عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > مصر > محمود سامي البارودي > تَأَوَّبَ طَيْفٌ مِنْ سَمِيرَةَ زَائِرٌ

مصر

مشاهدة
13074

إعجاب
8

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

تَأَوَّبَ طَيْفٌ مِنْ سَمِيرَةَ زَائِرٌ

تَأَوَّبَ طَيْفٌ مِنْ سَمِيرَةَ زَائِرٌ
وَمَا الطَّيْفُ إِلَّا مَا تُريهِ الْخَوَاطِرُ
طَوَى سُدْفَةَ الظَّلْمَاءِ وَاللَّيْلُ ضَارِبٌ
بِأَرْوَاقِهِ وَالنَّجْمُ بِالأُفْقِ حَائِرُ
فَيَا لَكَ مِنْ طَيْفٍ أَلَمَّ وَدُونَهُ
مُحِيطٌ مِنَ الْبَحْرِ الْجَنُوبِيِّ زَاخِرُ
تَخَطَّى إِليَّ الأَرْضَ وَجْدَاً وَمَا لَهُ
سِوَى نَزَواتِ الشَّوقِ حَادٍ وَزَاجِرُ
أَلَمَّ وَلَمْ يَلْبَثْ وَسَارَ وَلَيْتَهُ
أَقَامَ وَلَوْ طَالَتْ عَلَيَّ الدَّيَاجِرُ
تَحَمَّلَ أَهْوَالَ الظَّلامِ مُخَاطِراً
وَعَهْدِي بِمَنْ جَادَتْ بِهِ لا تُخَاطِرُ
خُمَاسِيَّةٌ لَمْ تَدْرِ مَا اللَّيْلُ وَالسُّرَى
وَلَمْ تَنْحَسِرْ عَنْ صَفْحَتَيْهَا السَّتَائِرُ
عَقِيلَةُ أَتْرَابٍ تَوَالَيْنَ حَوْلَهَا
كَمَا دَارَ بِالْبَدْرِ النُّجُومُ الزَّواهِرُ
غَوَافِلُ لا يَعْرِفْنَ بُؤْسَ مَعِيشَةٍ
وَلا هُنَّ بِالْخَطْبِ الْمُلِمِّ شَواعِرُ
تَعَوَّدْنَ خَفْضَ الْعَيْشِ فِي ظِلِّ وَالِدٍ
رَحِيمٍ وَبَيْتٍ شَيَّدَتْهُ الْعَنَاصِرُ
فَهُنَّ كَعُنْقُودِ الثُّرَيَّا تَأَلَّقَتْ
كَواكِبُهُ فِي الأُفْقِ فَهْيَ سَوَافِرُ
تُمَثِّلُهَا الذِّكْرَى لِعَيْنِي كَأَنَّنِي
إِلَيْهَا عَلَى بُعْدٍ مِنَ الأَرْضِ نَاظِرُ
فَطَوْرَاً أَخَالُ الظَّنَّ حَقَّاً وَتَارَةً
أَهِيمُ فَتَغْشَى مُقْلَتَيَّ السَّمَادِرُ
فَيَا بُعْدَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَحِبَّتِي
وَيَا قُرْبَ ما الْتَفَّتْ عَلَيهِ الضَّمائِرُ
وَلَوْلا أَمَانِي النَّفْسِ وَهْيَ حَياتُهَا
لَمَا طَارَ لِي فَوْقَ الْبَسِيطَةِ طَائِرُ
فَإِنْ تَكُنِ الأَيَّامُ فَرَّقْنَ بَيْنَنَا
فَكُلُّ امْرِئٍ يَوْمَاً إِلَى اللَّهِ صَائِرُ
هِيَ الدَّارُ مَا الأَنْفَاسُ إِلَّا نَهَائِبٌ
لَدَيْهَا وما الأَجْسَامُ إِلَّا عَقَائِرُ
إِذَا أَحْسَنَتْ يَوْماً أَسَاءَتْ ضُحَى غَدٍ
فَإِحْسَانُهَا سَيْفٌ عَلَى النَّاسِ جَائِرُ
تَرُبُّ الْفَتَى حَتَّى إِذَا تَمَّ أَمْرُهُ
دَهَتْهُ كَمَا رَبَّ الْبَهِيمَة جَازرُ
لَهَا تَرَةٌ فِي كُلِّ حَيٍّ وَما لَهَا
عَلَى طُولِ مَا تَجْنِي عَلَى الْخَلْقِ وَاتِرُ
كَثِيرَةُ أَلْوَانِ الْوِدَادِ مَلِيَّةٌ
بِأَنْ يَتَوَقَّاهَا الْقَرِينُ الْمُعَاشِرُ
فَمَنْ نَظَرَ الدُّنْيَا بِحِكْمَةِ نَاقِدٍ
