رُدّوا عَلَيَّ بَياني بَعدَ مَحمودِ | |
|
| إِنّي عَييتُ وَأَعيا الشِعرُ مَجهودي |
|
ما لِلبَلاغَةِ غَضبى لا تُطاوِعُني | |
|
| وَما لِحَبلِ القَوافي غَيرَ مَمدودِ |
|
ظَنَّت سُكوتِيَ صَفحاً عَن مَوَدَّتِهِ | |
|
| فَأَسلَمَتني إِلى هَمٍّ وَتَسهيدِ |
|
وَلَو دَرَت أَنَّ هَذا الخَطبَ أَفحَمَني | |
|
| لَأَطلَقَت مِن لِساني كُلَّ مَعقودِ |
|
لَبَّيكَ يا مُؤنِسَ المَوتى وَموحِشَنا | |
|
| يا فارِسَ الشِعرِ وَالهَيجاءِ وَالجودِ |
|
مُلكُ القُلوبِ وَأَنتَ المُستَقِلُّ بِهِ | |
|
| أَبقى عَلى الدَهرِ مِن مُلكِ اِبنِ داوودِ |
|
لَقَد نَزَحتَ عَنِ الدُنيا كَما نَزَحَت | |
|
| عَنها لَياليكَ مِن بيضٍ وَمِن سودِ |
|
أَغمَضتَ عَينَيكَ عَنها وَاِزدَرَيتَ بِها | |
|
| قَبلَ المَماتِ وَلَم تَحفِل بِمَوجودِ |
|
لَبَّيكَ يا شاعِراً ضَنَّ الزَمانُ بِهِ | |
|
| عَلى النُهى وَالقَوافي وَالأَناشيدِ |
|
تَجري السَلاسَةُ في أَثناءِ مَنطِقِهِ | |
|
| تَحتَ الفَصاحَةِ جَريَ الماءِ في العودِ |
|
في كُلِّ بَيتٍ لَهُ ماءٌ يَرِفُّ بِهِ | |
|
| يَغارُ مِن ذِكرِهِ ماءُ العَناقيدِ |
|
لَو حَنَّطوكَ بِشِعرٍ أَنتَ قائِلُهُ | |
|
| غَنيتَ عَن نَفَحاتِ المِسكِ وَالعودِ |
|
حَلَّيتَهُ بَعدَ أَن هَذَّبتَهُ بِسَنا | |
|
| عِقدٍ بِمَدحِ رَسولِ اللَهِ مَنضودِ |
|
كَفاكَ زاداً وَزَيناً أَن تَسيرَ إِلى | |
|
| يَومِ الحِسابِ وَذاكَ العِقدُ في الجيدِ |
|
لَبَّيكَ يا خَيرَ مَن هَزَّ اليَراعَ وَمَن | |
|
| هَزَّ الحُسامَ وَمَن لَبّى وَمَن نودي |
|
إِن هُدَّ رُكنُكَ مَنكوباً فَقَد رَفَعَت | |
|
| لَكَ الفَضيلَةُ رُكناً غَيرَ مَهدودِ |
|
إِنَّ المَناصِبَ في عَزلٍ وَتَولِيَةٍ | |
|
| غَيرُ المَواهِبِ في ذِكرٍ وَتَخليدِ |
|
أَكرِم بِها زَلَّةً في العُمرِ واحِدَةً | |
|
| إِن صَحَّ أَنَّكَ فيها غَيرُ مَحمودِ |
|
سَلوا الحِجا هَل قَضَت أَربابُهُ وَطَراً | |
|
| دونَ المَقاديرِ أَو فازَت بِمَقصودِ |
|
كُنتَ الوَزيرَ وَكُنتَ المُستَعانَ بِهِ | |
|
| وَكانَ هَمُّكَ هَمَّ القادَةِ الصيدِ |
|
كَم وَقفَةٍ لَكَ وَالأَبطالُ طائِرَةٌ | |
|
| وَالحَربُ تَضرِبُ صِنديداً بِصِنديدِ |
|
تَقولُ لِلنَفسِ إِن جاشَت إِلَيكَ بِها | |
