عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > مصر > حافظ إبراهيم > عاصِفٌ يَرتَمي وَبَحرٌ يُغيرُ

مصر

مشاهدة
8161

إعجاب
6

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

عاصِفٌ يَرتَمي وَبَحرٌ يُغيرُ

عاصِفٌ يَرتَمي وَبَحرٌ يُغيرُ
أَنا بِاللَهِ مِنهُما مُستَجيرُ
وَكَأَنَّ الأَمواجَ وَهيَ تَوالى
مُحنَقاتٍ أَشجانُ نَفسٍ تَثورُ
أَزبَدَت ثُمَّ جَرجَرَت ثُمَّ ثارَت
ثُمَّ فارَت كَما تَفورُ القُدورُ
ثُمَّ أَوفَت مِثلَ الجِبالِ عَلى الفُل
كِ وَلِلفُلكِ عَزمَةٌ لا تَخورُ
تَتَرامى بِجُؤجُؤٍ لا يُبالي
أَمِياهٌ تَحوطُهُ أَم صُخورُ
أَزعَجَ البَحرُ جانِبَيها مِنَ الشَد
دِ فَجَنبٌ يَعلو وَجَنبٌ يَغورُ
وَهوَ آناً يَنحَطُّ مِن عَلُ كَالسَي
لِ وَآناً يَحوطُها مِنهُ سورُ
وَهيَ تَزوَرُّ كَالجَوادِ إِذا ما
ساقَهُ لِلطِعانِ نَدبٌ جَسورُ
وَعَلَيها نُفوسُنا خائِراتٌ
جازِعاتٌ كادَت شَعاعاً تَطيرُ
في ثَنايا الأَمواجِ وَالزَبَدِ المَن
دوفِ لاحَت أَكفانُنا وَالقُبورُ
مَرَّ يَومٌ وَبَعضُ يَومٍ عَلَينا
وَالمَنايا إِلى النُفوسِ تُشيرُ
ثُمَّ طافَت عِنايَةُ اللَهِ بِالفُل
كِ فَزالَت عَمَّن تُقِلُّ الشُرورُ
مَلَكَت دَفَّةَ النَجاةِ يَدُ اللَ
هِ فَسُبحانَ مَن إِلَيهِ المَصيرُ
أَمَرَ البَحرَ فَاِستَكانَ وَأَمسى
مِنهُ ذاكَ العُبابُ وَهوَ حَصيرُ
أَيُّها البَحرُ لا يَغُرَّنكَ حَولٌ
وَاِتِّساعٌ وَأَنتَ خَلقٌ كَبيرُ
إِنَّما أَنتَ ذَرَّةٌ قَد حَوَتها
ذَرَّةٌ في فَضاءِ رَبّي تَدورُ
إِنَّما أَنتَ قَطرَةٌ في إِناءٍ
لَيسَ يَدري مَداهُ إِلّا القَديرُ
إيهِ اِسبيرِيا فَدَتكِ الجَواري
مَنشَآتٍ كَأَنَّهُنَّ القُصورُ
يا عَروسَ البِحارِ إِنَّكِ أَهلٌ
أَن تُحَلّيكِ بِالجُمانِ البُحورُ
فَاِلبَسي اليَومَ مِن ثَنائِيَ عِقداً
تَشتَهيهِ مِنَ الحِسانِ النُحورُ
إيهِ إيطالِيا عَدَتكِ العَوادي
وَتَنَحّى عَن ساكِنيكِ الثُبورُ
فيكِ يا مَهبِطَ الجَمالِ فُنونٌ
لَيسَ فيها عَنِ الكَمالِ قُصورُ
وَدُمىً جَمَّعَ المَحاسِنَ فيها
صَنَعُ الكَفِّ عَبقَرِيٌّ شَهيرُ
قَد أُقيمَت مِنَ الجَمادِ وَلَكِن
مِن مَعاني الحَياةِ فيها سُطورُ
فَهيَ تَبدو مِنَ المَلائِكِ يَكسو
ها جَمالٌ عَلى حِفافَيهِ نورُ
أُمِرتُ بِالسُكوتِ مِن جانِبِ الحَق
قِ بِدُنيا فيها الأَحاديثُ زورُ
أَرضُهُم جَنَّةٌ وَحورٌ وَوِلدا
نٌ كَما تَشتَهي وَمُلكٌ كَبيرُ
تَحتَها وَالعِياذُ بِاللَهِ نارٌ
وَعَذابٌ وَمُنكَرٌ وَنَكيرُ
إِنَّ يَوماً كَيَومِ رِدجو وَمِسّي
نا وَكالَبرِيا لَيَومٌ عَسيرُ
ساعَةٌ مِنهُ تُهلِكُ الحَرثَ وَالنَس
لَ وَتَمحو ما سَطَّرَتهُ الدُهورُ
ذاكَ فيزوفُ قائِماً يَتَلَظّى
قَد تَعالى شَهيقُهُ وَالزَفيرُ
يُنذِرُ القَومَ بِالرَحيلِ وَلَكِن
