أَعِدْ يا دَهْرُ أَيَّامَ الشَّبَابِ | |
|
| وَأَيْنَ مِنَ الصِّبَا دَرْكُ الطِّلابِ |
|
زَمَانٌ كُلَّما لاحَتْ بِفِكْرِي | |
|
| مَخَايِلُهُ بَكَيْتُ لِفَرْطِ ما بِي |
|
مَضَى عَنِّي وَغَادَرَ بِي وَلُوعاً | |
|
| تَوَلَّدَ مِنْهُ حُزْنِي وَاكْتِئَابِي |
|
وَكَيْفَ تَلَذُّ بَعْدَ الشَّيْبِ نَفْسِي | |
|
| وَفِي اللَّذَّاتِ إِنْ سَنَحَتْ عَذَابِي |
|
أَصُدُّ عَنِ النَّعِيمِ صُدُودَ عَجْزٍ | |
|
| وَأُظْهِرُ سَلْوَةً وَالْقَلْبُ صَابِي |
|
وَمَا فِي الدَّهْرِ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ | |
|
| يَكُونُ قِوَامُها رَوْحَ الشَّبَابِ |
|
فَيَا للهِ كَمْ لِي مِنْ لَيَالٍ | |
|
| بِهِ سَلَفَتْ وَأَيَّامٍ عِذَابِ |
|
إِذِ النَّعْمَاءُ وَارِفَةٌ عَلَيْنَا | |
|
| وَمَرْعَى اللَّهْوِ مُخْضَرُّ الْجَنَابِ |
|
نَطِيرُ مَعَ السُّرُورِ إِذَا انْتَشَيْنَا | |
|
| بِأَجْنِحَةِ الْخَلاعَةِ وَالتَّصَابِي |
|
فَغُدْوَتُنَا وَرَوْحَتُنَا سَوَاءٌ | |
|
| لعَابٌ في لعَابٍ في لعَابِ |
|
وَرُبَّتَ رَوْضَةٍ مِلْنا إِلَيْهَا | |
|
| وَقَرْنُ الشَّمْسِ تِبْرِيُّ الإِهَابِ |
|
نَمَتْ أَدْوَاحُها وسَمَتْ فَكَانَتْ | |
|
| عَلَى السَّاحاتِ أَمْثَالَ الْقِبابِ |
|
فَزَهْرُ غُصُونِهَا طَلْقُ الْمُحَيَّا | |
|
| وَجَدْوَلُ مائِها عَذْبُ الرُّضابِ |
|
كَأَنَّ غُصُونَها غِيدٌ تَهَادَى | |
|
| مِنَ الزَّهْرِ الْمُنَمَّقِ في ثِيَابِ |
|
سَقَتْهَا السُّحْبُ رَيِّقَها فَمَالَتْ | |
|
| كَمَا مَالَ النَّزِيفُ مِنَ الشَّرَابِ |
|
فَسَبَّحَ طَيْرُها شُكْراً وَأَثْنَتْ | |
|
| بِأَلْسِنَةِ النَّباتِ عَلَى السَّحَابِ |
|
وَيَوْمٍ ناعِمِ الطَّرَفَيْنِ نَادٍ | |
|
| عَلِيلِ الْجَوِّ هَلْهَالِ الرَّبَابِ |
|
سَبَقْتُ بِهِ الشُّرُوقَ إِلَى التَّصَابِي | |
|
| بُكُوراً قَبْلَ تَنْعابِ الغُرابِ |
|
وسُقْتُ مَعَ الْغُواةِ كُمَيْتَ لَهْوٍ | |
|
| جَمُوحاً لا تَلِينُ عَلَى الْجِذَابِ |
|
إِذَا أَلْجَمْتَها بِالْمَاءِ قَرَّتْ | |
|
| وَدَارَ بِجِيدِها لَبَبُ الْحَبابِ |
|
مُوَرَّدَةً إِذَا اتَّقَدَتْ بِكَفٍّ | |
|
| جَلَتْها لِلأَشِعَّةِ في خِضَابِ |
|
هُوَ العَصْرُ الَّذِي دَارَتْ عَلَيْنَا | |
|
| بِهِ اللَّذَّاتُ واضِعَةَ النِّقَابِ |
|
نُجَاهِرُ بِالْغَرَامِ وَلا نُبَالِي | |
|
| وَنَنْطِقُ بِالصَوابِ وَلا نُحَابِي |
|
فَيَا لَكَ مِنْ زَمانٍ عِشْتُ فِيهِ | |
|
| نَدِيمَ الرَّاحِ وَالْهيفِ الكِعابِ |
|
إِذَا ذَكَرَتْهُ نَفْسِي أَبْصَرَتْهُ | |
|
| كَأَنِّي مِنْهُ أَنْظُرُ فِي كِتابِ |
|
تَحَوَّلَ ظِلُّهُ عَنِّي وَأَذْكَى | |
|
| بِقَلْبِي لَوْعَةً مِثلَ الشِّهَابِ |
|
كَذَاكَ الدَّهْرُ مَلَّاقٌ خَلُوبٌ | |
|
| يَغُرُّ أَخَا الطَّمَاعَةِ بِالْكِذَابِ |
|
فَلا تَرْكَنْ إِلَيْهِ فَكُلُّ شَيْءٍ | |
|
| تَرَاهُ بِهِ يَؤُولُ إِلَى ذَهابِ |
|
وَعِشْ فَرْداً فَمَا في الناسِ خِلٌّ | |
|
| يَسُرُّكَ في بِعَادٍ وَاقْتِرَابِ |
|
حَلَبْتُ الدَّهْرَ أَشْطُرَهُ مَلِيَّاً | |
|
| وَذُقْتُ الْعَيْشَ مِنْ أَرْيٍ وَصابِ |
|
فَمَا أَبْصَرْتُ فِي الإِخْوَانِ نَدْبَاً | |
|
| يَجِلُّ عَنِ الْمَلامَةِ وَالْعِتَابِ |
|
وَلَكِنَّا نُعَاشِرُ مَنْ لَقِينَا | |
|
| عَلَى حُكْمِ الْمُرُوءَةِ وَالتَغَابِي |
|