أَيَدَ الْمَنُونِ قَدَحْتِ أَيَّ زِنَادِ | |
|
| وَأَطَرْتِ أَيَّةَ شُعْلَةٍ بِفُؤَادِي |
|
أَوْهَنْتِ عَزْمِي وَهْوَ حَمْلَةُ فَيْلَقٍ | |
|
| وَحَطَمْتِ عُودِي وَهْوَ رُمْحُ طِرَادِ |
|
لَمْ أَدْرِ هَلْ خَطْبٌ أَلَمَّ بِسَاحَتِي | |
|
| فَأَنَاخَ أَمْ سَهْمٌ أَصابَ سَوَادِي |
|
أَقْذَى الْعُيُونَ فأَسْبَلَتْ بِمَدَامِعٍ | |
|
| تَجْرِي عَلَى الْخَدَّيْنِ كَالْفِرْصَادِ |
|
ما كُنْتُ أَحْسَبُنِي أُرَاعُ لِحَادِثٍ | |
|
| حَتَّى مُنِيتُ بِهِ فَأَوْهَنَ آدِي |
|
أَبْلَتْنِيَ الحَسَراتُ حَتَّى لَمْ يَكَدْ | |
|
| جِسْمِي يَلُوحُ لأَعْيُنِ الْعُوَّادِ |
|
أَسْتَنْجِدُ الزَّفَراتِ وَهْيَ لَوَافِحٌ | |
|
| وَأُسَفِّهُ الْعَبَرَاتِ وَهْيَ بِوَادِي |
|
لا لَوْعَتِي تَدَعُ الْفُؤَادَ وَلا يَدِي | |
|
| تَقْوَى عَلَى رَدِّ الحَبِيبِ الْغَادِي |
|
يا دَهْرُ فِيمَ فَجَعْتَنِي بِحَلِيلَةٍ | |
|
| كَانَتْ خُلاصَةَ عُدَّتِي وَعَتَادِي |
|
إِنْ كُنْتَ لَمْ تَرْحَمْ ضَنَايَ لِبُعْدِهَا | |
|
| أَفَلا رَحِمْتَ مِنَ الأَسى أَوْلادِي |
|
أَفْرَدْتَهُنَّ فَلَمْ يَنَمْنَ تَوَجُّعَاً | |
|
| قَرْحَى الْعُيُونِ رَوَاجِفَ الأَكْبَادِ |
|
أَلْقَيْنَ دُرَّ عُقُودِهِنَّ وَصُغْنَ مِنْ | |
|
| دُرِّ الدُّمُوعِ قَلائِدَ الأَجْيَادِ |
|
يَبْكِينَ مِنْ وَلَهٍ فِرَاقَ حَفِيَّةٍ | |
|
| كَانَتْ لَهُنَّ كَثِيرَةَ الإِسْعَادِ |
|
فَخُدُودُهُنَّ مِنَ الدُّمُوعِ نَدِيَّةٌ | |
|
| وَقُلُوبُهُنَّ مِنَ الْهُمُومِ صَوَادِي |
|
أَسَلِيلَةَ الْقَمَرَيْنِ أَيُّ فَجِيعَةٍ | |
|
| حَلَّتْ لِفَقْدِكِ بَيْنَ هَذَا النَّادِي |
|
أَعزِزْ عَلَيَّ بِأَنْ أَرَاكِ رَهِينَةً | |
|
| فِي جَوْفِ أَغْبَرَ قَاتِمِ الأَسْدَادِ |
|
أَوْ أَنْ تَبِينِي عَنْ قَرَارَةِ مَنْزِلٍ | |
|
| كُنْتِ الضِيَاءَ لَهُ بِكُلِّ سَوَادِ |
|
لَوْ كَانَ هَذَا الدَّهْرُ يَقْبَلُ فِدْيَةً | |
|
| بِالنَّفْسِ عَنْكِ لَكُنْتُ أَوَّلَ فَادِي |
|
أَوْ كَانَ يَرْهَبُ صَوْلَةً مِنْ فَاتِكٍ | |
|
| لَفَعَلْتُ فِعْلَ الْحَارِثِ بْنِ عُبَادِ |
|
لَكِنَّهَا الأَقْدَارُ لَيْسَ بِنَاجِعٍ | |
|
| فِيها سِوَى التَّسْلِيمِ وَالإِخْلادِ |
|
فَبِأَيِّ مَقْدِرَةٍ أَرُدُّ يَدَ الأَسَى | |
|
| عَنِّي وَقَدْ مَلَكَتْ عِنَانَ رَشَادِي |
|
أَفَأَسْتَعِينُ الصَّبْرَ وَهْوَ قَسَاوَةٌ | |
|
| أَمْ أَصْحَبُ السُّلْوَانَ وَهْوَ تَعَادِي |
|
جَزَعُ الْفَتَى سِمَةُ الْوَفَاءِ وصَبْرُهُ | |
|
