عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء العصر العباسي > غير مصنف > ابن وكيع التنيسي > يا سائِلي عَن أَطيَبِ الدُهورِ

غير مصنف

مشاهدة
1066

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

يا سائِلي عَن أَطيَبِ الدُهورِ

يا سائِلي عَن أَطيَبِ الدُهورِ
وَقَعتَ في ذاكَ عَلى الخَبيرِ
سَأَلتَني أَيُّ الزَمانِ أَحلى
وَأَيُّهُ بِالقَصفِ عِندي أَولى
عِندِيَ في وَصفِ الفُصولِ الأَربَعَهْ
مَقالَةٌ تُغني اللَبيبَ مُقنِعَهْ
أَمّا المَصيفُ فَاِستَمِع ما فيهِ
مِن فَطِنٍ يُفهِمُ سامِعيهِ
فَصلٌ مِنَ الدَهرِ إِذا قيلَ حَضَرْ
أَذكَرَنا بِحَرِّهِ نارَ سَقَرْ
تُبصِرُ فيهِ النَبتَ مُقشَعِرّا
وَالأَرضَ تَشكو حَرَّهُ المُضِرّا
نَهارُهُ مُقَسَّمٌ بَينَ قِسَمْ
جَميعُها يُعابُ عِندي وَيُذَمُّ
أَوَّلُهُ فيهِ نَدىً مُبَغِّضُ
كَأَنَّهُ عَلى القُلوبِ يَقبِضُ
يَلصَقُ مِنهُ الجِسمُ بِالثِيابِ
وَتَعلَقُ الأَذيالُ بِالتُرابِ
حَتّى تَراها مِثلَ مِنديلِ الغَمَرْ
فيهِنَّ تَخطيطٌ كَتَخطيطِ الحِبَرْ
حَتّى إِذا ما طَرَدَتهُ الشَمسُ
وَفَرِحَت بِأَن يَزولَ النَفَسُ
فَتَّحَتِ النارُ لَهُ أَبوابَها
وَشَبَّ فيها مالِكٌ شِهابَها
حَرٌّ يُحيلُ الأَوجُهَ الغُرّانا
حَتّى تَرى الرومُ بِهِ حُبشانا
يَعلو بِهِ الكَربُ وَيَشتَدُّ القَلَقْ
وَتَنضُحُ الأَبدانُ مِنهُ بِالعَرَقْ
تُبصِرُهُ فَوقَ القَميصِ قَد عَلا
حَتّى تَرى مُبيَضَّهُ مُصَندَلا
إِن كانَ رَثّاً زادَ في تَمزيقِهِ
أَو مُستَجَدّاً حَلَّ حَبلَ زيقِهِ
ثُمَّ يُعيدُ الماءَ ناراً حامِيَهْ
يَزيدُ في كَربِ القُلوبِ الصادِيَهْ
شارِبُهُ يَكرَعُ في حَميمِ
كَأَنَّه مِن ساكِني الجَحيمِ
يُنسيهِ ما يَلقى مِنَ التَهابِهِ
أَن يَحمدَ اللَهَ عَلى شَرابِهِ
حَتّى إِذا عَنّا اِنقَضى نَهارُهُ
وَأُرخِيَت مِن لَيلِهِ أَستارُهُ
تَحَرَّكَت في جُنحِهِ دَواهي
سارِيَةٌ وَأَنتَ عَنها ساهي
مِن عَقرَبٍ يَسعى كَسَعيِ اللِصِّ
سِلاحُها في إِبَرٍ كَالشِّصِّ
وَحَيَّةٍ تَنفُثُ سُمّا قاتِلا
تُزَوِّدُ المَلدوغَ حَتفاً عاجِلا
تُبصِرُ ما في جِلدِها مِنَ الرَقَشْ
كَوَجنَةٍ مُصفَرَّةٍ فيها نَمَشْ
لَو نَهَشَت بِالنابِ مِنها الخَضرا