دَرَى أَنَّهَا بَيْنَ الأَنَامِ تُقَامِرُ
صَبَرْتُ عَلَى كُرْهٍ لِمَا قَدْ أَصَابَنِي
وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْدُوحَةً فَهْوَ صَابِرُ
وَما الْحِلْمُ عِنْدَ الْخَطْبِ وَالْمَرْءُ عَاجِزٌ
بِمُسْتَحْسَنٍ كَالْحِلْمِ وَالْمَرْءُ قَادِرُ
وَلَكِنْ إِذَا قَلَّ النَّصِيرُ وَأَعْوَزَتْ
دَوَاعِي الْمُنى فَالصَّبْرُ فِيهِ الْمَعَاذِرُ
فَلا يَشْمَتِ الأَعْدَاءُ بِي فَلَرُبَّمَا
وَصَلْتُ لِمَا أَرْجُوهُ مِمَّا أُحَاذِرُ
فَقَدْ يَسْتَقِيمُ الأَمْرُ بَعْدَ اعْوِجَاجِهِ
وَتَنْهَضُ بِالْمَرْءِ الْجُدُوُد الْعَوَاثِرُ
وَلِي أَملٌ فِي اللَّهِ تَحْيَا بِهِ الْمُنَى
وَيُشْرِقُ وَجْهُ الظَّنِّ والْخَطْبُ كَاشِرُ
وَطِيدٌ يَزِلُّ الْكَيْدُ عَنْهُ وَتَنْقَضِي
مُجَاهَدَةُ الأَيَّامِ وَهْوَ مُثَابِرُ
إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَرْكَنْ إِلَى اللَّهِ فِي الَّذِي
يُحَاذِرُهُ مِنْ دَهْرِهِ فَهْوَ خَاسِرُ
وَإِنْ هُوَ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى ما أَصَابَهُ
فَلَيْسَ لَهُ فِي مَعْرِضِ الْحَقِّ نَاصِرُ
وَمَنْ لَمْ يَذُقْ حُلْوَ الزَّمَانِ وَمُرَّهُ
فَمَا هُوَ إِلَّا طَائِشُ اللُّبِّ نَافِرُ
وَلَوْلا تَكَالِيفُ السِّيَادَةِ لَمْ يَخِبْ
جَبَانٌ وَلَمْ يَحْوِ الْفَضِيلَةَ ثَائِرُ
تقلُّ دَوَاعِي النَّفْسِ وَهْيَ ضَعِيفَةٌ
وَتَقْوَى هُمُومُ الْقَلْبِ وَهْوَ مُغَامِرُ
وَكَيْفَ يَبِينُ الْفَضْلُ وَالنَّقْصُ فِي الْوَرَى
إِذَا لَمْ تَكُنْ سَوْمَ الرِّجَالِ الْمَآثِرُ
وَمَا حَمَلَ السَّيْفَ الْكَمِيُّ لِزِينَةٍ
وَلَكِنْ لأَمْرٍ أَوْجَبَتْهُ الْمَفَاخِرُ
إِذَا لَمْ يَكُنْ إِلَّا الْمَعِيشَةَ مَطْلَبٌ
فَكُلُّ زَهِيدٍ يُمْسِكُ النَّفْسَ جَابِرُ
فَلَوْلا الْعُلا مَا أَرْسَلَ السَّهْمَ نَازِعٌ
وَلا شَهَرَ السَّيْفَ الْيَمَانِيَّ شَاهِرُ
مِنَ الْعَارِ أَنْ يَرْضَى الدَّنِيَّةَ مَاجِدٌ
وَيَقْبَلَ مَكْذُوبَ الْمُنَى وَهْوَ صَاغِرُ
إِذَا كُنْتَ تَخْشَى كُلَّ شَيءٍ مِنَ الرَّدى
فَكُلُّ الَّذِي في الْكَوْنِ لِلنَّفْسِ ضَائِرُ
فَمِنْ صِحَّةِ الإِنْسَانِ ما فِيهِ سُقْمُهُ
وَمِنْ أَمْنِهِ مَا فَاجَأَتْهُ الْمَخَاطِرُ
عَلَيَّ طِلابُ الْعِزِّ مِنْ مُسْتَقَرِّهِ
وَلا ذَنْبَ لِي إِنْ عَارَضَتْنِي الْمَقَادِرُ
فَمَا كُلُّ مَحْلُولِ الْعَرِيكَةِ خَائِبٌ
وَلا كُلُّ مَحْبُوكِ التَّرِيكَةِ ظَافِرُ
فَمَاذَا عَسَى الأَعْدَاءُ أَنْ يَتَقَوَّلُوا
عَليَّ وعِرْضِي نَاصِحُ الْجَيْبِ وَافِرُ
