مَا أَحْسَنَ الصَّبْرَ فيما يَحْسُنُ الجَزَعُ | |
|
| وأَوْجَدَ اليَأْسَ مَا قَدْ أَعْدَمَ الطَّمَعُ |
|
وللمنايا سِهامٌ غيرُ طائِشةٍ | |
|
| وذو النُّهى بجميلِ الصَّبْرِ مُدَّرِعُ |
|
فإِن خَلَتْ للأَسى فِي شجوها سُنَنٌ | |
|
| فطالَما أُحْمِدَتْ فِي كَظْمِها البِدَعُ |
|
وللفجائِعِ أَقدارٌ وأَفْجَعُها | |
|
| للنَّفْسِ حَيْثُ ترى أَظفارَها تَقَعُ |
|
كَأَنَّ للموتِ فينا ثأْرَ مُحْتَكِمٍ | |
|
| فما بغيرِ الكريمِ الحُرِّ يَقْتَنِعُ |
|
قَدْ خَبَّرَتْ نفسُ إِسماعِيلَ فِي يدِهِ | |
|
| أَنْ لَيْسَ عن حُرُماتِ المَجْدِ يرتَدِعُ |
|
فاحْتَسِبُوا آلَ إِسماعِيلَ مَا احْتَسَبَتْ | |
|
| شُمُّ الرُّبى من غَمامِ الغَيْثِ يَنْقَشِعُ |
|
واحْتَسِبُوا آلَ إِسماعِيلَ مَا احْتَسَبَتْ | |
|
| خيلُ الوغى من لواءِ الجَيْشِ يَنْصَرِعُ |
|
مَاذَا إِلَى مِصْرَ من بِرٍّ ومن كَرَمٍ | |
|
| بعَثْتُمُ مَعَ وَفْدِ اللهِ إِذْ رَجَعُوا |
|
حَجُّوا بِهِ بِهِلالِ الفِطْرِ وانْقَلَبُوا | |
|
| فاسْتَوْدَعُوهُ ثَرى مِصْرٍ وَمَا رَبَعُوا |
|
فأيُّ قَدْرٍ رفيع حانَ مَحْمِلُهُ | |
|
| فِي النَّعْشِ يوماً عَلَى أَكتافِهِمْ رَفَعُوا |
|
وأَيُّ مُخْتَشِعٍ للهِ مُتَّضِعٍ | |
|
| حُرِّ الشمائِلِ فِي حَرِّ الثَّرى وَضَعُوا |
|
وغادَرُوهُ ولا غَدْرٌ بما فَعَلُوا | |
|
| وَوَدَّعُوهُ ولا بَاكٍ لِمَنْ وَدَعُوا |
|
تغدُو عَلَيْهِ حَمامُ الأَيْكِ باكِيَةً | |
|
| وتَسْتَهِلُّ عَلَى أَكْنافِهِ القَلَعُ |
|
والرِّيحُ تُهْدِي لَهُ من كُلِّ عارِفَةٍ | |
|
| عَرْفاً وتحمِلُ عنه فَوْقَ مَا تَدَعُ |
|
فاسْتَشعِرُوا آلَ إِسماعِيلَ تَغْزِيَةً | |
|
| يُهْدى لَهَا واعِظٌ منكُمْ ومُسْتَمِعُ |
|
فإِنْ غَدَا شَعْبُكُمْ فِي اللهِ مُفْتَرِقاً | |
|
| فإِنَّ شَعْبَكُمُ فِي المَجْدِ مُجْتَمِعُ |
|
وإِنْ يُصَدِّعْ قُلُوباً صَدْعُ شَمْلِكُمُ | |
|
| فالصَّبْرُ كالشَّمْسِ حَيْثُ الفَجْرُ يَنْصَدِعُ |
|
وإِنْ جَزِعْتُمْ فَرُزْءٌ لا يقومُ لَهُ | |
|
| فيضُ الدُّموعِ ولا يُشْفَى لَهُ وَجَعُ |
|
وإِنْ صَبَرْتُمْ فمِنْ قومٍ إذَا بُعِثُوا | |
|
| لَمْ يُوهِ عَزْمَهُمُ ذُعْرٌ ولا فَزَعُ |
|
قَدْ وَطَّنُوا أَنْفُساً للدَّهْرِ لَيْسَ لَهَا | |
|
| إِلّا مِنَ الذَّمِّ أَنْ يَدْنُو لَهَا جَزَعُ |
|
كَأَنَّهُمْ فِي نَعيمِ العَيْشِ مَا نَعِمُوا | |
|
| وَفِي الفجائِعِ بالأَحْبابِ مَا فُجِعُوا |
|
للهِ من حُرَمِ الأَموالِ مَا بَذَلُوا | |
|
| جُوداً ومن حُرَمِ الجِيرانِ مَا مَنَعُوا |
|
