إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
أنا جننتُ فاتقوني: |
رعبٌ يعمّدُ الفؤاد، رمحٌ يمزقُ الضلوعَ، كون يوّجعُ |
العيونَ في، نجمٌ كلَّمَ ابتهالتي، قال: |
سيدُ العارفينَ أنتَ، سيدُ العالمينَ أنتَ، |
لا تلزمِ الصمتَ، لا تلزمِ الصمتَ، تكلم. |
*** |
أنا خائفٌ وفرحانُ في خوفي، |
جسمي بهيجٌ ومطلوقٌ علي سلاسل الأعضاء، |
جسمي فاتحٌ شرفةً علي جنينةِ البرتقالِ. خائفٌ |
وفرحانُ، يا تري هل هي النعمةُ الرءوم أم هي |
النقمةُ السموم: |
دثريني، دثريني |
ورطّبي لي جبيني |
النارُ في عيوني |
والريحُ في يقيني |
إنها الشجرةُ التي تمدّدت في حشاي: سُمّي |
إنها الشجرةُ التي تمدّدت في حشاي: عورتي وعاري |
أيا عشّاقةً تحلمُ الحلمَ الجميلَ باضطجاعها في |
ضلوعي إن شجرةً تلبسّتني وشققتني |
فلا تعشقيني أو اعشقيني: |
أنا مخالفٌ لعقلي وجسمي فلا تعشقيني أو |
اعشقيني، |
أنا في ارتباكةِ الخلقِ، خائفٌ وفرحانُ، |
والشيءُ الذي يهسُّ في هسَّ في |
هسةً شهيةً، أنا اضطربتُ، ماذا تُراي |
قارئٌ: بحرآً أم تري ثماراً؟ |
ثماري تفجّرت والبحر منفجرٌ، قال لي: أنتَ |
منذورٌ للفجيعة. |
*** |
هي شجرةُ الكتابه |
الجوعُ والرعبُ والغبطةُ الكآبه |
الماءُ واللهيبُ والوردةُ المصابه |
والهلاكُ في السؤالِ والاجابه. |
*** |
في ارتباكة السماء سُحتُ. |
خائفٌ وفرحانُ، حاملٌ رصاصةً فعليةً ستشطرُ |
الواحدَ الكمالَ شطرتين: عاشقاً ومعشوقاً. |
انفطرتُ. هذه الشجرةُ قسّمت جميعي، |
كأنني انفتقتُ عن ضدين توأمين. والشيء عاد هسّ |
في هسّة دفينة. سمعتُني أضيعُ في سؤالي: |
أكتبُ أو لا أكتبُ؟ |
الشجرةُ التي تجذرت في أشاعتني علي الأرضِ رائحةً |
من الكبريت والزعفران. |
الصمتُ والكلامُ غابةٌ، وغابتي تفتحُ النخلُ جثماناً، |
وجثماني يستحيلُ في جماجمي سؤالاً، السؤالُ: |
أكتبُ أو لا أكتبُ؟ |
يا شجرةُ اعرفيني وفهّميني: |
أأقطفُ البرتقالَ ثم أكتبُ: يصعدُ صاعداً؟ |
أأقطفُ البرتقالَ ثم أكتبُ: يدخل داخلاً؟ |
أأقطف البرتقالَ ثم أكتبُ: يكشفُ كاشفاً؟ |
الشجرةُ استطالتْ وأومأت أن اتبعْ رفيفي، |
تبعتُ، قابل الرجلُ اختلالتي، وقال لي: |
امتلكْ ما وُهبتَ، أنت منذورٌ لطعنةٍ العشقٍ |
والكلامِ، فاعشق وتكلم. |
قابلْتني: |
صاحت: انهضْ يا مدّثراً بالدماءِ، هذه |
الأرضُ المدي فاقبض المدي الذي وُهبتَ، |
قلتُ: هل منحةٌ؟ قالت: المانحُ البحرُ |
والخيولُ فاحضنِ الأرضَ فالأرضُ البتولُ، قلتُ: وعرةٌ. |
قالت: الأرضُ زهرةٌ ففتّحِ الزهورَ، قلتُ |
: مُرةٌ. قالت الأرضُ جمرةٌ تموج فاقذفُ |
الجمرَ، قلتُ: أين؟ |
قالت: المدي اختزلتهُ بين حاجبيكَ فانظر، |
رأيتُ نافورةً بعيدةً. عنفتّني: ألا أمعنِ |
العيونَ والفؤادَ. رأيتُ شعباً من النوافير |
ينداحُ أشلاءَ، قالت اقترب وأمعن: |
رأيتُ جثتي علي الرمال مبذورةً جنداً |
وأعلاماً ملّوثةً بقيحي وأعضائي. |
فقالت أصرخ، قلتُ: آه من زيف أنبيائي، |
قتلوني من الظهر قتلوني. |
*** |
هل أنا مرعبٌ ومرعوبٌ، اشهدوا تحوُّلي: |
نخلةً ينحلُّ جسمي، والنخيلُ يستحيلُ نيلاً، |
ونيلي مرّكبٌ علي شكلِ كونٍ ضبابي، |
وكوني مهندسٌ علي استقامة البدن. |
والبدنُ كانَ للذي يلقاني، قال لي: |
انهض واعبر الجسر تلقَ المرأةَ العاشقة، |
المرأةُ العاشقة كانت علي العشب منطرحه |
سمعتها تقول: أنت لي. |
