طاوِل بِهِمَّتِكَ الزَمانَ وَحيدا | |
|
| فَأَرى مَداكَ عَلى الأَنامِ بَعيدا |
|
وَلَقَد بَلَغتَ بِبَعضِ سَعيِكَ رُتبَةً | |
|
| أَعيَت عَلى مَن لَم يَدَع مَجهودا |
|
فَليَيأَسِ الشَرَفَ الَّذي أُوتيتَهُ | |
|
| مَن لا يَقومُ مَقامَكَ المَحمودا |
|
فَالعِزُّ يَأبى أَن يُنيلَ يَسيرَهُ | |
|
| مَن لا يَكونُ عَلى الجِلادِ جَليدا |
|
وَمُحَمِّلُ الأَيّامِ ما لَم تَحتَمِل | |
|
| يُفني الحَياةَ مُخَيِّباً مَكدودا |
|
أَنّى يَنالُ مَحَلَّةَ الجَوزاءِ مَن | |
|
| لا يَستَطيعُ مِنَ الصَعيدِ صُعودا |
|
قَد شاعَ مَجدُكَ فَهوَ أَشهَرُ في الوَرى | |
|
| مِن أَن تَرومَ لَهُ عِداكَ جُحودا |
|
فَلَوِ اِبتَغَيتُ بِما أَقولُ شَهادَةً | |
|
| لَوَجَدتُ أَهلَ الخافِقَينِ شُهودا |
|
غاضَت يَنابيعُ الكِرامِ بِعارِضٍ | |
|
| أَوفى عَلى جودِ الغَمائِمِ جودا |
|
تُزجي عَواصِفُهُ سَحائِبَ لِلمُنى | |
|
| بيضاً وَسُحباً لِلمَنايا سودا |
|
مُثعَنجِرٌ كَفُّ المُظَفَّرِ أُفقُهُ | |
|
| لَم يُبقِ ذا عُدمٍ وَلا مَزؤودا |
|
فَاِعتاضَ أَهلُ الشامِ مِن خَوفِ الرَدى | |
|
| أَمناً وَمِن عَدَمِ اليَسارِ وُجودا |
|
بِأَغَرَّ ما أَمَّ المَناقِبَ تابِعاً | |
|
| فيها وَلا أَخَذَ العُلى تَقَليدا |
|
لَكِن يُؤَسِّسُ ما بَنى عَن هِمَّةٍ | |
|
| أَبَداً تَعافُ المَنهَلَ المَورودا |
|
مازالَ يَسبِقُ جودُهُ ميعادَهُ | |
|
| كَرَماً وَيَسبِقُ سَيفُهُ التَهديدا |
|
حَتّى أَبانَ عَنِ اِعتِزامِ لَم يَزَل | |
|
| لِلمالِ وَالباغي العَنيدِ مُبيدا |
|
وَعَتا الزَمانُ فَكَفَّ مِن غُلوائِهِ | |
|
| فَعَنا وَصارَ لِما يُريدُ مُريدا |
|
يا سَيفَ مَن عِصيانُهُ وَوَلاؤُهُ | |
|
| جَعَلا شَقيّاً في الوَرى وَسَعيدا |
|
خَلِّ العَدُوَّ فَقَد غَدا أَنجادُهُم | |
|
| لَم يُضمِروا لُمِهَنَّدٍ تَجريدا |
|
مَلَأَت وَقائِعُك القُلوبَ مَخافَةً | |
|
| ضاقَت بِها عَن أَن تُجِنَّ حُقودا |
|
وَرَفَعتَ ناراً كُلَّما أَوقَدتَها | |
|
| زادَت بِها نارُ العَدوِّ خُمُودا |
|
هِيَ نارُ إِبراهيمَ لِلباغي النَدى | |
|
| لَكِن عَلى الباغي تُشَبُّ وُقودا |
|
وَلَّوا وَلَو أَوغَلتَ تَطلُبُ إِثرَهُم | |
|