لَبَتَرَت مِنهُ الحَياةَ بَترا
فَإِن أَرَدتَ الشُربَ في إِبانِهِ
عَلى الَّذي وَصَفتُهُ مِن شانِهِ
أَبشِر بِما شِئتَ مِنَ الصِراعِ
فَضلاً عَنِ التَهويسِ وَالصُداعِ
وَعِلَلٍ تُعجِزُ إِحصاءَ العَدَدْ
مِن جَرَبٍ وَمِن دُوارٍ وَرَمَدْ
وَبَعدُ حُمّى الكِبْدِ لا تَنساهُ
لِأَنَّهُ أَوَّلُ ما تَلقاهُ
وَلا تَقُل إِن جاءَ يَوماً أَهلا
فَلَعنَةُ اللَهِ عَلَيهِ فَصلا
حَتّى إِذا زالَ أَتى الخَريفُ
فَصلٌ بِكُلِّ سَوءَةٍ مَعروفُ
أَهوِيَةٌ تُسرِعُ في كُلِّ الجَسَدْ
وَهُوَ كَطَبعِ المَوتِ يُبساً وَبَرَدْ
يُخشى عَلى الأَجسامِ مِن آفاتِهِ
فَأَرضُهُ قَرعاءُ مِن نَباتِهِ
لا يُمكِنُ الناسَ اِتِّقاءُ شَرِّهِ
مِن اِختِلافِ بَردِهِ وَحَرِّهِ
تُبصِرُهُ مِثلَ الصَبِيِّ الأَرعَنِ
في كَثرَةِ التَغييرِ وَالتَلَوُّنِ
فَإِن أَرَدتَ الشُربَ لِلعُقارِ
في حينِهِ بِاللَيلِ وَالنَهارِ
فَأَنتَ مِنهُ خائِفٌ عَلى حَذَرْ
لِأَنَّهُ يَمزُجُ بِالصَفوِ الكَدَرْ
أَحسَن ما يُهدي لَكَ النَسيما
يَقلِبُهُ في ساعَةٍ سَموما
وَهُوَ عَلى المَعدودِ مِن ذُنوبِهِ
خَيرٌ مِنَ الصَيفِ عَلى عُيوبِهِ
حَتّى إِذا ما أَقبَلَ الشِتاءُ
جاءَتكَ مِنهُ غُمَّةٌ غَمّاءُ
أَقبَلَ مِنهُ أَسَدٌ مَزيرُ
لَهُ وَعيدٌ وَلَهُ تَحذيرُ
لَو أَنَّهُ روحٌ لَكانَ فَدما
أَو أَنَّهُ شَخصٌ لَكانَ جَهما
يَأتيكَ في إِبّانِهِ رِياحُ
لَيسَ عَلى لاعِنِها جُناحُ
حَراكُها لَيسَ إِلى سُكونِ
تَضُرُّ بِالأَسماعِ وَالعُيونِ
يَحدُثُ مِن أَفعالِها الزُكامُ
هذا إِذا ما فاتَكَ الصِدامُ
ثُمَّ يَليها مَطَرٌ مُداوِمُ
كَأَنَّهُ خَصمٌ لَنا مُلازِمُ
يَقطَعُنا بُغضاً عَنِ الطَريقِ
وَعَن قَضاءِ الحَقِّ لِلصَّديقِ
وَرُبَّما خَرَّ عَلَيكَ السَقفُ
وَإِن عَفا عَنكَ أَتاكَ الوَكفُ
هذا وَكَم فيهِ مِنَ المَغارِمِ
وَكَثرَةُ الإِنفاقِ لِلدَّراهِمِ
في مَلبَسٍ يَدفَعُ شَرَّ بَردِهِ
يَكُفُّ مِنهُ غَربَ حَدِّهِ
مَلابِسٌ تُعيي الجَليدَ حَملا
كَأَنَّما يَحمِلُ مِنها ثِقلا
يَحكي بِها المَنحوفُ أَصحابَ السِمَنْ
لكِن تَراهُ سِمَناً غَيَرَ حَسَنْ
فَإِن أَرَدتَ بِالنَهارِ الشُربا
فيهِ فَقَد قاسَيتَ خَطباً صَعبا
وَاِحتَجتَ أَن توقِدَ فيهِ النارا
