عَصرُ الشَبابِ تَصَرَّمَت أَوقاتُهُ | |
|
| وَتَبَسَّمَت عَن فَجرِها لَيلاتُهُ |
|
أَورى بِجِدَّتِهِ المَشيبُ فَأَخلَقَت | |
|
| أَثوابُهُ وَاِستُرجِعَت عاراتُهُ |
|
كانَ الشَفيعَ إِلى الحِسانِ فَمُذ مَضى | |
|
| أَمسَت تُعَدُّ مَساوِياً حَسَناتُهُ |
|
وَالشَيبُ لا يُغضى لَهُ عَن هَفوَةٍ | |
|
| وَأَخو الصِبى مَغفورَةٌ زَلّاتُهُ |
|
وَلَقَد عَلَوتُ سَراةَ أَشهَبَ تُجتَوى | |
|
| وَتُعافُ عِندَ الغانِياتِ شِياتُهُ |
|
وَمِنَ العَجائِبِ أَنَّهُنَّ أَخَذنَني | |
|
| بِذُنوبِهِ ظُلماً وَهُنَّ جُناتُهُ |
|
لا يَبعَدَن زَمَنُ الشَبيبَةِ وَالهَوى | |
|
| مِن ذاهِبٍ بَقِيَت لَنا تَبِعاتُهُ |
|
زَمَنٌ خَلَت أَيّامُهُ وَعُهودُهُ | |
|
| وَتَنَكَّرَت أَترابُهُ وَلِداتُهُ |
|
وَأَغَنَّ مَجدولِ القَوامِ يَهُزُّهُ | |
|
| سَكَرُ الصِبى وَتُميلُهُ نَشَواتُهُ |
|
مِن دونِ مَنهَلِ ثَغرِهِ مَطرورَةٌ | |
|
| مِن طَرفِهِ تُحمى بِها رَشَفاتُهُ |
|
يَلوي مَواعيدَ الوِصالِ فَما لَهُ | |
|
| صَحَّت وَقَد وَعَدَ الجَفاءَ عِداتُهُ |
|
إِن أَنكَرَت أَجفانُهُ يَومَ النَوى | |
|
| قَتلي فَقَد شَهِدَت بِهِ وَجَناتُهُ |
|
قالوا غَزالُ نَقاً وَخوطُ أَراكَةٍ | |
|
| ظَلَموهُ أَينَ صِفاتُها وَصِفاتُهُ |
|
هَل لِلغَزالِ إِذا رَنا أَلحاظُهُ | |
|
| أَو لِلقَضيبِ إِذا اِنثَنى خَطَراتُهُ |
|
عاطَيتُهُ كَرُضابِهِ مَشمولَةً | |
|
| طافَت عَليَّ بِمِثلِها لَحَظاتُهُ |
|
في لَيلَةٍ أَذكَت عُيونَ نُجونِها | |
|
| فَكَأَنَّها رُقَباؤُهُ وَوَشاتُهُ |
|
حَتّى إِذا اِبتَسَمَ الصَباحُ وَدَوَّمَت | |
|
| مِن حَولِ غِربانِ الظَلامِ بُزاتُهُ |
|
وَدَعَت بِحَيَّ عَلى الفَلاحِ فَخِلتُها | |
|
| تَدعو لِحَيَّ عَلى الفِراقِ دُعاتُهُ |
|
قَبَّلتُ مَبسِمَهُ بِدَمعي فَاِلتَقى | |
|
| عِندَ الوَداعِ أُجاجُهُ وَفُراتُهُ |
|
إِن أَرقَصَ البَينُ المُشِتُّ رِكابَ مَن | |
|
| أَهوى وَغَنَّت لِلفِراقِ حُداتُهُ |
|
فَلَيَسقِيَنَّ الرَبعَ سَحُّ مَدامِعي | |
|
| حَتّى تَغُصَّ بِمائِها عَرَصاتُهُ |
|
يا مَوقِفاً بِالبانِ لَم تُثمِر لَنا | |
|
| غَيرَ الصَبابَةِ وَالأَسى شَجَراتُهُ |
|
لَمّا وَقَفناهُ نُطارِحُ سُمرَهُ | |
|
