إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
رسالة من المسجد الأقصى |
لم يَزَلْ مِفتاحُ بيتيَ في يدي |
لم أزَلْْ أحضُنُ ذكرى بلدي |
ما عرفتُ اليأسَ يا جلاّدُ يوماً |
هذه آلاتُك اشْحَذْها...وهذا جِلْدي |
لم تَزَلْ روحيَ تحيا أملاً |
وسياطُ القهرِ تشوي جَسدَي |
مُذْ عرفتُ اللهَ لَمْ أضعُفْ لمخلوقٍ ولا |
ارتَجي من غيرِ ربّي مَدَدي |
أيها القاتلُ يومي بُؤْ بِهِ |
أنتَ لا تقوى على قتلِ غدي |
|
لم يَزَلْ لونُ دمي يحكي ليوم الرّوْعِ عَسْفَكْ |
لم يَزَلْ دمعيَ يروي لسكونِ الّليلِ خَوْفَكْ |
حَجَريْ يَكشِفُ للعالَمِ يا مغرورُ ضعفَكْ |
بَدَمي أسكنتُ رُعبَ الموتِ جوفَكْ |
بدمي أكسِرُ يا جزّارُ سيفَكْ |
|
لا تُخوّفْني بِما يحشُدُ أربابُ الهوى |
لا تُخوّفني بأسطولٍ مِنَ الوَهْمِ هوى |
بدمي أُسقِطُ من أصنامِهِمْ ما يُسمّى بموازينِ القُوى |
|
فَتحَ المنفى ذراعَيْهِ إلينا واحتوانا |
وتشتّتْنا فريقَيْنِ وألغَتْ |
هذه الأرضُ خُطانا |
ففريقٌ فاقِدُ العِزّةِ في موطِنِهِ |
وفريقٌ فاقِدُ الذّاتِ زماناً ومكاناً |
كان يوماً ذلك اليومُ رهيباً |
أُ مُّنا تندُبُ في الليلِ أبانا وأخانا |
وإذا نحنُ مَعَ الفجْرِ يتامى |
كَفِراخِ الطّير زُغْباً، وإذا الجوعُ قِرانا |
ومضى عامٌ، وأعوامٌ، وها نحنُ |
ترانا مِثْلَما كنتَ ترانا |
|
ذاتَ يومٍ سألوني عن طُموحاتي...وعُمري |
سألونيَ مع بعض المكر: ما نوعُ الهوايهْ؟! |
اُترُكوني، ليس لي عُمْرٌ ولا عندي بِدايهْ |
قد أقمتُمْ من عِظامي فوقَ هذي الأرضِ |
أبراجاً عِظَاما |
هَرَماً شِيْدَ من الذُّلِّ الذي يُدعى سلاما! |
وسرقتُمْ مِن شبابي كلَّ أحلامي القُدامى |
أنا طفلٌ عمرُهُ خمسونَ عاما |
فارفعوا عنّي الوِصايَهْ |
أَطعِموني لحمَ أعضائي فَقَدْ |
أُتخِمتُ من خُبْزِ الدّعايَهْ |
أنا من خمسينَ عاما |
اطحَنُ الخُبزَ طعامَا |
أنا من خمسينَ عاما |
ازرعُ الأرضَ خِيامَا |
لم تكُنْ أعينُكُمْ عمياءَ لكنْ تَتَعامَى |
ما فتِئْتُمْ تغرِسونَ اليأسَ وعداً يَتَنامَى |
في مدى خمسينَ عامَا |
تتهاوى أسقُفُ العِزّةِ للأرضِ حُطامَا |
كلُّكُمْ كان شريكاً في هوى المأساةِ، هاما |
وترامى عندَ رِجْلَيْها غَرامَا |
لم تُبالوا أنّنا كُنّا، وما زِلْنا يَتَامى |
|
أيُّها الغاصِبُ حقّي، أيها الهازِئُ منّي |
أنّني أحيا أسيرَ الوهمِ مغرورَ التمنّي |
أعطِنِي حقّي ودَعْني |
