دَوامُ الهَوى في ضَمانِ الشَبابِ | |
|
| وَما الحُبُّ إِلّا زَمانُ التَصابي |
|
أَحينَ فَشا الشَيبُ في شَعرِهِ | |
|
| وَكَتَّمَ أَوضاحَهُ بِالخِضابِ |
|
تَروعينَ أَوقاتَهُ بِالصُدودِ | |
|
| وَتَرمينَ أَيّامَهُ بِالسِبابِ |
|
تَخَطّى المَشيبُ إِلى رَأسِهِ | |
|
| وَقَد كانَ أَعلى قِبابِ الشَبابِ |
|
كَذاكَ الرِياحُ إِذا اِستَلأَمَت | |
|
| تَقَصَّفَ أَعلى الغُصونِ الرِطابِ |
|
مَشيبٌ كَما اِستَلَّ صَدرُ الحُسا | |
|
| مِ لَم يَروَ مِن لِبثِهِ في القِرابِ |
|
نُضي فَاِستَباحَ حِمى المُلهِياتِ | |
|
| وَراعَ الغَواني بِظِفرٍ وَنابِ |
|
وَأَلوى بِجِدَّةِ أَيّامِهِ | |
|
| فَأَصبَحَ مَقذىً لِعَينِ الكَعابِ |
|
تُسَتِّرُ مِنهُ مَجالَ السِوارِ | |
|
| إِذا ما بَدا وَمَناطَ النِقابِ |
|
وَكانَ إِذا شَرَدَت نيَّةٌ | |
|
| يَرُدُّ رِقابَ الخُطوبِ الغِضابِ |
|
وَكُنتُ أُرَقرِقُ ماءَ الوِصالِ | |
|
| وَبَحرُ الشَبيبَةِ طاغي العُبابِ |
|
وَكَأسي مُعَوِّدَةٌ بِالسَماعِ | |
|
| تَركُضُ بَينَ القُلوبِ الطِرابِ |
|
إِذا نُصِفَت فَهيَ في مِئزَرٍ | |
|
| وَتَبرُزُ إِن أُترِعَت في نِقابِ |
|
سَمائي مُذَهَّبَةٌ بِالبُروقِ | |
|
| وَأَرضي مُفَضَّضَةٌ بِالحِبابِ |
|
وَرَوضي مَطارِفُهُ غَضَّةٌ | |
|
| تُطَرِّزُ أَطرافَها بِالذِهابِ |
|
وَلَيلٌ تَرى الفَجرَ في عِطفِهِ | |
|
| كَما شابَ بَعضُ جَناحِ الغُرابِ |
|
يَغارُ الظَلامُ عَلى شَمسِهِ | |
|
| إِلى أَن يُوارِيَها بِالحِجابِ |
|
وَتَصقُلُ أَنجُمَهُ العاصِفاتُ | |
|
| إِذا صَدِيَت مِن غُمودِ السَحابِ |
|
وَبَرقٌ يُنَفِّضُ أَطرافَهُ | |
|
| كَما رَمَحَت بُلقُ خَيلٍ عِرابِ |
|
وَماءٌ يُضارِعُ خَيطَ السَقاءِ | |
|
| وَيُرمى بِهِ في وُجوهِ الشِعابِ |
|
تُزَعزِعُ ريحُ الصَبا مَتنَهُ | |
|
| كَما لَطَمَ المَزجُ خَدَّ الشَرابِ |
|
وَذَودٌ يُغادِرُ وَجهَ الصَعي | |
|
| دِ مِن حِلَّةِ العُشبِ عاري الإِهابِ |
|
فَما تَطلُبُ البيدُ مِن ساهِمٍ | |
|
| يُثيرُ عَلَيها رِقابَ الرِكابِ |
|
يُساعِدُها في اِحتِمالِ الصَدى | |
|
| وَيَشرَكُها في وُرودِ السَرابِ |
|
يُذَكِّرُهُ أَخذَ أَوتارِهِ | |
|
| صَهيلُ السَوابِقِ حَولَ القِبابِ |
|
دَفَعنَ بِخَضخَضَةٍ لِلمَزادِ | |
|
| نَجاءً وَخَشخَشَةٍ لِلعِيابِ |
|