| بَثَّ الجَوى وَتُظِلُّنا سَمُراتُهُ |
|
فَتَبَيَّنا لي رَسمَ دارٍ ما عَفا | |
|
| وَجدي عَليهِ وَقَد عَفَت آياتُهُ |
|
هَل نُفِّرَت لا نُفِّرَت غِزلانُهُ | |
|
| أَو صَوَّحَت لا صَوَّحَت باناتُهُ |
|
عَهدي بِهِ يَلوي الدُيونَ قُضاتُهُ | |
|
| وَتَصيدُ أَلبابَ الرِجالِ مَهاتُهُ |
|
فَاليَومَ لا جيرانُهُ جيرانُه | |
|
| قِدماً وَلا فَتَياتُهُ فَتَياتُهُ |
|
ياحادِيَ الأَظعانِ في آثارِكُم | |
|
| قَلبٌ تُقَطِّعُهُ جَوىً حَسَراتُهُ |
|
وَلَقَد يُرى بيتُ الحَصاةِ فَما لَهُ | |
|
| أَمسَت تَذوبُ عَلى البِعادِ حَصاتُهُ |
|
وَمُتَيَّمٍ كَتَمَ الهَوى عَن صَحبِهِ | |
|
| فَوَشَت بِسِرِّ ضُلوعِهِ زَفَراتُهُ |
|
صَبٌّ إِذا ذُكِرَ الفِراقُ تَصاعَدَت | |
|
| أَنفاسُهُ وَتَحادَرَت عَبَراتُهُ |
|
وَمِنَ العَجائِبِ أَنَّ أَنوابَ الصِبى | |
|
| بَلِيَت فَزادَت جِدَّةً صَبَواتُهُ |
|
وَلَقَد أَعادَ لَهُ الشَبابَ قَشيبَةً | |
|
| أَبرادُهُ مَوشيَّةً حَبِراتُهُ |
|
بَذلُ الخَليفَةِ لِلنَوالِ وَعَطفُهُ | |
|
| وَحُنُوُهُ مُتَتابِعاً وَصِلاتُهُ |
|
فَسَلا وَلَولا ما تَغَمَّدَهُ بِهِ | |
|
| مِن رَأفَةٍ لَتَعَذَّرَت مَسلاتُهُ |
|
وَإِقالَةٍ عَثَراتِ دَهرٍ لَم تَكُن | |
|
| لِتُقالَ إِلّا عِندَهُ عَثَراتُهُ |
|
فَكَأَنَّما عادَت لَهُ مُبيَضَّةً | |
|
| أَيّامَهُ مُسوَدَّةً شَعَراتُهُ |
|
بِيَدي أَبي العَباسِ أَورَقَ عودُهُ | |
|
| فَحَلا جَناهُ وَأَينَعَت ثَمَراتُهُ |
|
الناصِرِ اِبنِ المُستَضيءِ وَمَن بِهِ | |
|
| بُعِثَ السَماحُ وَأُنشِرَت أَمواتُهُ |
|
طَلقُ المُحَيّا ما أَماطَ لِثامَهُ | |
|
| في مَأزِقٍ إِلّا اِنجَلَت هَبَواتُهُ |
|
مُرَدي الكُماةِ وَعاقِرُ الكَوماءِ ما | |
|
| تَنفَكُّ تَقطُرُ مِن دَمٍ شَفَراتُهُ |
|
مَلِكٌ تُذِلُّ الأُسدَ في غاباتِها | |
|
| وَالبيضَ في أَغمادِها سَطواتُهُ |
|
أَلِفَت صَواهِلُهُ القَنا فَكَأَنَّما | |
|
| نَبَتَت عَلى أَعرافِها أَسلاتُهُ |
|
أَسَدٌ إِذا بَعُدَت عَليهِ فَريسَةٌ | |
|
| ضَمِنَت لَهُ إِدنائَها وَثَباتُهُ |
|
وَإِذا شَكَت قَصراً مُتونُ سُيوفِهِ | |
|
| كَفِلَت بِأَن سَتُطيلُها خَطَواتُهُ |
|
مَحمودَةٌ يَومَ النَدى آثارُهُ | |
|
| مَعروفَةٌ يَومَ الوَغى كَرّاتُهُ |