| لَم يَحمِ مَلكُ الرومِ مِنكَ طَريدا |
|
وَلَوِ اِتَّبَعتَ مُوَلِّياً فيما مَضى | |
|
| لَتَبُعتَهُم سَيراً يُبيدُ البيدا |
|
بِالمُقرَباتِ مُقَرِّباتٍ نَحوَهُم | |
|
| لا تَعرِفُ الإيضاعَ وَالتَخويدا |
|
مُقوَرَّةً تَردي بِكُلِّ مَفازَةٍ | |
|
| تُردي السَوابِقَ وَالمَطايا القودا |
|
نَزَعَت كُسىً مِن نَيِّها وَتَسَربَلَت | |
|
| مِن نَقعِها فَوقَ الجُلودِ جُلودا |
|
في فَيلَقٍ لَو لَم تَقُدهُ إِلى العِدى | |
|
| لَكَفاكَ بَأسُكَ عُدَّةً وَعَديدا |
|
حَمَلَت ضَراغِمُهُ الحَديدَ مُذَلَّقا | |
|
| وَتَدَرَّعَت حَزماً بِهِ مَسرودا |
|
فَليَلبَثوا حَيثُ اِستَقَرَّت دارُهُم | |
|
| وَأَرَدتَ مادامَ الحَديدُ حَديدا |
|
وَليَحذَروا الهِمَمَ الَّتي مَنَعَتهُمُ | |
|
| مِن أَن يُقيموا بِالشَآمِ عَمودا |
|
نَقَضَت حِبالَهُمُ حَبائِلُ لَم تَزَل | |
|
| قِدماً تَصيدُ بِها المُلوكَ الصيدا |
|
وَلَطالَما صَبَّحتَهُم في غارَةٍ | |
|
| أَلفَوا بِها أُمَّ اللُهَيمِ وَلودا |
|
لَم تُبقِ في بَكرٍ لِرَبِّ هُنَيدَةٍ | |
|
| بَكراً وَلا لِبَني عَتودَ عَتودا |
|
ظَنّوا بِها نَقعَ الجِيادِ وَوَقعَها | |
|
| عِندَ المُغارِ سَحائِباً وَرُعودا |
|
وَمَتى مَدَدتَ قَناً فَما أَورَدتَها | |
|
| مِن كُلِّ باغِ ثُغرَةً وَوَريدا |
|
وَمَتى سَلَلتَ ظُبىً فَما كانَت لَها | |
|
| هاما تُهُم عِندَ اللِقاءِ غُمودا |
|
أَم أَيَّ يَومِ وَغىً شَهِدتَ فَلَم يَكُن | |
|
| يَوماً أَغَرَّ مُحَجَّلاً مَشهودا |
|
عَمري لَقَد وَجَدوا جَناكَ بِنُصحِهِم | |
|
| أَرياً فَحينَ جَنَوا جَنوهُ هَبيدا |
|
فَرَأَوكَ أَصدَقَ مِنهُمُ عِندَ النَدى | |
|
| وَعداً وَأَنكى في العُدوِّ وَعيدا |
|
وَأَرى جَنابَ مُبينَةً عَن رُشدِها | |
|
| إِذ لَم تَرُم عَن ذا الجَنابِ مَحيدا |
|
نالَت بِقُربِكَ عِزَّةً وَنَباهَةً | |
|
| وَهَمَت بِسَيفِكَ طارِفاً وَتَليدا |
|
قَلَّدتَها مِنَناً شَفَعنَ صَنائِعاً | |
|
| يَجعَلنَ أَحرارَ الرِجالِ عَبيدا |
|
وَمَدَدتَ باعَ أَبي سَماوَةَ مُنجِزاً | |
|
| لِأَبيهِ في اِستِصلاحِهِ المَوعودا |
|
وَنَأى بِمَن كَفَرَ الصَنيعَةَ فِعلُهُ | |
|
| فَغَدا لِخَوفِكَ في البِلادِ شَريدا |
|