حقَّ عينِيْ حقَّ أُذْني، حقَّ خوفي حقَّ أَمْني |
أتُسَلّيكَ دمائي ودُموعي؟ |
أَوَ ما يكفيكَ ما يَفعلُ سَجّاني وسِجني؟ |
اعطِني حقّي ودَعْني، كيف أحيا؟ ذاكَ شأني |
|
أنا لا أطلُبُ من عُمْرِكَ تمديداً لِعُمْريْ |
أنا لا أطلُبُ مَنّاً، لا لنفسيَ أو لغيري |
أأنا في الأرضِ وحدي |
طلبي للحَقِّ إرهابٌ وتهديدٌ لعصري؟ |
أأنا المُلغَى من العالَمِ وحدي؟! |
أأنا الممنوعُ من تحديد دوري؟! |
|
يبحثُ القومُ عنِ الهيكَلِ في أوجاعِنا |
يحفِرونَ المسجدَ الأقصى على أسماعِنا |
يستبيحونَ حِمانا ودِمانا |
يرسُمونَ الذُّلَّ تِمثالاً على أضلاعِنا |
هل رأيتُمْ مثلَ هذا القهرِ |
والإذلالِ في أوضاعِنا؟! |
أيّها التاريخُ لا تكتُبْ لنا شيئاً فقدْ |
رَسَمَ الحالةَ هذا الكمُّ من أطماعِنا |
|
يا رجالَ البوْرصةِ السّوداءِ في سوقِ السّلامْ |
سوقُكُمْ ذُلُّ على ذُلٍّ تُقامْ |
تطرحونَ القُدسَ للقِسْمَةِ، هَلْ |
سخِفَ الأمرُ إلى هذا المَقام؟ |
أيُسامُ المسجدُ الأقصى بشيءٍ |
من نُفوذٍ العمِّ سامْ؟ |
دَوَّلَتْنا دُوَلُ الذُّلِّ فصِرنْا |
سِلَعَاً في كلِّ تخفيضٍ نُسامْ |
يا رجالَ البورصَةِ السّوداءِ في سوقِ السّلامْ |
كُلّما ضاعَ مِنَ الأوطانِ رُبْعٌ |
يمتطي أكتافَكُمْ منهم وِسامْ |
فاوِضُوا حتى يشيبَ الليلُ، لَنْ |
تحصُدُوا غيرَ ثِمارِ اللؤْمِ من أيدي الِّلئامْ |
|
غدَتِ الحربُ فِرارا |
وغدا النّطقُ بذكرِ الحربِ عارا |
حين صَارتْ قبلةُ الرأسِ لسفّاحِ فَخَارا |
سُحِبَ الجُنديِّ من عِزِّ المَغَاوِرْ |
من ثُغورِ المجدِ مغلولاً |
إلى خِزْيِ المعابِرْ |
قيلَ للجُنديِّ: لا تُطلِقْ رصاصاً |
طَأْطِئِ الرأسَ وحاوِرْ |
أَيُطيقُ الحُرُّ أنْ يَسقُطَ رأساً |
من ذُرا علياءِ ثائِرْ |
يعشَقُ الموتَ الى ذِلّةِ صاغِرْ |
قد غدَوْنا لدفاعِ المُعتدي أكياسَ رملٍ |
وحِزاماً من هَوانٍ وَسَواتِرْ |
جفَّ هذا الريقُ في أفواهِنا |
بُحَّتِ الأصواتُ منّا فارحمونا |
وارحموا هذي الحناجِرْ |
|
اُعذُرونا إنْ صَرَخْنا |
إنّ في أعماقِنا الموتَ الزُّؤامْ |
لا أظُنُّ الصارخَ المذبوحَ إنْ صاحَ يُلامْ |
اُعذرونا إنْ فَتحْنا مرّةً أفواهَنَا |
أَنْتَنَتْ ألفاظُنا في الحَلْقِ من شَدِّ الِّلثامْ |
كِلْمَةُ المعروفِ شاخَتْ |
وهْيَ تحيا في الظّلامْ |
أهْوَ عَيبٌ أنْ نقولَ الحقَّ جَهْراً؟ |
أَهْوَ خَرْقٌ للنّظامْ؟ |