وَمَا كَسَوْكُمْ مِنَ المَجْدِ الَّذِي لَبسُوا | |
|
| واسْتَحْفَظُوكُمْ من الصَّبْرِ الَّذِي شَرَعُوا |
|
فارْبِطْ لَهَا يَا أَبا مَرْوانَ جأْشَ فتىً | |
|
| سَما فَأَتْبَعَ حَتَّى عادَ يُتَّبَعُ |
|
وَقَدْ عَضَضْتَ عَلَى نابِ البَزُولِ فَلا | |
|
| يغبنك حُسْنَ العزاءِ الأَزْلَمُ الجذَعُ |
|
دَهْرٌ شَجَاكَ وَقَدْ وَفَّاكَ تَعْزِيَةً | |
|
| جَلَّتْ فَلَيْسَتْ بِغَيْرِ القلبِ تُسْتَمَعُ |
|
بُشْرى لِمَنْ زُوِّدَ التَّقْوى لِمُنْقَلَبٍ | |
|
| حَيَّاهُ مُدَّخَرٌ فِيهِ ومُطَّلَعُ |
|
بِمِيتَةٍ فِي سبيلِ اللهِ أَسْلَمَهُ | |
|
| فِيهَا إِلَى رَبِّهِ الأَبناءُ والشِّيَعُ |
|
فِي حجَّةٍ بِرُّها فِي اللهِ مُتَّصِلٌ | |
|
| بالمُحْرِمِينَ عنِ الأَوْطَانِ مُنْقَطِعُ |
|
لَبَّى من الغايَةِ القُصْوى فجاوَبَهُ | |
|
| حُورُ الخِيامِ إِلَى لُقْيَاهُ تَطَّلِعُ |
|
واسْتَفْتَحَ الكَعْبَةَ العَلْياءَ فافْتُتِحَتْ | |
|
| لَهُ إِلَى الجَنَّةِ الأَبوابُ والشِّرَعُ |
|
فكَيْفَ تُوحِشُكَ الدُّنيا إِلَى شِيَمٍ | |
|
| لِذِكْرِها فِي الوَرى مَرْأَىً ومُسْتَمَعُ |
|
تُتْلى فَيَعْبُقُ منها كُلُّ ذِي تَفَلٍ | |
|
| طيباً ويَعْذُبُ منها الصَّابُ والسَّلَعُ |
|
قَدْ حَمَّلَتْ أَلسُنَ المُثْنِينَ مَا حَمَلَتْ | |
|
| وَأَوْسَعَتْ أَيْدِيَ العافِينَ مَا تَسَعُ |
|
كالغَيْثِ يَنْأَى وَمَا يَخْفى لَهُ أَثَرٌ | |
|
| والمِسكُ يُوعى وَمَا يُوعى لَهُ فَنَعُ |
|
لِطَيِّبِ الذِّكْرِ من حِلْمٍ ومن ورَعٍ | |
|
| لَوْ كَانَ للموتِ حِلْمٌ عنهُ أَوْ وَرَعُ |
|
ومانِعِ الجارِ من ضَيْمٍ ومن عَدَمٍ | |
|
| لَوْ أَنَّهُ من حِمامِ الحَيْنِ يَمْتَنِعُ |
|
ووَازِعِ الخطبِ عن قُرْبٍ وعَنْ بُعُدٍ | |
|
| لَوْ أَنَّ صَرْفَ الرَّدى من بَعْضِ مَا يَزَعُ |
|
وإِنْ أَقمْتَ أبا مَرْوَانَ سُنَّتَها | |
|
| شَجْواً فَذُو اللُّبِّ فِي السُّلْوانِ يَبْتَدِعُ |
|
فارْدُدْ زَفِيرَكَ عَمَّا لا مَرَدَّ لَهُ | |
|
| وارْجِعْ دُمُوعَكَ عَمَّنْ لَيْسَ يُرْتَجَعُ |
|
واسْتَخْلِفِ العَارِضَ المُنْهَلَّ يَخْلُفُهُ | |
|
| رَوْضٌ تَصِيفُ بِهِ مِصْرٌ وتَرْتَبِعُ |
|
من كُلِّ بَحْرِيَّةٍ شامٍ يُشامُ بِهَا | |
|
| حادِي الجَنُوبِ فلا رَيْثٌ ولا سَرَعُ |
|
يَنُوبُ عن ضَرَمِ الأَحشاءِ بارِقُها | |
|
| وعن دُمُوعِكَ فِيهَا الوَابِلُ الهَمِعُ |
|
تزورُ فِي مِصْرَ قَبْراً قَلَّ زائِرُهُ | |
|
| لكِنَّهُ لِلْعُلا والمَجْدِ مُضْطَجَعُ |
|
وأَكرَمُ الغَيْثِ غَيْثٌ عادَ مُنتَجِعاً | |
|
| من لَمْ يزَلْ لِلنَّدى والجُودِ يُنْتَجَعُ |
|