بِإِحرازِكَ الفَضلَ الَّذي بَهَرَ الخَلقا | |
|
| فَرَعتَ ذُرى المَجدِ الَّتي لَم تَكُن تُرقا |
|
وَمَن مَهَرَ العَلياءَ حِلماً وَنائِلاً | |
|
| وَمَحمِيَةً كانَت حَلالاً لَهُ طِلقا |
|
وَقَد زِدتَها مِنَ التَقِيَّةِ نِحلَةً | |
|
| فَكُنتَ الأَعَفَّ الأَحلَمَ الأَكرَمَ الأَتقا |
|
مَعاني مَعالٍ فُقتَ لَمّا اِبتَدَعتَها | |
|
| وَأَعيا الوَرى ما جَلَّ مِنها وَما دَقّا |
|
رَكِبتَ إِلى المَجدِ الرَوامِسَ وَاِمتَطَوا | |
|
| عَرامِسَ ما أَبقى الكَلالُ بِها طِرقا |
|
وَحُجَّتُهُم كانَت لِإِشكالِ طُرقِهِ | |
|
| فَأَلّا وَقَد أَوضَحتَ لِلسالِكِ الطُرقا |
|
وَمُستَبَقٍ لِلأَكرَمينَ بِمَركَضٍ | |
|
| تَرى الوَفرَ مُقنىً فيهِ وَالشُكرَ مُستَبقا |
|
عَلَوتَ بِهِ الأَجوادَ طُرّاً مَكارِماً | |
|
| وَفُتَّ بِهِ الأَمجادَ قاطِبَةً سَبقا |
|
كَأَنَّكَ لا تَرجو لِذا الفَخرِ أَن يُرى | |
|
| مُحِقّاً إِذا لَم تُفنِ ما حُزتَهُ مَحقا |
|
وَما زِلتَ ذا الفَضلِ الَّذي صاقَبَ السُهى | |
|
| عُلُوّاً وَذا القَولِ الَّذي جانَبَ المَذقا |
|
جَلا عَن جَميعِ المُسلِمينَ غِياثُهُم | |
|
| خُطوباً تَحَدَّتهُم بِأَسهُمِها رَشقا |
|
خَليلٌ أَتى مَأتى الخَليلِ بنِ آزَرٍ | |
|
| مِنَ الحِلمِ وَالإِغضاءِ قَد آزَرَ الخَلقا |
|
فَأَبقى عَلى الجانينَ عَفواً وَرَأفَةً | |
|
| وَجادَ عَلى العافينَ عَفواً فَما أَبقا |
|
وَقَد تَلِدُ المَعروفَ أَيدٍ كَثيرَةٌ | |
|
| وَلَكِنَّها مِن قَبلِهِ تُكثِرُ الطَلقا |
|
سَريعٌ إِلى أُكرومَةٍ وَحَمِيَّةٍ | |
|
| فَلَو رافَقَتهُ الريحُ قالَت لَهُ رِفقا |
|
يَفيضُ نَدىً فيمَن أَطاعَ وَمَن عَصى | |
|
| أَتَتهُ سُطاهُ مِثلَ أَنعُمِهِ دَفقا |
|
مِنَ الأُسرَةِ الشُمِّ الَّذينَ تَحَمَّلوا | |
|
| إِلى كُلِّ ذِكرٍ طَيِّبٍ كُلَّ ما شَقّا |
|
وَذَبّوا عَنِ الأَعراضِ عِلماً بِأَنَّها | |
|
| بِغَيرِ مِياهِ البَذلِ وَالعَدلِ لا تَبقا |
|
بَهاليلُ كَم أَسدَوا إِلى الدَهرِ مِنَّةً | |
|
| وَسَدّوا بِها خَرقاً وَسادوا بِها خِرقا |
|
رَأَيتُ الَّذي يَبغي مَداكَ كَناصِبٍ | |
|
| حَبائِلَهُ جَهلاً لِيَقتَنِصَ العَنقا |
|
مَلَكتَ مِنَ الآفاقِ غَرباً وَقِبلَةً | |
|
| فَأَنشَأتَ عَزماً يَطلُبُ الشامَ وَالشَرقا |
|
وَقَد دَبَّ مِن أَقصى المَشارِقِ حَيَّةٌ | |
|
| لَها لَدَغاتٌ لا تُداوى وَلا تُرقا |
|
فَطَبَّقَ تِلكَ الأَرضَ ظُلماً وَظُلمَةً | |
|
| فَكُن فَلَقاً يَجلو دَجوجِيَّهُ فَلقا |
|
فَمِن دونِ دينٍ قَد تَوَلَّيتَ نَصرَهُ | |
|
