أُبِثُّكُمُ أَنّي مَشوقٌ بِكُم صَبُّ | |
|
| وَأَنَّ فُؤادي لِلأَسى بَعدَكُم نَهبُ |
|
تَناسَيتُمُ عَهدي كَأَنّي مُذنِبٌ | |
|
| وَما كانَ لي لَولا مَلالُكُم ذَنبُ |
|
وَقَد كُنتُ أَرجو أَن تَكونوا عَلى النَوى | |
|
| كَما كُنتُمُ أَيّامَ يَجمَعُنا القُربُ |
|
وَقَد كانَتِ الأَيّامُ سِلمي وَشَملُنا | |
|
| جَميعٌ فَأَمسَت وَهيَ لي بَعدَها حَربُ |
|
فيا مَن لِقلبٍ لا يُبَلُّ غَليلُهُ | |
|
| وَأجفانِ عَينٍ لا يَجِفُّ لَها غَربُ |
|
حَظَرتُ عَليها النَومَ بَعدَ فِراقِكُمُ | |
|
| فَما يَلتَقي أَو يَلتَقي الهُدبُ وَالهُدبُ |
|
وَبالقَصرِ مِن بَغداذَ خودٌ إِذا رَنَت | |
|
| لَواحِظُها لَم يَنجُ مِن كَيدِها قَلبُ |
|
كَعابٌ كَخوطِ البانِ لا أَرضُها الحِمى | |
|
| وَلا دارُها سَلعٌ وَلا قَومُها كَعبُ |
|
مُنَعَّمَةٌ غيرُ الهَبيدِ طَعامُها | |
|
| وَمِن غيرِ أَلبانِ اللِقاحِ لَها شُربُ |
|
وَلا دونَها بيدٌ يُخاضُ غِمارُها | |
|
| قِفارٌ وَلا طَعنٌ يُخافُ وَلا ضَربُ |
|
مَحَلَّتُها أَعلا الصَراةِ وَدارُها | |
|
| عَلى الكَرخِ لا أَعلامُ سَلعٍ وَلا الهَضبُ |
|
إِذا نُسِبَت آباؤُها التُركُ وَاِنتَمَت | |
|
| إِلى قَومِها أَخفَت مَناسِبَها العُربُ |
|
وإِن حُجِبَت بِالسُمرِ وَالبيضِ غادَةٌ | |
|
| فَليسَ لَها إِلّا غَلائِلِها حُجبُ |
|
وَلَم أَنسَها كالظَبي لَيلَةَ أَقبَلَت | |
|
| تُهادي وَمِن أَترابِها حَولَها سِربُ |
|
وَسَقَّت عَنِ الوَردِ المُضرَّجِ بِالحَيا | |
|
| لَنا بَينُهُم تِلكَ المَعاجِرُ وَالنُقبُ |
|
وَلَمّا تَلاقَت بِالصَراةِ رِكابُنا | |
|
| وَرَقَّ لَنا مِن حَرِّ أَنفاسِنا الرَكبُ |
|
عَلى الجانِبِ الغَربي والجَوُّ مَوهِناً | |
|
| رَقيقُ الحَواشي وَالنَسيمُ بِها رَطبُ |
|
وَغابَ رَقيبٌ نَتَّقيهِ وَكاشِحٌ | |
|
| وَراقَت لَنا الشَكوى وَلَذَّ لَنا العَتبُ |
|
وَباتَت بِكَفّيها مِنَ النَقشِ رَوضَةٌ | |
|
| لَنا وَغَديرٌ مِن مُقَبَّلِها عَذبُ |
|
وَهانَ عَليها أَن أَبيتَ مُسَهَّداً | |
|
| أَخالَوعَةٍ لا يَألَفُ الأَرضَ لي جَنبُ |
|
إذا قُلتُ يالَمياءُ حُبُّكِ قاتِلي | |
|
| تَقولُ وَكَم مِن عاشِقٍ قَتَلَ الحُبُّ |
|
وَإِن قُلتُ قَلبي في يَدَيكِ ضَريبَةٌ | |
|
| تَقولُ وَأَينَ المُستَطيبُ لَهُ الضَربُ |
|
رُوَيدَكِ إِنَّ المالَ غادٍ وَرائِحٌ | |
|
| وَمِن شِيَمِ الدَهرِ العَطِيَةُ وَالسَلبُ |
|
لَئِن ضاقَتِ الزَوراءُ عَني مَنزِلاً | |
|
| فَلي في بِلادِ اللَهِ مُرتَكَضٌ رَحبُ |
|
سَأُرهِفُ حَدَّ العَزمِ في طَلَبِ الغِنى | |
|
| وَأُسهِبُ حَتّى يَعجَبَ الحَزنُ وَالسَهبُ |
|
