُحَيُّونَ بالإِعْظَامِ مَوْلَىً حَنانُهُ | |
|
| أَخَصُّ بِهِمْ مِنْ رَأْفَةِ الوالِدِ البَرِّ |
|
ووافَوْا سريرَ المُلْكِ يَسْتَلِمُونَهُ | |
|
| كمُسْتَلَمِ الحُجَّاجِ للرُّكْنِ والحِجْرِ |
|
مَشاهِدُ غارَتْ فِي البِلادِ وأَنْجَدَتْ | |
|
| مُحَقَّقَةَ الأَنْباءِ طَيِّبَةَ النَّشْرِ |
|
أَنارَتْ فَما بِالخُلْدِ عَنْهُنَّ مِنْ عَمىً | |
|
| ولا بِزَبابِ الرَّمْلِ عَنْهُنَّ مِنْ وَقْرِ |
|
فكيفَ بأَبْصارٍ أَضَاءَتْ لَهَا المُنى | |
|
| إِلَيْكَ وأَسماعٍ صَغَتْ فِيكَ لِلْجَبْرِ |
|
ولا مِثْلَ مَجْلُوِّ النَّواظِرِ بالْعِدى | |
|
| بَياتاً ومَفْتُوقِ المَسَامِعِ بالذُّعْرِ |
|
تَوَقَّى فأَبْلى عُذْرَ نَاجٍ مُخاطِرٍ | |
|
| فَرَدَّ المنايا عنهُ مُبْلِيَةَ العُذْرِ |
|
وآنَسَ يَا مَنْصُورُ عِنْدَكَ نَفْسَهُ | |
|
| فَجَلَّى لَهَا تَحْتَ الدُّجى ناظِرَيْ صَقْرِ |
|
فأَهْوى إِلَى مَثْوَاكَ أَمضى مِنَ الهوى | |
|
| وأَسْرى إِلَى مَأْوَاكَ أخفى مِنَ السِّرِّ |
|
فَكمْ جُزْتُ من سَيْفٍ لِقَتْلِيَ مُنْتَضىً | |
|
| وجاوزتُ من لَيْثٍ لِضَغْمِيَ مُفْتَرِّ |
|
فيا خِزْيَ ذا مِنْ سَبْقِ خَطْوٍ مُخاطِرٍ | |
|
| ويا لَهْفَ ذا مِنْ فَوْتِ غِرَّةِ مُغْتَرِّ |
|
كَأَنَّ خُفُوقَ القَلْبِ مَدَّ جوانِحي | |
|
| بأَجْنِحَةٍ رِيشَتْ منَ الرَّوْعِ والذُّعْرِ |
|
وتَحْتَ جَناحَيْ مَقْدِمِي وتَعَطُّفِي | |
|
| ثمانٍ وَعَالَتْ بالْبَنينَ إِلَى الشَّطْرِ |
|
أَخَذْتُ لَهُمْ إِصْرَ الحياةِ فأُجِّلُوا | |
|
| وَقَدْ أًخَذَ الإِشْفَاقُ مِنِّي لَهُمْ إِصْرِي |
|
فَحَمَّلْتُهُمْ وِزْراً ولَوْ خَفَّ مِنْهُمُ | |
|
| جَناحِي لكانَ الطَّوْدُ أَيْسَرَ مِنْ وِزْرِي |
|
فلِلَّهِ من أَعْدَادِ أَنْجُمِ يُوسُفٍ | |
|
| تَحَمَّلَها مِنْها أَقلُّ مِنَ الْعُشْرِ |
|
إِلَى كُلِّ مَأْوىً لِلْجَلاءِ هَوى بِنا | |
|
| إِلَى حَيْثُ لا مَهْوَى عُقابٍ ولا نَسْرِ |
|
رحَلْتُ لَهُ عُوجاً كَأَنَّ هُوِيَّها | |
|
| بِنا فِيهِ أَفْلاكٌ بأَنْجُمِها تَجْرِي |
|
طَوَيْنَ بِنا بُعْدَ السِّفَارِ كَأَنَّها | |
|
| ليالٍ وأَيَّامٍ طَوَيْنَ مَدى العُمْرِ |
|
ورُبَّتَما اسْتَوْدَعْنَنا بَطْنَ حُرَّةٍ | |
|
| هَوَائِيَّةِ الأَحْشاءِ مائِيَّةِ الظَّهْرِ |
|
رَحِيبَةِ مَأْوى الضَّيْفِ مانِعَةَ الْقِرى | |
|
| وغَيْرُ ذَمِيمٍ أَنْ تُضِيفَ ولا تَقْرِي |
|
فكَمْ ليَ بَيْنَ اللَّوْحِ واللَّوْحِ طائِراً | |
|
