هَوَىً كَانَ لِي أَنْ أَلْبَسَ الْمَجْدَ مُعْلَمَا | |
|
| فَلَمَّا مَلَكْتُ السَّبْقَ عِفْتُ التَّقَدُّمَا |
|
وَمَنْ عَرفَ الدُّنْيَا رَأَى مَا يَسُرُّهُ | |
|
| مِنَ الْعَيْشِ هَمّاً يَتْرُكُ الشَّهْدَ عَلْقَمَا |
|
وَأَيُّ نَعِيمٍ فِي حَيَاةٍ وَرَاءَهَا | |
|
| مَصَائِبُ لَوْ حَلَّتْ بِنَجْمٍ لأَظْلَمَا |
|
إِذَا كَانَ عُقْبَى كُلِّ حَيٍّ مَنِيَّةٌ | |
|
| فَسِيَّانِ مَنْ حَلَّ الْوِهَادَ وَمَنْ سَمَا |
|
وَمِنْ عَجَبٍ أَنَّا نَرَى الْحَقَّ جَهْرَةً | |
|
| وَنَلْهُو كَأَنَّا لا نُحَاذِرُ مَنْدَمَا |
|
يَوَدُّ الْفَتَى فِي كُلِّ يَوْمٍ لُبَانَةً | |
|
| فَإِنْ نَالَهَا أَنْحَى لأُخْرَى وَصَمَّمَا |
|
طَمَاعَةُ نَفْسٍ تُورِدُ الْمَرْءَ مَشْرَعاً | |
|
| مِنَ الْبُؤْسِ لا يَعْدُوهُ أَوْ يَتَحَطَّمَا |
|
أَرَى كُلَّ حَيٍّ غَافِلاً عَنْ مَصِيرِهِ | |
|
| وَلَوْ رَامَ عِرْفَانَ الْحَقِيقَةِ لانْتَمَى |
|
فَأَيْنَ الأُلَى شَادُوا وَبَادُوا أَلَمْ نَكُنْ | |
|
| نَحُلُّ كَمَا حَلُّوا وَنَرْحَلُ مِثْلَمَا |
|
مَضَوْا وَعَفَتْ آثَارُهُمْ غَيْرَ ذُكْرَةٍ | |
|
| تُشِيدُ لَنَا مِنْهُمْ حَدِيثاً مُرَجَّمَا |
|
سَلِ الأَوْرَقَ الْغِرِّيدَ فِي عَذَبَاتِهِ | |
|
| أَنَاحَ عَلَى أَشْجَانِهِ أَمْ تَرَنَّمَا |
|
تَرَجَّحَ فِي مَهْدٍ مِنَ الأَيْكِ لا يَنِي | |
|
| يَمِيلُ عَلَيْهِ مَائِلاً وَمُقَوَّما |
|
يَنُوحُ عَلَى فَقْدِ الْهَديلِ وَلَمْ يَكُنْ | |
|
| رَآهُ فَيَا لِلَّهِ كَيْفَ تَهَكَّمَا |
|
وَشَتَّانَ مَنْ يَبْكِي عَلَى غَيْرِ عِرْفَةٍ | |
|
| جِزَافاً وَمَنْ يَبْكِي لِعَهْدٍ تَجَرَّمَا |
|
لَعَمْرِي لَقَدْ غَالَ الرَّدَى مَنْ أُحِبُّهُ | |
|
| وَكَانَ بِوُدِّي أَنْ أَمُوتَ وَيَسْلَمَا |
|
وَأَيُّ حَيَاةٍ بَعْدَ أُمٍّ فَقَدْتُهَا | |
|
| كَمَا يَفْقِدُ الْمَرْءُ الزُّلالَ عَلَى الظَّمَا |
|
تَوَلَّتْ فَوَلَّى الصَّبْرُ عَنِّي وَعَادَنِي | |
|
| غَرَامٌ عَلَيْهَا شَفَّ جِسْمِي وَأَسْقَمَا |
|
وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا ذُكْرَةٌ تَبْعَثُ الأَسَى | |
|