فَما خابَ مَن كانَت وَسائِلَهُ الظُبا | |
|
| إِلى الحَظِّ وَالقودُ المُطَهَّمَةُ القُبُّ |
|
وَما أَنا مِن يَثني الهَوى مِن عِنانِهِ | |
|
| وَيُملَكُ في حُبِّ الحِسانِ لَهُ لُبُّ |
|
وَما أَدَّعي أَنّي عَلى الحُبِّ صَخرَةٌ | |
|
| وَأَنَّ فُؤادي لايَحِنُّ وَلا يَصبو |
|
وَلَكِنَّها الأَيّامُ تَعصِفُ بِالفَتى | |
|
| إِلى غَيرِ ما يَهوى زَعازِعُها النُكبُ |
|
وَقَد يُصحبُ القَلبُ الأَبيُّ عَلى النَوى | |
|
| وَيَسلو عَلى طولِ المَدى الهائِمُ الصَبُّ |
|
وَفي كُلِّ دارٍ حَلَّها المَرءُ جيرَةٌ | |
|
| وَفي كُلِّ أَرضٍ لِلمُقيمِ بِها صَحبُ |
|
وَإِنَ عادَ لي عَطفُ الوَزيرِ مُحَمَّدٍ | |
|
| فَقَد أَكثَبَ النّائي وَلانَ لي الصَعبُ |
|
وَزيرٌ إِذا اِعتَلَّ الزَمانُ فَرَأيُهُ | |
|
| هِناءٌ بِهِ تُشفى خَلا إِقُهُ الجُربُ |
|
لَهُ خُلُقا بأسِ وَجودٍ إِذا سَقى | |
|
| بِسِجليهِما لَم يُخشَ جَورٌ وَلا جَدبُ |
|
عَليهِ مِنَ الرَأيِ الحَصينِ مُفاضَةٌ | |
|
| وَفي كَفِّهِ مِن عَزمِهِ باتِرٌ عَضبُ |
|
يَفُلُّ العِدى بِالرُعبِ قَبلَ لِقائِهِ | |
|
| فَلِلَّهِ مَلكٌ مِن طَلائِعِهِ الرُعبُ |
|
نُهيبُ بِهِ في لَيلِ خَطبٍ فَيَنجَلي | |
|
| وَنَدعوهُ في كَربٍ فَينفَرِجُ الكَربُ |
|
وَتَلقاهُ يَومَ الرَوعِ جَذَلانَ باسِماً | |
|
| وَقَد عَبَّسَت في وَجهِ أَبطالِها الحَربُ |
|
فَطوراً سِنانُ السَمهَري بِكَفِهِ يَراعٌ | |
|
| وَأَحياناً كَتائِبُهُ الكُتبُ |
|
إِذا أَمَرَتهُ بِالعِقابِ حَفيظَةٌ | |
|
| نَهاهُ المُحَيّا الطَلقُ وَالخُلقُ العَذبُ |
|
إِلى عَضُدِ الدينِ الوَزيرِ سَمَت بِنا | |
|
| رَكائِبُ آمالٍ طَواها السُرى نُجبُ |
|
إِلى الضَيِّقِ الأَعذار في الجودِ بِاللُهى | |
|
| ولا عُذرَ إِن ضَنَّت بِدَرَّتِها السُحبُ |
|
أَأَظمى وَدوني مِن حِياضِ مُحَمَّدٍ | |
|
| مَناهِلُ جودٍ ماوئها غَلَلٌ سَكبُ |
|
وَأَخشى اللَيالي أَن تَجورَ خُطوبُها | |
|
| وَما جارَ في عَصرِ الوَزيرِ لَها خَطبُ |
|
وَقَد عِشتُ دَهراً رائِقاً في جَنابِهِ | |
|
| فَما شُلَّ لي سَرحٌ وَلا ريعَ لي سَربُ |
|
أَروحُ وَلي مِنهُ الضِيافَةُ وَالقِرى | |
|
| وَأَغدو وَلي مِنهُ الكَرامَةُ وَالرُحبُ |
|
وَمازِلتُ في آلِ الرَفيلِ بِمَعزِلٍ | |
|
| عَنِ الضَيمِ مَبذولاً لي الأَمنُ وَالخِصبُ |
|
إِذا أَنا غالَبتُ اللَيالي تَكَفَّلَت | |
|
| بِنَصري عَليها مِنهُم أُسُدٌ غُلبُ |
|
مَغاويرُ لَولا بَأسُهُم أَورَقَ القَنا | |
|
| وَلَولا النَدى ذابَت بِأَيديهِم القُضبُ |
|
إِذا سُئِلوا جادوا وَإِن وَعَدوا وَفوا | |
|
| وَإِن قَدَروا عَفّوا وَإِن مَلَكوا ذَبوا |
