حَسبُ القَوافي وَحَسبي حينَ أُلقيها | |
|
| أَنّي إِلى ساحَةِ الفاروقِ أُهديها |
|
لاهُمَّ هَب لي بَياناً أَستَعينُ بِهِ | |
|
| عَلى قَضاءِ حُقوقٍ نامَ قاضيها |
|
قَد نازَعَتنِيَ نَفسي أَن أَوَفّيها | |
|
| وَلَيسَ في طَوقِ مِثلي أَن يُوَفّيها |
|
فَمُر سَرِيَّ المَعاني أَن يُواتِيَني | |
|
| فيها فَإِنّي ضَعيفُ الحالِ واهيها |
|
|
وَقَولَةٍ لِعَلِيٍّ قالَها عُمَرٌ | |
|
| أَكرِم بِسامِعِها أَعظِم بِمُلقيها |
|
حَرَقتُ دارَكَ لا أُبقي عَلَيكَ بِها | |
|
| إِن لَم تُبايِع وَبِنتُ المُصطَفى فيها |
|
ما كانَ غَيرُ أَبي حَفصٍ يَفوهُ بِها | |
|
| أَمامَ فارِسِ عَدنانٍ وَحاميها |
|
كِلاهُما في سَبيلِ الحَقِّ عَزمَتُهُ | |
|
| لا تَنثَني أَو يَكونَ الحَقُّ ثانيها |
|
فَاِذكُرهُما وَتَرَحَّم كُلَّما ذَكَروا | |
|
| أَعاظِماً أُلِّهوا في الكَونِ تَأليها |
|
|
وَما أَقَلتَ أَبا سُفيانَ حينَ طَوى | |
|
| عَنكَ الهَدِيَّةَ مُعتَزّاً بِمُهديها |
|
لَم يُغنِ عَنهُ وَقَد حاسَبتَهُ حَسَبٌ | |
|
| وَلا مُعاوِيَةٌ بِالشامِ يَجبيها |
|
قَيَّدتَ مِنهُ جَليلاً شابَ مَفرِقُهُ | |
|
| في عِزَّةٍ لَيسَ مِن عِزٍّ يُدانيها |
|
قَد نَوَّهوا بِاِسمِهِ في جاهِلِيَّتِهِ | |
|
| وَزادَهُ سَيِّدُ الكَونَينِ تَنويها |
|
في فَتحِ مَكَّةَ كانَت دارُهُ حَرَماً | |
|
| قَد أَمَّنَ اللَهُ بَعدَ البَيتِ غاشيها |
|
وَكُلُّ ذَلِكَ لَم يَشفَع لَدى عُمَرٍ | |
|
| في هَفوَةٍ لِأَبي سُفيانَ يَأتيها |
|
تَاللَهِ لَو فَعَلَ الخَطّابُ فَعلَتَهُ | |
|
| لَما تَرَخَّصَ فيها أَو يُجازيها |
|
فَلا الحَسابَةُ في حَقٍّ يُجامِلُها | |
|
| وَلا القَرابَةُ في بُطلٍ يُحابيها |
|
وَتِلكَ قُوَّةُ نَفسٍ لَو أَرادَ بِها | |
|
| شُمَّ الجِبالِ لَما قَرَّت رَواسيها |
|
|
وَفِتيَةٍ وَلِعوا بِالراحِ فَاِنتَبَذوا | |
|
| لَهُم مَكاناً وَجَدّوا في تَعاطيها |
|
ظَهَرتَ حائِطَهُم لَمّا عَلِمتَ بِهِم | |
|
| وَاللَيلُ مُعتَكِرُ الأَرجاءِ ساجيها |
|
حَتّى تَبَيَّنتَهُم وَالخَمرُ قَد أَخَذَت | |
|
| تَعلو ذُؤابَةَ ساقيها وَحاسيها |
|
سَفَّهتَ آراءَهُم فيها فَما لَبِثوا | |
|
| أَن أَوسَعوكَ عَلى ما جِئتَ تَسفيها |
|
وَرُمتَ تَفقيهَهُم في دينِهِم فَإِذا | |
|
