لَمَعَتْ كناصِيَةِ الحِصانِ الأشْقَرِ |
نارٌ بمُعتَلِجِ الكَثيبِ الأعْفَرِ |
تَخبو وتُوقِدُها ولائِدُ عامِرٍ |
بالمَندَليّ وبالقَنا المُتَكَسِّرِ |
فتَطارَحَتْ مُقَلُ الرّكائِبِ نحوَها |
ولنا بِرامَةَ وِقْفَةُ المُتَحَبِّر |
وهَزَزْتُ أطرافَ السّياطِ فأرْقَلَتْ |
وبِها مَراحُ الطّارِقِ المُتنَوِّر |
حِنّي رُوَيْداً ناقُ إنّ مُناخَنا |
بعُنَيْزَتَيْنِ ونارُها بمُحجَّرِ |
فمَتى اللّقاءُ ودونَ ذلكَ فِتيَةٌ |
ضُرِبَتْ قِبابُهُمُ بقُنّةِ عَرْعَرِ |
وأسِنّةُ المُرّانِ حَولَ بُيوتِهِمْ |
شُدَّتْ بِها عُذُرُ العِتاقِ الضُّمَّرِ |
فهُمُ يَشُبّونَ الحُروبَ إذا خَبَتْ |
بالبيضِ تَقطُرُ بالنّجيعِ الأحْمَرِ |
يا أخْتَ مُقتَحِمِ الأسنّةِ في الوَغى |
لَولا مُراقَبَةُ العِدا لَم تُهْجَري |
هلْ تأمُرينَ بزَوْرَةٍ منْ دُونِها |
حَدَقٌ تشُقُّ دُجى الظّلامِ الأخْضَرِ |
أأُصانِعُ الأعداءَ فيكِ وطالَما |
خَضَبَ القَنا بدِماءِ قوْمِكَ مَعْشَري |
ويَروعُني لَغَطُ الوُشاةِ وقَبْلَنا |
حَكَمَتْ قَبائِلُ خِنْدِفٍ في حِمْيَرِ |
لأُشارِفَنّ إلَيكِ كلَّ تَنوفَةٍ |
زَوراءَ تُعْقَرُ بالمُشيحِ الأزْوَرِ |
فلَكَمْ هَزَزْتُ إلَيكِ أعْطافَ الدُّجى |
ورَكِبْتُ هاديَةَ الصّباحِ المُسْفِرِ |
نَفْسي فِداؤكِ منْ عَقيلَة مَعْشرٍ |
مَنَعوا قُضاعَةَ بالعَديدِ الأكْثَرِ |
ألِفَتْ ظِباءَ الوادِيَيْنِ فعِنْدها |
حَذَرُ الغَزالَةِ والْتِفاتُ الجُؤذَرِ |
وبمَنْشِطِ الحَوْذانِ خَمسَةُ أرْسُمٍ |
تَبدو فأحْسَبُهُنَّ خَمسَةَ أسْطُرِ |
وافَيْتُها والرّكْبُ يَسْجُدُ للكَرى |
والعِيسُ تَركَعُ بالحَزيزِ الأوْعَرِ |
فوَقَفْتُ أسأَلُها وفي عَرَصاتِها |
طَرَبُ المَشوقِ وحَنّةُ المُتَذَكِّر |
وكأنّ أطْلالاً بمُنعَرَجِ اللِّوى |
أشْلاءُ قَتْلاكَ التي لمْ تُقْبَرِ |
أخلَيْتَ منها الشّامَ حينَ تظلّمَتْ |
منها ومَنْ يَستَجْدِ عَدْلَكَ يُنصَرِ |
فقَشَرْتَ بالعَضْبِ الجُرازِ قُشَيْرَها |
وقَلَعْتَ بالأسَلاتِ قلعَةَ جَعْبَرِ |
شمّاءُ تَلعَبُ بالعُيونِ وتَرتَدي |
هَضَباتُها حُلَلَ السَّحابِ الأقمَرِ |
وتَحِلُّها عُصَبٌ تُضَرِّمُ للْقِرى |
شَذَبَ الأراكِ زَهادَةً في العَنْبَرِ |
قَوْمٌ حُصونُهُمُ الأسِنّةُ والظُّبا |
والخَيْلُ تَنحِطُ في مَطارِ العِثْيَرِ |