| وأَوْكارُهُمْ فِي طائِرٍ غَيْرِ ذِي وَكْرِ |
|
وكمْ أَسْلَمُوا لِلْعَسْفِ والخَسْفِ مِنْ حِمىً | |
|
| وكمْ تَرَكُوا للغَصْبِ والنَّهْبِ من وَفْرِ |
|
وكم وَجَّهُوا وَجْهاً لبارِقَةِ الظُّبى | |
|
| وكم وَطَّنُوا نَحْراً لِنافِذَةِ النَّحْرِ |
|
وكمْ أَقدَمُوا بَيْنَ المَنايا كَمَا هَوَتْ | |
|
| فَرَائِسُ أُسْدِ الْغابِ لِلنَّابِ والظُّفْرِ |
|
وكم بَدَّلُوا مِنْ وَجْهِ راعٍ وحافِظٍ | |
|
| وُجُوهَ المنايا السُّودِ والحَدَقِ الحُمْرِ |
|
ومِنْ رَفْرَفِ الأَسْتارِ دُونَ حِجَالِها | |
|
| تَرَقْرُقَ لَمْعِ الآلِ فِي المَهْمَهِ القَفْرِ |
|
ومن ساجِعِ الأَطْيارِ فَوْقَ غُصُونِها | |
|
| مُراسَلَةَ الأَلْحَانِ فِي نَغَمِ الوَتْرِ |
|
تُنادي عَزِيفَ الجِنِّ فِي ظُلَمِ الدُّجى | |
|
| وهَوْلِ الْتِطَامِ المَوْجِ فِي لُجَجِ البَحْرِ |
|
وكم زَفْرَةٍ نَمَّتْ عَلَيْهِمْ بِحَسْرَةٍ | |
|
| أَنَارَتْ بِنارِ السِّرِّ فِي عَلَمِ الجَهْرِ |
|
ونادَتْ عُيُونَ الشَّامِتينَ إِلَى القِرى | |
|
| بأَفْلاذِ أَكْبادٍ كصَالِيَةِ الجُزْرِ |
|
ومَاذَا جَلا وَجْهُ الجَلاءِ مَحاسِناً | |
|
| تَهابُ العُيُونُ مَا نَثَرْنَ من الدُّرِّ |
|
وماذا تَلظَّى الحَرُّ فِي حُرِّ أَوْجُهٍ | |
|
| تَنَسَّمُ فِيهِ بَرْدَ ظِلٍّ عَلَى نَهْرِ |
|
وماذَا أَجَنَّ اللَّيْلُ فِي مُوحِشِ الفَلا | |
|
| أَوانِسَ بالأَتْرَابِ فِي يانِعِ الزَّهْرِ |
|
وماذا تَرَامى المَوْجُ فِي غَوْلِ لُجَّةٍ | |
|
| بِلاهِيَةٍ بَيْنَ الأَرَائِكِ والخِدْرِ |
|
فإِنْ نَبَتِ الأَوْطَانِ مِنْ بَعْدُ عَنهُمُ | |
|
| فلا مَحْجَرِي حَجْرٌ عَلَيْهِمْ ولا حِجْرِي |
|
وإِنْ ضاقَ رَحْبُ الأَرْضِ عَنْ مُنْتَوَاهُمُ | |
|
| فَرَحْبٌ لَهُمْ مَا بَيْنَ سَحْرِي إِلَى نَحْرِي |
|
وإِنْ تَقْسُ أَكْبادٌ كِرَامٌ عَلَيْهِمُ | |
|
| فواكَبِدِي مِمَّنْ تَذُوبُ لَهُ صَخْرِي |
|
وإِنْ تَبْرَمِ الأَيْسَارُ فِي أَزَمَاتِهِمْ | |
|
| فأَحْبِبْ بِأَيْسارٍ قَمَرْتُ لَهُمْ يُسْرِي |
|
فَفازُوا بِنَفْسي غَيْرَ جُزْءٍ ذَخَرْتُهُ | |
|
| لِما شَفَّ مِنْ خَطْبٍ وَمَا مَسَّ مِنْ ضُرِّ |
|
فَعَفْوٌ لَهُمْ جَهْدِي وحُلْوٌ لَهُمْ مُرِّي | |
|
| وصَفْوٌ لَهُمْ طِرْفي ويُسْرٌ لَهُمْ عُسْرِي |
|
وإِنْ أَضْرَمُوا قَلْبِي فَجَمْرِي لَهُمْ نَدٍ | |
|
| وإِنْ غَيَّضُوا شِرْبِي فَرَوْضِي لَهُمْ مُثْرِ |
|
وَدَائِعُ نَفْسِي عِنْدَ نفسي حَفِظْتُها | |
|
| بِما ضاعَ مِنْ حَقِّي وَمَا هانَ مِنْ قَدْرِي |