|
| هَذا مَجالُكِ سودي فيهِ أَو بيدي |
|
نَسَختَ يَومَ كَريدٍ كُلَّ ما نَقَلوا | |
|
| في يَومِ ذي قارَ عَن هاني بنِ مَسعودِ |
|
نَظَمتَ أَعداكَ في سِلكِ الفَناءِ بِهِ | |
|
| عَلى رَوِيٍّ وَلَكِن غَيرُ مَعهودِ |
|
كَأَنَّهُم كَلِمٌ وَالمَوتُ قافِيَةٌ | |
|
| يَرمي بِهِ عَرَبِيٌّ غَيرُ رِعديدِ |
|
أَودى المَعَرّي تَقِيُّ الشِعرِ مُؤمِنُهُ | |
|
| فَكادَ صَرحُ المَعالي بَعدَهُ يودي |
|
وَأَوحَشَ الشَرقُ مِن فَضلٍ وَمِن أَدَبٍ | |
|
| وَأَقفَرَ الرَوضُ مِن شَدوٍ وَتَغريدِ |
|
وَأَصبَحَ الشِعرُ وَالأَسماعُ تَنبِذُهُ | |
|
| كَأَنَّهُ دَسَمٌ في جَوفِ مَمعودِ |
|
أَلوى بِهِ الضَعفُ وَاِستَرخَت أَعِنَّتُهُ | |
|
| فَراحَ يَعثُرُ في حَشوٍ وَتَعقيدِ |
|
وَأَنكَرَت نَسَماتُ الشَوقِ مَربَعَهُ | |
|
| تُثيرُها خَطَراتُ الخُرَّدِ الخودِ |
|
لَو أَنصَفوا أَودَعوهُ جَوفَ لُؤلُؤَةٍ | |
|
| مِن كَنزِ حِكمَتِهِ لا جَوفَ أُخدودِ |
|
وَكَفَّنوهُ بِدَرجٍ مِن صَحائِفِهِ | |
|
| أَو واضِحٍ مِن قَميصِ الصُبحِ مَقدودِ |
|
وَأَنزَلوهُ بِأُفقٍ مِن مَطالِعِهِ | |
|
| فَوقَ الكَواكِبِ لا تَحتَ الجَلاميدِ |
|
وَناشَدوا الشَمسَ أَن تَنعي مَحاسِنَهُ | |
|
| لِلشَرقِ وَالغَربِ وَالأَمصارِ وَالبيدِ |
|
أَقولُ لِلمَلَإِ الغادي بِمَوكِبِهِ | |
|
| وَالناسُ ما بَينَ مَكبودٍ وَمَفؤودِ |
|
غُضّوا العُيونَ فَإِنَّ الروحَ يَصحَبُكُم | |
|
| مَعَ المَلائِكِ تَكريماً لِمَحمودِ |
|
يا وَيحَ لِلقَبرِ قَد أَخفى سَنا قَمَرٍ | |
|
| مُقَسَّمِ الوَجهِ مَحسودِ التَجاليدِ |
|
يا وَيحَهُ حَلَّ فيهِ ذو قَريحَتُهُ | |
|
| لَها بِخِدرِ المَعالي أَلفُ مَولودِ |
|
فَرائِدٌ خُرَّدٌ لَو شاءَ أَودَعَها | |
|
| مُحصي الجَديدِ سِجِلّاتِ المَواليدِ |
|
كَأَنَّها وَهيَ بِالأَلفاظِ كاسِيَةٌ | |
|
| وَحُسنُها بَينَ مَشهودٍ وَمَحسودِ |
|
لَآلِئٌ خَلفَ بَلّورٍ قَدِ اِتَسَقَت | |
|
| في بَيتِ دُهقانَ تَستَهوي نُهى الغيدِ |
|
مَحمودُ إِنّي لَأَستَحييكَ في كَلِمي | |
|
| حَيّاً وَمَيتاً وَإِن أَبدَعتُ تَقصيدي |
|
فَاِعذِر قَريضِيَ وَاِعذِر فيكَ قائِلَهُ | |
|
| كِلاهُما بَينَ مَضعوفٍ وَمَحدودِ |
|