|
يَرعى المَمالِكَ مِنهُ قَلبٌ أَصمَعٌ | |
|
| تُمسي مُوَكَّلَةً بِها عَزَماتُهُ |
|
فَلِمُلكِهِ رَأدَ الضُحى تَثقيفُهُ | |
|
| وَلِرَبِّهِ جُنحَ الدُجى إِخباتُهُ |
|
عَزَماتُ رَأيٍ لا يَفُلُّ صَوابُهُ | |
|
| وَغِرارُ بَأسٍ لا تُفَلُّ شَباتُهُ |
|
فاتَ العَواصِفَ في السَخاءِ هُبوبُهُ | |
|
| وَشَأى الرَواسي في النَديِّ ثَباتُهُ |
|
لِإِبنِ السَبيلِ عَطاؤُهُ وَحَباؤُهُ | |
|
| وَلِذي الإِساءَةِ حِلمُهُ وَأَناتُهُ |
|
وَإِذا جَفا الغَيثُ البِلادَ فَأَمسَكَت | |
|
| أَن تَستَهِلَّ عَلى الثَرى قَطَراتُهُ |
|
رَمَقَ السَماءَ بِطَرفِهِ فَتَبَجَّسَت | |
|
| أَنوارُهُ وَتَنَزَّلَت بَرَكاتُهُ |
|
فَاِستَدفِعوا ما رابَكُم بِدُعائِهِ | |
|
| إِنَّ الإِمامَ مُجابَةٌ دَعَواتُهُ |
|
فَثِقوا بِنِيَّةِ عَدلِهِ فَصَلاحُكُم | |
|
| يَبدو إِذا صَلُحَت لَكُم نِيّاتُهُ |
|
أَوضَحتُمُ ياءالَ عَباسٍ لَنا | |
|
| نَهجَ الهُدى حَتّى اِنجَلَت شَبَهاتُهُ |
|
أَيَّدتُمُ الدينَ الحَنيفِ فَأَصبَحَت | |
|
| مَجموعَةً لِسُيوفِكُم أَشتاتُهُ |
|
أَعزَزتُموهُ فَما يَلينُ قَتادُهُ | |
|
| وَدَعَمتُموهُ فَما تَلينُ قَناتُهُ |
|
رُفِعَت بِبيضِ نِصالِكُم أَعوادُهُ | |
|
| وَتَحَصَّنَت بِأُسودِكُم غاباتُهُ |
|
أَو يَطمَعُ الأَعداءُ فيهِ وَأَنتُم | |
|
| أَبطالُهُ وَلُيوثُهُ وَكُماتُهُ |
|
فَالحَقُّ مُشرِقَةٌ بِهِم أَنوارُهُ | |
|
| وَالمُلكُ مُشرِفَةٌ بِكُم هَضَباتُهُ |
|
أَلقى الزَمانُ إِلَيكُمُ بِعِنانِهِ | |
|
| فَغَدَت مُذَلَّلَةً لَكُم صَهَواتُهُ |
|
وَمَلَكتُموهُ فَأَصبَحَت مَوسومَةً | |
|
| بِجَميلِ آثارٍ لَكُم جَبَهاتُهُ |
|
أَردَيتُمُ كِسرى وَتُبَّعَ حِميَرٍ | |
|
| وَالمُلكُ مَعصوبٌ بِكُم خَرزاتُهُ |
|
وَكَفاكُمُ شَرَفاً وَمُعجِزَةً | |
|
| تَضاؤُلُهُ لَكُم حَتّى هَوَت شُرُفاتُهُ |
|
وَالمَسجِدُ البيتُ الحَرامِ فَأَنتُمُ | |
|
| جيرانُهُ وَقَديمُكُم ساداتُهُ |
|
طَفتُم بِهِ فَمَسَحتُمُ أَركانَهُ | |
|
| وَحَطيمَهُ فَتَأَكَّدَت حُرَماتُهُ |
|
وَبِكُم سَقى اللَهُ البِلادَ وَأَنتُمُ | |
|
| أُمَناؤُهُ في خَلقِهِ وَثِقاتُهُ |
|
وَعَلَيكُمُ نَزَلَ الكِتابُ مَثانِياً | |
|
| وَبِفَضلِكُم نَطَقَت لَنا آياتُهُ |