تُطيرُ نَحوَ الحَدَقِ الشَرارا
تَترُكُ مُبيَضَّ الثِيابِ أَرقَطا
تَحكي السَعيدِيَّ لَكَ المُنَقَّطا
وَبَعدَ ذا تُسَدِّدُ النِّقابا
مِن خَوفِهِ وَتُغلِقُ الأَبوابا
نَعَم وَتُرخي نَحوَهُ السُتورا
حَتّى تَرى صَباحَهُ دَيجورا
فَحُسنُ لَونِ الراحِ فيهِ لا يُرى
لِأَنَّهُ صارَ سَواءً وَالدُجى
تَشرَبُ فيهِ إِن شَرِبتَ الخَمرا
لَيسَ لِأَن تَلهُوَ أَو تُسَرّا
لكِن لِتَحمي خَصَرَ الأَعضاءِ
فَشُربُها ضَربٌ مِنَ الدَواءِ
وَإِن أَرَدتَ الشُربَ في الظَلامِ
عاقَكَ عَن تَناوُلِ المُدامِ
حَسبُكَ أَن تَندَسَّ في اللِحافِ
مِن خِشيَةِ البَردِ عَلى الأَطرافِ
وَرِعدَةٍ تَشغَلُ عَن كُلِّ عَمَلْ
وَتُؤثِرُ النَومَ وَتَستَحلي الكَسَلْ
حَتّى إِذا مِلتَ إِلى الرُقادِ
نِمتَ عَلى فَرشٍ مِنَ القَتادِ
إِنَّ البَراغيثَ عَذابٌ مُزعِجُ
لِكُلِّ ما قَلبٍ وَجِلدٍ تُنضِجُ
لا يُستَلَذُّ جَنبُهُ المَضاجِعا
كَأَنَّما أَفرَشتَهُ مَباضِعا
قُبِّحَ فَصلا فَوقَ ما ذَمَمتُهُ
لَو أَنَّهُ يَظهَرُ لي قَتَلتُهُ
حَتّى إِذا ما هُوَ عَنّا بانا
وَزالَ عَنّا بَعضُهُ لا كانا
جاءَ إِلَينا زَمَنُ الرَبيعِ
فَجاءَ فَصلٌ حَسَنٌ الجَميعِ
لِبَردِهِ وَحَرِّهِ مِقدارُ
لَم يَكتَنِف حَدَّهُما الإِكثارُ
عُدِّلَ في أَوزانِهِ حَتّى اِعتَدَلْ
وَحُمِدَ التَفصيلُ مِنهُ وَالجُمَلْ
نَهارُهُ مِن أَحسَنِ النَهارِ
في غايَةِ الإِشراقِ وَالإِسفارِ
تَضحَكُ فيهِ الشَمسُ مِن غَيرِ عَجَبْ
كَأَنَّها في الأُفْقِ جامٌ مِن ذَهَبْ
وَلَيلُهُ مُستَلطَفُ النَسيمِ
مُقَوَّمٌ في أَحسَنِ التَقويمِ
لِبَدرِهِ فَضلٌ عَلى البُدورِ
في حُسنِ إِشراقٍ وَفَرطِ نورِ
كَجامَةِ البَلّورِ في صَفائِها
أَو غَرَّةِ الحَسناءِ في نَقائِها
كَأَنَّها إِذا دَنَت مِن نَجرِهِ
جَوزاؤُهُ قَبلَ طُلوعِ فَجرِهِ
رومِيَّةٌ حُلَّتُها زَرقاءُ
في الجيدِ مِنها دُرَّةٌ بَيضاءُ
هذا وَكَم يَجمَعُ مِن أُمورِ
إِسرافُ مُطريها مِنَ التَقصيرِ
فيهِ تَظَلُّ الطَيرُ في تَرَنُّمِ
حاذِقَةً بِاللَحنِ لَم تُعَلَّمِ
غِناؤُها ذو عُجمَةٍ لا يَفهَمُهْ
سامِعُهُ وَهوَ عَلى ذا يُغرَمُهْ
مِن كُلِّ دُبسِيٍّ لَهُ رَنينُ
وَكُلُّ قُمرِيٍّ لَهُ حَنينُ
في قُرطَقٍ أُعجِلُ أَن يُوَرَّدا
