رويَدكَ عن تفنيدِ ذي المٌقلةِ العَبْرَى | |
|
| وقَصركَ أنَّ الدَّمعَ غايةُ ما نَهوى |
|
ولا تبكِ إلاّ بعدَ طولِ صبابةٍ | |
|
| وحسْبُك من فرطِ الصَّبابةِ ما أَبكى |
|
إذا الدمعُ لم يبرَحْ مَحَلاً يَحُلُّه | |
|
| سرى الدمعُ من أجفانِه قَلِقَ المَسرى |
|
حَماهُ الكَرى برقٌ تَألقَ بالحمى | |
|
| إذا ما خَفَى وهْناً أبى الشوقُ أن يَخفى |
|
وقى اللهُ من شكوى الصبابةِ خُلَّةً | |
|
| شكوتُ الذي أُلقى فأضعفَ في الشكوى |
|
أكاتمُ بَلْوى الحبَّ كيما أُبيدَه | |
|
| وعيني تَفيضُ الدمعَ عينٌ على البلوى |
|
أُواصِلُ فيها الدمعَ يَدمَى مسيلُهُ | |
|
| وأقطعُ أنفاساً مسالِكُها تَدمى |
|
تذكَّرتُ إذا سَهْمُ الهَوى غيرُ طائشٍ | |
|
| وإذ أسهُمُ الأيامِ طائشةُ المَهوى |
|
وكم ليلةٍ أحيَتْ نفوسَ ذَوي الهَوى | |
|
| عِناقاً وكانت لا تموتُ ولا تَحيا |
|
ويومَ أرانا العيشَ يهتزُّ عِزَّةً | |
|
| بما قد حوى من غُرَّةِ الرشأِ الأحوى |
|
جَلَوْنا به الكاساتِ والأفقُ عاطلٌ | |
|
| إلى أن تَبَّدَى الأفقُ في حُلَّةٍ تُجلى |
|
فصافحَ منها الشَّرْبُ كلَّ مَشوقَةٍ | |
|
| عليها رِجالُ الفُرسِ يقدُمُهم كِسرى |
|
نُحَيَّا ونُسْقى في الزُّجاجةِ باطلاً | |
|
| إذا نحنُ حقَّقْنا التَّحيَّةَ والسُّقيا |
|
ويُلبسُه ساقي المدامةِ حُلَّةً | |
|
| ولكنَّه في كفِّ شاربه يَعْرَى |
|
وليلٍ رَحيبِ الباعِ مَدَّ رِواقَه | |
|
| على الأفقِ حتى خِيلَ في حُلَّتَي ثَكْلَى |
|
يُقيِّدُ ألحاظَ العيونِ حِجابُه | |
|
| كأنَّ بَصيرَ القومِ من دونِه أعمى |
|
ترَدَّيتُه حتَّى رأَيتُ رِداءَهُ | |
|
| يَرِقُّ بمنشورٍ من الصبحِ لم يُطْوَ |
|
ولاحَ لنا نَهْجٌ خَفِيٌّ كأنَّه | |
|
| إذا اطَّرَدَتْ أثناؤُه حيَّةٌ تَسعى |
|
إلى سيِّدٍ يُعطي على الحمدِ مالَه | |
|
| فيأخُذُ ما يَبقى ويُعطي الذي يَفنى |
|
وأبيضَ يَحمي كلَّ أبيضَ ماجِدٍ | |
|
| إذا لاحَ فرداً فهو صاحبُه الأدنى |
|
ومزمومَةِ الأطرافِ مُصفرَّةِ القرا | |
|
| مؤلَّفةِ الأعضاء من فِرَقٍ شتَّى |
|
تَشرَّدَ من أولادِها كلُّ زائرٍ | |
|
| فيا لَكِ أُمّاً ما أعقَّ وما أجفى |
|
إذا طار عنها انفلَّ في كلِّ نَثَلةٍ | |
|
| دِلاصٍ كما ينفلُّ في الشَّمَطِ المِدْرَى |
|
وإن حادَ عن نفسٍ هَدَاه لها الرَّدى | |
|
| ولم يُرَ سارٍ قبلَه بالرَّدى يُهْدى |
|
طلعْتَ عليه والذوابلُ تَلتوي | |
|
| أسنَّتُها في نحرِ كلِّ فتىً ألوى |
|
وأسفْرتَ والألوانُ تَرْبَدُّ خِيفَةً | |
|
| وبيضُ الظُّبا تَدْمَى وسُمْرُ القَنا تَفْنَى |
|
تَقَيَّلْتَ عبدَ اللهِ في البأسِ والنَّدى | |
|
| فما حِدْتَ يوماً عن طريقتِه المُثلى |
|
وأنتَ رفعتَ الشَّعْرَ بعدَ انخِفاضِهِ | |
|
| بجودكَ حتى صار في ذِروةِ الشِّعرى |
|
فكم مِدحَةٍ غِبَّ النَّوالِ تبسَّمَتْ | |
|
| كما ابتسمَ النُّوَّارُ غب حَيَاً أروَى |
|
ثَناءٌ أبانَ الفضلَ مني لحاسِدٍ | |
|
| تبيَّنَ فيه ذِلَّةُ العبدِ للمَولى |
|
يجولُ فِجاجَ الأرضِ وهو مقيَّدٌ | |
|
| بقافيةٍ يَبلى الزمانُ ولا تَبلى |
|
وما ضَرَّ عِقْدٌ من ثَناءٍ نظمتهُ | |
|
| وفصَّلتُهُ أن لا يعيشَ له الأعشى |
|