رأيتُني أكتبُ في بطنها شيئاً يشبه اسمي، |
وغطيتُ ساقيها بكلمتين: طفلٌ جميلٌ، |
وجدتُ باباً، طرقتُ، قيل: مَن؟ قلت: |
نهداكِ رائقانِ رائقانِ. قالت: ادخل. |
دخلتُ. |
قالت: اكتبْ، كتبتُ فوق نطفة تسيل من |
مشيمها الجليل: أنا حلمي فقومي. |
*** |
ما لهذه المدائنْ مبهمةٌ أليفة؟ |
ما لهذه الجنائنْ وديعةٌ مخيفة؟ |
نارُها قطيفه |
وأشجارها شفّافةٌ كثيفه. |
فويحي من الوخزةِ الرقيقةِ العنيفه! |
*** |
الجمرةُ اخترقت الرئتين، فاشهدوا كياني يهاجر من |
مفرداتي التي شَوَتْ جلدي. |
سمعُتني أقولُ في مسيري: أهذه الأرضُ لغةٌ جديدةٌ؟ |
وكنتُ أعني: أهذه الأرضُ محنةٌ جديدةٌ؟ |
قال لي الذي يقول لي: أنتَ منذورٌ لطعنتين: |
طعنةِ العشقِ والكلامِ، قلتُ فتّاكتان. قال: |
عمَّدتُكَ انطلقْ، فخلتُني أقولُ للعشيقةِ: اعرفيني، |
فبعدَ لحظةٍ أكتبُ: |
شين، عين، راء. |
يا محنةَ الشعراء. |
غزالةٌ وحيدةٌ تموتُ في العراء. |
مدينةٌ تسير للأمام والوراء. |
شين، عين، راء. |
*** |
أقولُ خائفٌ وفرحانُ في خوفي: |
رأيتُني أمتدُّ حتي أصبحَ اشتباكآً مع الوجود. |
والوجودُ حطّ مقلتيكِ تحتَ حاجبيه، |
فابتهجتُ وارتعشتُ حينما لمحتُ فوق أنفكِ |
الشامةَ، الشامةُ: الدليلُ والعلامةُ، العارفُ |
العرّافُ قال: إنه النجمُ أرسلني لأعطي لكَ |
الشجرةَ. الشجرةُ استطالتْ علي جسمي وكونتْ |
شكلَ جسمكِ البهي. قال: أنتَ منذورٌ لطعنتين، |
طعنةِ العشقِ والكلامِ، فاعشقْ وتكلمْ. |
تكلمتُ. |
قلتُ كنتُ الفتي الفردَ القتيل، |
قال تكلمْ، تكلمتُ، قلتُ كنتُ ياقوتَ جيدها |
الأثيل، |
قال تكلم تكلمتُ قلتُ كنتُ للوجود صاحباً وكنتُ |
للوجودِ فتنةَ الغريم، |
قال تكلم تكلمتُ قلتُ ها هنا اللغاتُ ما |
فضَّ ختمَها الكريمَ فحلُ التصاوير، |
قال عمَّدتُكَ انطقِ الوجوبَ، قلتُ: شين، |
قال: زد، قلت: عين، قال: زد، قلتُ راء |
قال أفصحِ البلاغَ، قلتُ: انكساري وانتصاري. |
*** |
دثريني دثريني |
ورطّبي جبيني |
النارُ في عيوني |
والريحُ في يقيني |
*** |
خائفٌ وفرحانُ في خوفي. |
أنا الأشجارُ والأشجارُ بعضي، |
فانظروني أخلعُ الأثوابَ صاعداً فوق تلي |
غير محمولٍ سوي علي بدني، |
وغيرَ حاملٍ سواه في جماله، |
أنا الجميلُ فارقبوا جثةَ الجميل تنحلُّ في النهر ماءً |
وفي الماء موجاً، |
وفي الموج شطّاً مخصّباً بالزرع والنساء. |
*** |
هذه الكهوفُ مظلمةٌ، مضيئة |
والغابة الجموح مكشوفة خبيئه |
ومهجتي: |
جبانةٌ، جريئه. |
*** |
ممسكاً بأشجارٍ ثقيلةٍ كنتُ بين وعيي وغيبوبتي، |
غزني الذي يغز غزةً فتيةً، نهضتُ |
شفتُ كائنآً حلواً وسيالاً، فحدّقتُ |
قائلي القوّال قال: قمتَ؟ قلتُ: قمتُ |
قال: غسَّلتَ ضلعكَ القديم، قلتُ: غسّلتُ، |
قال: خشَّ في عباءتي وأبلغ البلاغ، قلتُ: |
سين، حار، راء، |
قال: زد، قلتُ: حاء، لام، ميم، ياء، |
قال: زد، قلت: واو، طاء، نون، |
قال: بين الغموضَ، قلتُ: نارٌ ودمٌ، |
قال: وضّح الوضوحَ، قلتُ: الأساطيرُ والسكاكينُ |
والسجونُ والجنون، |
قال: سِرْ، فسرتُ، قال: ماذا تري؟ |
قلتُ: |
بلاداً بها ناسٌ يموتونَ، |
وناسٌ يبعثونَ ويطلعونَ خارقينَ، |
هذه طفولةُ الأرضِ أم أرضُ الطفولةِ؟ |
الخارجونَ أطفالٌ بحجم سُرَّة الأرضِ، |
والأرضُ كلمةٌ كبيرةٌ كبيرةٌ، قال: قلها، |
قلتُ: بدءٌ، قال: صِرْ، |
صرتُ القصيدة. |