بِكَ اِقتَضى الدينُ دَيناً كانَ قَد وَجَبا | |
|
| وَأَنجَزَ اللَهُ وَعداً كانَ مُرتَقَبا |
|
فَعاوَدَ الجَدبُ خِصباً وَالمُباحُ حِمىً | |
|
| وَالأَمنُ مُستَوطِناً وَالخَوفُ مُغتَرِبا |
|
أَنارَ رَأيُكَ وَالأَيّامُ داجِيَةٌ | |
|
| فَأَشرَقَت وَجَلا تَأثيرُكَ الكُرَبا |
|
قَرَنتَ نوراً وَتَأثيراً بِمَنزِلَةٍ | |
|
| لا تُرتَقى فَثَمَنتَ السَبعَةَ الشُهُبا |
|
ذُدتَ الأُلى قَهَروا الأَملاكَ وَاِنتَزَعوا | |
|
| ما اِستَحقَبَتهُ بِأَطرافِ القَنا حُقُبا |
|
ضَراغِمٌ تَفرِسُ الأَبطالَ شَرَّدَها | |
|
| عَمّا أَرادَت هِزَبرٌ يَفرِسُ النُوَبا |
|
لَقَد حَمى مُلبِداً أَكنافَ غابَتِهِ | |
|
| فَما تَظُنُّ بِهِ الأَعداءُ لَو وَثَبا |
|
جَذَّ الرِقابَ وَما إِن سَلَّ صارِمَهُ | |
|
| وَاِستَنزَلَ الخَطبَ مَقهوراً وَمارَكِبا |
|
وَأَمَّنَ الناسَ ماخافوهُ مِن فِتَنٍ | |
|
| ضاقَ الزَمانُ بِأَدناها وَإِن رَحُبا |
|
لَم تُغنِ فيها عَنِ المُثرينَ ثَروَتُهُم | |
|
| بَل ذو الحَليلَةِ مِنهُم يَحسُدُ العَزَبا |
|
فَكَيفَ كَشَّفتَ مَحجوباً حَنادِسَها | |
|
| وَالبَدرُ لا يَكشِفُ الظَلماءَ مُحتَجِبا |
|
وَلَو يَكونونَ أَكفاءً بَرَزتَ لَهُم | |
|
| بُرُوزَ جَدِّكَ لَمّا نَكَّسَ الصُلُبا |
|
لَكِن قَعَدتَ وَأَغرَيتَ الخُطوبَ بِهِم | |
|
| مُذَلِّلاً مِن صُروفِ الدَهرِ ما صَعُبا |
|
في أَيِّ يَومِ نَزالٍ حارَبوكَ فَما | |
|
| دارَت كُؤوسُ المَنايا فيهِمُ نُخُبا |
|
حَتّى مَضى مَلِكُهُم يَشكو وَغىً بَلَغَت | |
|
| فيهِ رِضاكَ وَلَم يَبلُغ بِها أَرَبا |
|
شَكوى الجَريحِ الَّذي أَعيَت سَلامَتُهُ | |
|
| لا مِثلَ ما يَتَشَكّى الغارِبُ القَتَبا |
|
وَما نَجا تُركُمانٌ إِذ نَدَبتَ لَهُ | |
|
| مِن عامِرٍ عُصَباً أَعزِز بِها عُصَبا |
|
وَلَو تَمَهَّلَ مُرديهِ أَتَوكَ بِهِ | |
|
| إِتيانَ جِنِّ سُلَيمانٍ بِعَرشِ سَبا |
|
وافى بِلادَكَ مُغتَرّاً بِمالِكِها | |
|
| جَهلاً وَحَيناً فَلاقى دونَها العَطَبا |
|
وَكانَتِ التُركُ بِالأَعرابِ جاهِلَةً | |
|
| حَتّى أَتَحتَ لَها أَن تَعرِفَ العَرَبا |
|
لَاقَوهُمُ بِرِماحٍ طالَما اِنحَطَمَت | |
|
| وَاِستَخلَفَت في العِدى الهِندِيَّةَ القُضَبا |
|
وَما ثَناها وَإِن أَغمادُها خَلِقَت | |
|
| صَوارِمٌ حُلِّيَت أَغمادُها ذَهَبا |
|
جَحافِلٌ قَيَّضَ اللَهُ البَوارَ لَها | |
|
| مَن نَكَّبَ الحَقَّ في أَحكامِهِ نُكِبا |
|
وَلَم يَفُت مِنهُمُ إِلّا أُغَيلِمَةٌ | |
|
| نَجَت بِهِم مُقرَباتٌ تَحمِلُ الأُرَبا |
|
تَنعى إِلى القَومِ مَن ظَنّوا بِمَقدَمَهِ | |
|
| وَالبَغيُ مَصرَعُهُ أَن يَملِكوا حَلَبا |
|
غُرابُ بَينٍ صَموتٌ قَبلَ مَقتَلِهِ | |
|
| حَتّى إِذا ما أَتاهُ حَينُهُ نَعَبا |
|
رَجوا بِهِ الغايَةَ القُصوى فَلا عَجَبٌ | |