لَيسَ يُغني مَعَ القَضاءِ النَذيرُ
وَكَذاكَ الأَوطانُ مَهما تَجَنَّت
لَيسَ لِلحُرِّ عَن حِماها مَسيرُ
شَمسُهُم غادَةٌ عَلَيها حِجابٌ
فَهيَ شَرقِيَّةٌ حَوَتها الخُدورُ
شَمسُنا غادَةٌ أَبَت أَن تَوارى
فَهيَ غَربِيَّةٌ جَلاها السُفورُ
جَوُّهُم في تَقَلُّبٍ وَاِختِلافٍ
غَيرَ أَنَّ الثَباتَ فيهِم وَفيرُ
جَوُّنا أَثبَتُ الجِواءِ وَلَكِن
لَيسَ فينا عَلى الثَباتِ صَبورُ
وَلَدَيهِم مِنَ الفُنونِ لُبابٌ
وَلَدَينا مِنَ الفُنونِ قُشورُ
أَنكَرَ الوَقفَ شَرعُهُم فَلِهَذا
كُلُّ رَبعٍ بِأَرضِهِم مَعمورُ
لَيسَ فيها مُستَنقَعٌ أَو جِدارٌ
قَد تَداعى أَو مَسكَنٌ مَهجورُ
كُلُّ شِبرٍ فيها عَلَيهِ بِناءٌ
مُشمَخِرٌّ أَو رَوضَةٌ أَو غَديرُ
قَسَّموا الوَقتَ بَينَ لَهوٍ وَجِدٍّ
في مَدى اليَومِ قِسمَةً لا تَجورُ
كُلُّهُم كادِحٌ بَكورٌ إِلى الرِز
قِ وَلاهٍ إِذا دَعاهُ السُرورُ
لا تَرى في الصَباحِ لاعِبَ نَردٍ
حَولَهُ لِلرِهانِ جَمٌّ غَفيرُ
لا وَلا باهِلاً سَليمَ النَواحي
لِلقَهاوي رَواحُهُ وَالبُكورُ
لَم يَحُل بَينَهُم وَبَينَ المَلاهي
أَو شُؤونِ الحَياةِ جَوٌّ مَطيرُ
لا يُبالونَ بِالطَبيعَةِ حَنَّت
أَم تَجَنَّت أَمِ اِحتَواها النَعورُ
عَصَفَت فَوقَهُم رِياحٌ عَواتٍ
أَم أَجازَت بِهِم صَباً أَم دَبورُ
قَد أَعَدّوا لِحادِثاتِ اللَيالي
عُدَّةً لا يَحوزُها التَقديرُ
نَضَّروا الصَخرَ في رُؤوسِ الرَواسي
وَلَدَينا في مَوطِنِ الخِصبِ بورُ
قَد وَقَفنا عِندَ القَديمِ وَساروا
حَيثُ تَسري إِلى الكَمالِ البُدورُ
وَالجَواري في النيلِ مِن عَهدِ نوحٍ
لَم يُقَدَّر لِصُنعِها تَغييرُ
وَلِعَ القَومُ بِالنَظافَةِ حَتّى
جُنَّ فيها غَنِيُّهُم وَالفَقيرُ
فَإِذا سِرتُ في الطَريقِ نَهاراً
خِلتُ أَنّي عَلى المَرايا أَسيرُ
أَفرَطَ القَومُ في النِظامِ وَعِندي
أَنَّ فَرطَ النِظامِ أَسرٌ وَنيرُ
وَلَذيذُ الحَياةِ ما كانَ فَوضى
لَيسَ فيها مُسَيطِرٌ أَو أَميرُ
فَإِذا ما سَأَلتَني قُلتُ عَنهُم
أُمَّةٌ حُرَّةٌ وَفَردٌ أَسيرُ
ذاكَ رَأيي وَهَل أُشارَكُ فيهِ
إِنَّهُ قَولُ شاعِرٍ لا يَضيرُ
في جِبالِ التيرولِ إِن أَقبَلَ الصَي
فُ نَعيمٌ وَإِن مَضى زَمهَريرُ
أَذكَرَتني ما قالَهُ عَرَبِيٌّ
طارِقِيٌّ أَمسى اِحتَواهُ شُلَيرُ
حَلَّ تَركُ الصَلاةِ في هَذِهِ الأَر
ضِ وَحَلَّت لَنا عَلَيها الخُمورُ
إِنَّ صَدرَ السَعيرِ أَحنى عَلَينا
مِن شُلَيرٍ وَأَينَ مِنّا السَعيرُ
قَد بَلَوتُ الحَياةَ في الشَرقِ وَالغَر
بِ فَما في الحَياةِ أَمرٌ يَسيرُ
مِن ثَواءٍ فيهِ المَلالُ لِزامٌ
أَو رَحيلٍ فيهِ العَناءُ كَثيرُ
حافظ إبراهيم
بواسطة: حمد الحجري
التعديل بواسطة: حمد الحجري
الإضافة: الخميس 2006/09/21 10:59:16 مساءً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com