قبّحَ اللهُ لساناً يألَفُ الصّمْتَ الحرامْ! |
|
اُترُكونيْ من شِعارِ الأرضِ أوْ |
تلك الشّعاراتِ السخيفهْ |
أَترَوْني صرتُ عبداً لتضاريسِ بلادي |
والمناخاتِ اللطيفهْ؟ |
خَلِّ عنّي |
أنا لا أعبُدُ في المواطنِ كالغيرِ |
شِتَاهُ أوْ خريفَهْ |
لا أرى فرقاً كبيراً بين معبودٍ حنيفهْ |
وإلهٍ وطنيٍّ يعبُدُ النّاسُ رغيفَهْ |
|
يا أخي في اللهِ، هذا المسجدُ الأقصى جَريحْ |
في سُكونِ الّليلِ لو تسمعُ كالطّفلِ يصيحْ |
جُرحُهُ الغائِرُ لا تشبِهُهُ كلُّ الجروحْ |
إنّهُ جُرحٌ أليمٌ داخلَ القلْبِ يقيحْ |
إنّه جُرحُ بقايا أُمّةٍ |
كانَ فيها عِزّةٌ تسمو وروحْ |
|
آهِ ما آلَمَ جُرْحَ الكِبرِياءْ! |
آهِ ما أَوْجَعَ في الأحشاءِ مكتومَ البُكاءْ! |
حينَما نُطعَنُ في عِزّتِنا |
حينَما نبكي كما تبكي النّساءْ |
نحنُ لا نَملكُ من نَخْوَتِنا |
غيرَ صرخاتٍ تُدّوي ونِداءْ |
|
أرسَلَ الأقصى خِطاباً فيه لومٌ واشتِياقْ |
قالَ لي وَهْوَ يعاني |
مِنْ هَوانٍ لا يُطاقْ: |
حَدِّثِ الأمّةَ عنّي |
بَلِّغِ الأمّةَ أنّي |
عيلَ صبري بين أسرٍ واحتِراقْ |
هَتَكَ العُهْرُ اليهوديُّ خشوعي |
مِنْ رُواقٍ لرُواقْ |
أشعَلوا ساحاتيَ الأخرى فُجُورا |
وصفيراً ودَنَايا وسُفورا |
دنَّسوا رُكنيْ ومِحرابي الطَّهورا |
فأنا اليومَ أُعاني |
بل أُعاني منذُ دهرٍ |
أَلَمَ القهرِ أسيرا |
لَمْ يَزَلْ قيديَ مشدودَ الوَثاقْ |
أَوَ ما يَكفي نِفاقا ً؟ |
ضِقْتُ من هذا النّفاقْ |
أرسِلوا ليْ من صلاحِ الدّينِ خيلاً |
أرسِلوها من حِمى الشّامِ وَنَجْدٍ |
مِنْ سرايا جيشِ مِصرٍ، أوْ عَرانينِ العِراقْ |
تنشُرُ الهيبةَ للإسلامِ بالدّمِّ المُراقْ |
منذُ دهرٍ لم تزُرنيْ هذِهِ الخيل العتاق |
|
قالَ ليْ الأقصى سلاماً |
بِلِّغِ الأمّةَ يا عبدُ سلامي |
من معاني سورةِ الإسراءِ قُدْسِيَّ الهِيامِ |
أَثَرىَّ الوَجْدِ سُنّيَّ العِناقِ |
لا سَلاماً خائنَ النّشأةِ عِبْرِيَّ المَذَاقِ |
|
واسألِ الأمّةَ أوْ سَلْ بعضَها |
كيف للموتِ على الجَمرِ أُساقْ؟ |
كيف أصبحتُ مكاناً أثريّاً |
بصُنوفِ الفِسقِ ضاق؟ |
كيف قد بُدِّلَ طُهريْ |
مسرحاً للعُريِ يُغريْ |
بين ضَمٍّ واعتِناقِ والتصاقْ؟! |
كدتُ أَنْضَمُّ إلى الحمراءِ من أندلُسٍ |
في نَعَايا العصرِ، في ذاك النّطاقْ |
يا بني الإسلام، ما حلَّ بكمْ؟! |
هل نسيتُمْ أنّني بوّابةُ السّبْعِ الطّباقْ؟ |