لَبَلَّ أَنابيبَهُ بِالطِعانِ | |
|
| وَأَنحَلَ أَسيافَهُ بِالضِرابِ |
|
يَبيتُ وَثَوبُ الدُجى شاحِبٌ | |
|
| طَموحَ المَعالِمِ سامي الشِهابِ |
|
وَما كُنتُ أَجري إِلى غايَةٍ | |
|
| فَأَسأَلَها أَينَ وَجهُ الإِيابِ |
|
إِذا اِستَنهَضَت هِمَمي عَزمَةٌ | |
|
| عَصَفتُ بِأَيدي المَطيِّ العِرابِ |
|
تَحَرَّيتُ أَعجازَها بِالسِياطِ | |
|
| فَخاضَت صُدورَ الأُمورِ الصِعابِ |
|
فَكَم قائِفٍ قَد هَدَت لَحظَهُ | |
|
| بُدورٌ مَناسِمُها في التُرابِ |
|
إِذا ماتَ في وَخدِهِنَّ المَدى | |
|
| لَطَمنَ خُدودَ الرُبى وَالرِحابِ |
|
فِداؤُكَ نَفسِيَ يا مَن لَهُ | |
|
| مِنَ القَلبِ رَبعٌ مَنيعُ الجَنابِ |
|
فَلَولاكَ ما عاقَ قَلبي الهَوى | |
|
| وَعَزَّ عَلى كُلِّ شَوقٍ طِلابي |
|
إِذا ما صَدَدتَ دَعاني الهَوى | |
|
| فَمِلتُ إِلى خُدُعاتِ العِتابِ |
|
فَيا جُنَّتي إِن رَماني الزَمانُ | |
|
| وَيا صاحِبي إِن جَفاني صِحابي |
|
دَفَعتُ بِكَفّي زِمامي إِلَيكَ | |
|
| وَقَد كُنتُ أُبطي عَلى مَن حَدا بي |
|
فَلا تَحسَبَنّي ذَليلَ القِيادِ | |
|
| فَإِنّي أَبيٌّ عَلى كُلِّ آبي |
|
وَساعٍ إِلى الوُدِّ شَبَّهتُهُ | |
|
| وَيَرتَعُ مَع أَهلِهِ في جَنابِ |
|
يُؤَمِّنُ سَطوَةَ لَيثِ العَرينِ | |
|
| وَمَضجَعُهُ بَينَ غيلٍ وَغابِ |
|
حَمَتهُ مَذَلَّتُهُ سَطوَتي | |
|
| وَكَيفَ يَنالُ ذُباباً ذُبابي |
|
وَمُلتَثِمٍ قالَ لي لَثمُهُ | |
|
| عَذابُ الهَوى في الثَنايا العِذابِ |
|
نُعاقِرُ بِالضَمِّ كَأسَ العِناقِ | |
|
| وَنَسفِكُ بِاللَثمِ خَمرَ الرُضابِ |
|
عِناقٌ كَما اِرتَجَّ ماءُ الغَديرِ | |
|
| وَلَثمٌ كَما اِستَنَّ وَلغُ الذِئابِ |
|
غَدَونا عَلى صَهَواتِ الخُطوبِ | |
|
| جَوادَي رِهانٍ وَسَيفي قِرابِ |
|
صَقيلَينِ تَستَلُّنا النائِباتُ | |
|
| فَتُثلَمُ فيهِنَّ وَالدَهرُ نابِ |
|
وَغُصنَينِ يَلعَبُ فينا النَسيمُ | |
|
| وَتَنطِفُ عَنّا نِطافُ الرَبابِ |
|
وَنَجمَينِ يَقصُرُ عَن نَيلِنا | |
|
| مِنَ الطالِعاتِ الذُرى وَالرَوابي |
|
وَكُنّا إِذا مَسَّنا حادِثٌ | |
|
| نُقَلِّمُ بِالصَبرِ ظِفرَ المُصابِ |
|
إِلَيكَ تَخَطَّت فُروجَ القُلوبِ | |
|
| بِكرٌ مِنَ الآنِساتِ العِرابِ |
|
أُشَبِّبُ فيها بِذِكرِ المَشيبِ | |
|
| وَما اِستَيأَسَت لِمَّتي مِن شَبابي |
|