|
| أَنِ اِستَطارَت عَصاهُم بَعدَهُ شُعُبا |
|
كَأَنَّ أَنفُسَهُم أَتباعُ مُهجَتِهِ | |
|
| وَصِدقَ إِقدامِهِم مِن بَعضِ ما سُلِبا |
|
وَالنارُ تَخبو إِذا ما غابَ موقِدُها | |
|
| وَالزَندُ إِن لَم يُعِنهُ القَادِحونَ كَبا |
|
فَليُترَكِ البَأسُ لِلأَولى بِنِسبَتِهِ | |
|
| فَالبَأسُ لا شَكَّ كَعبِيٌّ إِذا اِنتَسَبا |
|
إِن ضَيَّعوا الحَزمَ لَمّا نازَلوا حَلَبا | |
|
| فَقَد أَصابوهُ لَمّا أَزمَعوا هَرَبا |
|
غَداةَ وَلَّوا عَلى جُردٍ تَشُدُّ بِهِم | |
|
| وَهُم يَظُنّونَ خَوفاً شَدَّها خَبَبا |
|
عَن هَيبَةٍ لَكَ لَم تُؤمَن بَوائِقُها | |
|
| لَو أَنَّها في الزُلالِ العَذبِ ما شُرِبا |
|
دونَ الغَنيمَةِ أَهوالٌ تُكَدِّرُها | |
|
| وَفي الهَزيمَةِ مَنجاةٌ لِمَ هَرَبا |
|
طَودٌ مِنَ العِزِّ مازالَت تَهُبُّ بِهِ | |
|
| رِياحُ عَزمِكَ حَتّى صَيَّرَتهُ هَبا |
|
سَمَوا إِلى مُرتَقىً صَعبٍ فَعاقَهُمُ | |
|
| جِدٌّ رَأَوا جِدَّهُم في جَنبِهِ لَعِبا |
|
وَالنَجمُ لَيسَ بِمُعلٍ نَجمَ صاحِبِهِ | |
|
| ما لَم يُؤَيِّدهُ جِدٌّ يَخرُقُ الحُجُبا |
|
جَماعَةٌ عَدِمَت دُنيا وَآخِرَةً | |
|
| ما كُلُّ مَن ساءَ مَحياً ساءَ مُنقَلَبا |
|
وَحَيثُ حَلَّت فَما تَنفَكُّ تُطرِقُها | |
|
| جَيشاً مِنَ الرُعبِ لَم تَسمَع لَهُ لَجَبا |
|
كَفَفتَ عَنهُم وَلَو شِئتَ اِجتِياحَهُمُ | |
|
| لَم تَتَّرِك مِنهُمُ رَأساً وَلاذَنَبا |
|
فَهَل تَعَمَّدتَ بُقيا أُمَّةٍ شَهِدَت | |
|
| ثَباتَ جَأشِكَ حَتّى تُنذِرَ الغَيَبا |
|
إِن أَقلَعَت غِيَرُ الأَيّامِ راغِمَةً | |
|
| فَبَعدَ أَن أَكثَرَت مِن صَبرِكَ العَجَبا |
|
لَم يَطرُقوا الشامَ إِلّا بَعدَ أَن جَمَعوا | |
|
| مِنَ العَشيرَةِ مُختاراً وَمُغتَصَبا |
|
مَكايِدٌ أَوهَمَتهُم أَن تُكادَ بِها | |
|
| كانَت لِآسادِهِم عِندَ النِزالِ زُبى |
|
وَنارُ حَربٍ شَوَوا فيها الوَرى زَمَناً | |
|
| فَحينَ قارَعتَهُم صاروا لَها حَطَبا |
|
بِأَيِّما سَبَبٍ تَخَشى سَعادَتَهُم | |
|
| أَنّى وَقَد ذَهَبَت في ضِمنِ ما ذَهَبا |
|
أَبِالسُيوفِ الَّتي فَلَّلتَ قاطِعَها | |
|
| أَم بِالقُلوبِ الَّتي أَسكَنتَها الرُعُبا |
|
لَولا كِلابٌ لَما جاسَت جُيوشُهُمُ | |
|
| هَذي البِلادَ وَلا مَدّوا بِها طُنُبا |
|
راموا المَوَدّاتِ مِن أَعدى عُداتِهِمُ | |
|
| وَذاكَ رَأيٌ إِلى غَيرِ الصَوابِ صَبا |
|
فَقارَعوا عارِضاً عَمَّت مَواطِرُهُ | |
|
| وَيَمَّموا لَمعَ بَرقٍ طالَما كَذَبا |
|
كَطارِدٍ إِبلَهُ وَالأَرضُ مُخصِبَةٌ | |
|
| يَبغي سِباخاً يُرَجّي عِندَها العُشُبا |
|
حَتّى إِذا كَذَبَت فيهِم ظُنونُهُمُ | |
|
| فاؤوا إِلَيكَ بِظَنٍّ جانَبَ الكَذِبا |
|
فَرَدَّ قُربُكَ عِزّاً كانَ مُنتَزِحاً | |
|
| عَنهُم وَأَطلَعَ نَجماً كانَ قَد غَرَبا |
