ُعج بِالمَطيِّ عَلى اليَبابِ الغامِرِ | |
|
| وَاِربَع عَلى قَبرٍ تَضَمَّنَ ناظِري |
|
فَسَتَستَبينُ مَكانَهُ بِضَجيعِهِ | |
|
| وَيَنِمُّ مِنهُ إِلَيكَ عَرفُ العاطِرِ |
|
فَلَكَم تَضَمَّنَ مِن تُقىً وَتَعَفُّفٍ | |
|
| وَكَريمِ أَعراقٍ وَعِرضٍ طاهِرِ |
|
وَاِقرَ السَلامَ عَلَيهِ مِن ذي لَوعَةٍ | |
|
| صَدَعَتهُ صَدعاً ما لَهُ مِن جابِرِ |
|
فَعَساهُ يَسمَحُ لي بِوَصلِ في الكَرى | |
|
| مُتَعاهِداً لِيَ بِالخَيالِ الزائِرِ |
|
فَأُعَلِّلَ القَلبَ العَليلَ بِطَيفِهِ | |
|
| عَلّي أُوافيهِ وَلَستُ بِغادِرِ |
|
إِنِّي لَأَستَحيِيِهِ وَهُوَ مُغَيَّبٌ | |
|
| في لَحدِهِ فَكَأَنَّهُ كَالحاضِرِ |
|
أَرعى أَذِمَّتَهُ وَأَحفَظُ عَهدَهُ | |
|
| عِندي فَما يَجري سِواهُ بِخاطِري |
|
إِن كانَ يَدثُر جِسمُهُ في رَمسِهِ | |
|
| فَهَوايَ فيهِ الدَهرَ لَيسَ بِداثِرِ |
|
قَطَعَ الزَمانَ مَعي بِأَكرَمِ عِشرَةٍ | |
|
| لَهفي عَلَيهِ مِن أَبَرِّ مُعاشِرِ |
|
ما كانَ إِلّا نَدرَةً لا أَرتَجي | |
|
| عِوَضاً بِها فَرَثَيتُهُ بِنَوادِرِ |
|
وَلَو أَنَّني أَنصَفتُهُ في وُدِّهِ | |
|
| لَقَضَيتُ يَومَ قَضى وَلَم أَستَأخِرِ |
|
وَشَقَقتُ في خِلبِ الفُؤادِ ضَريحَهُ | |
|
| وَسَقَيتُهُ رَبَداً بِماءِ مَحاجِري |
|
أَجِدُ الحَلاوَةَ في الفُؤادِ بِكَونِهِ | |
|
| فيهِ وَأَرعاهُ بِعَينِ ضَمائِري |
|
لَسَأَلتُ مَغفِرَةً لَهُ وَتَجاوزاً | |
|
| عَنهُ مِنَ الرَبِّ الجَوادِ الغافِرِ |
|
أَخلِق بِمِثلي أَن يُرى مُتَطَلِّباً | |
|
| حَوراءَ ذاتَ غَدائِرٍ وَأَساوِرِ |
|
مَقصورَةً في قُبَّةٍ مِن لُؤلُؤٍ | |
|
| ذُخِرَت ثَواباً لِلمُصابِ الصابِرِ |
|
لَخَلت ذِراعي وَاِنفَردَتُ فَإِن أَكُن | |
|
| تاجَرتُ فيها كُنتُ أَربَحَ تاجِرِ |
|
وَلَئِن حُرِمتُ وَلَم يَفُز قِدحي بِها | |
|
| فَأَنا لَعَمرُ اللَهِ أَخسَرُ خاسِرِ |
|
مَن جاوَزَ السِتينَ لَم يَجمُل بِهِ | |
|
| شُغلٌ بِجُملٍ وَالرَبابِ وَغادِرِ |
|
بَل شُغلُهُ في زادِهِ لِمَعادِهِ | |
|
| فَالزادُ آكَدُ شُغلِ كُلِّ مُسافِرِ |
|
وَالشَيخُ لَيسَ قَصارُهُ إِلّا التُقى | |
|
| لا أَن يَهيمَ صَبابَةً بِجَآذِرِ |
|
نَفَرَت طِباعُ الغِيدِ عَنهُ كَراهَةً | |
|
| وَمِنَ العَناءِ عَلاقَةٌ بِمُنافِرِ |
|
هَل يَلتَقي قِرنٌ بِقِرنٍ في الوَغى | |
|
| إِلّا بِأَزرَقَ أَو بِعَضبٍ باتِرِ |
|
وَإِذا تَقَحَّمَ أَعزَلٌ في مَأزِقٍ | |
|
| كانَ الأَسيرَ وَلَم يَكُن بِالآسِرِ |
|
ما يَشتَهي نَهداً وَلَحظاً فاتِراً | |
|
| إِلّا خَلِيٌّ في زَمانٍ فاتِرِ |
|
حَسبيَّ كِتابُ اللَهِ فَهُوَ تَنَعُّمي | |
|
| وَتَأَنُّسي في وَحشَتي بِدَفاتِري |
|
أَفتَضُّ أَبكاراً بِها يَغسِلنَ مَن | |
|
| يَفتَضُّهُنَّ بِكُلِّ مَعنى طاهِرِ |
|
وَإِذا أَرَدتُ نَزاهَةً طالَعتُها | |
|
| فَأَجولُ مِنها في أَنيقٍ زاهِرِ |
|
وَأَرى بِها نَهجَ الهِدايَةِ واضِحاً | |
|
| يَنجو بِهِ مَن لَيسَ عَنهُ بِجائِرِ |
|
