ما يَصنَعُ السَيرُ بِالجُردِ السَراحيبِ | |
|
| إِن كانَ وَعدُ الأَماني غَيرَ مَكذوبِ |
|
لِلَّهِ أَمرٌ مِنَ الأَيّامِ أَطلُبُهُ | |
|
| هَيهاتَ أَطلُبُ أَمراً غَيرَ مَطلوبِ |
|
لا تَصحَبِ الدَهرَ إِلّا غَيرَ مُنتَظِرٍ | |
|
| فَالهَمُّ يَطرُدُهُ قَرعُ الظَنابيبِ |
|
وَاِقذِف بِنَفسِكَ في شَعواءَ خابِطَةٍ | |
|
| كَالسَيلِ يَعصِفُ بِالصَوّانِ وَاللوبِ |
|
إِن حَنَّتِ النيبُ شَوقاً وَهيَ واقِفَةٌ | |
|
| فَإِنَّ عَزمِيَ مُشتاقٌ إِلى النيبِ |
|
أَو صارَتِ البيضُ في الأَغمادِ آجِنَةً | |
|
| فَإِنَّما الضَربُ ماءٌ غَيرُ مَشروبِ |
|
مَتى أَراني وَدِرعي غَيرُ مُحقَبَةٍ | |
|
| أَجُرُّ رُمحي وَسَيفي غَيرُ مَقروبِ |
|
أَيدٍ تَجاذَبُ دُنيا لا بَقاءَ لَها | |
|
| خِباؤُها بَينَ تَقويضٍ وَتَطنيبِ |
|
قَد كُنتُ غِرّاً وَكانَ الدَهرُ يَسمَحُ لي | |
|
| إِنَّ الرَقيبَ عَلى دُنيايَ تَجريبي |
|
وَعَدتَ يا دَهرُ شَيئاً بِتُّ أَرقُبُهُ | |
|
| وَما أَرى مِنكَ إِلّا وَعدَ عُرقوبِ |
|
وَحاجَةٍ أَتَقاضاها وَتَمطُلُني | |
|
| كَأَنَّها حاجَةٌ في نَفسِ يَعقوبِ |
|
لَأُتعِبَنَّ عَلى البَيداءِ راحِلَةً | |
|
| وَاللَيلُ بِالريحِ خَفّاقُ الجَلابيبِ |
|
ما كُنتُ أَرغَبُ عَن هَوجاءَ تَقذِفُ بي | |
|
| هامَ المَرَورى وَأَعناقَ الشَناخيبِ |
|
في فِتيَةٍ هَجَروا الأَوطانَ وَاِصطَنَعوا | |
|
| أَيدي المَطايا بِإِدلاجٍ وَتَأويبِ |
|
مِن كُلِّ أَشعَثَ مُلتاثِ اللِثامِ لَهُ | |
|
| لَحظٌ تُكَرِّرُهُ أَجفانُ مَدؤوبِ |
|
يُوَسِّدُ الرَحلَ خَدّا ما تَوَسَّدَهُ | |
|
| قَبلَ المَطالِبِ غَيرُ الحُسنِ وَالطيبِ |
|
إِلَيكَ طارَت بِنا نُجبٌ مُدَفَّعَةٌ | |
|
| تَحتَ السِياطِ رَميضاتُ العَراقيبِ |
|
وَرَدنَ مِنكَ سَحاباً غَيرَ مُنتَقِلٍ | |
|
| عَنِ البِلادِ وَبَدراً غَيرَ مَحجوبِ |
|
ما زِلتَ تَرغَبُ في مَجدٍ تُشَيِّدُهُ | |
|
| عَفواً وَغَيرُكَ في كَدٍّ وَتَعذيبِ |
|
حَتّى بَلَغتَ مِنَ العَلياءِ مَنزِلَةً | |
|
| تُفدى الأَعاجِمُ فيها بِالأَعاريبِ |
|
إِنّي رَأَيتُكَ مِمَّن لا يُخادِعُهُ | |
|
| حَثُّ الزُجاجَةِ بِالغيدِ الرَعابيبِ |
|
وَلا تَحُلُّ يَدُ الأَقداحِ حُبوَتَهُ | |
|
| إِذا اِحتَبى بَينَ مَطعونٍ وَمَضروبِ |
|
يُهابُ سَيفُكَ مَصقولاً وَمُختَضِباً | |
|
| وَأَهيَبُ الشَعرِ شَيبٌ غَيرُ مَخضوبِ |
|
يَأوي حُسامُكَ إِن صاحَ الضِرابُ بِهِ | |
|
| إِلى لِواءٍ مِنَ العَلياءِ مَنصوبِ |
|
وَيَرتَمي بِكَ وَالأَرماحُ والِغَةٌ | |
|
| طِماحَ كُلِّ أَسيلِ الخَدِّ يَعبوبِ |