من هنا قد واصَلَ الرحلةَ في الكونِ البُراقْ |
كتَبَ الأقصى وفي رِجليه قيدُ |
وعلى أبوابِهِ من بقايا عُبَّدِ الطّاغوتِ جندُ: |
طالَ شوقي لصليلِ السّيفِ يشدو |
وصهيلِ الخيلِ وَسْطَ النّقْعِ تعدو |
هل صلاحُ الدّين يوماً في رجالِ القومِ يبدو؟ |
هل ستأتي في نساء القومِ خنساءٌ وهندُ؟ |
أم تُراها عقِمَتْ أرحامُها اليومَ |
فلنْ يولدَ سعدُ؟! |
ضاعتِ الأوطانُ هدراً |
عندما القومُ أضاعوا: وأعدوا |
|
ربطَ القرآنُ بينَ البيتِ والأقصى رِباطاً أبَدِياً |
لم يكُنْ ذاك خِياراً |
أوْ قراراً عربيّا |
لم يكُنْ ذاك شِعاراً |
مُستعاراً أجنبيّاً |
كلُّ مَنْ فَرّقَ بين البيتِ والأقصى فَقَدْ |
كَذّبَ القرآنَ أو خانَ النبيّا |
|
أرسَلَ الأقصى وفي عينَيْهِ دمعُ: |
ما دَهَى الأمّةَ لا عينٌ بها |
ترصُدُ الأحداثَ، أو يُرهَفُ سَمْعُ؟ |
أعبيدُ العِجلِ حُرّاسي وفي |
أمّة الإسلام للإقدامِ وُسْعُ؟ |
أم تَراني هِنتُ في أعينِهِمْ |
لا دميْ يُفدَى |
ولا فَجعِيَ فَجْعُ؟ |
|
كتَبَ الأقصى وفي المحراب نارُ |
ويلوكُ المِنبَرَ الرّمزَ لهيبٌ واستِعارُ: |
أَوَ هذا كلُّ ما في وُسْعِكمْ؟ |
أَدِلاءٌ تجلُبونَ الماءَ فيها وجِرارُ؟ |
أنا لا يَثأرُ ليْ الماءُ ولا ينتقمُ |
يُطفِئُ الثأرَ رصاصٌ ودمٌ |
وشظايا وضحايا ودمارُ |
لست سِجّاداً ولا مبنى، أنا |
في نُصوصِ الدين دينٌ وشعارُ |
وِفّروا الماءَ على أنفُسِكمْ |
إنّما يطفِئُ نارَ الحقدِ نارُ |
ما عدا ذلك لا أعرفُهُ |
إنّه في منطقِ التاريخِ عارٌ |
وَهْوَ جُبنٌ في اعتقادي وفِرارُ |
كَتبَ الأقصى حزيناً يشتكي وضعاً بئيسا: |
ضَجَّروا من قَبْلُ موسى |
كلُّهُمْ في الغدرِ إبليسٌ لعينُ |
طفلُهم ينهدُ في الغدرِ العجوزَ الدردبيسا |
صادروا كلَّ دروسِ العلمِ في ظِلّي |
فَمَنْ يُحيي الدّروسا؟ |
سرقوا قرآنَ فجري |
ومَحَوْا أَوّلَّ صفّي |
مزّقَتْ آلاتُهُمْ بالحَفرِ جَوفي |
وأشاعوا أنَ موتيْ حَتْفُ أنفي |
هذه الأنفاقُ تحتي تَزرعُ |
أإذا أضحيتُ كالأطلالِ مهجوراً دَرِيسَا |
وإذا بُدّلتُ بالتكبيرِ بوقاً وطُقوسا |
أإذا أصبحَ محرابيْ وساحاتي كنيسا؟! |
|
فاستفيقوا |
لستُ أدعوكُمْ إلى خُطّةِ يأسي |
أوْ لترثونيْ دموعاً أو لتأسُوا ليْ |
جراحاتي وبُؤسيْ |
إنّني أصرُخُ و الهيكلُ يُبنَى فوقَ رأسي |
أيُرجَّى النصرُ من أمثالِكُمْ |
أم تُرى أنعَى لكم نفسيْ بنفسيْ |
|
ثم قالَ المسجدُ الأقصى بحزمٍ واقتِضابْ: |
