تَراءَتْ لنا والبدْرُ وَهْناً على قَدْرِ | |
|
| فحَطَّتْ لِثامَ الليلِ عن غُرّةِ الفَجْرِ |
|
بَدَتْ إذْ بَدا والحَليُ عِقْدٌ ومَبسِمٌ | |
|
| وليسَ لهُ حَليٌ سوى الأنْجُمِ الزُّهرِ |
|
فقُلتُ لصَحْبي والمطيُّ كأنّها | |
|
| قَطاً بِجنوبِ القاعِ منْ بَلَدٍ قَفْرِ |
|
أأحْلاهُما في صَفَعةِ الليلِ مَنْظَراً | |
|
| أمَيمَةُ أم رأْيُ المُحِبِّ فلا أدري |
|
أجلْ هِيَ أبْهى أينَ للبَدر زينَةٌ | |
|
| كعِقْدَينِ من نَحرٍ وعِقْدَينِ من ثَغْرِ |
|
مُهَفْهَفَةٌ كالرّيمِ تُرسِلُ نَظْرَةً | |
|
| بِها تَنْفُثُ الحَسْناءُ في عُقَدِ السِّحرِ |
|
بنَجلاءَ تَشكو سُقْمَها وهْوَ صِحّةٌ | |
|
| إذا نَظَرَتْ لا تَسْتَقِلُّ منِ الفَتْرِ |
|
كأنّي غَداة البَينِ منْ رَوعَةِ النّوى | |
|
| أُقَلِّبُ أحْناءَ الضّلوعِ على الجَمْرِ |
|
نأتْ بَعدَما عِشْنا جَميعاً بغِبْطَةٍ | |
|
| وأيُّ وِصالٍ لم يُرَعْ فيه بالهَجْرِ |
|
إذا ابْتَسَمَتْ عُجْباً بَكَيْتُ صَبابةً | |
|
| فمِن لُؤلُؤٍ نَظْمٍ ومِنْ لُؤلؤٍ نَثْرِ |
|
يُذَكّرُنيها البَرقُ حين أَشيمُهُ | |
|
| وإنْ عَنَّ خِشْفٌ بِتُّ منْها على ذِكْرِ |
|
وهَبْنيَ لا أرمي بطَرفي إلَيْهِما | |
|
| فأذْكُرُها الشان في الشّمسِ والبَدْرِ |
|
وقد غَرِيَتْ بالبُعْدِ حتّى بودّها | |
|
| وبالبُخْلِ حتى بالخَيالِ الذي يَسْري |
|
وبالهَضْبَةِ الحَمْراءِ منْ أيمَنِ الحِمى | |
|
| لهَا مَنزِلٌ ألْوَتْ بهِ نُوَبُ الدّهْرِ |
|
كأنّ بقايا نَشْرِها في عِراصِهِ | |
|
| تَبُثُّ أريجَ المِسْكِ بالجُرَعِ العُفْرِ |
|
فَلا بَرِحَتْ تَكْسوهُ ما هَبّتِ الصَّبا | |
|
| أنامِلُ منْ قَطْرٍ غَلائِلَ منْ زَهْرِ |
|
حَمَتْهُ سُراةُ الحَيِّ غُنْمُ بنُ مالِكٍ | |
|
| وإخوَتُها الشّمُّ العَرانينِ منْ فِهْرِ |
|
بصُيّابَةٍ مَجْرٍ وكُرّامَةٍ ثُبًى | |
|
| ومُرهَفَةٍ بيضٍ ومُشرَعَةٍ سُمْرِ |
|
وكَمْ فيهمُ منْ صارِخٍ ومُثَوِّبٍ | |
|
| ومنْ مَجلِسٍ فَخْمٍ ومنْ نِعَم دَثْرِ |
|
وسِرْبِ عَذارى بينَ غابٍ منَ القَنا | |
|
| كَسِربِ ظِباءٍ في ظِلالٍ منَ السِّدْرِ |
|
سَمَوْتُ لها والليلُ رَقَّ أديمُهُ | |
|
| وكادَ يَقُصُّ الفَجْرُ قادِمةَ النَّسْرِ |
|
ورُمنا عِناقاً نَهْنَهَتْ عنهُ عِفّةٌ | |
|
| شَديدٌ بِها عَقْدُ النِّطاقِ على الخَصْرِ |
|
ولمْ تَكُ إلا الوُشْحُ فينا مُذالَةً | |
|
| وإنْ حامَ بي ظنُّ الغَيورِ على الأُزْرِ |
|
وإني لَيُصْبيني حَديثٌ ونَظرَةٌ | |
|
| يُعارِضُها الواشونَ بالنّظَرِ الشَّزْرِ |
|
حَديثٌ رقيقٌ منْ سُعادَ كأنّها | |
|
| تَشوبُ لَنا ماءَ الغَمامَةِ بالخَمْرِ |
|
فما راعَنا إلا الصّباحُ كَما بَدا | |
|
| مِنَ الغِمْدِ حَدُّ الهِنْدوانِيِّ ذي الأَثْرِ |
|
ومنْ عَجَلٍ ما لَفَّ جيداً وداعُنا | |
|
| بِجيدٍ ولا نَحْراً أضَفْنا إِلى نَحْرِ |
|
فعُدْتُ أجُرُّ الذّيْلَ والسّيفُ مُنْتَضًى | |
|
| وهُنَّ يُبادِرْنَ الخِيامَ على ذُعْرِ |
|