| قَبائِلَ مِن قَيسٍ وَقَحطانَ ما تُلقا |
|
هُمُ سَلَبوا كِسرى بنَ ساسانَ مُلكَهُ | |
|
| وَقَبلَهُمُ عَقَّ المُلوكَ وَما عُقّا |
|
وَذادوا عَلى اليَرموكِ ذادَةَ قَيصَرٍ | |
|
| بِكُلِّ حُسامٍ يَمنَعُ الناطِقَ النُطقا |
|
يُبالِغُ في نَهيِ الطُغاةِ وَلَم يَقُل | |
|
| وَيَقسو لَدى الحَربِ العَوانِ وإِن رَقّا |
|
وَلا شَكَّ أَنَّ التُركَ يَنسَونَ رَميَهُم | |
|
| بِطَعنٍ بِهِ أَنسَيتَ صَنهاجَةَ الزَرقا |
|
أَلا فَاِرمِهِم مِنهُم بِكُلِّ بنِ حُرَّةٍ | |
|
| يَهيمُ بِيَومِ الرَوعِ مِن مَهدِهِ عِشقا |
|
تَطيحُ بِهِ شَقّاءُ يُجنَبُ خَلفَها | |
|
| إِلى كُلِّ حَربٍ عِثيَرٌ قَطُّ ماشُقّا |
|
جَريءٍ يَرى الإِقدامَ حَقّاً عَلى الفَتى | |
|
| فَيَحمِلُ وِقرَ العَودِ مِن نَجدَةٍ حِقّا |
|
يَحُثُّ الجَوادَ الأَعوَجِيَّ وَما وَنى | |
|
| وَيُسقي الحُسامَ المَشرَفِيَّ وَما اِستَسقى |
|
مِنَ القَومِ بَزّوا رَبَّةَ الرومِ نَفسَها | |
|
| بِمَنزِلِها الأَقصى وَما بَلَغوا العُمقا |
|
رَمَيتَ مِنَ العَزمِ الوَحيِّ بِلادَها | |
|
| بِصاعِقَةٍ ما خِلتُها بَعدَها تَبقا |
|
بَعَثتَ لَهُم مِن كُلِّ خَرقٍ وَقُلَّةٍ | |
|
| صَوارِمَ أَعيَت مَن يَسُدُّ لَها خَرقا |
|
فَأَجرَت سُيولاً مِن دِماءِ حُماتِهِم | |
|
| أَماتَت بِها الفُرّارَ مِن وَقعِها غَرقا |
|
وَلَم نَرَ سَيلاً قَبلَهُ فاضَ مِن دَمٍ | |
|
| وَلا قُضُباً هِندِيَّةً قَتَلَت خَنقا |
|
وَقَد طالَما أَخَّرتَ جَيشاً عَنِ العِدى | |
|
| وَأَرسَلتَ رَأياً مِثلَ باعِثِهِ صَدقا |
|
فَأَذهَبتَ بِالإيعادِ شِقَّ نُفوسِهِم | |
|
| وَغادَرتَ مِنها لِلظُبى وَالقَنا شِقّا |
|
وَلَو شِئتَ لَم تَترُك لِبيضٍ مِنَ الظُبى | |
|
| وَزُرقٍ مِنَ الخِرصانِ في مُهجَةٍ رِزقا |
|
وَلَكِن أَراكَ الحَزمُ أَنَّ وُرودَها | |
|
| دَمَ المارِقِ الغاوي لِهَيبَتَها أَبقا |
|
قَرَعتَ الرَزايا بِالرَزايا وَلَم تَكُن | |
|
| بِمُستَعمِلٍ في مَوضِعِ الشِدَّةِ الرِفقا |
|
وَعايَنتَ ما تَحتَ الغُيوبِ فِراسَةً | |
|
| وَفَجرُ اليَقينِ في دُجى الشَكِّ ما اِنشَقّا |
|
فَلَو كانَ ظَنُّ الجاهِلِيَّةِ صادِقاً | |
|
| كَظَنِّكَ لَم تَسأَل سَطيحاً وَلا شِقّا |
|
مَساعٍ بِأَدناهُنَّ تُستَعبَدُ العُلى | |
|
| وَقَبلَكَ لَم يَملِك لَها أَحَدٌ رِقّا |
|
تَحَقَّقَها الأَدنَونَ سَمعاً وَرُؤيَةً | |
|
| وَأُشعِرَها الأَقصَونَ مِن عَرفِها نَشقا |
|
وَأَنجُمُ عَزمٍ أَشرَقَ المُلكُ مُذ بَدَت | |
|
| فَدامَت لَهُ وَقفاً وَدُمتَ لَها أُفقا |
|
