وَقائِلَةٍ يَوماً وَقَد جِئتُ زائِراً | |
|
| رَأَيتُ الخَطيمَ بَعدَنا قَد تَخَدَّدا |
|
أَما إِن شَيبي لا يَقومُ بِهِ فَتىً | |
|
| إِذا حَضَرَ الشُحُّ اللَئيمَ الضَفَندَدا |
|
فَلا تَسخري مِنّي أُمامَةُ أَن بَدا | |
|
| شحوبي وَلا أَنَّ القَميصِ تَقَدَّدا |
|
فَإِنّي بِأَرضٍ لا يَرى المَرءُ قُربَها | |
|
| صَديقاً وَلا تَحلى بِها العَينُ مَرقَدا |
|
إِذا نامَ أَصحابي بِها اللَيلَ كُلَّهُ | |
|
| أَبَت لا تَذوقُ النَومَ حَتّى تَرى غَدا |
|
أَتَذكُر عَهدَ الحارِثِيَّةِ بَعدَما | |
|
| نَأَيتَ فَلا تَستَطيعُ أَن تَتَعَهَّدا |
|
لِعَمرُكَ ما أَحبَبَتُ عَزَّةَ عَن صِباً | |
|
| صَبَتهُ وَلا تَسبي فُؤادي تَعَمُّدا |
|
وَلَكِنَّني أَبصَرتُ مِنها مَلّاحَةً | |
|
| وَوَجهاً نَقِيّاً لَونُهُ غَيرُ أَنكَدا |
|
مِنَ الخَفِراتِ البيضِ خُمصانَةَ الحَشا | |
|
| ثِقالُ الخَطا تَكسو الفَريدَ المُقَلَّدا |
|
فَقَد حَلِيَت عَيني بِها وَهَويتُها | |
|
| هَوى عَرضٍ ما زالَ مُذ كُنتُ أَمرَدا |
|
كَأَنَّ مِنَ البَردي ريانَ ناعِماً | |
|
| بحَيثُ تَرى مِنها سِواراً وَمُعضَدا |
|
تَهادى كَعَومِ الرَكِّ كَفكَفَهُ الصَبا | |
|
| بِأَبطَحَ سَهلٍ حينَ تَمشي تَأَوُّدا |
|
يَهيمُ فُؤادي ما حَييتُ بِذِكرِها | |
|
| وَلَو أَنَّني قَد مُتُّ هامَ بِها الصَدى |
|
لَها مُقلَتا مَكحولَةٍ أُمِّ جُؤذُرٍ | |
|
| تُراعي مَهاً أَضحى جَميعاً وَفُرَّدا |
|
وَأَظمى نَقِيّاً لَم تُفَلَّل غُروبُهُ | |
|
| كَنَورِ أَقاحٍ فَوقَ أَطرافِهِ النَدى |
|
لَدى ديمٍ جادَت وَهَبَّت لَها الصَبا | |
|
| تَلَقَّينَ أَيّاماً مِنَ الدَهرِ أَسعُدا |
|
فَلا وَالَّذي مَن شاءَ أَغوى فَلَم يَكُن | |
|
| لَهُ مُرشِدٌ يَوماً وَمَن شاءَ أَرشَدا |
|
يَمينَ بَلاءٍ ما عَلِمتُ بِسَيِّءٍ | |
|
| عَلَيها وَإِن قالَ الحَسودُ فَأَجهَدا |
|
وَإِنّي لَمُشتاقٌ إِلى اللَهِ أَشتَكي | |
|
| غَليلَ فُؤادٍ قَد يَبيتُ مُسَهَّدا |
|
وَما لاَمَني في حُبِّ عَزَّةَ لائِم | |
|
| مِنَ الناسِ إِلّا كانَ عِندي مِنَ العِدى |
|