| بِالشَربِ قَد بَرَعوا الفاروقَ تَفقيها |
|
قالوا مَكانَكَ قَد جِئنا بِواحِدَةٍ | |
|
| وَجِئتَنا بِثَلاثٍ لا تُباليها |
|
فَأتِ البُيوتَ مِنَ الأَبوابِ يا عُمَرٌ | |
|
| فَقَد يُزَنُّ مِنَ الحيطانِ آتيها |
|
وَاِستَأذِنِ الناسَ أَن تَغشى بُيوتَهُمُ | |
|
| وَلا تُلِمَّ بِدارٍ أَو تُحَيّيها |
|
وَلا تَجَسَّس فَهَذي الآيُ قَد نَزَلَت | |
|
| بِالنَهيِ عَنهُ فَلَم تَذكُر نَواهيها |
|
فَعُدتَ عَنهُم وَقَد أَكبَرتَ حُجَّتَهُم | |
|
| لَمّا رَأَيتَ كِتابَ اللَهِ يُمليها |
|
وَما أَنِفتَ وَإِن كانوا عَلى حَرَجٍ | |
|
| مِن أَن يَحُجَّكَ بِالآياتِ عاصيها |
|
|
سَل قاهِرَ الفُرسِ وَالرومانِ هَل شَفَعَت | |
|
| لَهُ الفُتوحُ وَهَل أَغنى تَواليها |
|
غَزى فَأَبلى وَخَيلُ اللَهِ قَد عُقِدَت | |
|
| بِاليُمنِ وَالنَصرِ وَالبُشرى نَواصيها |
|
يَرمي الأَعادي بِآراءٍ مُسَدَّدَةٍ | |
|
| وَبِالفَوارِسِ قَد سالَت مَذاكيها |
|
ما واقَعَ الرومَ إِلّا فَرَّ قارِحُها | |
|
| وَلا رَمى الفُرسَ إِلّا طاشَ راميها |
|
وَلَم يَجُز بَلدَةً إِلّا سَمِعتَ بِها | |
|
| اللَهُ أَكبَرُ تَدوي في نَواحيها |
|
عِشرونَ مَوقِعَةً مَرَّت مُحَجَّلَةً | |
|
| مِن بَعدِ عَشرٍ بَنانُ الفَتحِ تُحصيها |
|
وَخالِدٌ في سَبيلِ اللَهِ موقِدُها | |
|
| وَخالِدٌ في سَبيلِ اللَهِ صاليها |
|
أَتاهُ أَمرُ أَبي حَفصٍ فَقَبَّلَهُ | |
|
| كَما يُقَبِّلُ آيَ اللَهِ تاليها |
|
وَاِستَقبَلَ العَزلَ في إِبّانِ سَطوَتِهِ | |
|
| وَمجدِهِ مُستَريحَ النَفسِ هاديها |
|
فَاِعجَب لِسَيِّدِ مَخزومٍ وَفارِسِها | |
|
| يَومَ النِزالِ إِذا نادى مُناديها |
|
يَقودُهُ حَبَشِيٌّ في عِمامَتِهِ | |
|
| وَلا تُحَرِّكُ مَخزومٌ عَواليها |
|
أَلقى القِيادَ إِلى الجَرّاحِ مُمتَثِلاً | |
|
| وَعِزَّةُ النَفسِ لَم تُجرَح حَواشيها |
|
وَاِنضَمَّ لِلجُندِ يَمشي تَحتَ رايَتِهِ | |
|
| وَبِالحَياةِ إِذا مالَت يُفَدّيها |
|
وَما عَرَتهُ شُكوكٌ في خَليفَتِهِ | |
|
| وَلا اِرتَضى إِمرَةَ الجَرّاحِ تَمويها |
|
فَخالِدٌ كانَ يَدري أَنَّ صاحِبَهُ | |
|
| قَد وَجَّهَ النَفسَ نَحوَ اللَهِ تَوجيها |
|
فَما يُعالِجُ مِن قَولٍ وَلا عَمَلٍ | |
|
| إِلّا أَرادَ بِهِ لِلناسِ تَرفيها |
|
لِذاكَ أَوصى بِأَولادٍ لَهُ عُمَراً | |
