باسم الذي أُنزِلت من عِندِه السُّوَرُ | |
|
| والحَمدُ للَّهِ أمَّا بَعدُ يا عُمَرُ |
|
إن كنتَ تَعلَمُ ما تأتي وما تَذَر | |
|
| فَكُن على حَذر قد يَنفَعُ الحَذَرُ |
|
واصبِر على القَدَرِ المَجلُوبِ وارضَ به | |
|
| وإن أتاك بِمَا لا تَشتَهِي القَدَرُ |
|
فَما صَفا لامرِئٍ عَيشٌ يُسَرُّ به | |
|
| إلا سيتبَعُ يوما صَفوَه كَدَرُ |
|
واستَخبِرِ الناسَ عمّا أنت جَاهِلُه | |
|
| إذا عَمِيتَ فقد يَجلو العَمَى البَصَرُ |
|
قَد يَرعَوِي المرءُ يوما بعد هَفوَته | |
|
| وتحكُم الجاهلَ الأيامُ والعِبَرُ |
|
إن التُّقَى خَيرُ زادٍ أنت حامِلُهُ | |
|
| والبرُّ أفضلُ شيءٍ نَالَه بَشَرُ |
|
مَن يَطلُبِ الجَورَ لا يَظفَر بحاجَتهِ | |
|
| وطالِبُ الحقِّ قد يُهدَى له الظَّفَرُ |
|
وفي الهُدَى عِبَرٌ تَشفَى القلوبُ بها | |
|
| كالغَيثِ يَنضِرُ عن وَسمِيِّه الشَّجَرُ |
|
وليسَ ذُو العِلم بالتَّقوى كَجاهِلِها | |
|
| ولا البَصيرُ كأعمَى ما له بَصَرُ |
|
والرُّشدُ نافلةٌ تُهدَى لصاحِبِها | |
|
| والغَيُّ يُكرَه منه الوِردُ والصَّدَرُ |
|
قد يُوبِقُ المرءَ أمرٌ وهو يَحقِره | |
|
| والشيءُ يا نَفسُ يَنمَى وهو يُحتَقَرُ |
|
ورُبَّما جاءني ما لا أؤملُه | |
|
| وربَّما فاتَ مأمُول ومُنتَظَرُ |
|
لا يُشبِعُ النفسَ شيءٌ حين تُحرِزُهُ | |
|
| ولا يزالُ لها في غَيرِه وَطَرُ |
|
ولا تزالُ وإن كَانت لها سَعَةٌ | |
|
| لَهَا إلى الشيءِ لم تَظفَر به نَظَرُ |
|
وكلُّ شيءٍ له حالٌ يغيِّرُهُ | |
|
| كما تُغَيِّرُ لونَ اللمّةِ الغِيَرُ |
|
والذِّكرُ فيه حَيَاةٌ لِلقُلُوبِ كما | |
|
| يُحيِي البِلادَ إذا ما ماتَت المَطَرُ |
|
والعِلمُ يَجلُو العَمَى عن قلبِ صاحبِه | |
|
| كما يُجلي سوادَ الظُّلمةِ القَمَرُ |
|
لا ينفعُ الذِّكرُ قَلباً قَاسِياً أبدَاً | |
|
| وهَل يَلِينُ لِقَولِ الوَاعِظِ الحَجَرُ |
|
والمَوتُ جِسرٌ لِمَن يَمشِي على قَدَم | |
|
| إلى الأمور التي تُخشَى وتُنتَظَرُ |
|
فهم يَمُرُّونَ أفواجاً وتَجمَعُهم | |
|
| دَارٌ إليها يَصيرُ البَدوُ والحَضَرُ |
|
مَن كَان في مَعقِل للحِزرِ أسلَمَه | |
|
| أو كانَ في خَمرٍ لم يُنجِه خَمَرُ |
|
حتَّى مَتَى أنَا في الدُّنيا أخو كلَفٍ | |
|
| في الخدِّ مني إلى لَذَّاتِها صَعَرُ |
|
وَلا أرى أثَراً للذِّكرِ في جَسَدي | |
|
| والماءُ في الحَجَرِ القاسي لَهُ أثَرُ |
|
لَو كَانَ يُسهِرُ عيني ذِكرُ آخرَتِي | |
|