|
حَلّوا بِهِ الذِروَةَ العُليا وَعاضَهُمُ | |
|
| مِنَ النُبوِّ مَضاءً وَالوِهادِ رُبا |
|
وَصادَفوا وَلَداً بَرّاً بِكَهلِهِمُ | |
|
| وَلِلمُراهِقِ مِنهُم وَالِداً حَدِبا |
|
مَن يُجزِلُ العُرفَ إِذ يَرجونَهُ رَغَباً | |
|
| وَيَبذُلُ العَفوَ إِذ يَخشَونَهُ رَهَبا |
|
إِذا وَحى الحِقدُ وَالشَحناءُ ما اِجتَرَموا | |
|
| مَحا تَجاوُزُهُ وَالصَفحُ ما كَتَبا |
|
وَإِن سَطا فَالمَنايا بَعضُ أَسهُمِهِ | |
|
| وَإِن عَفا خِلتَهُ لا يَعرِفُ الغَضَبا |
|
مَن رَدَّ مَيتَ المُنى حَيّاً وَذاوِيَها | |
|
| غَضّاً وَلاءَمَ شَعبَ المُلكِ فَاِنشَعَبا |
|
رَبُّ العَزائِمِ لَو كانَت مُجَسَّمَةً | |
|
| لَظَنَّها كُلُّ طَرفٍ ناظِرٍ شُهُبا |
|
تَزدادُ إِن قَصَّرَ الخَطِّيُّ عَن غَرَدٍ | |
|
| طولاً وَتَمضي إِذا حَدُّ الحُسامِ نَبا |
|
حَلَّ السِماكَ وَما حُلَّت تَمائِمُهُ | |
|
| عَن جيدِهِ وَحَبا العافينَ مُنذُ حَبا |
|
إِن صالَ كَفَّ اللَيالي عَن إِرادَتِها | |
|
| قَهراً وَإِن قالَ طالَ الأَلسُنَ الذُرُبا |
|
حَوى مِنَ الفَضلِ مَولوداً بِلا تَعَبٍ | |
|
| أَضعافَ ما أَعجَزَ الطُلّابَ مُكتَسَبا |
|
صَغا إِلَيهِ إِلى أَن صارَ مَوطِنَهُ | |
|
| فَلو عَداهُ وَلَن يَعدوهُ ما اِغتَرَبا |
|
وَأَظهَرَت غامِضَ المَعنى بَديهَتَهُ | |
|
| فَفاتَ مَن أَتعَبَ الأَفكارَ مُقتَضِبا |
|
وَراءَكَ الخَلقُ في فَضلٍ وَفي كَرَمٍ | |
|
| فَقُل لِسَعيكَ مَهلاً تَربَحِ التَعَبا |
|
وَقِف لِذا الأَمَدِ الأَقصى فَإِنَّكَ مَن | |
|
| هَوى مِنَ المَجدِ أَضعافَ الَّذي طَلَبا |
|
مَجدٌ تَفَرَّدتَ يا عِزَّ المُلوكِ بِهِ | |
|
| لِلحَمدِ مُجتَنِياً لِلذَمِّ مُجتَنِبا |
|
إِنَّ الإِلَهَ حَباكَ المُلكَ مَوهِبَةً | |
|
| مِنهُ وَلَن يَستَرِدَّ اللَهُ ما وَهَبا |
|
إِن عَنَّ ذِكرُكَ في بَدوٍ وَفي حَضَرٍ | |
|
| فَدَأبُهُم غَضُّ أَبصارٍ وَفَضُّ حُبا |
|
فَأَذعَنَ الدَهرُ حَتّى ما أَتَيتَ أَتى | |
|
| وَما أَبَيتَ وَإِن سيئَت عِداكَ أَبا |
|
إِنّي أَنَختُ رِكابي في ذَرى مَلِكٍ | |
|
| لَم يُبقِ لي في بِلادِ اللَهِ مُضطَرَبا |
|
ما شابَ إِنعامَهُ مَنٌّ وَلا عِدَةٌ | |
|
| تَجُرُّ مَطلاً فَلَولا البِشرُ ما قَطَبا |
|
طَلقُ المُحَيّا إِذا ما زُرتَ مَجلِسَهُ | |
|
| حُزتَ العُلا وَالغِنى وَالجاهَ وَالأَدَبا |
|
مازالَ يَسمَعُ أَشعاري وَيَمدَحُها | |
|
| حَتّى عَدَدتُ عَطاياهُ الجِسامَ رِبا |
|
لا أَستَزيدُكَ نُعمى بَعدَ وَصفِكَ لي | |
|
| حَسبي اِنتِهائي إِلى هَذا المَدى حَسَبَ |
|
بَرَّحتَ فَضلاً وَإِفضالاً فَلا بَرِحَت | |
|
| تَزينُ أَوصافُكَ الأَشعارَ وَالخُطَبا |
|
فَخرُ المَدائِحِ أَن تُهدى إِلَيكَ كَما | |
|
| فَخرُ الفَضائِلِ أَن تُدعى لَهُنَّ أَبا |
|