وقَدْ مُحيَتْ آثارُها بذُيولِها | |
|
| سِوى ما أعارَتْهُ التّرابَ منَ النَّشْرِ |
|
مَشَيْنَ فعَطَّرْنَ الثّرى بِذَوائِبٍ | |
|
| غَرِضْنَ بسِرّي لا نُفِضْنَ منَ العِطْرِ |
|
كما نَمَّ حسّانُ بنُ سَعدِ بنِ عامِرٍ | |
|
| بِغُرِّ مَساعِيهِ على كَرَمِ النَّجْرِ |
|
أخو هِمَمٍ لمْ يَمْلأِ الهَولُ صَدْرَهُ | |
|
| ولا نالَهُ خَطْبٌ بِنابٍ ولا ظُفْرِ |
|
يُلاحِظُ غِبَّ الأمرِ قَبلَ وقُوعِهِ | |
|
| ويَبلُغُ ما لا تَبلُغُ العَيْنُ بالفِكْرِ |
|
ويَنظِمُ شَمْلَ المَجْدِ ما بَيْنَ مِنحَةٍ | |
|
| عَوانٍ وتَصْميمٍ على فَتْكَةٍ بِكْرِ |
|
إذا المُعْضِلاتُ استَقْبَلَتْ عَزَماتِهِ | |
|
| فلَمْ يَلتَفِتْ إلا إِلى حادِثٍ نُكْرِ |
|
نَكَصْنَ على الأعقابِ دونَ ارتيابِهِ | |
|
| تَعَثّرُ في أذيالِهنَّ على صُغْرِ |
|
وإنْ كان يومٌ غادَرَ المَحْلُ أُفْقَهُ | |
|
| يَمُجُّ نَجيعاً وهْوَ في حُلَلٍ حُمْرِ |
|
فَزِعْنا إليه نَمْتَري من يَمينِهِ | |
|
| سَحائِبَ يَسْحَبْنَ الضُّروعَ منَ الغُزْرِ |
|
أقَمْنا صُدورَ الأرحَبيَّةِ نَحْوَهُ | |
|
| طَوالِبَ رِفْدٍ لا بَكِيٍّ ولا نَزْرِ |
|
فمَدَّت لنا الأعناقَ طَوعاً وما اتّقَتْ | |
|
| بِلَيِّ خُدودٍ في أزِمَّتِها صُعْرِ |
|
تُرَنِّحُها ذِكراهُ حتّى كأنّنا | |
|
| نَهُزُّ بِها أعْطافَهُنّ منَ السُّكْرِ |
|
ويَسلُبُها السَّيْرُ الحَثيثُ مِراحَها | |
|
| إِلى أنْ يَعودَ الخَطْوُ أقْصَرَ منْ شِبْرِ |
|
وذي ثَرْوَةٍ هَبَّتْ بهِ خُيَلاؤُهُ | |
|
| ومَنْشَؤُهُ بينَ الخَصاصَةِ والفقْرِ |
|
دَعاها فَلوْ أصْغَتْ إليه مُجيبَةً | |
|
| لقُلْتُ عَثَرْنا لا لَعاً لكَ منْ عَثَرِ |
|
فَجاءَتْهُ لمْ تَذْمِمْ إليهِ طَريقَها | |
|
| ولَمْ تَثْوِ منْ واديهِ بالمَبْرَكِ الوَعْرِ |
|
وبالنَّظْرةِ الأولى تَيَقّنْتُ أنّهُ | |
|
| إذا مُدِحَ اختارَ الثّناءَ على الوفْرِ |
|
فَساقَ إلينا ما نَروم منَ الغِنى | |
|
| وسُقْنا إليهِ ما يُحِبُّ منَ الشُّكْرِ |
|
فَلا أحْسَبُ العَصْرَ الذي قد طَوَيْتُهُ | |
|
| لَدى غَيْرِهِ طَيَّ الرِّداءِ منَ العُمرِ |
|
ألَمْ آتِهِ والدَّهْرُ في غُلَوائِهِ | |
|
| قَليلَ غِرارِ النّومِ مُنتَشِرَ الأمرِ |
|
فأعْذَبَ منْ شِربي بِما مَدِّ منْ يَدي | |
|
| وآمَنَ منْ سِرْبي بما شَدَّ منْ أزْري |
|
وخَوّلني ما ضاقَ ذَرْعُ المُنى بهِ | |
|
| منَ البِشْرِ في أثناءِ نائِلهِ الغَمْرِ |
|
وقلَّدْتُهُ مَدْحاً يَروضُ لهُ الحِجَى | |
|
| قَوافيَ لا تُعطي القِيادَ على القَسْرِ |
|
إذا ما نَسَبْناهُنَّ كانَ انتِماؤُها | |
|
| إليهِ الدُّرِّ يُعْزَى إِلى البَحْرِ |
|
لَنِعْمَ مُناخُ الرَّكْبِ بابُكَ للوَرى | |
|
| وآلُ عَدِيٍّ نِعْمَ مُنتَجَعُ السَّفْرِ |
|
تُفيضُ ندىً غَمْراً ويُثْني عُفاتُهُ | |
|
| علَيكَ كما تُثْني الرّياضُ على القَطْرِ |
|
فعِشْ طَلَقَ الأيامِ للمَجْدِ والعُلا | |
|
| صَقيلَ حَواشي العِرْضِ في الزّمنِ النَّضْرِ |
|