وَلا قالَ لي أَحسَنتَ إِلّا حَمَدتُهُ | |
|
| بِما قالَ لي ثُمَّ اِتَّخَذتُ لَهُ يَدا |
|
فَلَو كُنتَ مَشغوفاً بَعَزَّةَ مِثلَ ما | |
|
| شُغِفتُ بَها ما لُمتَني يا اِبنَ أَربَدا |
|
إِذَن لَاِزدَهاكَ الشَوقُ حَتّى تَرى الصِبى | |
|
| مِنَ الجَهلِ في أَدنى المَعيشَةِ أَحمَدا |
|
وَما لُمتَني في حُبِّها بَل عَذَرتَني | |
|
| فَأَصبَحتَ مِن وَجدٍ بِعَزَّةَ مُقصِدا |
|
لَيالِيَ أَهلانا جَميعاً وَعَيشُنا | |
|
| رَفيعُ وَشَعبا الحَيِّ لَم يَتَبَدَّدا |
|
لِما بَينَ ذي قارٍ فَرَملٍ مُخَفِّقٍ | |
|
| مِنَ القَفِّ أَو مِن رَملِهِ حينَ أَربَدا |
|
أواعِسُ في بَرثٍ مِنَ الأَرضِ طَيِّبٍ | |
|
| وَأَودِيَةٌ يُنبِتنَ سِدراً وَغَرقَدا |
|
أَحَبُّ إِلَينا مِن قُرى الشامِ مِنزِلاً | |
|
| وَأَجبالِها لَو كانَ أَن أَتَوَدَّدا |
|
أَعوذُ بِرَبّي أَن أَرى الشامَ بَعدَها | |
|
| وَعَمّانَ ما غَنّى الحَمامُ وَغَرَّدا |
|
فَذاكَ الَّذي اِستَنكَرتُ يا أُمَّ مالِكٍ | |
|
| وَأَصبَحتُ مِنهُ شاحِبَ اللَونِ أَسوَدا |
|
وَإِنّي لَماضي الهَمِّ لَو تَعلَمينَهُ | |
|
| وَركابُ أَهوالٍ يُخافُ بِها الرِدى |
|
وَمُسعِرُ حَربٍ كُنمتُ مِمَّن أَشَبَّها | |
|
| إِذا ما الجَبانُ النِكسُ هابَ وَعَرَّدا |
|
وَأَزدادُ في رُغمِ العَدُمِّ لُجاجَةً | |
|
| وَأُمكِنُ مِن رَأسِ العَدُوِّ المُهَنَّدا |
|
وَيُعجِبُني نَصُّ القَلاصِ عَلى الوَجى | |
|
| وَإِن سِرنَ شَهراً بَعدَ شَهرٍ مُطَرَّدا |
|
عَواصِفُ خُرقٍ ما لَهُنَّ تَئِيَّةٌ | |
|
| إِذا مِلنَ في سَهبٍ تَعَرَقَن قَردَدا |
|
يَخُضنَ بَأَيديهِنَّ بيداً عَريضَةً | |
|
| وَلَيلاً كَأَثناءِ الرُوَيزِيِّ أَسوَدا |
|
إِذا مالَ جُلُّ اللَيلِ وَاِطَّرَقَ الكَرى | |
|
| أَثَرنَ قَطاً مِن آخِرِ اللَيلِ هُجَّدا |
|
وَرَحلي عَلى هَوجاءَ حَرفٍ شِمِلَّةٍ | |
|
| ذمولٍ إِذا التاثَ المَطِيُّ وَهَوَّدا |
|
مُوَثَّقَةِ الأَنساءِ مَضبورَةِ القَرا | |
|
| تَسومُ بِهادٍ في القِلادَةِ أَقوَدا |
|
عَلى مَرَساتِ الجُندُلِ الصُمِّ رَفَّعَت | |
|
| بِهِنَّ كَما رَفَعتَ ظِلّاً مُمَدَّدا |
