وَبُقعَةٍ قَد أَجالَ الطَرفُ نُزهَتَهُ | |
|
| حَتّى تَخَيَّرَها مِن مَنبِتِ القُطُنِ |
|
سَهلِيَّةَ النَجدِ لا خَفضٍ وَلا شَرَفٍ | |
|
| شَيخٌ مِنَ الفُرسِ مَطبوعٌ عَلى الفِطنِ |
|
أَباحَها جَدوَلاً حَتّى إِذا رَوِيَت | |
|
| أَمسى يُدَيِّمُها بِالمَرِّ وَالفَدَنِ |
|
ما زالَ يُتحِفُها بِالماءِ مُجتَهِداً | |
|
| حَولَينِ طَوراً وَطَوراً قِمَّةَ الدِمَنِ |
|
حَتّى اِنتَقى حَبَّ مَروِيٍّ فَوَرَّهَهُ | |
|
| مِثلَ اللآلِئِ لَم يُدنَس مِنَ الدَرَنِ |
|
حَتّى إِذا بَذَّ زَرعَ الماءِ ناهِضُها | |
|
| وَاِستَتبَعَ الريحُ مِنها مائِلَ الغُصُنِ |
|
أَبدَت طَرائِلَ وَردٍ ثُمَّ أَعقَبَها | |
|
| جَوزٌ تَفَرَّقَ بَينَ الساقِ وَالفَنَنِ |
|
فَوَلَّدَ الجَوزُ مِنها بَعدَ عاشِرَةٍ | |
|
| بَيضاءَ يُصدَعُ عَنها مُحكَمُ الجُبُنِ |
|
هَوَت لَهُ حُرَّدٌ تُحفيهِ دامِيَةٌ | |
|
| مَيلُ الذَوائِبِ مَيلَ الأَخشُفِ الشُدُنِ |
|
فَاِستَخلَصَت سِرَّهُ مِنهُنَّ غانِيَةٌ | |
|
| بِبَعضِ طورَتِها في السِرِّ وَالعَلَنِ |
|
ظَلَّت تُزَبِّرُهُ طَوراً مُطَرِّقَةً | |
|
| بِأَصفَرِ الليطِ داني غايَةَ اللَهَنِ |
|
مُخَمَّطٍ بِأَجَشِّ الصَوتِ تَحسَبُهُ | |
|
| بِمَّ الكَرينَةِ عِندَ المَشرَبِ الدَرِنِ |
|
إِذا نَحاهُ لِنَدفٍ طَرَحَت | |
|
| أَثباجُهُ كُلَّ غِشٍّ كانَ مِن حَسَنِ |
|
تَعاوَرَتهُ يَدٌ لَيسَت مُتَوَجَّةً | |
|
| مُلسُ المُتونِ مِنَ الخَطِيَّةِ المُرُنِ |
|
تَشكو الهُزالَ وَأَحياناً إِذا سَمِنَت | |
|
| بَعدَ الهُزالِ تَشَكّى ثِقلَةَ السَمِنِ |
|
سُمرٌ مِنَ المَسِّ تَكسوها وَتَسلُبُها | |
|
| أَيدي النَواعِمِ بيضٌ كَالمَها البُدُنِ |
|
مِنَ الدَهاقينَ لَم تُسلِم مَناسِبُها | |
|
| أَبا نِرارٍ وَقَد جَلَّت عَنِ اليَمَنِ |
|
إِلّا بَني هاشِمٍ رَهطِ النَبِيِّ فَهُم | |
|
| خَيرُ البَرِيَّةِ مِن باقٍ وَمُندَفِنِ |
|
جاءَت بِهِ لا تُداني الشِعرَ رِقَّتَهُ | |
|
| يُرى بِأَعقابِهِ مِن أَعظَمِ العِيَنِ |
|
حَتّى إِذا ما أَرَدنَ النَسجَ رُدنَ لَهُ | |
|
| مِنَ الحَراشِفِ فاشٍ حَذقُهُ عَدَني |
|
تَدِقُّ فَطنَتُهُ فيما يُزاوِلُهُ | |
|
| وَفي الرَواءِ غَليطُ الفَهمِ وَالبَدَنِ |
|
إِذا اِنتَحى سَتَرَ العُثنونُ صُدرَتَهُ | |
|
| كَالقُطنِ يُسلِمُها لِلمُشطِ وَالدُهُنِ |
|
مُغَضَّنُ الإِبطِ مَحسورٌ مَغابِنُهُ | |
|
| مِنَ القُعودِ طِوالَ الدَهرِ ذو ثَفِنِ |
|
كَأَنَّ راحَتَهُ قَد جُلِّلَت سَفَناً | |
