إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
لمَّا المغِيبُ قَد غَشَى سَفحَ الرُّبا |
والشَّمسُ مِنْهُ أَجْفَلَتْ |
فَلَمْلَمَتْ خُيُوطَهَا |
ثُمَّ تَوَارتْ وَاخْتَفَتْ |
نَاحَتْ علَى دَربٍ زَهَا لموعدٍ، حَمَامَةٌ |
بِدَمعَةٍ |
صَاحَتْ هَوَى زَهرُ الأَمَانِي وَالوَفَا |
قَالَ الفُؤَادُ: رُبَّمَا الغُصنُ غَفَا |
قَالَتْ بِوَجدٍ وَأَسَى: يَالَيتَهُ |
يَاليتَهُ حقًا غَفَا |
لَكنِّمَا |
خَانَ الزَّمَانُ وَعْدَهُ |
هَانَ عَليَهِ وَصْلَهُ |
فَأَغمَدَ |
حَدَّ الفِرَاقِ وَالنَّوَى، ثُمَّ مَضَى |
يَبكِي عَلَيهِ مِنْ وَفَا!؟ |
كَأنَّمَا الكَونُ هَوَى |
كَادَتَ مِنَ الوَجدِ الدُّمُوعُ أَنْ تَصِيرَ أنْهُرا |
وَالصَّدرُ مِنْ حَرِّ الجَوَى أنْ يُحْرَقَ |
شَكٌ؟ يَقينٌ؟ أَم سَرَابٌ قَد بَدَا؟ |
حَقِيقَةٌ بينَ الغَمَامِ وَالظُّنونِ والرَّجَا |
نَغْفُو عَلى حُلْمِ اللِّقاءِ وَالمُنَى |
نَصْحُو عَلَى دَمعٍ يَسِيلُ قَانِيَا |
مَاذَا أَقُولُ يَا زمَانًا قَد أَغارَ بِالعِدَا |
مَاذا أقُولُ عَنْ رَبيعٍ قَد غَشَاهُ بَغْتَةً |
قَهْرُ الخَرِيفِ فَذَوَى |
بِضِحكَةِ الفَجْرِ السَّعِيدِ كَالسَّنَا |
بِنِسْمَةِ الصُّبْحِ الشَّدِي |
وَصَحْبَةِ الوَردِ النَّدِي |
شَوْقِ السِّنِينِ وَاللُّقَى |
وَذِكرَيَاتٍ كَالشَّذَا |
تَسْتَرْجِعُ |
أُنْسَ اللَّيَالي، وَالوَفَا |
فَرْحَ الخَوَالِي، وَالصِّبا |
زَهْرَ الشَّبابِ، وَالأَمَانِي تَهْتَدِي |
وَعَدْتُكَ |
أنَّ اللِّقَاءَ سَوْفَ يَغدُو عَاجِلا |
وَمِثلَما بِالأَمسِ دَامَ زَاهِيَا |
فَصَفَّقتْ بَينَ الضُّلوعِ لَهفَتي |
وَغَرَّدَتْ فَوْقَ الرَّوَابِي مُنْيَتِي |
لَكنَّهَا |
لَكنَّهَا الأَقدَارُ قَامَتْ بَينَنَا |
مَشِيئَةُ المَولَى جَرَتْ |
صِرنَا فُرَادَى والتَّمَنِّي قد فَنَى |
آهٍ عَلَى وَعْدُ المُنَى كَيفَ خَبَا |
آهٍ عَلَى جِسرِ اللُّقى كَيفَ هَوَى |
آهٍ، وآهٍ لِلمَدَى، أسْكَنْتُهَا بِمُهجَتِي |
تَحسُو الأَسَى مِنْ فقدِكَ |
أَيِّ مَنَامٍ أَو هَنَاءٍ يَا أَبي مِنْ بِعْدِكَ؟! |
كَيفَ الحَيَاةُ تَسَْقِيمُ يَا أَبِي مِنْ دُونِكَ؟! |
فِي بُعْدِكَ |
لَستُ أَرَى غَيرَ وجُودٍ قَد خَلا مِنَ الوَرَى |
غَيرَ حُطَامٍ وَضَبَابٍ وَطَرِيقٍ مُقفِرٍ |
كَأنَّني طَيفٌ، أَهِيمُ بِالفَلا |
رُوحٌ، شَرِيدٌ، تَائِهٌ |
أَمضِي بِأحزَانٍ ودَمعٍ قَد نَعَى |
آمَالَ أَمْسِي وَغَدَي |
يَاطَاهرَ العِرْقِ النَّبِيلِ يَا أَبي |
حَلَّ الفِرَاقُ كَالرَّدَى |
حَلَّ الوَدَاعُ بَينَنَا |
فِي مَوْكِبٍ |
نُورٌ عَلَى نُورٍ سَرَى مِنْ نَعشِكَ |
حَتَّى أضَاءَ الدَّربَ صَوبَ قَبرِكَ |
تَعدُو بِنَا، تَعدُو بِنَا |
مِنْ خَلفِكَ الَقَومُ تمنُّوا مَشْهَدَكْ |
كَأنَّما عِرْسٌ جَلِيلٌ قَد بَدَا |
فَالنُّورُ يَسرِي وَسَنَاهُ مِن سَنَى |
كَأنَّني أَرَى الرِّضَا بِرُوحِكَ |
قَد حَلَّقَتْ صَوبَ السَّمَا |
لِصُحبَةٍ لِمَوعِدٍ، لِجَنَّةٍ |
يَا عُمرَ عُمرِي يَا أَبِي |
قَد قُلْتَ لِي |
مَا بَعدَ مَوتٍ وَفَنَى سِوَى حَيَاةٍ وَلُقَى |
وَكُلُّ إِنسٍ سوْفَ يُطوَى ثَوبُهُ |
فَلَنْ يُعِيدَهُ البُكَاءُ وَالرَّجَا |
وَلا نَحِيبٌ أَو نُوَاحٌ عَالمَدَى |
نَمْ يَا أَبي |
نَمْ مَا تَشَاءُ هَانئًا |
فَفِي جوُارِ الله وَعدٌ وَوَفَا |
سَعدٌ، وَحبٌّ، وَسَلامٌ، وَرِضَا |
نَمْ يَا أَبي |
نَمْ فِي فَالثَرَى طهَّرْتَهُ |
بِطُهْرِكَ |
نَمْ يَا أَبِي |
يَا فَرحةَ القَبرِ بِكَ |
بِنُورِكَ |
نَمْ يَا أَبِي |
نَمْ فَالثَرَى طَهَّرْتَهُ |
فِي لَحْدِكَ |