مِنَ اَيِّ الثَنايا طالَعَتنا النَوائِبُ | |
|
| وَأَيُّ حِمىً مِنّا رَعَتهُ المَصائِبُ |
|
خَطَونَ إِلَينا الخَيلُ وَالبيضُ وَالقَنا | |
|
| فَما مَنَعَت عَنّا القَنا وَالقَواضِبُ |
|
وَضَلَّ بِنا قَصدُ الطَريقِ كَأَنَّما | |
|
| تَؤُمُّ المَنايا لا النَجاءُ الرَكائِبُ |
|
نَروغُ كَما راغَ الطَرائِدُ دونَها | |
|
| وَتَجلُبُنا عوداً إِلَيها الجَوالِبُ |
|
طِوالُ رِماحٍ لا تَقي وَعَقائِلٌ | |
|
| مِنَ الجُردِ لا يَنجو عَلَيهِنَّ هارِبُ |
|
فَأَينَ النُفوسُ الآبِياتُ مُليحَةً | |
|
| مِنَ الضَيمِ وَالأَيدي الطِوالُ الغَوالِبُ |
|
وَأَينَ الطِعانُ الشَزرُ يُثنى بِمِثلِهِ | |
|
| رِقابُ الأَعادي دونَنا وَالكَتائِبُ |
|
إِذا لَم يُعِنكَ اللَهُ يَوماً بِنُصرَةٍ | |
|
| فَأَكبَرُ أَعوانٍ عَلَيكَ الأَقارِبُ |
|
وَإِن هُوَ لَم يُعصِمكَ مِنهُ بِجِنَّةٍ | |
|
| فَقَد أُكثِبَت لِلضارِبينَ المَضارِبُ |
|
تَناهى بِنا الآجالُ عَن كُلِّ مُدَّةٍ | |
|
| وَما تَنتَهي بِالطالِبينَ المَطالِبُ |
|
نُغَرُّ بِإيعادِ الرَدى وَهوَ صادِقٌ | |
|
| وَنَطمَعُ في وَعدِ المُنى وَهوَ كاذِبُ |
|
أَفي كُلِّ يَومٍ لي صَديقٌ مُصادِقٌ | |
|
| يُجيبُ المَنايا أَو قَريبٌ مُقارِبُ |
|
لَعَمري لَقَد أَبقى عَلَيَّ بِيَومِهِ | |
|
| لَواعِجَ تُمليها عَلَيَّ العَواقِبُ |
|
رَماهُ الرَدى عَن قَوسِهِ فَأَصابَهُ | |
|
| وَلَم يُغنِنا إِن دَرَّعَتنا التَجارِبُ |
|
هُوَ الوالِجُ العادي الَّذي لا يَروعُهُ | |
|
| مِنَ البابِ بَيّابٌ عَلَيهِ وَحاجِبُ |
|
وَلا ناصِرٌ سِيّانِ مَن هُوَ حاضِرٌ | |
|
| إِذا ما دَعا مِنّا وَمَن هُوَ غائِبُ |
|
نَسيرُ وَلِلآجالِ فَوقَ رُؤوسِنا | |
|
| تَهَزُّمُ نَوءٍ بِالمَقاديرِ صائِبُ |
|
وَما يَعلَمُ الإِنسانُ في أَيَّ جانِبٍ | |
|
| مِنَ الأَرضِ يَأوي مِنهُ في التُربِ جانِبُ |
|
مُصابٌ رَمى مِن هاشِمٍ في صَميمِها | |
|
| فَأَمسَت دُراها خُشَّعاً وَالغَوارِبُ |
|
وَأَطلَقَ مِن وَجدٍ حُباها وَلَم تَكُن | |
|
| لِهاشِمَ لَولاهُ العُقولُ العَوازِبُ |
|
وَزالَت لَهُ الأَقدامُ عَن مُستَقَرِّها | |
|
| كَما مالَ لِلبَركِ المَطِيُّ اللَواغِبُ |
|
أَطالَ بِهِ الشُبّانُ لَطمَ خُدودِهِم | |
|
| وَصُكَّ لَهُ غُرُّ الوُجوهِ الأَشايِبُ |
|
يَعَضّونَ مِنهُ بِالأَكُفِّ وَإِنَّما | |
|
| تُعَضُّ بِأَطرافِ البَنانِ العَجائِبُ |
|
مَضى أَملَسَ الأَثوابِ لَم يُخزَ مادِحٌ | |
|
| بِإِطنابِهِ فيهِ وَلَم يُزرَ عائِبُ |
|
وَخَلّى فِجاجاً لا تُسَدُّ بِمِثلِهِ | |
|
| وَتِلكَ صُدوعٌ أَعوَزَتها الشَواعِبُ |
|
لَقَد هَزَّ أَحشاءَ البَعيدِ مُصابُهُ | |
|
| فَكَيفَ المُداني وَالقَريبُ المُصاقِبُ |
|
وَلَم أَنسَهُ غادٍ وَقَد أَحدَقَت بِهِ | |
|
| أَدانٍ تُرَوّي نَعشَهُ وَأَقارِبُ |
|
يَحِسّونَ مِن أَعوادِهِ ثِقلَ وَطئِهِ | |
|
| وَما أَثقَلَ الأَعناقَ إِلّا المَناقِبُ |
|
كَأَنّا عَرَضنا زاعِبِيَّاً مُثَقَّفاً | |
|
| عَلى نَعشِهِ قَد جَرَّبَتهُ المَقانِبُ |
|
تَعَلَّقتُ مِن وَجدي بِفَضلِ رِدائِهِ | |
|