|
أَيَضِلُّ أَو يَصلى لَظىً مَن أَنتُمُ | |
|
| شَفُعاؤُهُ وَإِلى الصِراطِ هُداتُهُ |
|
وَاللَهِ لا وَرَدَ القِيامَةَ ظامِياً | |
|
| مَن أَنتُمُ آلَ النَبِيِّ سُقاتُهُ |
|
كَلّا وَلا خابَ اِمرُؤٌ وَالاكُمُ | |
|
| في كَفَّتَي ميزانِهِ حَسَناتُهُ |
|
فَليَنصُرَنَّ اللَهُ ديناً أَنتُمُ | |
|
| أَنصارُهُ مِن دونِهِ وَحُماتُهُ |
|
وَليَطوِيَنَّ الأَرضُ مِن أَقطارِها | |
|
| وَلِواكُمُ مَنشورَةٌ حَذَباتُهُ |
|
فَأَصِخ أَميرَ المُؤمِنينَ لِشاعِرٍ | |
|
| سارَت بِمَدحِكَ في البِلادِ رُواتُهُ |
|
عَهدٌ لَكُم تَقريظُهُ وَثَناؤُهُ | |
|
| وَعَلَيكُمُ تَسليمُهُ وَصَلاتُهُ |
|
وَإِلَيكَ مَدحاً عَزَّ مَطلَبُهُ وَلي | |
|
| في الناسِ وَحدي ذُلِّلَت كَلِماتُهُ |
|
مَدحاً لَكُم خيطَت مَلابِسُهُه فَما | |
|
| يَعتامُ غَيرَ بِيوتِكُم أَبياتُهُ |
|
آلَيتُ لا اِمتَدَّت يَدي إِلّا إِلى | |
|
| مَن تَملَأُ الأَرضَ الفَضاءَ هِباتُهُ |
|
لا أَعتَفي غَيرَ الخَليفَةِ طالِباً | |
|
| رِفداً كَفاني بِرُّهُ وَصِلاتُهُ |
|
هُوَ خَيرُ مَن وَطَأَ الثَرى وَأَعَزُّهُم | |
|
| جاراً فَخَيرُ المُعتَفينَ عُفاتُهُ |
|
ما لي وَمَدحَ مُبَخَّلٍ مُغبَرَّةٍ | |
|
| أَكنافُهُ مُحمَرَّةٍ سَنَواتُهُ |
|
مُتَجَهِّمٍ أَصفَت مَكارِمُهُ فَما | |
|
| تَندى عَلى طولِ السُؤالِ صَفاتُهُ |
|
فَلَأَصرِ فَنَّ الشِعرَ إِلّا عَن فَتىً | |
|
| كَالسَيفِ تَلمَعُ بِالضُحى جَفَناتُهُ |
|
هِيَ بِنتُ فِكري وَالكَريمُ يَغارُ أَن | |
|
| تُهدى إِلى غَيرِ الكَريمِ بَناتُهُ |
|
فَاِسلَم لِمَوتورٍ أَبَت أَن تُقتَضى | |
|
| عِندَ الزَمانِ دُيونُهُ وَتِراتِهِ |
|
ضاقَت مَذاهِبُهُ وَقورِبَ خَطوُهُ | |
|
| فَكَأَنَّما سُدَّت عَلَيهِ جِهاتُهُ |
|
يُمسي حَبيساً في قَرارَةِ مَنزِلٍ | |
|
| سِيّانِ مَحياهُ بِهِ وَمَماتُهُ |
|
وَهُناكَ مُلكٌ لا يَرِثُّ جَديدُهُ | |
|
| مُمتَدَّةٌ لا تُنتَهى غاياتُهُ |
|
مَنصوبَةٌ أَعلامُهُ مَحفوضَةٌ | |
|
| أَعداؤُهُ مَرفوعَةٌ راياتُهُ |
|
وَأَطاعَكَ الفَلَكُ المُدارولا جَرَت | |
|
| إِلّا بِما تَختاتُهُ حَرَكاتُهُ |
|
وَتَمَلَّهُ عيداً مُبارَكَةً | |
|
| عَشاياهُ عَلَيكَ سَعيدَةً غَدَواتُهُ |
|