وَلَطالَما خَصَّت نُحوسُ كَواكِبٍ | |
|
| قَوماً وَكُنَّ لآِخَرينَ سُعودا |
|
أَضحى يَرودُ الَمحلَ مَغرورٌ مَضى | |
|
| عَن ذا المَحَلِّ مُحَلَّأً مَطرودا |
|
وَوَرى زِنادُ مَنِ اِعتَلَت آراؤُهُ | |
|
| حَتّى تَقَيَّلَ ظِلَّكَ المَمدودا |
|
كَم آمَنَت سَطَواتُ عَزمِكَ خائِفاً | |
|
| وَجِلاً وَراعَت أَروَعاً صِنديدا |
|
وَتَخَرَّمَت مَلِكاً وَرَدَّت ذاهِباً | |
|
| لَولاكَ لَم يَكُ مِثلُهُ مَردودا |
|
فَاِسلَم عَلى مَرِّ الزَمانِ لِأُمَّةٍ | |
|
| تَلقى بِقُربِكَ كُلَّ يَومٍ عيدا |
|
وَلِدَولَةٍ قَد صِرتَ مُنتَجَباً لَها | |
|
| زادَت وَعَزَّت مَنعَةً وَجُنودا |
|
وَاِسعَد بِمَولودٍ سَما لِمَحَلَّةٍ | |
|
| أَمسى لَها بَدرُ السَماءِ حَسودا |
|
إِذ خَصَّهُ خَيرُ الأَنامِ بِنِعمَةٍ | |
|
| لَم يَحبُها كَهلاً وَلا مَولودا |
|
وَأَنالَهُ اِسماً مِن صِفاتِكَ مُؤذِناً | |
|
| مِنهُ بِأَمرٍ لا يَزالُ حَميدا |
|
سَعِدَ الَّذي يَرجو إِمامُ العَصرِ أَن | |
|
| سَيَكونُ في حالاتِهِ مَسعودا |
|
نِعَمٌ يُهَنّيكَ الإِلَهُ جَديدَها | |
|
| فَلَقَد لَبِستَ بِها الفَخارَ جَديدا |
|
وَيُريكَ مَحموداً مُبَلَّغَ غايَةٍ | |
|
| في المُلكِ أَعجَزَ نَيلُها مَحمودا |
|
تُروى مَناقِبُهُ وَيَروي حَوضُهُ | |
|
| عِندَ المَعاطِشِ مَن أَرادَ وُرودا |
|
وَتَرى بِحَضرَتِهِ لِيَ اِبناً شاعِراً | |
|
| مِثلي مُجيداً في الثَناءِ مَجيدا |
|
يا مُصطَفى المُلكِ الَّذي كانَ النَدى | |
|
| هِمّاً فَعاوَدَ في ذَراهُ وَليدا |
|
أَنهَجتَني مِن نَهجِ فَضلِكَ مَسلَكاً | |
|
| تَثني مَسافَتُهُ البَليغَ بَليدا |
|
فَلَئِن حَصِرتُ فَإِنَّ عُذري واضِحٌ | |
|
| أَن لَستُ أَبلُغُ لِلسَما تَحديدا |
|
وَلَئِن نَطَقتُ فَإِنَّ أَيسَرَ ما أَرى | |
|
| مِن مَأثُراتِكَ يُنطِقُ الجُلمودا |
|
أَلفَيتُهُنَّ جَواهِراً مَنثورَةً | |
|
| وَعَلى القَوافي أَن يَصِرنَ عُقودا |
|
فَلَكَ الفَريدُ وَقَد وَجَدتَ نِظامَهُ | |
|
| وَلي الثَناءُ وَقَد وَجَدتُ فَريدا |
|
حَمِدَ الوَرى لِيَ ذا الثَناءَ وَمَذهَبي | |
|
| فيهِ فَكُنتُ الحامِدَ المَحمودا |
|
جوزيتُ عَن شُكري بِشُكرٍ مِثلِهِ | |
|
| فَعَدَدتُ ما تُسدي إِلَيَّ مَزيدا |
|