اِستَمطَرَ العَينَ أَن أَحبابُهُ اِحتَمَلوا | |
|
| لَو كانَ رَدَّ البُكاءُ الحَيَّ إِذ رَحَلوا |
|
لَولا الشَبابُ وَعَهدٌ لا أَحيسُ بِهِ | |
|
| لَأَعقَبَ العَينَ نَوماً ماؤُها الخَضِلُ |
|
رُمتُ السُلوَّ وَناجاني الضَميرُ بِهِ | |
|
| فَاِستَعطَفَتني عَلى بَيضاتِها الحَجَلُ |
|
وَلَيلَةٍ يَومَ يَومي ضِحكَةٌ وَبُكاً | |
|
| باتَت بِعَيني عُيونُ العَينِ تَكتَحِلُ |
|
باتَت تُعاطيهِ كَأسَ اللَهوِ جارِيَةٌ | |
|
| رودُ الشَبابِ أُناةٌ مِرطُها رَحِلُ |
|
كَأَنَّها ثَمِلٌ مالَ الصَبوحُ بِهِ | |
|
| لَيسَت بِهِ هُوَ لَكِن مَشيُها ثَمِلُ |
|
وَما اِستَخَفَّكَ إِلّا نَظرَةٌ سَلَكَت | |
|
| إِثرَ القَبولِ وَقَد خَفَّت لَهُ السُدُلُ |
|
ريعَت فَراعَت ظِباءَ الإِنسِ آنِسَةً | |
|
| وَهُنَّ عَنها وَما أَغفَلنَها غُفُلُ |
|
وَالناظِراتُ شُفوناً إِن عَرَضنَ لَنا | |
|
| كَما تَرامى بِلَحظِ الخُلسَةِ القُبُلُ |
|
تَداوَلَت عَذَباتِ السَجفِ أَعيُنُها | |
|
| خُذلَ القُلوبِ وَفي أَبصارِها وَجَلُ |
|
اِستَفسَدَ الدَهرُ أَقواماً فَأَصلَحَهُم | |
|
| مُحَمَّلٌ نَكَباتِ الدَهرِ مُحتَمِلُ |
|
بِهِ تَعارَفَتِ الأَحياءُ وَإِئتَلَفَت | |
|
| إِذ أَلَّفَتهُم إِلى مَعروفِهِ السُبُلُ |
|
كَأَنَّهُ قَمَرٌ أَو ضَيغَمٌ هِصرٌ | |
|
| أَو حَيَّةٌ ذَكَرٌ أَو عارِضٌ هَطِلُ |
|
لا يَضحَكُ الدَهرُ إِلّا حينَ تَسأَلُهُ | |
|
| وَلَيسَ يَعبُسُ إِلّا حينَ لا يُسَلُ |
|
أَعطى المَقادَةَ أَهلَ الشامِ حينَ غُشوا | |
|
| مِن جَعفَرٍ بِهَناتٍ مالَها حِوَلُ |
|
سَدَّ الخَليفَةُ أَطرافَ الثُغورِ بِهِ | |
|
| وَقَد تَهَتَّكَ وَاِستَرخى لَها الطِوَلُ |
|
يَأتي الأُمورَ بِأَشكالٍ فَيُبرِمُها | |
|
| مُستَحصِدُ الرَأيِ ما في رَأيِهِ خَطَلُ |
|
يَكادُ مِن عَزمِ رَأيٍ في بَصيرَتِهِ | |
|
| أَن يَختِلَ الدَهرَ عَما لَيسَ يُختَتَلُ |
|
أَمَّنتَ بِالشامِ أَرواحاً وَأَفئِدَةً | |
|
| قَد حَلَّ مُستَوطِناً أَوطانُها الوَجَلُ |
|
كُلُّ البَرِيَّةِ مُلقٍ نَحوَهُ أَمَلاً | |
|
| بِالرُغبِ وَالرُهبِ مَوصولاً بِهِ الأَمَلُ |
|
مُستَغرِقٌ لِمُنى العافينَ نائِلَهُ | |
|
| تَفنى عَلى وَعدِهِ الأَموالُ وَالعِلَلُ |
|
