إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
تبقى الحقيقةُ دفْأنا |
محمود أسد |
ما للمصائب نارُها تتضخّمُ؟ |
والمرءُ عن إخمادها مُتوجِّمُ |
نيرانُها منشورةٌ في بيتنا |
في ليلنا ونهارنا لا ترحمُ |
تمشي الهويْنى يحتمي في نارها |
كلُّ الألى عن حقّهم قد أحجموا |
أسَفي على متعلّمٍ مسْتنْكرٍ |
حقَّ الحياةِ لنزْوةٍ يسْتسلمُ |
ما للعلوم؟ وقد جفاها أهلُها |
فالجرْيُ حول المال داءٌ مؤلمُ |
بالأمسِ كنتُ مُجالساً لجماعةٍ |
عهدُ الصّبا بين الجميع يُلمْلِمُ |
كنّا على حبِّ العلوم وفضلِها |
نسعى بلا كسلٍ ولا نتجهَّمُ |
لمناهل النّور العظيم يشُدُّنا |
حبُّ الضّياء وسرُّه المُسْتعظم |
حربُ الرّذيلةِ دأبنا. ونصدُّها |
بسلوكنا ونفوسُنا لا تسْأمُ |
صوبَ الحقيقةِ غرّدتْ وتمثّلتْ |
مدناً سترْنونحوها وتُنغِّمُ |
تسعى لزرْعِ معارفٍ وجدتْ بها |
أصلَ الوجود لها تعيشُ وتحلمُ |
ورمى الزّمانُ بسهمِهِ في غفلةٍ |
فتَشتَّتَ الحلْمُ النّديُّ المُبْرَمُ |
وتفرّقتْ أهواؤنا بين الثّرى |
وتبعْثرتْ ريحُ المنى والمغْنمُ |
أمّا المشيبُ غدا يرافق ظُلْمتي |
ومضتْ تجاعيدُ الحياةِ تُلعْثِم |
في جلسةٍ نسجَ الزّمانُ خيوطَها |
وبكى الرّبيعُ شبابنا والأنجمُ |
فتح الجميعُ قلوبهمْ وتأوّهوا |
كلُّ المُنى عندالجميعِ توهُّمُ |
وكأنّها أضحتْ سبيلَ دعابةٍ |
أو قصّةً عند النّهايةِ تُفْرَمُ |
ضاق الزّمانُ بنا ونحن بحسْرة |
وتأوُّهٍ. ليتَ الأماني تعْلمُ |
ما للشّهادةِ أصبحتْ أُضْحوكةً؟ |
أصحابُها يا حسرتي قد غُرِّموا |
فتعثّرتْ أحلامُهمْ وكأنّهمْ |
وهْمٌ بغيرِ درايةٍ تتَوسَّم |
ليس الزّمانُ زماننَا فالجنْسُ في |
حلِّ المشاكلِ ساحرٌ والدّرهمُ |
بعد الغيابِ وجدْتُهمْ في سكرةٍ |
سرقَتْهُمُ الأضواءُ ثمّ رمتْهمُ |
فتنازلوا عن طبْعهمْ وتحوّلوا |
عن حقِّهم. لِلُغاتِهمْ قد سمّموا |
أولادُهمْ مثلُ القرودِ تزيّنوا |
ورجالُهمْ ثوبَ الحقيقةِ أضْرموا |
حبُّ الرّطانةِ بدعةٌ وتطوُّرٌ |
وكأنّنا لحياتهمْ لا نفْهمُ |
قلبي على شعبٍ لَوَتْهُ حضارةٌ |
هبّتْ علينا بالوباء تُلَقِّمُ |
عبثَتْ بأقدار الشّعوبِ. وأحرقتْ |
آمالها. هيهاتَ أن تتفهّموا |
إنّي سمعْتُ حكايةً من جدِّنا |
فيها الخلاصُ: عدوُّكمْ لا يرحمُ |
إنْ جاءَكُمْ مُتبسّماً متلاطِفاً |
فوراءَهُ سُمٌّ مُميتٌ مغشم |
احذرْ عدوَّكَ باسماً ومكشّراً |
وافتحْ بصيرَتَكَ التي لا تُهْزَمُ |
تبقى الحقيقةُ دفْأنا وسلاحنا |
لولا الحقيقةُ لاسْتبدَّ المُجْرِمُ |
** |