خاطَ لَهُ الخِياطُ طَوقاً أَسوَدا
تُبصِرُهُ مِنهُ عَلى الحَيزومِ
كَمِثلِ عِقدِ سَبَجٍ مَنظومِ
هذا وَفيهِ لِلرِّياضِ مَنظَرُ
يُفشي الثَرى مِن سِرَّها ما يُضمِرُ
سِرّ نَباتٍ حُسنُهُ إِعلانُه
إِذا سِواهُ زانَهُ كِتمانُهُ
فيهِ ضُروبٌ لِلنَّباتِ الغَضِّ
يَحكي لِباسَ الجُندِ يَومَ العَرضِ
مِن نَرجَسٍ أَبيَضَ كَالثَغورِ
كَأَنَّهُ مَخانِقُ الكافورِ
وَرَوضَةٍ تُزهِرُ مِن بَنَفسَجِ
كَأَنَّها أَرضٌ مِنَ الفَيروزَجِ
قَد لَبِسَت غِلالَةً زَرقاءَ
فَكايَدَت بِلَونِها السَماءَ
تُبصِرُها كُثاكِلٍ أَولادَها
قَد لَبِسَت مِن حَزَنٍ حِدادَها
يَضحَكُ فيها زَهَرُ الشَقيقِ
كَأَنَّهُ مَداهِنُ العَقيقِ
مُضَمَّناتٍ قِطَعَاً مِنَ السَبَجْ
فَأَشرَقَت بَينَ اِحمِرارٍ وَدَعَجْ
كَأَنَّما المُحَمَرُّ في المُسوَدِّ
مِنهُ إِذا لاحَ عُيونُ الرُمدِ
أَما تَرى أَترُجَّهُ ما أَحسَنَهْ
يَختالُ في غَلائِلٍ مُبَيِّنَهْ
وَاِنظُر إِلى الخَشخاشِ إِن نَظَرتا
يَحكي كُراتٍ ظُوِهرَت كَيمَختا
وَاِرمِ بِعَينَيكَ إِلى البَهارِ
فَإِنَّهُ مِن أَحسَنِ الأَنوارِ
كَأَنَّهُ مَداهِنٌ مِن عَسجَدِ
قَد سُمِّرَت في قُضُبِ الزَبَرجَدِ
فَاِنهَض إِلى اللَهوِ وَلا تَخَلَّفِ
فَلَستَ في ذلِكَ بِالمُعَنَّفِ
وَاِشرَب عُقاراً طالَ فينا كَونُها
يَصفَرُّ مِن خَوفِ المِزاجِ لَونُها
مِن كَفِّ ظَبيٍ مِن بَني النَصارى
أَلبابُنا في حُسنَهِ حَيارى
إِذا بَدا جَمالُهُ لِذي النَظَرْ
قالَ تَعالى اللَهُ ما هذا بَشَرْ
يُبدي جَمالاً جَلَّ عَن أَن يوصَفا
لَو أَنَّهُ رِزقُ حَريصٍ لَاِكتَفى
تَزينُهُ أَحشاءُ كَشحٍ طاوِيَهْ
وَسُرَّةٌ مَحشُوَّةٌ بِالغالِيَهْ
لا سِيَّما مَع مُسمِعٍ وَزامِرِ
قَد سَلِما مِن وَحشَةِ التَنافُرِ
دونَكَ هذي صِفَةُ الزَمانِ
مَشروحَةً في أَحسَنِ التِبيانِ
فَأَصغِ نَحوَ شَرحِها كَي تَسمَعا
وَلا تَكُن لِحَقِّها مُضَيِّعا
وَاِرضَ بِتَقليديَ فيما قُلتُهُ
فَإِنَّني أَدري بِما وَصَفتُهُ
وَلا تُعارِضنِيَ في هذا العَمَلْ
فَإِنَّني شَيخُ المَلاهي وَالغَزَلْ
ابن وكيع التنيسي
بواسطة
المشرف العام
الإضافة: الأربعاء 2011/12/21 12:04:47 صباحاً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com