|
هُمُ عَلَّمُوا نَفسي الإِباءَ فَكَيفَ لي | |
|
| بِتَركِ إِباءِ النَفسِ وَهوَ لَها تِربُ |
|
صَحِبتُهُمُ وَالعودُ يَقطُرُ ماؤُهُ | |
|
| رَطيبٌ وَأَثوابُ الصِبى جُدُدٌ قُشبُ |
|
وَها أَنا قَد أودى المَشيبُ بِلِمَّتي | |
|
| وَلاحَت بِفَودَيها طَوالِعُهُ الشُهبُ |
|
وَكم مِنَنٍ عِندي لَهُ وَصَنائِعٍ | |
|
| حَليتُ بِها وَهِيَ الخَلاخيلُ وَالقُلبُ |
|
أَحِنُّ إِلى أَيّامِها وَعُهودِها | |
|
| كَما حَنَّتِ الوَرقُ المُوَلَّهَةُ السُلبُ |
|
وَلي إِن قَضى عَهدُ التَواصُلِ نَحبَهُ | |
|
| مَدائِحُ لا يُقضى لَها أَبَداً نَحبُ |
|
مَدَحَتهُمُ حُبّاً لَهُم وَإِخالُها سَتَروى | |
|
| وَمِن فَوقي الجَنادِلُ وَالتُربُ |
|
فَإِن أَقتَرِف ذَنباً بِمَدحِ سِواهُمُ | |
|
| فَإِنَّ خِماصَ الطَيرِ يَقنِصُها الحَبُّ |
|
أَعِد نَظَراً فيمَن صَفا لَكَ قَنبُهُ | |
|
| وَخاطِرُهُ فالشِعرُ مَنبِتُهُ القَلبُ |
|
أَيَطمَعُ في إِدراكِ شَأويَ مُفحَمٌ | |
|
| وَأَينَ الدَنّيُ النِكسُ وَالفاضِلُ النَدبُ |
|
يُطاوِلُني في نَظمِ كُلِّ غَريبَةٍ | |
|
| لي الحَفلُ مِن أَخلافِها وَلَهُ العَصبُ |
|
يُنازِعُني عِلمَ القَوافي وَإِنَّهُ | |
|
| لَيَجهَلُ مِنها ما العَروضُ وَما الضَربُ |
|
أَبيتُ وَهَمّي أَن تَسيرَ شَوارِدي | |
|
| إِذا هَمَّهُ مِنها المَعيشَةُ وَالكَسبُ |
|
فَسَوِّ عَلى قَدرِ القَرائِحِ بَينَنا | |
|
| وَمِن عَجَبٍ أَن يَستَوي الرَأسُ وَالعَجبُ |
|
فَثِب في خَلاصي مِن يَدِ الدَهرِ وازِعاً | |
|
| حَوادِثَهُ عَنّي فَقاد أَمكَنَ الوَثبُ |
|
وَسَقِّ غُروسَ المَكرُماتِ فَإِنَّني | |
|
| أُعيذُكَ أَن تَذوى وَأَنتَ لَها رَبُّ |
|
وَحاشى لِمَدحي أَن تَجِفَّ غُصونُهُ | |
|
| وَمِن بَحرِ جَدواك المَعينِ لَها شُربُ |
|
وَلا أَجدَبَت أَرضٌ وَأَنتَ لَها حَيّاً | |
|
| وَلا مَرِضَت حالٌ وَأَنتَ لَها طَبُّ |
|
وَلا عَدِمَت مِنكَ الوِزارَةُ هِمَّةً | |
|
| تَبيتُ وَمِن تَدبيرِها الشَرقُ وَالغَربُ |
|
وَدونَكَ مِن وَشي القَوافي حَبائِراً | |
|
| لَأَذيالِها في مَدحِكُم أَبَداً سَحبُ |
|
هِيَ الدُرُّ في أَصدافِها ما طَوَيتَها | |
|
| وَإِن نُشِرَت فَهِيَ اليَمانِيَةُ القُضبُ |
|
إِذا فُضَّ يَوماً في يَدَيَّ خِتامُها | |
|
| تَضَوَّعَ مِن إِنشادِها فيكُم التُربُ |
|
فَداكَ قَصيرُ الباعِ وَانٍ عَنِ العُلي | |
|
| سَريعٌ إِلى أَعتافِهِ الذَمُّ وَالثَلَبُ |
|
لَهُ مَنزِلٌ رَحبٌ وَلَكِن نَزيلُهُ | |
|
| بِبَيداءَ لا ماءٌ لَديها وَلا عُشبُ |
|
وَلازِلَت مَرهوبَ السُطا وَاكِفَ الحَيا | |
|
| حُسامُكَ لا يَنبو وَنارُكَ لا تَخبو |
|