|
قَليلٌ غِناهُم عَنْ يَدِي وَغَناؤُهُمْ | |
|
| سِوى أَنَّهُمْ مِنْ ضَيْمِ كَسْبي لَهُمْ عُذْري |
|
وأَنِّي لَهُمْ فِي ماءِ وَجْهِي تاجِرٌ | |
|
| أُغَنِّمُهُمْ غُنْمِي وأُرْبِحُهُمْ خسُرِي |
|
وأُسْلِمُ فِي وَخْزِ السَّفى ثَمَرَ المُنى | |
|
| وأَبْذُلُ فِي قَذْفِ الحصى جَوْهَرَ الشُّكْرِ |
|
وإِنْ نَفَقَتْ عِنْدي بِضَاعَةُ قانِعٍ | |
|
| تَقَنَّعْتُ مِنْها فِي خَزَايَةِ مُعْتَرِّ |
|
رَجاءً لِضُمْرٍ طالما قَدْ عَهِدْتُهُ | |
|
| يُريني أَناةَ السَّهلِ فِي المَسْلَكِ الوَعْرِ |
|
وخزياً لِوجهٍ هانَ فِي صَوْنِ أَوْجُهٍ | |
|
| كريمٍ بهم رِبْحِي لَئيمٍ بهم تَجْرِي |
|
بعدَّة أبراجِ السَّماءِ وَمَا سرى | |
|
| مداها إِلَى صُبْحٍ يُضيءُ ولا فَجْرِ |
|
وكيفَ وَمَا فِيهَا معرَّجُ مَنْزِلٍ | |
|
| لِشَمْسٍ تُجلِّي ليلَ همٍّ ولا بَدْرِ |
|
ولكن قُلُوبٌ قُسِّمَتْ وجوانِحٌ | |
|
| منازِلَ مقدوراً لَهَا نُوَبُ الدَّهْرِ |
|
وأَنْجَمِ أَنْواءٍ تَنْوءُ بِهَا النَّوى | |
|
| وَلَيْسَ لَهَا إِلّا دُمُوعِيَ مِنْ قَطْرِ |
|
ولا مَطْلَعٌ إِلّا مِهادِيَ أَوْ حِجْرِي | |
|
| ولا مَغْرِبٌ إلّا ضُلُوعِيَ أَوْ صَدْرِي |
|
إِذَا ازْدَحَمُوا فِي ضَنْكِ شِرْبِي تَمَثَّلُوا | |
|
| بأَسْباطِ مُوسى حولَ منفَجَرِ الصَّخْرِ |
|
ولو بعَصَا موسى أُفَجِّرُ شُرْبَهُمْ | |
|
| ولكنْ بِذُلِّ الفقرِ فِي عزَّة الوَفْرِ |
|
فما جَهِدُوا فُلْكاً كَما جَهِدُوا يَدِي | |
|
| ولا أَنْقَضُوا رحلاً كَمَا أنْقَضُوا ظَهْرِي |
|
كَأَنَّ لَهُمْ وِتْراً عَلَيَّ وَمَا انْتحى | |
|
| لَهُمْ حَادِثٌ إِلّا وَفِي نَفْسِهِ وِتْرِي |
|
ولَوْلاهُمُ لَمْ أُبْدِ صَفْحَةَ مُعْدِمٍ | |
|
| وَلَمْ أُسْمِعِ الأَعْداءَ دَعْوَةَ مُضْطَرِّ |
|
ولا جُدْتُ لِلدُّنيا بِخَلَّةِ واصِلٍ | |
|
| ولَوْ بَرَزَتْ لي فِي غَلائِلِها الخُضْرِ |
|
ولا راقني مَا فِي الخُدُودِ من الهوى | |
|
| ولا شاقني مَا فِي العُيونِ من السِّحْرِ |
|
ولم يلهني قُربُ الحبيب الَّذِي دنا | |
|
| وَلَمْ يُصبني طيفُ الخيالِ الَّذِي يسري |
|
ونادَيْتُ فِي بِيضِ النُّضارِ وصُفْرِها | |
|
| لِغَيْرِيَ فابْيَضِّي إِذَا شِئْتِ واصْفَرِّي |
|
وأَعليتُ فِي مُلْكِ القناعة همَّتي | |
|
| وهديِ الهدى حصني ونهيِ النُّهى قصري |
|
إِذَا غزت اللذّات قلبي هزمتُها | |
|
| بجيشينِ من حسن التحمُّلِ والصَّبْرِ |
|
وإِنْ غَزَتْ الآمالُ نفسي صرمتُها | |