|
| لَمّا دَعاهُ إِلى الفِردَوسِ داعيها |
|
وَما نَهى عُمَرٌ في يَومِ مَصرَعِهِ | |
|
| نِساءَ مَخزومَ أَن تَبكي بَواكيها |
|
وَقيلَ خالَفتَ يا فاروقُ صاحِبَنا | |
|
| فيهِ وَقَد كانَ أَعطى القَوسَ باريها |
|
فَقالَ خِفتُ اِفتِتانِ المُسلِمينَ بِهِ | |
|
| وَفِتنَةُ النَفسِ أَعيَت مَن يُداويها |
|
هَبوهُ أَخطَأَ في تَأويلِ مَقصِدِهِ | |
|
| وَأَنَّها سَقطَةٌ في عَينِ ناعيها |
|
فَلَن تَعيبَ حَصيفَ الرَأيِ زَلَّتُهُ | |
|
| حَتّى يَعيبَ سُيوفَ الهِندِ نابيها |
|
تَاللَهِ لَم يَتَّبِع في اِبنِ الوَليدِ هَوىً | |
|
| وَلا شَفى غُلَّةً في الصَدرِ يَطويها |
|
لَكِنَّهُ قَد رَأى رَأياً فَأَتبَعَهُ | |
|
| عَزيمَةً مِنهُ لَم تُثلَم مَواضيها |
|
لَم يَرعَ في طاعَةِ المَولى خُؤولَتَهُ | |
|
| وَلا رَعى غَيرَها فيما يُنافيها |
|
وَما أَصابَ اِبنَهُ وَالسَوطُ يَأخُذُهُ | |
|
| لَدَيهِ مِن رَأفَةٍ في الحَدِّ يُبديها |
|
إِنَّ الَّذي بَرَأَ الفاروقَ نَزَّهَهُ | |
|
| عَنِ النَقائِصِ وَالأَغراضِ تَنزيها |
|
فَذاكَ خُلقٌ مِنَ الفِردَوسِ طينَتُهُ | |
|
| اللَهُ أَودَعَ فيها ما يُنَقّيها |
|
لا الكِبرُ يَسكُنُها لا الظُلمُ يَصحَبُها | |
|
| لا الحِقدُ يَعرِفُها لا الحِرصِ يُغويها |
|
|
كَم خِفتَ في اللَهِ مَضعوفاً دَعاكَ بِهِ | |
|
| وَكَم أَخَفتَ قَوِيّاً يَنثَني تيها |
|
وَفي حَديثِ فَتى غَسّانَ مَوعِظَةٌ | |
|
| لِكُلِّ ذي نَغرَةٍ يَأبى تَناسيها |
|
فَما القَوِيُّ قَوِيّاً رَغمَ عِزَّتِهِ | |
|
| عِندَ الخُصومَةِ وَالفاروقُ قاضيها |
|
وَما الضَعيفُ ضَعيفاً بَعدَ حُجَّتِهِ | |
|
| وَإِن تَخاصَمَ واليها وَراعيها |
|
|
وَسَرحَةٍ في سَماءِ السَرحِ قَد رَفَعَت | |
|
| بِبَيعَةِ المُصطَفى مِن رَأسِها تيها |
|
أَزَلتَها حينَ غالَوا في الطَوافِ بِها | |
|
| وَكانَ تَطوافُهُم لِلدينَ تَشويها |
|
|
وَراعَ صاحِبَ كِسرى أَن رَأى عُمَراً | |
|
| بَينَ الرَعِيَّةِ عُطلاً وَهوَ راعيها |
|
وَعَهدُهُ بِمُلوكِ الفُرسِ أَنَّ لَها | |
|
| سوراً مِنَ الجُندِ وَالأَحراسِ يَحميها |
|
رَآهُ مُستَغرِقاً في نَومِهِ فَرَأى | |
|
| فيهِ الجَلالَةَ في أَسمى مَعانيها |
|
فَوقَ الثَرى تَحتَ ظِلِّ الدَوحِ مُشتَمِلاً | |
|
| بِبُردَةٍ كادَ طولُ العَهدِ يُبليها |