ألِفوا ظُهورَ المُقْرَباتِ وما دَرَوْا |
أنّ المَصيرَ إِلى بُطونِ الأنْسُرِ |
فخَبَتْ ببَأْسِكَ فِتْنَةٌ عرَبيّةٌ |
كانت تُهَجْهِجُ بالسّوامِ النُّفَّرِ |
وفَتَحْتَ أنطاكيّةَ الرّومِ التي |
نَشَزَتْ مَعاقِلُها على الإسكَنْدَرِ |
وكَفى مُعِزَّ الدين رأيُكَ عَسْكَراً |
لَجِباً يُجَنّحُ جانبَيْهِ بعَسْكَرِ |
وطِئَتْ مَناكِبَها جِيادُكَ فانْثَنَتْ |
تُلقي أجِنّتَها بَناتُ الأصْفرِ |
تَردي كما نَسَلَتْ سَراحينُ الغَضى |
قُبْلَ العُيونِ بجنّةٍ منْ عَبْقَرِ |
وتَرى الشُّجاعَ يُديرُ في حَمْسِ الوَغى |
حَدَقَ الشُّجاعِ يَلُحْنَ تحتَ المِغْفَرِ |
فتَناوشَ الأسَلُ الشّوارِعُ أرضَها |
والخَيلُ تَعثُرُ في العَجاجِ الأكْدَرِ |
رُفِعَتْ منارُ العَدلِ في أرْجائِها |
فاللّيْثُ يَخْضَعُ للغَزالِ الأحْوَرِ |
وترَشّفَ العافونَ منكَ أنامِلاً |
يَخْلُفْنَ غاديَةَ الغَمامِ المُغزِرِ |
ورَدوا نَداكَ فأصْدَرَتْ نَفَحاتُهُ |
عنكَ المُقِلَّ يَجُرُّ ذَيْلَ المُكْثِر |
وصَبا الدُّهورُ إلَيْكَ بَعْدَ مُضِيِّها |
لتَرى نَضارَةَ عَصرِكَ المُتأخّرِ |
فَغدا بِها الإسلامُ يَسْحَبُ ذَيْلَهُ |
مَرَحاً ويخْطِرُ خِطْرَةَ المُتَبَخْتِرِ |
إيْهاً فقَدْ أدرَكْتَ منْ شَرَفِ العُلا |
ما لم يُنَلْ وذَخَرْتَ ما لمْ يُذْخَرِ |
وبلَغْتَ غايَةَ سُؤدَدٍ لمْ يُلْفِهِ |
كِسْرى ولا عَلِقَتْهُ هِمّةُ قَيصَرِ |
فإذا استَجارَ بكَ العُفاةُ تَبَيّنوا |
أثَرَ السّماحِ على الجَبينِ الأزْهَرِ |
ورَأَوا عُلا إسْحاقَ شَيّدَ سَمْكَها |
كَرَمُ الرّضيِّ فَيا لَهُ منْ مَفْخَرِ |
ومَناصِباً فَرَعَتْ ذُؤابَةَ فارِسٍ |
لمْ يَستَبِدَّ بهِنّ آلُ المُنْذِرِ |
يا صاحِبَيَّ دَنا الرّحيلُ فَقَرِّبا |
وَجْناءَ تكفُلُ بالغِنى للمُقْتِرِ |
وتَجُرُّ أثناءَ الزِّمامِ إِلى فتَىً |
خَضِلِ الأنامِلِ كِسْرَويّ المَفْخَرِ |
فمَطالعُ البَيداءِ تَعلَمُ أنّني |
أسْري وأَعنُفُ بالمَهارَى الحُسَّرِ |
وأحَبِّرُ الكَلِمَ التي لا أرتَضي |
مِنها بغَيرِ الشّاردِ المُتَخيّرِ |
وجَزالةُ البَدَوِيِّ في أثنائِه |
مُفْتَرَّةٌ عن رِقَّةِ المُتَحَضِّرِ |
وإلَيكَ يَلتَجئُ الكَريمُ ويَتّقي |
بكَ ما يُحاذِرُ والنّوائِبُ تَعتَري |
والأرضُ دارُكَ والبَرايا أعْبُدٌ |
وعلى أوامِرِكَ اختِلافُ الأعْصُرِ |