بِإِنعامِكَ اِستَغنَيتُ عَن كُلِّ مُنعِمٍ | |
|
| وَمَن ظَلَّ تَحتَ الغَيثِ لَم يَشِمِ البَرقا |
|
أَبَت لِيَ ذاكَ ديمَةٌ ناصِرِيَّةٌ | |
|
| تَفوقُ الحَيا نَفعاً وَتَكثُرُهُ وَدقا |
|
وَصائِنُ مَدحي عَن مَعاشِرَ لا يَرى | |
|
| أَسَفُّهُمُ بَينَ النَدى وَالرَدى فَرقا |
|
ذَوي المَلَقِ المُنجابِ عَن غَيرِ بُغيَةٍ | |
|
| وَكَم عَدِمَ الإِحسانَ مَن حَسَّنَ المَلقا |
|
وَسائِلُ ما أَجدَت لَدَيهِم كَأَنَّها | |
|
| مَسائِلُ مِن عِلمٍ عَلى جاهِلٍ تُلقا |
|
سَقى اللَهُ آمالاً سَما بي طُموحُها | |
|
| إِلى الذَروَةِ العَلياءِ وَالعُروَةِ الوُثقا |
|
تَرَكتُ أَكُفّاً قَرمَطَ البُخلُ رِفدَها | |
|
| وَعُذتُ بِكَفٍّ في النَدى تُحسِنُ المَشقا |
|
فَأَمَّنتَ سِرباً كانَ قِدماً مُرَوَّعاً | |
|
| وَأَصفَيتَ شِرباً كُنتُ أَعهُدُهُ رَنقا |
|
وَأَحمَدتَني الأَيّامَ مِن بَعدِ ذَمِّها | |
|
| عَلى أَنَّ دَهراً عاقَني عَنكَ قَد عَقّا |
|
وَلَو كانَ جِسمي مِثلَ عَزمِيَ لَم أُنِخ | |
|
| قَلائِصَ يُلوي بِالحَصى وَخدُها سَحقا |
|
جَديلِيَّةً وُرقاً إِذا جَدَّ جِدُّها | |
|
| إِلى غايَةٍ ظُنَّت هَديلِيَّةً وُرقا |
|
خَليلَ أَميرِ المُؤمِنينَ بِكَ اِعتَلى | |
|
| مَقالي وَقِدماً كانَ كَالحَرَضِ المُلقا |
|
فَجاوَزتُ في مَدحيكَ لَمّا نَظَمتُهُ | |
|
| فُحولاً مَضَوا ما كُنتَ أَرجو لَهُم لَحقا |
|
وَصِرتُ إِذا ما قالَةُ الشِعرِ قُلِّبَت | |
|
| بَضائِعُهُم أُلفيتُ أَنفَسَهُم عِلقا |
|
وَلا حَمدَ لي في حُسنِ قَولي وَصِدقِهِ | |
|
| وَلَكِنَّهُ لِلمُلهِمي الفَضلَ وَالصِدقا |
|
وَقَد تُشكَرُ الأَرضُ العَميمُ نَباتُها | |
|
| وَإِن كانَ مِن فِعلِ الغَمامِ الَّذي أَسقا |
|
إِذا طَلَبَ المَملوكُ عِتقَ مَليكِهِ | |
|
| أَبى لِيَ ما أَولَيتَ أَن أَطلُبَ العِتقا |
|
فَلا زالَ هَذا العيدُ يَأتي وَيَنقَضي | |
|
| وَجَدُّكَ قاضٍ أَنَّ شانِئَكَ الأَشقا |
|
فَمُنذُ مَلَكتَ الدَهرَ لا زِلتَ رَبَّهُ | |
|
| غَدا فِعلُهُ فينا مِنِ اِسمِكَ مُشتَقّا |
|
وَما هُوَ لِلإِحسانِ أَهلاً وَإِنَّما | |
|
| تَخَلَّفَهُ خَوفاً فَصارَ لَهُ خُلقا |
|
فَدُمتَ مُوَقّىً في الأَجَلَّينِ صَرفَهُ | |
|
| فَكَم أَردَيا بُطلاً وَكَم أَحيَيا حَقّا |
|
لَقَد أَشبَهاكَ هِزَّةً وَنَزاهَةً | |
|
| وَلا عَجَبٌ لِلفَرعِ أَن يُشبِهَ العِرقا |
|
بَقيتَ وَإِن سيءَ العِدى لِتَراهُما | |
|
| وَلا مِنبَرٌ إِلّا بِأَمرِهِما يُرقا |
|
وَلا زِلتَ ما كَرَّ الجَديدانِ ساحِباً | |
|
| مَلابِسَ مِن فَخرٍ لِغَيرِكَ ما حُقّا |
|