|
فَهانَ في عَينِهِ ما كانَ يَكبُرُهُ | |
|
| مِنَ الأَكاسِرِ وَالدُنيا بِأَيديها |
|
وَقالَ قَولَةَ حَقٍّ أَصبَحَت مَثَلاً | |
|
| وَأَصبَحَ الجيلُ بَعدَ الجيلِ يَرويها |
|
أَمِنتَ لَمّا أَقَمتَ العَدلَ بَينَهُمُ | |
|
| فَنِمتُ نَومَ قَريرِ العَينِ هانيها |
|
|
في الجاهِلِيَّةِ وَالإِسلامِ هَيبَتُهُ | |
|
| تَثني الخُطوبَ فَلا تَعدو عَواديها |
|
في طَيِّ شِدَّتِهِ أَسرارُ مَرحَمَةٍ | |
|
| لِلعالَمينَ وَلَكِن لَيسَ يُفشيها |
|
وَبَينَ جَنبَيهِ في أَوفى صَرامَتِهِ | |
|
| فُؤادُ والِدَةٍ تَرعى ذَراريها |
|
أَغنَت عَنِ الصارِمِ المَصقولِ دِرَّتُهُ | |
|
| فَكَم أَخافَت غَوِيَّ النَفسِ عاتيها |
|
كانَت لَهُ كَعَصا موسى لِصاحِبِها | |
|
| لا يَنزِلُ البُطلُ مُجتازاً بِواديها |
|
أَخافَ حَتّى الذَراري في مَلاعِبِها | |
|
| وَراعَ حَتّى الغَواني في مَلاهيها |
|
أَرَيتَ تِلكَ الَّتي لِلَّهِ قَد نَدَرَت | |
|
| أُنشودَةً لِرَسولِ اللَهِ تُهديها |
|
قالَت نَذَرتُ لَئِن عادَ النَبِيُّ لَنا | |
|
| مِن غَزوَةٍ لَعَلى دُفّي أُغَنّيها |
|
وَيَمَّمَت حَضرَةَ الهادي وَقَد مَلَأَت | |
|
| أَنوارُ طَلعَتِهِ أَرجاءَ ناديها |
|
وَاِستَأذَنَت وَمَشَت بِالدُفِّ وَاِندَفَعَت | |
|
| تُشجى بِأَلحانِها ما شاءَ مُشجيها |
|
وَالمُصطَفى وَأَبو بَكرٍ بِجانِبِهِ | |
|
| لا يُنكِرانِ عَلَيها مِن أَغانيها |
|
حَتّى إِذا لاحَ مِن بُعدٍ لَها عُمَرٌ | |
|
| خارَت قُواها وَكادَ الخَوفُ يُرديها |
|
وَخَبَّأَت دُفَّها في ثَوبِها فَرَقاً | |
|
| مِنهُ وَوَدَّت لَوَ اِنَّ الأَرضَ تَطويها |
|
قَد كانَ حِلمُ رَسولِ اللَهِ يُؤنِسُها | |
|
| فَجاءَ بَطشُ أَبي حَفصٍ يُخَشّيها |
|
فَقالَ مَهبِطُ وَحيِ اللَهِ مُبتَسِماً | |
|
| وَفي اِبتِسامَتِهِ مَعنىً يُواسيها |
|
قَد فَرَّ شَيطانُها لَمّا رَأى عُمَراً | |
|
| إِنَّ الشَياطينَ تَخشى بَأسَ مُخزيها |
|
|
مَولى المُغيرَةِ لا جادَتكَ غادِيَةٌ | |
|
| مِن رَحمَةِ اللَهِ ما جادَت غَواديها |
|
مَزَّقتَ مِنهُ أَديماً حَشوُهُ هِمَمٌ | |
|
| في ذِمَّةِ اللَهِ عاليها وَماضيها |
|
طَعَنتَ خاصِرَةَ الفاروقِ مُنتَقِماً | |
|
| مِنَ الحَنيفَةِ في أَعلى مَجاليها |
|
فَأَصبَحَت دَولَةُ الإِسلامِ حائِرَةً | |