قَد آنَ لي أَن أَستَفيقَ وَأَرعَوي | |
|
| لَو أَنَّني مِمَّن تَصِحُّ بَصائِري |
|
فَلَكَم أَروحُ وَأَعتَدي في غَمرَةٍ | |
|
| مُتَرَدِّداً فيها كَمِثلِ الحائِرِ |
|
وَأَرى شَبابي ظاعِناً في عَسكَرٍ | |
|
| عَنّي وَشَيبي وافِداً بِعَساكِرِ |
|
فَغَدَت مُظَفَّرَةً عَلَيَّ وَلَم تَزَل | |
|
| قِدماً مُعَلّاةً قِداحُ الظافِرِ |
|
وَلَقَد رَأَيتُ مِنَ الزَمانِ عَجائِباً | |
|
| جَرَّبتُها بِمَوارِدي وَمَصادِري |
|
فَوَجَدتُ إِخوانَ الصَفاءِ بِزَعمِهِم | |
|
| يَلقاكَ أَمحَضُهُم بِعَرضٍ سابِري |
|
وَلَرُبَّما قَد شَذَّ مِنهُم نادِرٌ | |
|
| وَأُصولُنا أَن لا قِياسَ بِنادِرِ |
|
وَإِذا نَبا بِيَ مَنزِلٌ أَو رانَبي | |
|
| صَفَّقتُ عَنهُ كَالعُقابِ الكاسِرِ |
|
فَأَجوبُ أَرضاً سَهلُها كَحُزونِها | |
|
| عِندي وَأَوَّلُ قَطرِها كَالآخَرِ |
|
وَلَقَد عَجِبتُ لِمُؤمِنٍ في شِدقِهِ | |
|
| جَرَسٌ كَناقوسٍ بِبَيعَةِ كافِرِ |
|
لَيسَ يُهَينِمُ دائِباً وَلَم يَرى | |
|
| أَنَّ اللِسانَ كَمِثلِ لَيثٍ هاصِرِ |
|
وَلَو أَنَّني أَدعو الكَلامَ أَجابَني | |
|
| كَإِجابَةِ المَأسورِ دَعوَةَ آسِرِ |
|
لَكِن رَأَيتُ نَبِيَّنا قَد عابَهُ | |
|
| مِن كُلِّ ثَرثارٍ وَأَشدَقَ شاعِرِ |
|
فَصَمَتُّ إِلّا عَن تُقىً وَلَرُبَّما | |
|
| قَذَفَت بِحارُ قَريحَتي بِجَواهِرِ |
|
ما اِستَحسَنوا طولَ الخَطابَةِ بَل رَأَوا | |
|
| تَقصيرَها مَهما اِرتَقوا بِمَنابِرِ |
|
وَلَمّا رَأَوا سَردَ الكَلامِ بِسائِغٍ | |
|
| إِلّا لِعَبدٍ قارِئٍ أَو ذاكِرِ |
|
فَالعَيُّ في الإِكثارِ لا في مَنطِقٍ | |
|
| يُهدي إِلى الأَلبابِ نَفثَةَ ساحِرِ |
|
وَلَقَد أَقولُ لِبَعضِ مَن هُوَ عاذِلي | |
|
| في القَصدِ في شَأني وَلَيسَ بِعاذِري |
|
لَمّا رَأَيتُ الأَرضَ أَصبَحَ ماؤُها | |
|
| رَنقاً كَفَتني مِنهُ حَسوَةُ طائِرِ |
|
وَلَو أَنَّني أَرضى القَذا في مَشرَبي | |
|
| لَكَرَعتُ كَرعَةَ ظامِئٍ بِهَواجِرِ |
|
وَعَبَرتُ بَحرَ الرِزقِ أَلتَمِسُ الغِنى | |
|
| حِرصاً عَلَيهِ وَكُنتُ أَمهَرَ ماهِرِ |
|
لَكِنَّني عَوَضتُ مِنهُ عِنايَةً | |
|
| بِقَناعَةٍ وَتَجَمُّلٍ في الظاهِرِ |
|
فَمِنَ الغِنى ما قَد يَضُرُّ بِأَهلِهِ | |
|
| وَالفَقرُ عِندَ اللَهِ لَيسَ بِضائِرِ |
|
وَلَقَد أَصَبتُ مِنَ المَطاعِمِ حاجَتي | |
|
| وَمِنَ المَلابِسِ فَوقَ ما هُوَ ساتِري |
|
وَأَنا لَعَمرُكَ مُكَرَّمٌ في جيرَتي | |
|
| وَمُعَظَّمٌ وَمُبَجَّلٌ بِعَشائِري |
|
وَغَداً بِمَيدانِ السِباقِ سَنَلتَقي | |
|
| فَيُرى الثَقيلُ مِنَ الخَفيفِ الضامِرِ |
|
وا سَوأَتا إِن كُنتُ سُكَّيتاً بِهِ | |
|
| أَرجو اللِحاقَ عَلى هَجينٍ عاثِرِ |
|
وَالوَيلُ كُلُّ الوَيلِ لي إِن لَم يَكُن | |
|
| مَولايَ في تِلكَ الشَدائِدِ ناصِري |
|
إِنّي لَأَشكُرُهُ عَلى آلائِهِ | |
|
| فَهُوَ الوَفيُّ بِعَهدِهِ لِلشّاكِرِ |
|
وَإِلَيهِ أَضرَعُ في إِنابَةِ مُخلِصٍ | |
|
| فَهُوَ الَّذي أَرجو لِسَدِّ مَفاقِري |
|