| غَدْرٌ يَدُلُّ بِهِ عَلَى الأَحْقَادِ |
|
وَمِنَ الْبَلِيَّةِ أَنْ يُسَامَ أَخُو الأَسَى | |
|
| رَعْيَ التَّجَلُّدِ وَهْوَ غَيْرُ جَمَادِ |
|
هَيْهَاتَ بَعْدَكِ أَنْ تَقَرَّ جَوَانِحِي | |
|
| أَسَفاً لِبُعْدِكِ أَوْ يَلِينَ مِهَادِي |
|
وَلَهِي عَلَيكِ مُصاحِبٌ لِمَسِيرَتِي | |
|
| وَالدَّمْعُ فِيكِ مُلازِمٌ لِوِسَادِي |
|
فَإِذَا انْتَبَهْتُ فَأَنْتِ أَوَّلُ ذُكْرَتِي | |
|
| وَإِذَا أَوَيْتُ فَأَنْتِ آخِرُ زَادِي |
|
أَمْسَيْتُ بَعْدَكِ عِبْرَةً لِذَوِي الأَسَى | |
|
| فِي يَوْمِ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَحِدَادِ |
|
مُتَخَشِّعَاً أَمْشِي الضَّرَّاءَ كَأَنَّنِي | |
|
| أَخْشَى الْفُجَاءَةَ مِنْ صِيَالِ أَعَادِي |
|
مَا بَيْنَ حُزْنٍ بَاطنٍ أَكَلَ الْحَشَا | |
|
| بِلَهِيبِ سَوْرَتِهِ وَسُقْمٍ بَادِي |
|
وَرَدَ الْبَرِيدُ بِغَيْرِ ما أَمَّلْتُهُ | |
|
| تَعِسَ الْبَرِيدُ وشَاهَ وَجْهُ الْحَادِي |
|
فَسَقَطْتُ مَغْشِيَّاً عَلَيَّ كَأَنَّمَا | |
|
| نَهَشَتْ صَمِيمَ الْقَلْبِ حَيَّةُ وَادِي |
|
وَيْلُمِّهِ رُزءَاً أَطَارَ نَعِيُّهُ | |
|
| بِالْقَلْبِ شُعْلَةَ مَارِجٍ وَقَّادِ |
|
قَدْ أَظْلَمَتْ مِنْهُ الْعُيُونُ كَأَنَّما | |
|
| كَحَل الْبُكَاءُ جُفُونَها بِقَتَادِ |
|
عَظُمَتْ مُصِيبَتُهُ عَلَيَّ بِقَدْرِ مَا | |
|
| عَظُمَتْ لَدَيَّ شَمَاتَةُ الْحُسَّادِ |
|
لامُوا عَلَى جَزَعِي وَلَمَّا يَعْلَمُوا | |
|
| أَنَّ الْمَلامَةَ لا تَرُدُّ قِيَادِي |
|
فَلَئِنْ لَبِيدُ قَضَى بِحَوْلٍ كَامِلٍ | |
|
| فِي الْحُزْنِ فَهْوَ قَضَاءُ غَيْرِ جَوَادِ |
|
لَبِسَ الزَّمَانَ عَلَى اخْتِلافِ صُرُوفِهِ | |
|
| دُوَلاً وَفَلَّ عَرَائِكَ الآبَادِ |
|
كَمْ بَيْنَ عَادِيٍّ تَمَلَّى عُمْرَهُ | |
|
| حِقَباً وَبَيْنَ حَدِيثَةِ الْمِيلادِ |
|
هَذَا قَضَى وَطَرَ الْحَيَاةِ وتِلْكَ لَمْ | |
|
| تَبْلُغْ شَبِيبَةَ عُمْرِهَا الْمُعْتَادِ |
|
فَعَلامَ أَتْبَعُ مَا يَقُولُوَحُكْمُهُ | |
|
| لا يَسْتَوِي لِتَبَايُنِ الأَضْدَادِ |
|
سِرْ يَا نَسِيمُ فَبَلِّغِ الْقَبْرَ الَّذِي | |
|
| بِحِمَى الإِمَامِ تَحِيَّتِي ووِدَادِي |
|
أَخْبِرْهُ أَنِّي بَعْدَهُ في مَعْشَرٍ | |
|
| يَسْتَجْلِبُونَ صَلاحَهُمْ بِفَسَادِي |
|
طُبِعُوا على حَسَدٍ فَأَنْتَ تَرَاهُمُ | |
|
| مَرْضَى الْقُلُوبِ أَصِحَّةَ الأَجْسَادِ |
|
وَلَوَ انَّهُمْ عَلِمُوا خَبِيئَةَ ما طَوَى | |
|
| لَهُمُ الرَّدَى لَمْ يَقْدَحُوا بِزِنادِ |
|