|
| تَشكو الوَجيعَةَ لَمّا ماتَ آسيها |
|
مَضى وَخَلَّفَها كَالطَودِ راسِخَةً | |
|
| وَزانَ بِالعَدلِ وَالتَقوى مَغانيها |
|
تَنبو المَعاوِلُ عَنها وَهيَ قائِمَةٌ | |
|
| وَالهادِمونَ كَثيرٌ في نَواحيها |
|
حَتّى إِذا ما تَوَلّاها مُهَدِّمُها | |
|
| صاح الزَوالُ بِها فَاِندَكَّ عاليها |
|
واهاً عَلى دَولَةٍ بِالأَمسِ قَد مَلَأَت | |
|
| جَوانِبَ الشَرقِ رَغداً مِن أَياديها |
|
|
إِن جاعَ في شِدَّةٍ قَومٌ شَرِكتَهُمُ | |
|
| في الجوعِ أَو تَنجَلي عَنهُم غَواشيها |
|
جوعُ الخَليفَةِ وَالدُنيا بِقَبضَتِهِ | |
|
| في الزُهدِ مَنزِلَةٌ سُبحانَ موليها |
|
فَمَن يُباري أَبا حَفصٍ وَسيرَتَهُ | |
|
| أَو مَن يُحاوِلُ لِلفاروقِ تَشبيها |
|
يَومَ اِشتَهَت زَوجُهُ الحَلوى فَقالَ لَها | |
|
| مِن أَينَ لي ثَمَنُ الحَلوى فَأَشريها |
|
لا تَمتَطي شَهَواتِ النَفسِ جامِحَةً | |
|
| فَكِسرَةُ الخُبزِ عَن حَلواكِ تَجزيها |
|
وَهَل يَفي بَيتُ مالِ المُسلِمينَ بِما | |
|
| توحي إِلَيكِ إِذا طاوَعتِ موحيها |
|
قالَت لَكَ اللَهُ إِنّي لَستُ أَرزَؤُهُ | |
|
| مالاً لِحاجَةِ نَفسٍ كُنتُ أَبغيها |
|
لَكِن أُجَنِّبُ شَيئاً مِن وَظيفَتِنا | |
|
| في كُلِّ يَومٍ عَلى حالٍ أُسَوّيها |
|
حَتّى إِذا ما مَلَكنا ما يُكافِئُها | |
|
| شَرَيتُها ثُمَّ إِنّي لا أُثَنّيها |
|
قالَ اِذهَبي وَاِعلَمي إِن كُنتِ جاهِلَةً | |
|
| أَنَّ القَناعَةَ تُغني نَفسَ كاسيها |
|
وَأَقبَلَت بَعدَ خَمسٍ وَهيَ حامِلَةٌ | |
|
| دُرَيهِماتٍ لِتَقضي مِن تَشَهّيها |
|
فَقالَ نَبَّهتِ مِنّي غافِلاً فَدَعي | |
|
| هَذي الدَراهِمَ إِذ لا حَقَّ لي فيها |
|
وَيلي عَلى عُمَرٍ يَرضى بِموفِيَةٍ | |
|
| عَلى الكَفافِ وَيَنهى مُستَزيديها |
|
ما زادَ عَن قوتِنا فَالمُسلِمونَ بِهِ | |
|
| أَولى فَقومي لِبَيتِ المالِ رُدّيها |
|
كَذاكَ أَخلاقُهُ كانَت وَما عُهِدَت | |
|
| بَعدَ النُبُوَّةِ أَخلاقٌ تُحاكيها |
|
|
يا رافِعاً رايَةَ الشورى وَحارِسَها | |
|
| جَزاكَ رَبُّكَ خَيراً عَن مُحِبّيها |
|
لَم يُلهِكَ النَزعُ عَن تَأييدِ دَولَتِها | |
|
| وَلِلمَنِيَّةِ آلامٌ تُعانيها |
|
لَم أَنسَ أَمرَكَ لِلمِقدادِ يَحمِلُهُ | |
|
| إِلى الجَماعَةِ إِنذاراً وَتَنبيها |
|