وَمَجمَعٍ لِحُتوفِ الدَهرِ أُهبَتُهُ | |
|
| فَرَّجتَ غَمّاءَهُ وَالمَوتُ مُشتَمِلُ |
|
وَمَأزِقٍ يَبعَثُ الطُغيانُ بَعثَتَهُ | |
|
| مُستَهدِفٍ لِلمَنايا دَواؤُهُ القَفِلُ |
|
قَد بَلَّغَتهُ بِكَ الأَقدارُ مَبلَغَهُ | |
|
| وَعاذَ بِالأَسرِ مَن يُؤتى بِهِ النَفَلُ |
|
في عَسكَرٍ تُشرِقُ الأَرضُ الفَضاءُ بِهِ | |
|
| كَاللَيلِ أَنجُمُهُ القُضبانُ وَالأَسَلُ |
|
لا يُمكِنُ الطَرفَ مِنهُ أَن يُحيطَ بِهِ | |
|
| ما يَأخُذُ السَهلُ مِن عُرضَيهِ وَالجَبَلُ |
|
أَثبَتَّ لِلدينِ أَركاناً وَأَعمِدَةً | |
|
| قَد كانَ خِيفَ عَلَيها الدَحضُ وَالزَلَلُ |
|
إِذا تَفاوَتَ أَمرٌ أَو مَضى حَدَثٌ | |
|
| رَدَّت نَوافِلَهُ مِن أَمرِكَ المُهَلُ |
|
أَطَعتَ رَبَّكَ فيما الحَقُّ لازِمُهُ | |
|
| حَتّى أَطاعَكَ في أَعدائِكَ الأَجَلُ |
|
لَم يُخرِجِ النَكثُ قَوماً عَن دِيارِهِمُ | |
|
| إِلّا رَمَتهُم بِكَ الأَيّامُ وَالدُوَلُ |
|
تَفتَرُّ عَنكَ العُلا إِذا عُدَّ واحِدُها | |
|
| حَتّى يَكونَ إِلَيكَ الخَوفُ وَالأَمَلُ |
|
لاقى بِكَ المَجدُ قَوماً يَحتَلونَ بِهِ | |
|
| فَقَلَّدوكَ حُلِيَّ المَجدِ إِذ عُطِلوا |
|
هَبَطتَ أَرضَ فِلَسطينٍ وَقَد سَمُحَت | |
|
| فَالخَوفُ مُنتَشِرٌ وَالسَيفُ مُعتَمَلُ |
|
فَما بَرِحتَ تَسوقُ المَوتَ نَحوَهُمُ | |
|
| حَتّى كَبوا وَأَضَلَّ اللَهُ ما عَمِلوا |
|
لَقيتَهُم بِالمَنايا في مُلَملَمَةٍ | |
|
| تَنبو الصَوارِمُ عَنها وَالقَنا الذُبُلُ |
|
يَحوزُ عَفوَكَ مَن سالَمتَ مُغتَبِطاً | |
|
| وَلا يُقالُ لِمَن عادَيتَ ما فَعَلوا |
|
ناضَلتَ فيها الرَدى عَن نَفسِ ذائِدِها | |
|
| وَالمَوتُ في مُهَجِ الفُرسانِ تَنتَضِلُ |
|
داوى فِلِسطينَ مِن أَدوائِها بَطَلٌ | |
|
| في صورَةِ المَوتِ إِلّا أَنَّهُ رَجُلُ |
|
سَلَّ المَنونُ عَلَيهِم مِن مَناصِلِهِ | |
|
| مِثلَ العَقيقِ تَرامى دونَهُ الشُعَلُ |
|
مِن بَعدِ ماعَظُمَت في الدينِ شَوكَتُها | |
|
| وَاِستَذأَبَت شاتُها وَاِستَأسَدَ الوَعِلُ |
|
فَسَيفُ جَعفَرَ أَعطاهُم أَمانَهُمُ | |
|
| وَرَأيُ يَحيى أَراهُم غِبَّ ما جَهِلوا |
|
فَالمُلكُ مُمتَنِعٌ وَالشَرُّ مُتَّزِعٌ | |
|
| وَالخَيرُ مُتَّسِعٌ وَالأَمرُ مُعتَدِلُ |
|