| وَطَيْفٌ يُوَافِينِي إِذَا الطَّرْفُ هَوَّمَا |
|
وَكَانَتْ لِعَيْنِي قُرَّةً وَلِمُهْجَتِي | |
|
| سُرُوراً فَخَابَ الطَّرْفُ وَالْقَلْبُ مِنْهُمَا |
|
فَلَوْلا اعْتِقَادِي بِالْقَضَاءِ وَحُكْمِهِ | |
|
| لَقَطَّعْتُ نَفْسِي لَهْفَةً وَتَنَدُّمَا |
|
فَيَا خَبَرَاً شَفَّ الْفُؤَادَ فَأَوْشَكَتْ | |
|
| سُوَيْدَاؤُهُ أَنْ تَسْتَحِيلَ فَتَسْجُمَا |
|
إِلَيْكَ فَقَدْ ثَلَّمْتَ عَرْشاً مُمَنَّعاً | |
|
| وَفَلَّلْتَ صَمْصَاماً وَذَلَّلْتَ ضَيْغَمَا |
|
أَشَادَ بِهِ النَّاعِي وَكُنْتُ مُحَارِبَاً | |
|
| فَأَلْقَيْتُ مِنْ كَفِي الْحُسَامَ الْمُصَمِّمَا |
|
وَطَارَتْ بِقَلْبِي لَوْعَةٌ لَوْ أَطَعْتُهَا | |
|
| لأَوْشَكَ رُكْنُ الْمَجْدِ أَنْ يَتَهَدَّمَا |
|
وَلَكِنَّنِي رَاجَعْتُ حِلْمِي لأَنْثَنِي | |
|
| عَنِ الْحَرْبِ مَحْمُودَ اللِّقَاءِ مُكَرَّمَا |
|
فَلَمَّا اسْتَرَدَّ الْجُنْدَ صِبْغٌ مِنَ الدُّجَى | |
|
| وَعَادَ كِلا الْجَيْشَيْنِ يَرْتَادُ مَجْثِمَا |
|
صَرَفْتُ عِنَانِي رَاجِعَاً وَمَدَامِعِي | |
|
| عَلَى الْخَدِّ يَفْضَحْنَ الضَّمِيرَ الْمُكَتَّمَا |
|
فَيَا أُمَّتَا زَالَ الْعَزَاءُ وَأَقْبَلَتْ | |
|
| مَصَائِبُ تَنْهَى الْقَلْبَ أَنْ يَتَلَوَّمَا |
|
وَكُنْتُ أَرَى الصَّبْرَ الْجَمِيلَ مَثُوبَةً | |
|
| فَصِرْتُ أَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَأْثَمَا |
|
وَكَيْفَ تَلَذُّ الْعَيْشَ نَفْسٌ تَدَرَّعَتْ | |
|
| مِنَ الْحُزْنِ ثَوْباً بِالدُّمُوعِ مُنَمْنَمَا |
|
تَأَلَّمْتُ فِقْدَانَ الأَحِبَّةِ جَازِعَاً | |
|
| وَمَنْ شَفَّهُ فَقْدُ الْحَبِيبِ تَأَلَّمَا |
|
وَقَدْ كُنْتُ أَخْشَى أَنْ أَرَاكِ سَقِيمَةً | |
|
| فَكَيْفَ وَقَدْ أَصْبَحْتِ فِي التُرْبِ أَعْظُمَا |
|
بَلَغْتِ مَدَى تِسْعِينَ فِي خَيْرِ نِعْمَةٍ | |
|
| وَمَنْ صَحِبَ الأَيَّامَ دَهْراً تَهَدَّمَا |
|
إِذَا زَادَ عُمْرُ الْمَرْءِ قَلَّ نَصِيبُهُ | |
|
| مِنَ الْعَيْشِ وَالنُّقْصَانُ آفَةُ مَنْ نَمَا |
|
فَيَا لَيْتَنَا كُنَّا تُرَابَاً وَلَمْ نَكُنْ | |
|
| خُلِقْنَا وَلَمْ نَقْدَمْ إِلَى الدَّهْرِ مَقْدَمَا |