إِن ظَلَّ بَعدَ ثَلاثٍ رَأيُها شُعَباً | |
|
| فَجَرِّدِ السَيفَ وَاِضرِب في هَواديها |
|
فَاِعجَب لِقُوَّةِ نَفسٍ لَيسَ يَصرِفُها | |
|
| طَعمُ المَنِيَّةِ مُرّاً عَن مَراميها |
|
دَرى عَميدُ بَني الشورى بِمَوضِعِها | |
|
| فَعاشَ ما عاشَ يَبنيها وَيُعليها |
|
وَما اِستَبَدَّ بِرَأيٍ في حُكومَتِهِ | |
|
| إِنَّ الحُكومَةَ تُغري مُستَبِدّيها |
|
رَأيُ الجَماعَةِ لا تَشقى البِلادُ بِهِ | |
|
| رَغمَ الخِلافِ وَرَأيُ الفَردِ يُسقيها |
|
|
وَما وَقى اِبنُكَ عَبدُ اللَهِ أَينُقَهُ | |
|
| لَمّا اِطَّلَعتَ عَلَيها في مَراعيها |
|
ها في حِماهُ وَهيَ سارِحَةٌ | |
|
| مِثلَ القُصورِ قَدِ اِهتَزَّت أَعاليها |
|
فَقُلتَ ما كانَ عَبدُ اللَهِ يُشبِعُها | |
|
| لَو لَم يَكُن وَلَدي أَو كانَ يُرويها |
|
قَدِ اِستَعانَ بِجاهي في تِجارَتِهِ | |
|
| وَباتَ بِاِسمِ أَبي حَفصٍ يُنَمّيها |
|
رُدّوا النِياقَ لِبَيتِ المالِ إِنَّ لَهُ | |
|
| حَقَّ الزِيادَةِ فيها قَبلَ شاريها |
|
وَهَذِهِ خُطَّةٌ لِلَّهِ واضِعُها | |
|
| رَدَّت حُقوقاً فَأَغنَت مُستَميحيها |
|
ما الاِشتِراكِيَّةُ المَنشودُ جانِبُها | |
|
| بَينَ الوَرى غَيرَ مَبنىً مِن مَبانيها |
|
فَإِن نَكُن نَحنُ أَهليها وَمَنبِتَها | |
|
| فَإِنَّهُم عَرَفوها قَبلَ أَهليها |
|
|
يا مَن صَدَفتَ عَنِ الدُنيا وَزينَتِها | |
|
| فَلَم يَغُرَّكَ مِن دُنياكَ مُغريها |
|
ماذا رَأَيتَ بِبابِ الشامِ حينَ رَأَوا | |
|
| أَن يُلبِسوكَ مِنَ الأَثوابِ زاهيها |
|
وَيُركِبوكَ عَلى البِرذَونِ تَقدُمُهُ | |
|
| خَيلٌ مُطَهَّمَةٌ تَحلو مَرائيها |
|
مَشى فَهَملَجَ مُختالاً بِراكِبِهِ | |
|
| وَفي البَراذينِ ما تُزهى بِعاليها |
|
فَصِحتَ يا قَومُ كادَ الزَهوُ يَقتُلُني | |
|
| وَداخَلَتنِيَ حالٌ لَستُ أَدريها |
|
وَكادَ يَصبو إِلى دُنياكُمُ عُمَرٌ | |
|
| وَيَرتَضي بَيعَ باقيهِ بِفانيها |
|
رُدّوا رِكابي فَلا أَبغي بِهِ بَدَلاً | |
|
| رُدّوا ثِيابي فَحَسبي اليَومَ باليها |
|
|
وَمَوقِفٍ لَكَ بَعدَ المُصطَفى اِفتَرَقَت | |
|
| فيهِ الصَحابَةُ لَمّا غابَ هاديها |
|
بايَعتَ فيهِ أَبا بَكرٍ فَبايَعَهُ | |
|
| عَلى الخِلافَةِ قاصيها وَدانيها |
|
وَأُطفِئَت فِتنَةٌ لَولاكَ لَاِستَعَرَت | |
|