فَلِي فِي مرَادِ الْفَضْلِ خَيْرُ مَغَبَّةٍ
إِذَا شَانَ حَيَّاً بِالْخِيَانَةِ ذَاكِرُ
مَلَكْتُ عُقَابَ المُلكِ وَهْيَ كَسِيرَةٌ
وَغَادَرْتُهَا فِي وَكْرِهَا وَهْيَ طَائِرُ
وَلَوْ رُمْتُ مَا رَام امْرُؤٌ بِخِيَانَةٍ
لَصَبَّحنِي قِسْطٌ مِنَ الْمَالِ غَامِرُ
وَلَكِنْ أَبَتْ نَفْسِي الْكَرِيمَةُ سَوْأَةً
تُعَابُ بِهَا والدَّهْرُ فِيهِ الْمعايِرُ
فَلا تَحْسَبَنَّ الْمَالَ يَنْفَعُ رَبَّهُ
إِذَا هُوَ لَمْ تَحْمَدْ قِرَاهُ العَشَائِرُ
فَقَدْ يَسْتَجِمُّ الْمَالُ وَالْمَجْدُ غَائِبٌ
وَقَدْ لا يَكُونُ الْمَالُ والْمَجْدُ حاضِرُ
وَلَوْ أَنَّ أَسْبَابَ السِّيَادَةِ بِالْغِنَى
لَكَاثَرَ رَبَّ الْفَضْلِ بِالْمَالِ تَاجِرُ
فَلا غَرْوَ أَنْ حُزْتُ الْمَكَارِمَ عَارِياً
فَقَدْ يَشْهَدُ السَّيْفُ الْوَغَى وَهْوَ حَاسِرُ
أَنَا الْمَرءُ لا يَثْنِيهِ عَنْ دَرَكِ الْعُلا
نَعِيمٌ وَلا تَعْدُو عَلَيْهِ الْمَفَاقِرُ
قَؤُولٌ وَأَحْلامُ الرِّجَالِ عَوَازِبٌ
صَؤُولٌ وَأَفْوَاهُ الْمَنَايَا فَوَاغِرُ
فَلا أَنَا إِنْ أَدْنَانِيَ الْوَجْدُ بَاسِمٌ
وَلا أَنَا إِنْ أَقْصَانِيَ الْعُدْمُ بَاسِرُ
فَمَا الْفَقْرُ إِنْ لَمْ يَدْنَسِ الْعِرْضُ فَاضِحٌ
وَلا الْمَالُ إِنْ لَمْ يَشْرُفِ الْمَرْءُ سَاتِرُ
إِذَا ما ذُبَابُ السَّيفِ لَمْ يَكُ مَاضِياً
فَحِلْيَتُهُ وَصْمٌ لَدَى الْحَرْبِ ظَاهِرُ
فَإِنْ كُنْتُ قَدْ أَصْبَحْتُ فَلَّ رَزِيَّةٍ
تَقَاسَمَهَا فِي الأَهْلِ بَادٍ وحَاضِرُ
فَكَمْ بَطَلٍ فَلَّ الزَّمَانُ شَبَاتَهُ
وَكَمْ سَيِّدٍ دَارتْ عَلَيْهِ الدَّوائِرُ
وَأَيُّ حُسَامٍ لَمْ تُصِبْهُ كَلالَةٌ
وَأَيُّ جَوَادٍ لَمْ تَخُنْهُ الْحَوافِرُ
فَسَوْفَ يَبِينُ الحَقُّ يَوْماً لِنَاظِرٍ
وَتَنْزُو بِعَوْرَاءِ الْحقُودِ السَّرائِرُ
وَمَا هِيَ إِلَّا غَمْرَةٌ ثُمَّ تَنْجَلِي
غَيَابَتُهَا وَاللَّهُ مَنْ شَاءَ نَاصِرُ
فَقَدْ حَاطَني في ظُلْمَةِ الْحَبْسِ بَعْدَما
تَرَامَتْ بِأَفْلاذِ الْقُلُوبِ الْحَنَاجِرُ
فَمَهْلاً بَنِي الدُّنْيا عَلَيْنَا فَإِنَّنَا
إِلَى غَايَةٍ تَنْفَتُّ فِيهَا الْمَرائِرُ
تَطُولُ بِهَا الأَنْفَاسُ بُهْراً وَتَلْتَوِي
عَلَى فَلْكَةِ السَّاقَيْنِ فِيهَا الْمآزِرُ
هُنَالِكَ يَعْلُو الْحَقُّ وَالْحَقُّ وَاضِحٌ
وَيَسْفُلُ كَعْبُ الزُّورِ وَالزُّورُ عَاثِرُ
وَعَمَّا قَلِيلٍ يَنْتَهِي الأَمْرُ كُلُّهُ
فَمَا أَوَّلٌ إِلَّا وَيَتْلُوهُ آخِرُ
محمود سامي البارودي
بواسطة
المشرف العام
الإضافة: الأحد 2011/05/08 06:19:32 صباحاً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com