| وَهَل ذاكَ مُغنٍ وَالمَنايا الجَواذِبُ |
|
وَقارَعَني دَهري عَلَيهِ فَحازَهُ | |
|
| أَلا إِنَّ أَقرانَ اللَيالي غَوالِبُ |
|
وَكُنتُ بِهِ أَلقى الحُروبَ وَأَتَّقي | |
|
| فَجاءَ مِنَ الأَقدارِ ما لا أُحارِبُ |
|
تَعاقَدَ حاثو تُربِهِ أَيَّ نَجدَةٍ | |
|
| تَلاقَت عَليها بِالتُرابِ الرَواجِبُ |
|
كَأَنَّهُمُ أَدلَوا إِلى القَبرِ ضَيغَماً | |
|
| يَنوءُ وَتَثنيهِ الأَكُفُّ الحَواصِبُ |
|
وَأَيَّ حُسامٍ أَغمَدوا في ضَريحِهِ | |
|
| كَهَمَّكَ لا يَعصى بِهِ اليَومَ ضارِبُ |
|
فَآثارُهُ مُحمَرَّةٌ في عَدُوِّهِ | |
|
| وَمِنهُ وَراءَ التُربِ أَبيضُ قاضِبُ |
|
وَما كانَ إِلّا بُرهَةً ثُمَّ أَسفَرَت | |
|
| نُزوعاً عَنِ الوَجدِ الوُجوهُ الشَواحِبُ |
|
وَجَفَّت عُيونُ الباكِياتِ وَأُنسِيَت | |
|
| مِنَ الغَدِ ما كانَت تَقولُ النَوادِبُ |
|
تَسَلَّوا وَلَولا اليَأسُ ما كُنتُ سالِياً | |
|
| وَقَد يَصبِرُ العَطشانُ وَالوِردُ ناضِبُ |
|
أَلَسنا بَني الأَعمامِ دُنيا تَمازَجَت | |
|
| بِأَخلاقِهِم أَخلاقُنا وَالضَرائِبُ |
|
جَميعاً نَمانا في رُبى المَجدِ هاشِمٌ | |
|
| وَأَنجَبَ عِرقَينا لُؤَيٌّ وَغالِبُ |
|
إِذا عُمَّموا بِالمَجدِ لا ثَت بِهامِنا | |
|
| عَمائِمُهُم أَعراقُنا وَالمَناسِبُ |
|
نَرى الشُمَّ مِن آنافِنا في وُجوهِهِم | |
|
| وَأَعناقُنا طالَت بِهِنَّ المَناصِبُ |
|
وَكَم داخِلٍ ما بَينَنا بِنَميمَةٍ | |
|
| تَقَطَّرَ لَمّا زاحَمَتهُ المَصاعِبُ |
|
سِوى هَبَواتٍ شابَتِ الوُدَّ بَينَنا | |
|
| وَأَيُّ وَدادٍ لَم تَشُبهُ الشَوائِبُ |
|
لَنا الدَوحَةُ العُليا الَّتي نَزَعَت لَها | |
|
| إِلى المَجدِ أَغصانُ الجُدودِ الأَطايِبُ |
|
إِذا كانَ في جَوِّ السَماءِ عُروقُها | |
|
| فَأَينَ أَعاليها وَأَينَ الذَوائِبُ |
|
عَلونا إِلى أَثباجِها وَلِغَيرِنا | |
|
| عَنِ المَنكِبِ العالي إِذا رامَ ناكِبُ |
|
فَما حَمَلَ الآباءُ مِنّا وَساقَطَت | |
|
| إِلى الأَرضِ مِنّا المُنجِباتُ النَجائِبُ |
|
سُيودٌ عَلى الأَعداءِ تَمضي نُفوسُها | |
|
| وَلَم تَتَبَدَّلهُنَّ أَيدٍ ضَوارِبُ |
|
فَإِن تَرَ فينا صَولَةً عَجرَفِيَةً | |
|
| فَقَد عُرِفَت فينا الجُدودُ الأَعارِبُ |
|
فَصَبراً جَميلاً إِنَّما هِيَ نَومَةٌ | |
|
| وَتُلحِقُنا بِالأَوَّلينَ النَوائِبُ |
|
وَلَيسَ لِمَن لَم يَمنَعِ اللَهُ مانِعٌ | |
|
| وَلا لِقَضاءِ اللَهِ في الأَرضِ غالِبُ |
|
وَلَو رَدَّ مَيتاً وَجدُ ذي الوَجدِ بَعدَه | |
|
| لِرَدِّكَ وَجدي وَالدُموعُ السَوارِبُ |
|
سَيُعطي رِجالٌ ما مَنَعتَ وَيَشتَفي | |
|
| مِنَ الأَقرِباءِ الأَبعَدونَ الأَجانِبُ |
|
لَنا فيكَ عِندَ الدَهرِ ثَأرُ نَزيعَةٍ | |
|
| وَإِنّي لِثاراتِ المَقاديرِ طالِبُ |
|
أَدَرَّت عَلَيكَ السارِياتُ وَرَقرَقَت | |
|
| عَلى ذَلِكَ القَبرِ الرِياحُ الغَرائِبُ |
|
وَلا زالَ عَن ذاكَ الضَريحِ مُنَوِّرٌ | |
|
| مِنَ الرَوضِ تَفليهِ الصَبا وَالجَنائِبُ |
|
وَلا بَل سَقَيناكَ الدُموعَ وَإِنَّنا | |
|
| لَنَأنَفُ إِن قُلنا سَقَتكَ السَحائِبُ |
|