| كَمَا يؤرِّقُني لِلعَاجِلِ السَّهَرُ |
|
إذاً لَدَاويتُ قَلباً قد أضَرَّ بِهِ | |
|
| طُولُ السِّقَام ووهنُ العَظم يَنجَبرُ |
|
ما يَلبَثُ الشيءُ أن يَبلَى إذا اختَلَفَت | |
|
| يَوماً عَلَى نَقضِه الرَّوحَاتُ والبُكَرُ |
|
والمَرءُ يَصعَدُ رَيعَانُ الشَبَابِ به | |
|
| وكُلُّ مُصعدَةٍ يَوماً ستَنحَدِرُ |
|
وكلُّ بيتٍ خَرَاب بَعدَ جِدَّتِه | |
|
| ومن وراء الشبابِ المَوتُ والكِبَرُ |
|
بَينَا يُرَى الغُصنُ لَدناً في أرومَتِه | |
|
| رَيَّانَ أضحَى حُطاماً جَوفُه نَخِرُ |
|
كَم مِن جَمِيعٍ أشتَّ الدَّهرُ شَملَهُمُ | |
|
| وكلُّ شيءٍ جَمِيع سَوفَ يَنتَثِرُ |
|
ورُبَّ أصيدَ سَامِي الطَّرفِ مُعتَصِب | |
|
| بالتَّاجِ نِيرَانُه لِلحَربِ تَستَعِرُ |
|
يَظَلُّ يَفتَرِشُ الدِّيبَاجَ مُحتَجِبا | |
|
| عليه تُبنَى قِبَابُ المُلكِ والحُجَرُ |
|
قد غادرتهُ المَنَايا وهو مُستَلَبُ | |
|
| مجَدَّلُ تَربُ الخدين مُنعَفِرُ |
|
أبَعدَ آدمَ تَرجُونَ البَقَاءَ وَهَل | |
|
| تَبقَى فروعٌ لأَصلٍ حين يَنعَقِرُ |
|
لهم بيوتٌ بِمُستَنّ السُّيولِ وهل | |
|
| يَبقَى على الماءِ بَيتٌ أُسُّه مَدَرُ |
|
إلى الفَنَاءِ وإن طالت سَلامتُهم | |
|
| مَصيرُ كلِّ بَنِي أُنثَى وإن كَثُروا |
|
إنَّ الأُمورَ إذا استقبلتَها اشتَبَهَت | |
|
| وفي تَدَبُّرِها التِّبيانُ والعِبَرُ |
|
والمَرءُ ما عاشَ في الدنيا له أملُ | |
|
| إذا انقَضى سَفَر منا أتَى سَفَرُ |
|
لَهَا حَلاوةُ عَيشٍ غَيرُ دَائِمَةٍ | |
|
| وفي العَوَاقِبِ مِنهَا المُرُّ والصَّبِرُ |
|
إذا انقضت زُمَرٌ آجالُها نَزَلت | |
|
| على مَنَازِلِها مِن بَعدِها زُمَرُ |
|
وليسَ يَزجُرُكم ما تُوعَظُونَ بِهِ | |
|
| والبَهمُ يَزجُرها الرَّاعِي فَتَنزَجِرُ |
|
أصبَحتُمُ جَزَرا للموتِ يَقبِضُكم | |
|
| كما البَهَائمُ في الدنيا لها جَزَرُ |
|
لا تَبطِروا واهجُروا الدنيا فإنَّ لها | |
|
| غِبَّا وَخِيما وكفرُ النعمةِ البَطَرُ |
|
ثم اقتَدُوا بالأُلى كانوا لكم غُرَرا | |
|
| ولَيسَ من أُمَّةٍ إلا لها غُرَرُ |
|
حتَّى تكونوا على مِنهَاجِ أوَّلِكُم | |
|
| وتَصبِروا عن هَوَى الدنيا كَما صَبَروا |
|
ما لي أرى الناسَ والدنيا مُوَلِّيةٌ | |
|
| وكلُّ حَبلٍ عليها سوف يَنبَتِرُ |
|
لا يَشعُرونَ بِمَا في دِينهم نَقَصُوا | |
|
| جَهلاً وإن نَقَصت دُنياهُمُ شَعَروا |
|
مَن عاشَ أدرك في الأعداءِ بُغيَتَهُ | |
|
| ومَن يَمُت فَلَهُ الأيَّامُ تَنتَصِرُ |
|