|
| بصارِمِ يأْسٍ فِي يمينِ تُقىً حُرِّ |
|
ولكِنْ أَبى مَا فِي الفُؤَادِ مِنَ الأَسى | |
|
| وأَعْضَلَ مَا بَيْنَ الضُّلُوعِ مِنَ الجَمْرِ |
|
وَمَا لَفَّ عَهْدُ اللهِ فِي ثَوْبِ غُرْبَتِي | |
|
| مِنَ الآنِساتِ الشُّعْثِ والأَفرُخِ الزُّعْرِ |
|
وَمَا لاح يَا مَنْصُورُ مِنْكَ لزائِرٍ | |
|
| وأَسْفَرَ من إِشراقِ وَجْهِكَ لِلسَّفْرِ |
|
وَمَا أَرْصَدَتْ يمناكَ للضَّيْفِ من قِرىً | |
|
| وَمَا بسطَتْ علْيَاكَ للعلمِ من بِرِّ |
|
وتقديرُ رَبِّ الخلْقِ والأَمرِ إِذْ قَضى | |
|
| بِخَلْقِكَ فاسْتَصْفَاكَ للخَلْقِ والأَمْرِ |
|
فَمَكَّنَ سيفَ النَّصْرِ فِي عاتِقِ العُلا | |
|
| وأَثْبَتَ تاجَ المُلْكِ فِي مَفْرِقِ الفَخْرِ |
|
وكَرَّمَ نفسَ الحِلْمِ عن وَغَرِ القِلى | |
|
| وَطَهَّرَ جِسْمَ المجدِ من دَنَسِ الغَدْرِ |
|
وحَلّاكَ فِي هَذَا الأَنامِ شمائِلاً | |
|
| أَدالَ بِهِنَّ اليُسْرَ من دولَةَ العُسْرِ |
|
وسمَّاكَ فِي الأَعداءِ مُنْذِرَ بأْسِهِ | |
|
| بما اشْتَقَّ فينا من وفائِكَ بالنَّذْرِ |
|
فلَمَّا توافى فيك إبداعُ صُنْعِهِ | |
|
| وقَدَّرَ أَنْ يُعْلِيكَ قَدْراً إِلَى قَدْرِ |
|
رآكَ جديراً أن يباهِيَ خَلْقَهُ | |
|
| ويُحْيِي بكَ الأَملاكَ فِي غابِرِ الدَّهْرِ |
|
بعَبْدٍ حَبا يُمْنَاكَ مُعْجِزَ رَبِّهِ | |
|
| وأَصْفاكَ منه طاعَةَ المُخْلِصِ الحُرِّ |
|
فأَنْطَقَ غَرْبَيْ قلبِهِ ولسانِهِ | |
|
| بتخليدِ مَا سَيَّرتَ من طَيِّبِ الذِّكْرِ |
|
لَيُبلِكَ عُمْراً بالغاً بك غَايَةً | |
|
| وعُمْرَ ثَناءٍ بَعْدَ مُنْصَرَمِ العُمْرِ |
|
ويكتُبَ لي فِي آلِ يَحْيَى وسائِلاً | |
|
| تتيهُ عَلَى القُرْبى وتُزْهى عَلَى الصِّهْرِ |
|
وَلاءٌ لمن أَعْتَقْتَ من مُوبِقِ الرَّدى | |
|
| ورِقٌّ لمن أَطلقْتَ من مُوثِقِ الأَسْرِ |
|
وما رُدَّ مِنْ حَمْدِي إِلَيْكَ ومن شكري | |
|
| ورُدِّدَ من نظمِي عَلَيْكَ ومن نَثْرِي |
|
وإِنَّكَ مَا تنفكُّ مِنِّيَ مُعْرِساً | |
|
| بعذراءَ من نفسِي وغَرَّاءَ من فِكْرِي |
|
تُهِلُّ إليها كُلُّ عذراءَ غادَةٍ | |
|
| وتَخْجَلُ منها كُلُّ فَتَّانَةٍ بِكْرِ |
|
وتشرِقُ من مَبْدَا سُهَيْلٍ إِلَى السُّهى | |
|
| وتَعْبَقُ من مجرى البُطَيْنِ إِلَى الغُفْرِ |
|
تَلأْلُؤَ مَا أَسْدَتْ أَياديكَ فِي يَدِي | |
|
| وتحبيرَ مَا أَعْلَتْ مساعِيكَ من حِبْرِي |
|
وفخرُكَ محمولٌ بحمديَ فِي الورى | |
|
| وذِكرُكَ موصولٌ بذكرِي إِلَى الحَشْرِ |
|