|
لَم يَسلُ هَمُّكَ مِن مالٍ تُفَرِّقُهُ | |
|
| إِلّا تَعَشَّقَ أَطرافَ الأَنابيبِ |
|
إِذا مَنَحتَ العَوالي كَفَّ مُستَلِبٍ | |
|
| أَقطَعتَ بَذلَ العَطايا كَفَّ مَسلوبِ |
|
لا يَركَبُ النَدبُ إِلّا كُلَّ مُعضِلَةٍ | |
|
| كَأَنَّ ظَهرَ الهُوَينا غَيرُ مَركوبِ |
|
وَلا يَرى الغَدرَ أَهلاً أَن يُلِمَّ بِهِ | |
|
| وَإِنَّما الغَدرُ مَأخوذٌ عَنِ الذَيبِ |
|
ما نالَ مَدحي أَبو نَصرٍ بِنائِلَةٍ | |
|
| وَلا بِسُلطانِ تَرغيبٍ وَتَرهيبِ |
|
إِلّا بِشيمَةِ بَسّامٍ وَتَكرِمَةٍ | |
|
| غَرّاءَ تَعدِلُ عِندي كُلَّ مَوهوبِ |
|
أَنتَ المُعينُ عَلى أَمرٍ تُصاوِلُهُ | |
|
| وَحاجَةٍ شافَهَتنا بِالأَعاجيبِ |
|
وَمِثلُ سَمعِكَ يَدعوهُ إِلى كَرَمٍ | |
|
| قَولٌ تُشَيِّعُهُ أَنفاسُ مَكروبِ |
|
سَبى فَناؤُكَ آمالاً لِطينَتِها | |
|
| سَبيَ الأَزِمَّةِ أَعناقَ المَصاعيبِ |
|
يا خَيرَ مَن قالَ بَلِّغ خَيرَ مُستَمِعٍ | |
|
| عَنّي وَحَسبُكَ مِن وَصفٍ وَتَقليبِ |
|
لَولاكَ يا مَلِكَ الأَملاكِ سالَ بِنا | |
|
| مِنَ النَوائِبِ عَرّاصُ الشَآبيبِ |
|
زَجَرتَ عَنّا اللَيالي وَهيَ رابِضَةٌ | |
|
| تَقرو بِأَنيابِها عَقرَ المَخاليبِ |
|
أَرعَيتَنا الكَلَأَ المَمطورَ نَنشُطُهُ | |
|
| نَشطَ الخَمائِلِ بَعدَ المَربِعِ الموبي |
|
فَكُنتَ كَالغَيثِ مَسَّ المَحلَ رَيِّقُهُ | |
|
| فَهَذَّبَ الأَرضَ مِنهُ أَيَّ تَهذيبِ |
|
هَذا أَتى قائِلاً وَالصِدقُ يَنصُرُهُ | |
|
| أَقالَ عُنقي وَكانَ السَيفُ يُغري بي |
|
صَدَقتَ ظَنَّ العُلى فيهِ وَحاسِدُهُ | |
|
| يُعطي الحَقائِقَ أَطرافَ الأَكاذيبِ |
|
تَرَكتَهُ زاهِداً في العَيشِ مُنقَطِعاً | |
|
| عَنِ القَرايِنِ مِنّا وَالأَصاحيبِ |
|
وَكانَ بِالحَربِ يَلقى مَن يُنافِرُهُ | |
|
| فَصارَ يَلقى الأَعادي بِالمَحاريبِ |
|
ما قُلتَ ما كانَ صَرفُ الدَهرِ أَدَّبَهُ | |
|
| بَلى قَديماً وَهَذا فَضلُ تَأديبِ |
|
الحَمدُ لِلَّهِ لا أَشكو إِلى أَحَدٍ | |
|
| قَلَّ الوَفاءُ مِنَ الشُبّانِ وَالشيبِ |
|
هَيَّأتَ مَجدَكَ يَستَوفي الزَمانَ بِهِ | |
|
| عَزماً حُساماً وَرَأياً غَيرَ مَغلوبِ |
|
وَلا صَبَرتَ عَلى ذُلٍّ وَمَنقَصَةٍ | |
|
| وَلا حَذِرتَ عَلى عَذلٍ وَتَأنيبِ |
|
خَطَبتَ شِعري إِلى قَلبٍ يَضِنُّ بِهِ | |
|
| إِلّا عَلَيكَ فَباشِر خَيرَ مَخطوبِ |
|
شَبَبتَ بِالعِزِّ إِذ كانَ المَديحُ لَهُ | |
|
| فَما أَصولُ بِمَدحي دونَ تَشبيبِ |
|
لا عُلِّقَ المَوتُ نَفساً أَنتَ صاحِبُها | |
|
| إِنَّ الحِمامَ مُحِبٌّ غَيرُ مَحبوبِ |
|