شُغلي عَنِ الدارِ أَبكيها وَأَرثيها | |
|
| إِذا خَلَت مِن حَبيبٍ لي مَغانيها |
|
دَعِ الرَوامِسَ تَسفى كُلَّما دَرَجَت | |
|
| تُرابَها وَدَعِ الأَمطارَ تُبليها |
|
إِن كانَ فيها الَّذي أَهوى أَقَمتُ بِها | |
|
| وَإِن عَداها فَما لي لا أُعَدّيها |
|
أَحَقُّ مَنزِلَةٍ بِالتَركِ مَنزِلَةٌ | |
|
| تَعَطَّلَت مِن هَوى نَفسي نَواديها |
|
أَمكَنتُ عاذِلَتي في الخَمرِ مِن أُذُنٍ | |
|
| صَمّاءَ يُعيِ صَداها مَن يُناديها |
|
وَقُلتُ حينَ أَدارَ الكَأسَ لي قَمَرٌ | |
|
| الآنَ حينَ تَعاطى القَوسَ باريها |
|
يا أَملَحَ الناسِ كَفّاً حينَ يَمزُجُها | |
|
| وَحينَ يَأخُذُها صِرفاً وَيُعطيها |
|
قَد قُمتَ مِنها عَلى حَدٍّ يُلائِمُها | |
|
| فَهَكَذا فَأَدِرها بَينَنا إِيها |
|
إِن كانَتِ الخَمرُ لِلأَلبابِ سالِبَةً | |
|
| فَإِنَّ عَينَيكَ تَجري في مَجاريها |
|
سِيانَ كَأسٌ مِنَ الصَهباءِ أَشرَبُها | |
|
| وَنَظرَةٌ مِنكَ عِندي حينَ تُصبيها |
|
في مُقلَتَيكَ صِفاتُ السِحرِ ناطِقَةٌ | |
|
| بِلَفظِ واحِدَةٍ شَتّى مَعانيها |
|
فَاِشرَب لَعَلَّكَ أَن تَحظى بِسَكرَتِها | |
|
| فَتَصدُقَ الكَأسُ نَفَساً ما تُمَنّيها |
|
وَمُخطَفِ الخَصرِ في أَردافِهِ عَمَمٌ | |
|
| يَميسُ في خامَةٍ رَقَّت حَواشيها |
|
إِذا نَظَرتُ إِلَيهِ تاهَ عَن نَظَري | |
|
| وَإِن شَكَوتُ إِلَيهِ زادَني تيها |
|
لَولا الأَمينُ الَّذي في الأَرضِ ما اِختَلَسَت | |
|
| بَناتُ لَهوي إِذا عَنَّت غَواشيها |
|
خَليفَةُ اللَهِ قَد ذَلَّت بِطاعَتِهِ | |
|
| صُعرُ الخُدودِ بِرَغمٍ مِن مَراقيها |
|
أَحيَت يَداهُ النَدى وَالجودَ فَاِنتَشَرا | |
|
| في الأَرضِ طُرّاً وَجالا في نَواحيها |
|
عَمَّت مَكارِمُهُ الدُنيا فَأَوَّلُها | |
|
| تُهدى نَداهُ إِلى أُخرى أَقاصيها |
|
كَم مِن يَدٍ لِأَمينِ اللَهِ لَو شُكِرَت | |
|
| لَقَصَّرَ النَفسُ عَن أَدنى أَدانيها |
|
فَتىً تُهينُ رِقابَ المالِ راحَتُهُ | |
|
| إِذا أَتاها مُريدُ المالِ يَبغيها |
|
يُمنى يَدَيكَ لَنا جَدوى مُطَبَّقَةٍ | |
|
| هَذا السَحابُ بِأَعلى الأُفقِ يَحكيها |
|
حَلَّت قُرَيشُ العُلا مِن كُلِّ مَكرُمَةٍ | |
|
| وَحَلَّ بَيتُكَ في أَعلى أَعاليها |
|
فُقتَ البَرِيَّةَ مِن كَهلٍ وَمِن حَدَثٍ | |
|
| وَفاقَ أَباؤُكَ الماضونَ ماضيها |
|
شَيَّدتَ بَيتَكَ في عَلياءِ مَكرُمَةٍ | |
|
| يُقَصِّرُ النَجمُ عَن أَدنى مَراقيها |
|
ما يَسبِقُ الناسُ في غاياتِ مَكرُمَةٍ | |
|
| إِلّا وَكَفُّكَ دونَ الخَلقِ تَحويها |
|
خَليفَةُ اللَهِ لَو عُدَّت فَضائِلُهُ | |
|
| إِذاً لَقَلَّ مِن الحُسّابِ مُحصيها |
|
جارى الأَمينُ مُلوكَ الناسِ كُلَّهُمُ | |
|
| فَما تُقُدِّمَ سَبقاً في مَباديها |
|
نالَت مَكارِمُكَ العَيّوقَ فَاِتَّصَلَت | |
|
| بِهِ وَقَصَّرَ عَنها مَن يُساميها |
|
يا أَكرَمَ الناسِ إِذ تُرجى لِنائِبَةٍ | |
|
| جاءَت بِها حادِثاتُ الدَهرِ تَهديها |
|
لَسنا نَخافُ صُروفَ الدَهرِ ما عَلِقَت | |
|
| أَكُفُّنا بِحِبالٍ مِنكَ تَمريها |
|
كافى الإِمامُ الوَرى طُرّاً بِأَجمَعِها | |
|
| وَفاقَهُم بِبُيوتِ المَجدِ يَبنيها |
|
رَآكَ رَبُّكَ أَهلاً إِذ حَباكَ بِها | |
|
| فَاِبقَ وَدُم بِسُرورٍ ناعِماً فيها |
|
أَحيا المَكارِمَ هارونٌ وَأَثبَتَها | |
|
| وَأَنتَ في الناسِ يا اِبنَ الغُرِّ تُمضيها |
|
يا مُثبِتَ المُلكِ إِذا زالَت دَعائِمُهُ | |
|
| وَثارَ بِالفِتنَةِ العَمياءِ باغيها |
|
كَم طَعنَةٍ لَكَ في الأَعداءِ مُهلِكَةٍ | |
|
| نَجلاءَ تُعجِلُهُم عَن نَفثِ راقيها |
|
لَمّا غَدَوتَ إِلى الأَعداءِ مُطَّلِعاً | |
|
| غَيرَ الجَبانِ عَلَيها لا تُباليها |
|
قَسَمتَ فيها مَنايا غَيرَ مُبقِيَةٍ | |
|
| وَقُمتَ عِندَ نُفوسِ الحَقِّ تُحيِيها |
|
أَخَمَدتَ بِالشَرقِ نيراناً مُؤَجَّجَةً | |
|
| قَد كانَ عَزَّ عَلى الإِسلامِ مُخبيها |
|
حَتّى بُعِثتَ عَلَيها رَحمَةً فَخَبَت | |
|
| نيرانُها بِكَ فَاِنفَتَّت أَفاعيها |
|
ما ضَيَّعَ اللَهُ قَوماً صِرتَ تَملِكُهُم | |
|
| وَلا أَضاعَ بِلاداً أَنتَ واليها |
|