لِيَ بُستانٌ أَنيقٌ زاهِرٌ | |
|
| ناضِرُ الخُضرَةِ رَبّانٌ تَرِف |
|
راسِخُ الأَعراقِ رَيّانُ الثَرى | |
|
| غَدِقٌ تُربَتُهُ لَيسَت تَجِف |
|
لِمَجاري الماءِ فيهِ سَنَنٌ | |
|
| كَيفَما صَرَّفتَهُ فيهِ اِنصَرَف |
|
مُشرِقُ الأَنوارِ مَيّادُ النَدى | |
|
| مُنثَنٍ في كُلِّ ريحٍ مُنعَطِف |
|
تَملك الريحُ عَلَيهِ أَمرَهُ | |
|
| فَإِذا لَم يُؤنِسِ الريحَ وَقَف |
|
يَكتَسي في الشَرقِ ثَوبَي يُمنَةٍ | |
|
| وَمَع اللَيلِ عَلَيها يَلتَحِف |
|
يَنطَوي اللَيلُ عَلَيهِ فَإِذا | |
|
| واجَهَ الشَرقَ تَجَلّى وَاِنكَشَف |
|
صابِرٌ لَيسَ يُبالي كَثرَةً | |
|
| جُزَّ بِالمِنجَلِ أَو مِنهُ نُتِف |
|
كُلَّما أُلحِفَ مِنهُ جانِبٌ | |
|
| لَم يُلَبَّث مِنهُ تَعجيلُ الخَلَف |
|
لا تَرى لِلكَفِّ فيهِ أَثَراً | |
|
| فيهِ بَل يَنمي عَلى مَسِّ الأَكُف |
|
فَتَرى الأَطباقَ لا تُمهِلُهُ | |
|
| صادِراتٍ وارِداتٍ تَختَلِف |
|
فيهِ لِلخارِفِ مِن جيرانِهِ | |
|
| كُلَّما اِحتاجَ إِلَيهِ مُختَرَف |
|
أُقحُوانٌ وَبَهارٌ مونِقٌ | |
|
| وَسِوى ذلِكَ مِن كُلِّ الطُرَف |
|
وَهوَ زَهرٌ لِلنَّدامى أُصُلاً | |
|
| بِرِضا قاطِفِهِم مِمّا قَطَف |
|
وَهوَ في الأَيدي يُحَيّونَ بِهِ | |
|
| وَعَلى الآنافِ طوراً يُستَشَف |
|
أَعفِهِ يا رَبِّ مِن واحِدَةٍ | |
|
| ثُمَّ لا أَحفَلُ أَنواعَ التَلَف |
|
اِكفِهِ شاةَ مَنيعٍ وَحدَها | |
|
| يَومَ لا يُصبِحُ في البَيتِ عَلَف |
|
اِكفِهِ ذاتَ سُعالٍ شَهلَةً | |
|
| مُتِّعَت في شَرِّ عَيشٍ بِالخَرَف |
|
اِكفِهِ يا رَبِّ وَقصاءَ الطُلى | |
|
| أَلحِمِ الكِتفَينِ مِنها بِالكَتِف |
|
وَكَلوحٍ أَبَداً مُفتَرَّةٍ | |
|
| لَكَ عَن هُتمٍ كَليلاتٍ رُجُف |
|
وَنَؤوسِ الأَنفِ لا يَرقا وَلا | |
|
| أَبَداً تُبصِرُهُ أَهلُها مِنها ظِلَف |
|
لَم تَزَل أَظلافُها عافِيَةً | |
|
| لَم يُظَلِّف أَهلُها مِنها ظِلَف |
|
فَتَرى في كُلِّ رِجلٍ وَيَدٍ | |
|
| مِن بَقاياهُنَّ فَوقَ الأَرضِ خُف |
|
تَنسِفُ الأَرضَ إِذا مَرَّت بِهِ | |
|
| فَلَها إِعصارُ تُربٍ مُنتَسِف |
|
تُرهِجُ الطُرقَ عَلى مُجتازِها | |
|
| بِيَدٍ في المَشيِ وَالخَطوِ القَطِف |
|
في يَدَيها طَرَقٌ مِشيَتُها | |
|