|
لَها عُجُزٌ تَمَّت وَرجلٌ قَبيضَةٌ | |
|
| تَشُلُّ يَداً ما الخَطوُ فيها بِأَحرَدا |
|
بِها أَثَرٌ في مَوضِعِ النَسعِ لاحِبٌ | |
|
| وَمَصدَر فَضلِ النِسعِ مِن حَيثُ أَورَدا |
|
جَرى النِسعُ مُنصَبّاً مِنَ الرَحلِ وارِداً | |
|
| فَلَمّا مَضى مِن خَلفِهِ الرَحلُ أَصعَدا |
|
إِلى كاهِلٍ مِنها إِذا شُدَّ فَوقَهُ | |
|
| بِأَحبُلِهِ المِيسُ العَلافِيُّ أَوفَدا |
|
كَأَنَّ أَمامَ الرَحلِ مِنها وَخَلفَهُ | |
|
| صَفيحاً لَدى صَفقَي قَراها مُسَنَّدا |
|
سَفينَةُ بَرٍّ تَحتَ أَروَعَ لا تَني | |
|
| بِراكِبِها تَجتابُ سَهبا عَمَرَّدا |
|
إِذا امتَدَّ أَثناءُ الزَمامِ اِزدَهَت بِهِ | |
|
| كَما يَزدَهي الذُعرُ الظَليمُ الخَفَيدَدا |
|
تَذاءَبُ أَحياناً مَراحاً وَحِدَّةً | |
|
| زَهَتها فَما بالَيتُ أَلّا تَزَيَّدا |
|
بِذي شُقَّةٍ جَوابِ أَرضٍ تَقاذَفَت | |
|
| بِهِ سارَ حَتّى غارَ ثُمَّتَ أَنجَدا |
|
أَعِذني عَياذاً يا سُلَيمانُ إِنَّني | |
|
| أَتيتُكَ لَمّا لَم أَجِد عَنك مُقعَدا |
|
لِتُؤمِنَني خَوفَ الَّذي أَنا خائِفٌ | |
|
| وَتُبلِعَني ريقي وَتُنظِرَني غَدا |
|
فِراراً إِلَيكَ مِن وَرائي ورَهبَةً | |
|
| وَكُنتَ أَحَقَّ الناسِ أَن أَتَعَمَّدا |
|
وَأَنتَ اِمرُؤٌ عَوَّدتَ نَفسَكَ عادَةً | |
|
| وَكُلُّ اِمرِئٍ جارٍ عَلى ما تَعَوَّدا |
|
تَعَوَّدتَ أَلّا تُسلِم الدَهرَ خائِفاً | |
|
| أَتاكَ وَمَن أَمَّنتَهُ أَمِنَ الرَدى |
|
أَجَرتَ يَزيدَ بنَ المُهَلَّبِ بَعدَما | |
|
| تَبَيَّنَ من بابِ المَنِيَّةِ مَورِدا |
|
فَفَرَّجتَ عَنهُ بَعدَما ضاقَ أَمرُهُ | |
|
| عَلَيهِ وَقَد كانَ الشَريدَ المُطَرَّدا |
|
سَنَنتَ لِأَهلِ الأَرضِ في العَدلِ سِنَةً | |
|
| فَغارَ بَلاءُ الصدقِ مِنكَ وَأَنجَدا |
|
وَأَنتَ المُصَفّى كُلُّ أَمرِكَ طَيِّبٌ | |
|
| وَأَنتَ اِبنُ خَيرِ الناسِ إِلّا مُحَمَّدا |
|
وَأَنتَ فتى أَهلِ الجَزيرةِكُلِّها | |
|
| فَعالاً وَأَخلاقاً وَأَسمَحُهُم يَدا |
|
وَأَنتَ مِنَ الأَعياصِ في فَرعِ نَبعَةٍ | |
|
| لَها ناضِرٌ يَهتَزُّ مَجداً وَسُؤدُدا |
|