| بَينَ القَبائِلَ وَاِنسابَت أَفاعيها |
|
باتَ النَبِيُّ مُسَجّىً في حَظيرَتِهِ | |
|
| وَأَنتَ مُستَعِرُ الأَحشاءِ داميها |
|
تَهيمُ بَينَ عَجيجِ الناسِ في دَهَشٍ | |
|
| مِن نَبأَةٍ قَد سَرى في الأَرضِ ساريها |
|
تَصيحُ مَن قالَ نَفسُ المُصطَفى قُبِضَت | |
|
| عَلَوتُ هامَتَهُ بِالسَيفِ أَبريها |
|
أَنساكَ حُبُّكَ طَهَ أَنَّهُ بَشَرٌ | |
|
| يُجري عَلَيهِ شُؤونَ الكَونِ مُجريها |
|
وَأَنَّهُ وارِدٌ لا بُدَّ مَورِدَهُ | |
|
| مِنَ المَنِيَّةِ لا يُعفيهِ ساقيها |
|
نَسيتَ في حَقِّ طَهَ آيَةً نَزَلَت | |
|
| وَقَد يُذَكَّرُ بِالآياتِ ناسيها |
|
ذَهِلتَ يَوماً فَكانَت فِتنَةٌ عَمَمٌ | |
|
| وَثابَ رُشدُكَ فَاِنجابَت دَياجيها |
|
فَلِلسَقيفَةِ يَومٌ أَنتَ صاحِبُهُ | |
|
| فيهِ الخِلافَةُ قَد شيدَت أَواسيها |
|
مَدَّت لَها الأَوسُ كَفّاً كَي تَناوَلَها | |
|
| فَمَدَّتِ الخَزرَجُ الأَيدي تُباريها |
|
وَظنَّ كُلُّ فَريقٍ أَنَّ صاحِبَهُم | |
|
| أَولى بِها وَأَتى الشَحناءَ آتيها |
|
حَتّى اِنبَرَيتَ لَهُم فَاِرتَدَّ طامِعُهُم | |
|
| عَنها وَأَخّى أَبو بَكرٍ أَواخيها |
|
|
شاطَرتَ داهِيَةَ السُوّاسِ ثَروَتَهُ | |
|
| وَلَم تَخَفهُ بِمِصرٍ وَهوَ واليها |
|
وَأَنتَ تَعرِفُ عَمراً في حَواضِرِها | |
|
| وَلَستَ تَجهَلُ عَمراً في بَواديها |
|
لَم تُنبِتِ الأَرضُ كَاِبنِ العاصِ داهِيَةً | |
|
| يَرمي الخُطوبَ بِرَأيٍ لَيسَ يُخطيها |
|
فَلَم يُرِغ حيلَةً فيما أَمَرتَ بِهِ | |
|
| وَقامَ عَمرٌو إِلى الأَجمالِ يُزجيها |
|
وَلَم تُقِل عامِلاً مِنها وَقَد كَثُرَت | |
|
| أَموالُهُ وَفَشا في الأَرضِ فاشيها |
|
|
جَنى الجَمالُ عَلى نَصرٍ فَغَرَّبَهُ | |
|
| عَنِ المَدينَةِ تَبكيهِ وَيَبكيها |
|
وَكَم رَمَت قَسِماتُ الحُسنِ صاحِبَها | |
|
| وَأَتعَبَت قَصَباتُ السَبقِ حاويها |
|
وَزَهرَةُ الرَوضِ لَولا حُسنُ رَونَقِها | |
|
| لَما اِستَطالَت عَلَيها كَفُّ جانيها |
|
كانَت لَهُ لِمَّةٌ فَينانَةٌ عَجَبٌ | |
|
| عَلى جَبينٍ خَليقٍ أَن يُحَلّيها |
|
وَكانَ أَنّى مَشى مالَت عَقائِلُها | |
|
| شَوقاً إِلَيهِ وَكادَ الحُسنُ يَسبيها |
|
هَتَفنَ تَحتَ اللَيالي بِاِسمِهِ شَغَفاً | |
|
| وَلِلحِسانِ تَمَنٍّ في لَياليها |
|