مَن تُرى المسؤولُ فيكُمْ |
ومتى يُرسِلُ الردَّ على هذا الخِطابْ؟ |
قلتُ والآلامُ تَشوي أَضلُعيْ |
وخيالي شارِدٌ ليسَ معي |
أعبُرُ الماضيَ مطعوناً بِذُلِّ الواقِعِ |
ثم أَلوي سابحاً في أَدْمُعي: |
أيّها الأقصى، ومن ذا يدّعي |
أنّه المسؤولُ عمّا يَجْتَرِمْ |
إنّ مَنْ يجبُنُ عنْ لا رَهْبَةً |
فَهْوَ لا يقوَى على قولِ نعَمْ |
كلُّنا أصبَحَ في الجُبنِ كَمَنْ |
ما لهُ عينانِ في الرأسِ وَفَمْ |
ليس فينا قائِدٌ تَحمِلُهُ |
باتّجاهِ الحربِ ساقٌ أوْ قدمْ |
ساحةُ الحربِ التي تعرفُها |
أُوصِدَتْ أبوابُها من زَمَنٍ |
أصبحَ الإقدامُ من أولى التُّهَمْ |
أيّها الأقصى لك اللهُ فَكَمْ |
تطلُبُ النّجدةَ مكلوماً وكمْ |
ما تُنادي من بقايا جُثَثٍ |
جُلُّ من تدعو مِنْ النّاسِ رِمَمْ |
جُلُّهم أَسرى فروجٍ وبُطونٍ |
ولُقَمْ |
جُلُّ مَنْ ناديتَ لم يطرُقْهُ هَمْ |
غيرُ همِّ الذاتِ لا شيءَ أهَمْ |
عايَشَ الخوفَ من الخوفِ فَلَمْ |
يستَسِغْ للمَجْدِ و العِزّةِ طَعْمْ |
جُلُّنا أصبحَ من ذِلّتِهِ |
رقماً يَنْضَمُّ في الطّرحِ إلى جّنْبِ رَقَمْ |
جُلُّنا يا أيها الأقصى قَزَمْ |
قبلَ ان يعرِفَ ما الحربُ وما السِّلْمُ |
انهزمْ |
أيها الأقصى، وقد جَلَّ المُصابْ |
صوتُكَ الصّارخُ أنّى يُستجابْ؟ |
فجيوشُ القومِ ذابَتْ |
في أياديها الحِرابْ |
وشبابُ القومِ تلهو |
فَقَدَتْ روحَ الشّبابْ |
فتلفَّتْ في جهاتِ الأرضِ وانظُرْ |
هل ترى إلاّ سراباً في سرابْ؟ |
هل ترى إلاّ ضَحَايا لافتِراسٍ، وذئابْ؟ |
فاعتبِرْنا أمّةً ضائِعةً |
والْتَمِسْ في أمّةٍ أخرى الجَوابْ |
وأخيراً كتبَ الأقصى يقولْ: |
أفهِموني، كيف أَهوى قاتِلي؟ |
كيف أُهديهِ دمي مع قُبَلي؟ |
وأُحيّي سارقي بل أدّعي، أنّ ما يسرِقُ مني ليسَ ليْ |
لغةٌ للذل لا أفهمُها، فاطلُبوها في حُماةِ الهيكَلِ |
آهِ ما آلَمَ جُرْحَ الكِبرياءْ؟ |
آهِ ما أَوْجَعَ في الأحشاءِ مكتومَ البُكاءْ! |
حينَما نُطْعَنُ في عِزّتِنا |
حينَما نبكي كما تبكي النّساءْ |
نحن لا نَمْلِكُ من نَخوتِنا |
غيرَ صَرْخاتٍ وَشَجْبٍ ونِداءْ |
يا أخي المسلمُ، هذا المسجدُ الأقصى الجريحْ |
في سكونِ الليلِ لو تسمعُ كالطّفلِ يصيحْ |
جُرْحُهُ الغائِرُ لا تُشبِهُهُ كلُّ الجروحُ |
إنّهُ جُرحٌ أليمٌ داخِلَ القلبِ يَقيحْ |
إنّهُ جُرْحُ بقايا أمّةٍ |
كانَ فيها عِزّةٌ تسمو ورُوحْ |