| حَلقَةُ القَوسِ وَفي الرِجلِ حَنَف |
|
فَإِذا ما سَعَلَت وَاِحدَودَبَت | |
|
| جاوَبَ البَعرُ عَلَيها فَخُصِف |
|
وَأُحِصَّ الشّعرُ مِنها جِلدُها | |
|
| شَنَّةٌ في جَوفِ غارٍ مُنخَسِف |
|
ذاتُ قَرنٍ وَهيَ جَمّاءُ أَلا | |
|
| إِنَّ ذا الوَصفَ كَوَصفٍ مُختَلِف |
|
وَإِذا تَدنو إِلى مُستَعسِبٍ | |
|
| عافَها نَتناً إِذا ما هُوَ كَرَف |
|
لا تَرى تَيساً عَلَيها مُقدِماً | |
|
| رُمِيَت مِن كِلِّ تَيسٍ بِالصَلَف |
|
شَوهَةُ الخِلقَةِ ما أَبصَرَها | |
|
| مِن جَميعِ الناسِ إِلّا وَحَلَف |
|
ما رَأى شاةً وَلا يَعلَمُها | |
|
| خُلِقَت خِلقَتَها فيما سَلَف |
|
عَجَباً مِنها وَمِن تَأليفِها | |
|
| عَجَباً مِن خَلقِها كَيفَ اِئتَلَف |
|
لَو يُنادونَ عَلَيها عَجَباً | |
|
| كَسبوا مِنها فُلوساً وَرُغُف |
|
لَيتَها قَد أَفلَتَت في جَفنَةٍ | |
|
| مِن عَجينٍ أَو دَقيقٍ مُجتَرَف |
|
فَتَلَقَّت شَفرَةً مِن أَهلِهِ | |
|
| قَدَرَ الإِصبِعِ شَيئاً أَو أَشَف |
|
أَحكَمَت كَفّا حَكيمٍ صُنعَها | |
|
| فَأَتَت مَجدولَةً فيها رَهَف |
|
أُدمِجَت مِن كُلِّ وَجهٍ غَيرَ ما | |
|
| أَلَّلَ الأَقيانُ مِن حَدِّ الطرَف |
|
قابِضُ الرَونَقِ فيها ماتِحٌ | |
|
| يَخطِفُ الأَبصارَ مِنها يُستَشَف |
|
لَمَحَتها فَاِستَخَفَّت نَحوَها | |
|
| عَجَلاً ثُمَّ أَحالَت تَنتَسِف |
|
فَتَناهَت بَينَ أَضعافِ المِعَى | |
|
| وَتَبَوَّت بَينَ أَثناءِ الشَغَف |
|
أَورَمَتها قُرحَةٌ زادَت لَها | |
|
| ذَوَباناً كُلَّ يَومٍ وَنَحَف |
|
كُلَّ يَومٍ فيهِ يَدنو يَومُها | |
|
| أَو تُرى وارِدَةً حَوضَ الدَنَف |
|
بَينَما ذاكَ بِها إِذ أَصبَحَت | |
|
| كَحَميتٍ مُفعَمٍ أَو مِثلَ جُف |
|
شاغِراً عُرقوبُها قَد أَعقَبَت | |
|
| بِطنَةً مِن بَعدِ إِدمانِ الهَيَف |
|
وَغَدا الصِبيَةُ مِن جيرانِها | |
|
| لِيَجُرّوها إِلى مَأوى الجِيَف |
|
فَتَراها بَينَهُم مَسحوبَةً | |
|
| تَجرُفُ التُربَ بِجَنبٍ مُنحَرِف |
|
فَإِذا صاروا إِلى المَأوى بِها | |
|
| أَعمَلوا الآجُرَّ فيها وَالخَزَف |
|
ثُمَّ قالوا ذا جَزاءٌ لِلَّتي | |
|
| تَأكُلُ البُستانَ مِنّا وَالصُحُف |
|
لا تلوموني فَلَو أَبصَرتُ ذا | |
|
| كُلَّهُ فيها إِذَن لَم أَنتَصِف |
|