جَزَزتَ لِمَّتَهُ لَمّا أُتيتَ بِهِ | |
|
| فَفاقَ عاطِلُها في الحُسنِ حاليها |
|
فَصِحتَ فيهِ تَحَوَّل عَن مَدينَتِهِم | |
|
| فَإِنَّها فِتنَةٌ أَخشى تَماديها |
|
وَفِتنَةُ الحُسنِ إِن هَبَّت نَوافِحُها | |
|
| كَفِتنَةِ الحَربِ إِن هَبَّت سَواقيها |
|
|
وَمَن رَآهُ أَمامَ القِدرِ مُنبَطِحاً | |
|
| وَالنارُ تَأخُذُ مِنهُ وَهوَ يُذكيها |
|
وَقَد تَخَلَّلَ في أَثناءِ لِحيَتِهِ | |
|
| مِنها الدُخانُ وَفوهٌ غابَ في فيها |
|
رَأى هُناكَ أَميرَ المُؤمِنينَ عَلى | |
|
| حالٍ تَروعُ لَعَمرُ اللَهِ رائيها |
|
يَستَقبِلُ النارَ خَوفَ النارِ في غَدِهِ | |
|
| وَالعَينُ مِن خَشيَةٍ سالَت مَآقيها |
|
|
رَأَيتَ في الدينِ آراءً مُوَفَّقَةً | |
|
| فَأَنزَلَ اللَهُ قُرآناً يُزَكّيها |
|
وَكُنتَ أَوَّلَ مَن قَرَّت بِصُحبَتِهِ | |
|
| عَينُ الحَنيفَةِ وَاِجتازَت أَمانيها |
|
قَد كُنتَ أَعدى أَعاديها فَصِرتَ لَها | |
|
| بِنِعمَةِ اللَهِ حِصناً مِن أَعاديها |
|
خَرَجتَ تَبغي أَذاها في مُحَمَّدِها | |
|
| وَلِلحَنيفَةِ جَبّارٌ يُواليها |
|
فَلَم تَكَد تَسمَعُ الآياتِ بالِغَةً | |
|
| حَتّى اِنكَفَأتَ تُناوي مَن يُناويها |
|
سَمِعتَ سورَةَ طَهَ مِن مُرَتِّلِها | |
|
| فَزَلزَلَت نِيَّةً قَد كُنتَ تَنويها |
|
وَقُلتَ فيها مَقالاً لا يُطاوِلُهُ | |
|
| قَولُ المُحِبِّ الَّذي قَد باتَ يُطريها |
|
وَيَومَ أَسلَمتَ عَزَّ الحَقُّ وَاِرتَفَعَت | |
|
| عَن كاهِلِ الدينِ أَثقالٌ يُعانيها |
|
وَصاحَ فيهِ بِلالٌ صَيحَةً خَشَعَت | |
|
| لَها القُلوبُ وَلَبَّت أَمرَ باريها |
|
فَأَنتَ في زَمَنِ المُختارِ مُنجِدُها | |
|
| وَأَنتَ في زَمَنِ الصِدّيقِ مُنجيها |
|
كَمِ اِستَراكَ رَسولُ اللَهِ مُغتَبِطاً | |
|
| بِحِكمَةٍ لَكَ عِندَ الرَأيِ يُلفيها |
|
|
هَذي مَناقِبُهُ في عَهدِ دَولَتِهِ | |
|
| لِلشاهِدينَ وَلِلأَعقابِ أَحكيها |
|
في كُلِّ واحِدَةٍ مِنهُنَّ نابِلَةٌ | |
|
| مِنَ الطَبائِعِ تَغذو نَفسَ واعيها |
|
لَعَلَّ في أُمَّةِ الإِسلامِ نابِتَةً | |
|
| تَجلو لِحاضِرِها مِرآةَ ماضيها |
|
حَتّى تَرى بَعضَ ما شادَت أَوائِلُها | |
|
| مِنَ الصُروحِ وَما عاناهُ بانيها |
|
وَحَسبُها أَن تَرى ما كانَ مِن عُمَرٍ | |
|
| حَتّى يُنَبِّهَ مِنها عَينَ غافيها |
|