كُلُّ امْرِئٍ يَوْماً مُلاقٍ رَبَّهُ | |
|
| والنَّاسُ فِي الدُّنْيَا عَلى مِيعَادِ |
|
وَكَفَى بِعَادِيَةِ الْحَوَادِثِ مُنْذِراً | |
|
| لِلْغَافِلِينَ لَوِ اكْتَفُوا بِعَوَادِي |
|
فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ نَظْرَةَ عَاقِلٍ | |
|
| لِمَصَارِعِ الآباءِ وَالأَجْدَادِ |
|
عَصَفَ الزَمَانُ بِهِمْ فَبَدَّدَ شَمْلَهُمْ | |
|
| فِي الأَرْضِ بَيْنَ تَهَائِمٍ وَنِجَادِ |
|
دَهْرٌ كَأَنَّا مِنْ جَرَائِرِ سِلْمِهِ | |
|
| فِي حَرِّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ وجِلادِ |
|
أَفْنَى الْجَبَابِرَ مِنْ مَقَاوِلِ حِمْيَرٍ | |
|
| وأُولِي الزَّعَامَةِ مِنْ ثَمُودَ وَعَادِ |
|
وَرَمَى قُضَاعَةَ فَاسْتَبَاحَ دِيارَهَا | |
|
| بِالسُّخْطِ مِنْ سابُورَ ذِي الأَجْنَادِ |
|
وَأَصَابَ عَنْ عُرْضٍ إِيادَ فَأَصْبَحَتْ | |
|
| مَنْكُوسَةَ الأَعْلامِ فِي سِنْدَادِ |
|
فَسَلِ الْمَدَائِنَ فَهْيَ مَنْجَمُ عِبْرَةٍ | |
|
| عَمَّا رَأَتْ مِنْ حَاضِرٍ أَوْ بَادِي |
|
كَرَّتْ عَلَيْهَا الْحَادِثَاتُ فَلَمْ تَدَعْ | |
|
| إِلَّا بَقَايَا أَرْسُمٍ وَعِمَادِ |
|
وَاعْكُفْ عَلَى الْهَرَمَيْنِ واسْأَلْ عَنْهُمَا | |
|
| بَلْهِيبَ فَهْوَ خَطِيبُ ذَاكَ الْوَادِي |
|
تُنْبِئْكَ أَلْسِنَةُ الصُّمُوتِ بِمَا جَرَى | |
|
| في الدَّهْرِ مِنْ عَدَمٍ ومِنْ إِيْجَادِ |
|
أُمَمٌ خَلَتْ فَاسْتَعْجَمَتْ أَخْبَارُها | |
|
| حَتَّى غَدَتْ مَجْهُولَةَ الإِسْنَادِ |
|
فَعَلامَ يَخْشَى الْمَرْءُ صَرْعَةَ يَوْمِهِ | |
|
| أَوَلَيْسَ أَنَّ حَيَاتَهُ لِنَفَادِ |
|
تَعَسَ امْرُؤٌ نَسِيَ الْمَعَادَ وَمَا دَرَى | |
|
| أَنَّ الْمَنُونَ إِلَيْهِ بِالْمِرْصَادِ |
|
فَاسْتَهْدِ يَا مَحْمُودُ رَبَّكَ وَالْتَمِسْ | |
|
| مِنْهُ الْمَعُونَةَ فَهْوَ نِعْمَ الْهَادِي |
|
وَاسْأَلْهُ مَغْفِرَةً لِمَنْ حَلَّ الثَّرَى | |
|
| بِالأَمْسِ فَهْوَ مُجِيبُ كُل مُنَادِي |
|
هِيَ مُهْجَةٌ وَدَّعْتُ يَوْمَ زِيَالِهَا | |
|
| نَفْسِي وَعِشْتُ بِحَسْرَةٍ وَبِعَادِ |
|
تَاللهِ ما جَفَّتْ دُمُوعي بَعْدَمَا | |
|
| ذَهَبَ الرَّدَى بِكِ يَا بْنَةَ الأَمْجَادِ |
|
لا تَحْسَبِينِي مِلْتُ عَنْكِ مَعَ الْهَوَى | |
|
| هَيْهَاتَ مَا تَرْكُ الْوَفاءِ بِعَادِي |
|
قَدْ كِدْتُ أَقْضِي حَسْرَةً لَوْ لَمْ أَكُنْ | |
|
| مُتَوَقِّعَاً لُقْيَاكِ يَوْمَ مَعَادِي |
|
فَعَلَيْكِ مِنْ قَلْبِي التَّحِيَّةُ كُلَّمَا | |
|
| نَاحَتْ مُطَوَّقَةٌ عَلَى الأَعْوَادِ |
|