|
أَبَى طَبْعُ هَذَا الدَّهْرِ أَنْ يَتَكَرَّمَا | |
|
| وَكَيْفَ يَدِي مَنْ كَانَ بِالْبُخْلِ مُغْرَمَا |
|
أَصَابَ لَدَيْنَا غِرّةً فَأَصَابَنَا | |
|
| وَأَبْصَرَ فِينَا ذَلّةً فَتَحَكَّمَا |
|
وَكَيْفَ يَصُونُ الدَّهْرُ مُهْجَةَ عَاقِلٍ | |
|
| وَقَدْ أَهْلَكَ الْحَيَّيْنِ عَادَاً وَجُرْهُمَا |
|
هُوَ الأَزْلَمُ الْخَدَّاعُ يَخْفِرُ إِنْ رَعَى | |
|
| وَيَغْدِرُ إِنْ أَوْفَى وَيُصْمِي إِذَا رَمَى |
|
فَكَمْ خَانَ عَهْدَاً وَاسْتَبَاحَ أَمَانَةً | |
|
| وَأَخْلَفَ وَعْدَاً وَاسْتَحَلَّ مُحَرَّمَا |
|
فَإِنْ تَكُنِ الأَيَّامُ أَخْنَتْ بِصَرْفِهَا | |
|
| عَلَيَّ فَأَيُّ النَّاسِ يَبْقَى مُسَلَّمَا |
|
وَإِنِّي لأَدْري أَنَّ عَاقِبَةَ الأَسَى | |
|
| وَإِنْ طَالَ لا يُرْوِي غَلِيلاً تَضَرَّمَا |
|
وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ تَرَى الصَّبْرَ سُبَّةً | |
|
| عَلَيْهَا وَتَرْضَى بِالتَّلَهُّفِ مَغْنَمَا |
|
وَكَيْفَ أَرَانِي نَاسِياً عَهْدَ خُلَّةٍ | |
|
| أَلِفْتُ هَوَاهَا نَاشِئاً وَمُحَكَّمَا |
|
وَلَوْلا أَلِيمُ الْخَطْبِ لَمْ أَمْرِ مُقْلَةً | |
|
| بِدَمْعٍ وَلَمْ أَفْغَرْ بِقَافِيَةٍ فَمَا |
|
فَيَا رَبَّةَ الْقَبْرِ الْكَرِيمِ بِمَا حَوَى | |
|
| وَقَتْكِ الرَّدَى نَفْسِي وَأَيْنَ وَقَلَّمَا |
|
وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ فِدْيَةَ رَاحِلٍ | |
|
| تَخَرَّمَهُ الْمِقْدَارُ فِيمَنْ تَخَرَّمَا |
|
سَقَتْكِ يَدُ الرِّضْوَانِ كَأْسَ كَرَامَةٍ | |
|
| مِنَ الْكَوْثَرِ الْفَيَّاضِ مَعْسُولَةَ اللَّمَى |
|
وَلا زَالَ رَيْحَانُ التَّحِيَّةِ نَاضِرَاً | |
|
| عَلَيْكِ وَهَفَّافُ الرِّضَا مُتَنَسَّمَا |
|
لِيَبْكِ عَلَيْكِ الْقَلْبُ لا الْعَيْنُ إِنَّنِي | |
|
| أَرَى الْقَلْبَ أَوْفَى بِالْعُهُودِ وَأَكْرَمَا |
|
فَوَاللَّهِ لا أَنْسَاكِ مَا ذَرَّ شَارِقٌ | |
|
| وَمَا حَنَّ طَيْرٌ بِالأَرَاكِ مُهَيْنِمَا |
|
عَلَيْكِ سَلامٌ لا لِقَاءَةَ بَعْدَهُ | |
|
| إِلَى الْحَشْرِ إِذْ يَلْقَى الأَخِيرُ الْمُقَدَّمَا |
|