|
| بَل مَسُّ راحَتِهِ يُربي عَلى السَفَنِ |
|
فَمَدَّهُ بَينَ أَشطانٍ لَهُ بُرُقٍ | |
|
| إِلى خَوالِدَ لا يُزمِعنَ بِالظَعَنِ |
|
أَهوى لَهُ أَسمَراً عَضباً مَضارِبُهُ | |
|
| كَالهُندُوانِيِّ لَم يَكتَنَّ في جَنَنِ |
|
وَأَجوَفاً مِن نَباتِ الغيلِ توجِبُهُ | |
|
| أَعالي الرَوقِ ذا طَيشٍ مِنَ الأَدَنِ |
|
فَجاءَ كَالسَيفِ الصينِيِّ يُشبِهُهُ | |
|
| في لينِ مُنهَزَةٍ مَنصوبَةِ الدُكَنِ |
|
كَأَنَّ قِشرَتَهُ مِن بَعدِ لِبسَتِهِ | |
|
| غِرقيءُ بَيضِ حَمامِ الأَيكَةِ الدُجُنِ |
|
شَرَوهُ فَاِبتاعَهُ مِن بَعدِ ما اِرتَعَدَت | |
|
| عَنهُ التِجارُ لِطولِ السَومِ وَالثَمَنِ |
|
حَسيرُ دَهرٍ لَحِيّاً مِن مُروءَتِهِ | |
|
| كابَرتُهُ وَعَلَيهِ صَولَةُ الزَمَنِ |
|
مُستَوطِنٌ غَبَراتِ الدَهرِ ساحَتُهُ | |
|
| كَأَنَّها لا تَرى في الناسِ مِن وَطَنِ |
|
دَعا لَهُ خائِطاً حُلواً شَمائِلُهُ | |
|
| هَزّازَ رَأسٍ ضَروبَ الزَورِ بِالذَقَنِ |
|
مُحدَودِباً وُسطى أَنامِلِهِ | |
|
| كَمَحَةٍ أَجهَضٍ مُستَكرَهِ العُكَنِ |
|
أَتى بِهِ كَمَدَبِّ الذَرِّ أَدرُزُهُ | |
|
| ما يَستَبينُ طَويلَ الذَيلِ وَالرُدُنِ |
|
ما أَن تَمَلَّيتُهُ حَتّى أُتيحَ لَهُ | |
|
| خَفِيُّ دَبٍّ لَطيفُ الخَطمِ وَالأُذُنِ |
|
سَريعَةُ السَمعِ تُصغي ثُمَّ تَنصِبُها | |
|
| تَحتَ الظَلامِ حِذارَ الطائِرِ الطَبَنِ |
|
تَرنو بِكَحلاءَ لا يَرنو بِها رَمَدٌ | |
|
| خَوصاءَ صَدّاعَةٍ مُستَكشِفَ الدَجَنِ |
|
مُستَتبِعٌ ذَنِباً كَالسَيرِ تَحسَبُهُ | |
|
| سَقيطَ مِدرى غَداةَ البَينِ مِن ظَغَنِ |
|
لَيلاً فَغادَرَهُ لِلريحِ مُختَرَقاً | |
|
| فيهِ وَصاوِصُ كَالنَحيتَةِ الوُزُنِ |
|
لَم يَتِّرِك مَوضِعاً إِلّا تَتَبَّعُهُ | |
|
| كَذاكَ مَن يَتبَعُهُ الدَهرُ بِالإِحَنِ |
|
عامي نَعاهُ إِلَيَّ يَومَ لَبِستُهُ | |
|
| إِنَّ الزَمانَ عَلَيهِ غَيرُ مُؤتَمَنِ |
|
ما لي تَخَطَّت إِلَيَّ الناسَ كُلَّهُمُ | |
|
| أَيدي الزَمانِ عَلى عَمدٍ لِتَقتُلَني |
|
قَد صِرتُ نَهبَ هُمومٍ مُذ أُصِبتُ بِهِ | |
|
| حَليفَ حُزنٍ مُبينَ السِرِّ وَالعَلَنِ |
|
كَأَنَّني حينَ آوى اللَيلُ مَسكَنَهُ | |
|
| سَليمُ أَربَدَ يُحمى لَذَّةَ الوَسَنِ |
|
عَنِ البُكاءِ جَلِيٌّ ما أُصِبتُ بِهِ | |
|
| إِذا لَيسَ لي بَعدَهُ ما مِنهُ يَكنِفُني |
|
أَقولُ إِذا ساوَرَت قَلبي وَساوِسُهُ | |
|
| إِلَيكَ يا اِبنَ عَلِيٍّ مُشتَكى حَزَني |
|